خطر التنصير


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى قد ارتضى هذا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية، وهو الدين عنده سبحانه وتعالى وحده، فكل الأديان السابقة التي أنزلها الله إنما كانت لمرحلة محددة لا تتجاوزها، وفي علم الله أن البشرية ستتعدى ذلك الطور الذي يصلح له ذلك الدين، حتى إذا خاضت البشرية كل أطوارها، وأكملت كل تجربتها، أنزل الله إليها هذا الدين الحق الذي اختار له محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً، واختار له هذا القرآن كتاباً، وخصه من بين سائر الشرائع بكثير من الخصائص، منها صلاحيته المستمرة للتطبيق في كل زمان ومكان، ومنها كذلك عصمته وحفظه.

أما الحفظ فحفظ لأدلته، فأدلة هذا الدين الخاتم محفوظة كتاباً وسنة تعهد الله بحفظ الذكر في محكم كتابه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وحفظ الذكر يقتضي حفظ القرآن والسنة.

ومنها كذلك: العصمة، والمقصود بها عصمة أمة الإجابة الذين صدقوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم واتبعوه، وهي عصمة في الجملة، أي: أنهم لا يتفقون على ضلالة، ولا يمكن أن تجتمع قلوبهم جميعاً على ما لا يرضي الله عز وجل.

أما الديانات السابقة فليست كتبها وشرائعها محفوظة بما حفظ الله به القرآن، بل قد وكل الله حفظها إلى الأمم، وعندما ينتهي صلاحية تلك الديانات يبدأ فيها التحريف والتغيير حتى تنسخ وتبدل بالكلية.

وكذلك فإن إجماعهم ليس معصوماً، بل لا إجماع لهم أصلاً، ولا يمكن أن يتفق أحبارهم ورهبانهم على أمر واحد، بل لا بد أن تبقى قلوبهم متباينة مختلفة.

كذلك فإن حفظ الله سبحانه وتعالى لهذا الدين متجدد في كل مائة سنة يبعث الله سبحانه وتعالى من يجدد أمر دينه لحفظه سبحانه وتعالى للدين، وهؤلاء الذين يبعثهم الله لتجديد ملة النبي صلى الله عليه وسلم ليسوا فقط من العلماء، بل يدخل فيهم كذلك المجاهدون في سبيل الله، والداعون إلى سبيله، والحاكمون بالقسط، والمعلون لكلمة الله، والناصحون الذين لا يخافون لومة لائم، كل أولئك يجتمعون على تجديد دين الله عز وجل، فيكون سعيهم جميعا تجديداً للدين، ولا يمكن أن ينحصر ذلك في جهود أفراد محصورين أو عدد يسير من العلماء، أو من الحكام أو من غيرهم، بل لا بد أن تكون الجهود في ذلك منسقة متفقة؛ لأن تجديد دين الله عز وجل لو كان يمكن أن يقوم به فرد بعد النبي صلى الله عليه وسلم لم تختم الرسالة أصلاً، فختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم دليل على أن الدين لا يمكن أن يجدده بعده فرد، بل لا بد أن يجتمع على تجديده المعتنون بأمر الدين من هذه الأمة.

إن الدين النصراني الذي أنزله الله على عيسى كان تجديداً لملة موسى عليه السلام، فقد أحل الله لبني إسرائيل على لسان عيسى كثيراً مما حرم عليهم في ملة موسى ، ولم يأت المسيح بن مريم عليه السلام إلا مجدداً لملة موسى بن عمران عليه السلام، ثم إن الذين خالفوا عيسى بن مريم من الذين يزعمون الانتساب إلى موسى حاولوا قتله، والتخلص منه، وصلبه، والاعتداء على الإنجيل المنزل عليه بإضافة بعض الأسفار إليه، والتحريف في حياة المسيح بن مريم قبل أن يرفعه الله إليه.

فهؤلاء الذين شهدوا ولادته من غير أب، وشاهدوه يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وسمعوا كلامه في المهد، ومع ذلك تآمروا عليه بكل هذه المؤامرات، وحاولوا قتله وصلبه، وحاولوا تحريف كتابه المنزل عليه، وحاولوا تكذيبه ورد دعوته عليه، وبعد أن رفع الله المسيح إليه وأوحى إليه: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55].

ازدادت شدة اليهود على أتباع عيسى من الحواريين، فاعتزل الحواريون وانفردوا في الأديرة، وترهبوا في الصوامع، فكان ذلك سبباً لعدم حفظ الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام، فإنما كان تجديداً لملة موسى وكان أيضاً في مدة محددة في علم الله.

فرفع الله سبحانه وتعالى ما بقي من الإنجيل المنزل على عيسى ، فلم يبقَ لديهم حكم واحد مما أنزل على عيسى إلا حكماً واحداً، وهو المنع من تعدد الزوجات كما قال ابن حزم رحمه الله.

حكم واحد بقي من هذا الكتاب الذي فيه إباحة كثير مما حرم في التوراة، ورفع الإصر في كثير من الأمور عنهم، مع ذلك لم يبقَ بأيدي المنتسبين إلى المسيح بن مريم مما أنزل عليه إلا حكم واحد.

أصل الدين الذي جاء به عيسى عليه السلام

وأصل الدين الذي جاء به كسائر الرسل هو توحيد الله عز وجل، وأصل دين المسيحية اليوم هو التثليث المنافي لما جاء به عيسى بن مريم ، فعيسى بن مريم عندما سأله الله سبحانه وتعالى، فقال له: أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:116-117].

فقد خالفوه في أصل دعوته للتوحيد، وزعموا المزاعم في حياته على ما يخالف ما جاء به في حياته الأرضية، وطبعاً ما زال حياً في السماء، لكن رفعه الله إليه وتوفاه أي: أنهى مهمته في الأرض.

فهل تظنون أن ديناً حاول اليهود تحريفه وتبديله واعتزل الحواريون الذين تعهدوا بنصرته في حياة رسوله، هل تظنونه يبقى هذه المدة الطويلة، ألفين سنة إلى الآن وزيادة.

الأدلة على بطلان التوراة وتحريفها

إن ما بأيدي النصارى اليوم ليس شيء منه مما أنزل الله على عيسى بن مريم في الإنجيل، وأدل دليل على ذلك أن عندهم أحد عشر كتاباً يزعمونها جميعاً الإنجيل المنزل، كل طائفة منهم تتمسك بالكتاب الذي عندها، وتقول: هذا الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى ، وليس شيء منها مما أنزل الله على عيسى ، بل كلها أباطيل وأكاذيب.

الدليل الثاني: وهو مثل صاحبه أن هذه الأناجيل الموجودة اليوم بأيدي النصارى، بالإضافة إلى تضمنها التثليث المستحيل المنافي لدعوة عيسى ، وبالإضافة إلى تضمنها للمختلقات المنافية للعقل والشرع، مع ذلك كله قصص عن الحواريين جاءوا بعدهم، وعن أقوام لقوا المسيح .

طيب إذا كان هو الإنجيل المنزل على المسيح بن مريم كيف يكون حديثاً عن أقوامٍ لقوا المسيح وعن الحواريين وأتباعهم، إن هذا غاية في التهافت والضلال.

ولذلك فإن المسيحيين إنما يفرضون على أولادهم عقيدتهم وقناعتهم بالضرب والتأديب، ويجعلونها سابقة للعقل والتفكير، فيحاولون التركيز على الأمور العاطفية، وإهمال الأمور العقلية.

وقد ذكرت لي امرأة ممن أسلم من الذين كانوا يتعصبون للنصرانية، قالت: قال لي والداي عندما ذهبا بي إلى الكنيسة فسألتهما بعض الأسئلة، قالا لها: إن هذه الأسئلة صادرة من هنا من العقل، وهو عقلك أنت في الأرض، وهذا الدين نازل من السماء من هنالك، فأول أمر تدخلين به الكنيسة أن تتركي عقلك في السوق خارج الكنيسة، فإذا دخلتِ الكنيسة فارجعي إلى المنزل فقط ولا ترجعي إلى العقل.

وهذه القناعة هي التي يقنع بها النصارى أولادهم بالتمسك بهذا الدين المحرف المبدل، المنافي للعقل والفطرة والشرع.

لقيت أحد القساوسة الكبار، وقد كان دارساً للرياضيات، فعلمت بتخصصه ودراسته، فقلت: هذه مناسبة طيبة كنت أود أن ألقى مسيحياً متمسكاً بدينه، يعرف الحساب لأسأله عن سؤال، فقال: ما هو هذا السؤال؟ فأخذت ورقة فكتبت بها ثلاثة يساوي واحد، يساوي ثلاثة، اشرح لي هذه المعادلة؟ ففهم الرجل القصة، وقال: هذا أمر سابق على الحساب وسابق على العقل. وحاد عن الجواب ولم يستطعه.

وهكذا فإن آخرين منهم يعلمون في قرارة أنفسهم بطلان ما يزعمون، ويتشككون فيه في كل الأوقات، فيقولون: أنا أشعر في قلبي بأمر وأعتقد في دماغي أمراً آخر، وهذا هو حقيقة انفصام الشخصية الذي هو ضرب من ضروب الجنون.

وأصل الدين الذي جاء به كسائر الرسل هو توحيد الله عز وجل، وأصل دين المسيحية اليوم هو التثليث المنافي لما جاء به عيسى بن مريم ، فعيسى بن مريم عندما سأله الله سبحانه وتعالى، فقال له: أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:116-117].

فقد خالفوه في أصل دعوته للتوحيد، وزعموا المزاعم في حياته على ما يخالف ما جاء به في حياته الأرضية، وطبعاً ما زال حياً في السماء، لكن رفعه الله إليه وتوفاه أي: أنهى مهمته في الأرض.

فهل تظنون أن ديناً حاول اليهود تحريفه وتبديله واعتزل الحواريون الذين تعهدوا بنصرته في حياة رسوله، هل تظنونه يبقى هذه المدة الطويلة، ألفين سنة إلى الآن وزيادة.

إن ما بأيدي النصارى اليوم ليس شيء منه مما أنزل الله على عيسى بن مريم في الإنجيل، وأدل دليل على ذلك أن عندهم أحد عشر كتاباً يزعمونها جميعاً الإنجيل المنزل، كل طائفة منهم تتمسك بالكتاب الذي عندها، وتقول: هذا الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى ، وليس شيء منها مما أنزل الله على عيسى ، بل كلها أباطيل وأكاذيب.

الدليل الثاني: وهو مثل صاحبه أن هذه الأناجيل الموجودة اليوم بأيدي النصارى، بالإضافة إلى تضمنها التثليث المستحيل المنافي لدعوة عيسى ، وبالإضافة إلى تضمنها للمختلقات المنافية للعقل والشرع، مع ذلك كله قصص عن الحواريين جاءوا بعدهم، وعن أقوام لقوا المسيح .

طيب إذا كان هو الإنجيل المنزل على المسيح بن مريم كيف يكون حديثاً عن أقوامٍ لقوا المسيح وعن الحواريين وأتباعهم، إن هذا غاية في التهافت والضلال.

ولذلك فإن المسيحيين إنما يفرضون على أولادهم عقيدتهم وقناعتهم بالضرب والتأديب، ويجعلونها سابقة للعقل والتفكير، فيحاولون التركيز على الأمور العاطفية، وإهمال الأمور العقلية.

وقد ذكرت لي امرأة ممن أسلم من الذين كانوا يتعصبون للنصرانية، قالت: قال لي والداي عندما ذهبا بي إلى الكنيسة فسألتهما بعض الأسئلة، قالا لها: إن هذه الأسئلة صادرة من هنا من العقل، وهو عقلك أنت في الأرض، وهذا الدين نازل من السماء من هنالك، فأول أمر تدخلين به الكنيسة أن تتركي عقلك في السوق خارج الكنيسة، فإذا دخلتِ الكنيسة فارجعي إلى المنزل فقط ولا ترجعي إلى العقل.

وهذه القناعة هي التي يقنع بها النصارى أولادهم بالتمسك بهذا الدين المحرف المبدل، المنافي للعقل والفطرة والشرع.

لقيت أحد القساوسة الكبار، وقد كان دارساً للرياضيات، فعلمت بتخصصه ودراسته، فقلت: هذه مناسبة طيبة كنت أود أن ألقى مسيحياً متمسكاً بدينه، يعرف الحساب لأسأله عن سؤال، فقال: ما هو هذا السؤال؟ فأخذت ورقة فكتبت بها ثلاثة يساوي واحد، يساوي ثلاثة، اشرح لي هذه المعادلة؟ ففهم الرجل القصة، وقال: هذا أمر سابق على الحساب وسابق على العقل. وحاد عن الجواب ولم يستطعه.

وهكذا فإن آخرين منهم يعلمون في قرارة أنفسهم بطلان ما يزعمون، ويتشككون فيه في كل الأوقات، فيقولون: أنا أشعر في قلبي بأمر وأعتقد في دماغي أمراً آخر، وهذا هو حقيقة انفصام الشخصية الذي هو ضرب من ضروب الجنون.