خطب ومحاضرات
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [2]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر إرادة الله جل وعلا خير الدارين بمن تفقه في الدين.
أخبرنا ابن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) ].
هذا الحديث فيه أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيراً، أما من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيراً.
والحديث أخرجه البخاري .
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر إباحة الحسد لمن أوتي الحكمة وعلمها الناس.
أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد أنبأنا محمد بن رافع حدثنا مصعب بن المقدام حدثنا داود الطائي عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت ابن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) ].
الحديث رواه الشيخان، والحسد هنا هو الغبطة، والحكمة هي العلم النافع، وجاء في الحديث الآخر: (رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الله وآناء النهار) .
والحكمة هي العلم النافع، وهي مأخوذة من القرآن والسنة، والغبطة مشروعة، وهي أن يتمنى المرء أن يكون مثل فلان في أعمال الخير، مع عدم تمني زوال النعمة عن الغير.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر البيان بأن من خيار الناس من حسن خلقه في فقهه.
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم أحاسنكم أخلاقاً، إذا فقهوا) ].
هذا عام، لكن إذا اجتمع الفقه مع حسن الخلق فيكون أفضل، وحسن الخلق هو بسط الوجه وكف الأذى وبذل المعروف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر بيان بأن خيار المشركين هم الخيار في الإسلام إذا فقهوا.
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الناس معادن في الخير والشر، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) ].
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان من الخيار في الجاهلية، وكان من الخيار في الإسلام، وغيره من الصحابة.
يعني: كانوا قبل إسلامهم عندهم شجاعة وإكرام للضيف فهم أخيار، ويعملون الأعمال الخيرة، فلما أسلموا استمروا على تلك الصفات الحميدة فصاروا خياراً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر البيان بأن العلم من خير ما يخلف المرء بعده.
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة هو الحراني حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير ما يخلف الرجل بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم ينتفع به من بعده) ].
هذا الحديث رواه الإمام مسلم بمعناه من حديث أبي هريرة : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
[ قال أبو حاتم رضي الله عنه: قد بقي من هذا النوع أكثر من مائة حديث بددناها في سائر الأنواع من هذا الكتاب، لأن تلك المواضع بها أشبه ].
يعني: هناك أكثر من مائة حديث تتعلق بهذا الموضوع، قد ذكرها المؤلف في كتابه في أبواب متفرقة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر الأمر بإقالة زلات أهل العلم والدين.
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا سعيد بن عبد الجبار ومحمد بن الصباح وقتيبة بن سعيد قالوا: حدثنا أبو بكر بن نافع العمري
عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم) ].وفي رواية: (أقيلوا ذوي العثرات) يعني: الرجال المعروفين الذين لهم مكانة في المجتمع، وهم متسترون ثم تحصل لهم زلة أو غلطة فإنهم يقالون ويستر عليهم؛ لأنهم ليسوا معروفين بالسوابق، بخلاف الإنسان المعروف بالسوابق، فهذا لا ينبغي أن يقال، بل يقام عليه الحد.
قال شعيب الأرنؤوط: أبو بكر بن نافع مولى زيد بن الخطاب ضعيف، وهو من رجال التهذيب، وبقية رجاله ثقات، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، والخطيب في تاريخه، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، وسنده حسن في الشواهد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر إيجاب العقوبة في القيامة على الكاتم العلم الذي يحتاج إليه في أمور المسلمين.
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن الحكم البناني عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كتم علماً تلجَّم بلجِام من نار يوم القيامة) ].
رواه ابن ماجة في السنن وفيه حماد بن سلمة وهو ممن اختلط.
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الصحيح، وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو في الحديث الذي بعده.
والحديث رواه ابن ماجة في السنن ضعيف: (من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار) لكن النصوص من كتاب الله تؤيد ذلك، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:159-160] .
وقال سبحانه: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187] .
والنصوص من كتاب الله واضحة فيه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه.
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عياش بن عباس عن أبيه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كتم علماً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) ].
قال المحقق: إسناده حسن في الشواهد، وأخرجه الحاكم وصححه.
ووافقه الذهبي .
أقول: سنده ضعيف عند ابن ماجة ، قد تكلم على رواته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر الخبر الدال على إباحة كتمان العالم بعض ما يعلم من العلم؛ إذا علم أن قلوب المستمعين له لا تحتمله.
أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال: (بينما النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حيطان المدينة متوكئاً على عسيب، إذ جاءته اليهود، فسألته عن الروح، فنزلت: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]) ].
وجه الدلالة أن الله تعالى أنزل هذه الآية عن الروح ولم يخبرهم عنه؛ لأنه لا مصلحة لهم في ذلك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر البيان بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون غيره.
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو متكئ على عسيب، فمر بنفر من اليهود، فقال: بعضهم لبعض: لو سألتموه، فقال بعضهم: لا تسألوه فيسمعكم ما تكرهون، فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الروح، فقام ساعة ينتظر الوحي، فعرفت أنه يوحى عليه، فتأخرت عنه حتى صعد الوحي، ثم قرأ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]) ].
هذا الحديث رواه البخاري في الصحيح، وعبد الله هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه مسلم والبخاري .
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [1] | 2780 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [1] | 2511 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [4] | 2497 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [2] | 1892 استماع |
شرح صحيح ابن حبان المقدمة | 1569 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الوحي | 1452 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [3] | 1382 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإسراء | 1295 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [3] | 949 استماع |
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [5] | 717 استماع |