شرح صحيح ابن حبان كتاب الإسراء


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ كتاب الإسراء.

ذكر ركوب المصطفى صلى الله عليه وسلم البراق، وإتيانه عليه بيت المقدس من مكة في بعض الليل.

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: أتيت حذيفة رضي الله عنه فقال: من أنت يا أصلع؟ قلت: أنا زر بن حبيش حدثني بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس حين أسري به، قال: من أخبرك به يا أصلع؟ قلت: القرآن، قال: القرآن؟ فقرأت: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ مِنْ الليل [الإسراء:1] وهكذا هي قراءة عبد الله إلى قوله : إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]، فقال: هل ترى صلى فيه؟ قلت: لا، قال : (إنه أتي بدابة - قال حماد : وصفها عاصم لا أحفظ صفتها - قال: فحمله عليها جبريل أحدهما رديف صاحبه) ].

وقد جاء في وصفها في الأحاديث: أنها دابة دون البغل وفوق الحمار، بيضاء خطوتها الواحدة مد البصر لكن هنا يقول: نسيت وصفها.

قال:[ (أحدهما رديف صاحبه، فانطلق معه من ليلته حتى أتى بيت المقدس، فأرى ما في السماوات وما في الأرض، ثم رجعا عودهما على بدئهما فلم يصل فيه، ولو صلى لكانت سنة) ].

قال: إسناده حسن، وأخرجه أحمد والترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي .

جاء في بعض الروايات أنه ربط الدابة بحلقة الباب، وجاء في بعضها أنه صلى بالأنبياء إماماً، قيل: إنه صلى بهم في بيت المقدس، وقيل إنه صلى بهم في السماء.

والصلاة بالأنبياء ثابتة، وفيه بيان فضله عليه الصلاة والسلام، وقد قدمه جبرائيل.

قال رحمه الله تعالى: [ ذكر استصعاب البراق عند إرادة ركوب النبي صلى الله عليه وسلم إياه ].

استصعب يعني: امتنع.

[ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس السامي حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجاً ملجماً ليركبه فاستصعب عليه، فقال له جبريل: ما يحملك على هذا، فو الله ما ركبك أحد أكرم على الله منه؟ قال: فارفض عرقاً) ].

فارفض يعني: خرج العرق من البراق.

قال: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد والترمذي والبيهقي في دلائل النبوة.

وهل البراق من دواب الملائكة؟

الله أعلم، وهل الملائكة لهم دواب؟ الملائكة يعرجون وقد أعطاهم الله قدرة على ذلك وهذه دابة، لكن دابة فوق الحمار ودون البغل خطوها مد البصر.

قال رحمه الله تعالى: [ذكر البيان بأن جبريل شد البراق بالصخرة عند إرادة الإسراء.

أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الرحمن بن المتوكل المقرئ حدثنا يحيى بن واضح حدثنا الزبير بن جنادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما كان ليلة أسري بي انتهيت إلى بيت المقدس، فخرق جبريل الصخرة بإصبعه وشد بها البرا) ].

قال: أخرجه الترمذي في التفسير، والحاكم بهذا الإسناد، وقال الترمذي : حديث حسن غريب، وهو كما قال، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قال رحمه الله تعالى: [ ذكر وصف الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس:

أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهم أن النبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال: (بينما أنا في الحطيم - وربما قال: في الحجر- إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه -فقلت: للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته- فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءً إيماناً وحكمة؛ فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض -فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم يقع خطوه عند أقصى طرفه- فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا ؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا ؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح) ].

الله أكبر! عبر وآيات عظيمة في الإسراء والمعراج، وفوائد وحكم وفيه قدرة الله العظيمة، وأن الله على كل شيء قديرإِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، وفيه الرد على استبعاد بعض العقلانيين الذين يقولون: إنه لا يمكن أن تصعد الأجسام البشرية؛ بسبب الثقل.

قال:[ (فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا إبراهيم، قال: هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور -قال قتادة : وحدثنا الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى البيت المعمور، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون فيه) ].

والحسن لم يسمع من أبي هريرة فهو منقطع، لكن جاء في اللفظ الآخر: (أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك) والبيت المعمور في السماء السابعة، وظاهره هنا أنه فوق سدرة المنتهى، وفي الأحاديث الصحيحة: أنه في السماء السابعة، وأن إبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، هو الكعبة السماوية، محاذٍ للكعبة الأرضية، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك للصلاة والطواف ثم لا يعودون إليه لكثرة الملائكة، وهو في السماء السابعة وليس فوق سدرة المنتهى، أما هذه الرواية التي فيها أنه فوق سدرة المنتهى، فهي رواية الحسن عن أبي هريرة وهي منقطعة.

قال:[ ثم رجع إلى حديث أنس : (ثم أتيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة في كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بم أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم) ].

وفي رواية أخرى أنه في كل مرة يضع عنه خمساً، وفي هذه الرواية أنه كان يضع كل مرة عشراً.

قال:[ (فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت قال: أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: قلت: سألت ربي حتى استحييت لكني أرضى وأسلم، فلما جاوزت ناداني مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي) ].

وهذا الحديث ثابت في الصحيحين وفي غيرهما والإسراء ثابت في القرآن الكريم، قال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]، ومن أنكر الإسراء كفر، والمعراج ثابت في السنة في الأحاديث الصحيحة الثابتة، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في كل سماء ملائكة وسلم عليهم، رأى في السماء الأولى أباه آدم، وفي الثانية يحيى وعيسى ابني الخالة، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم، وكل واحد كان يقول: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، إلا آدم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح؛ لأنه أبو البشر، وكذلك إبراهيم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح؛ لأنه أباه بالنبوة عليه الصلاة والسلام، والباقي إخوة.

وفيه أيضاً دليل على أن السماوات لها حراس، وأن جبريل يستفتح في كل مرة.

ويدل أيضاً على أن السماوات ليست شفافة؛ لأنها لو كانت شفافة لرآهم، لكن قال: (من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟) لأنه لم يره، يقول: من هذا؟ يدل على أنها ليست شفافة، وأنه لا يرى من روائها، والظاهر كما قال شيخ الإسلام : أن الأرواح تأخذ شكل الأجساد.

وفي الرواية الأخرى: أنه مر بموسى وهو قائم يصلي في قبره في الإسراء، ورآه لما عرج به في السماء السادسة، فهذا يدل على أن الأرواح لها شأن، والأرواح سريعة الذهاب؛ لأن من طبيعتها الخفة، فرآه يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة، وكل الأنبياء ماتوا ما عدا عيسى.

وإبراهيم يلي نبينا في الفضل، ثم موسى وأما عيسى فالله أعلم وهو من أولي العزم، ويوسف كذلك هو من أولي العزم الخمسة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ ذكر خبر أوهم عالماً من الناس أنه مضاد لخبر مالك بن صعصعة الذي ذكرناه

أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام يصلي في قبره) ].

الروح لها شأن غير الأجسام، وهو عليه الصلاة والسلام معلوم أنه مات ودفن، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في قبره ليلة الإسراء، والتقى به في السماء السادسة لكن الأرواح لها شأن فليست كالأجساد، فلها صفات ولها حركة وصعود في طبقات الجو ليست كالأجساد، وهي تأخذ شكل الجسد.

ومعلوم أن العبادة انقطعت عن الجسد عند موته، لكنه شيء خاص الله أعلم به.

قال:[ ذكر الموضع الذي فيه رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم موسى صلى الله عليه وسلم يصلي في قبره:

أخبرنا أبو يعلى حدثنا هدبة وشيبان قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر) ].

هذا فيه تحديد المكان.

قال: أبو حاتم رحمه الله: [ الله جل وعلا قادر على ما يشاء، ربما يعد الشيء لوقت معلوم، ثم يقضي كون بعض ذلك الشيء قبل مجيء ذلك الوقت، كوعده إحياء الموتى يوم القيامة وجعله محدوداً ، ثم قضى كون مثله في بعض الأحوال، مثل من ذكره الله وجعله الله جل وعلا في كتابه حيث يقول: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ [البقرة:259]، إلى آخر الآية، وكإحياء الله جل وعلا لعيسى ابن مريم صلوات الله عليه بعض الأموات ].

إذاً: هذا خاص ومستثنى، فهو على أنه قام يصلي بجسمه وروحه، لكن الأقرب والله أعلم: أنها روح أخذت شكل الجسد، كما أنه رآه في المعراج، وأن هذا ليس فيه بعثاً للجسد، يعني: فهم ابن حبان أن هذا بعث للجسد والروح؛ وأن الله وعد البعث يوم القيامة، وهذا وعد خاص، مثلما بعث الرجل الذي مر على قرية، ومثلما بعث الأموات لعيسى، لكن ظاهر الحديث: أن هذا شيء خاص، وأنه رآه قائماً يصلي في قبره، وأن هذا للروح، وليس بعثاً للجسد.

قال: [ فلما صح وجود كون هذه الحالة في البشر إذا أراد الله جل وعلا قبل يوم القيامة لم ينكر أن الله جل وعلا أحيا موسى في قبره حتى مر عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، وذاك أن قبر موسى بمدين بين المدينة

وبين بيت المقدس ].

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من مكة، لكن كأنه مر على المدينة.

قال:[ فرآه صلى الله عليه وسلم يدعو في قبره - إذ الصلاة دعاء - فلما دخل صلى الله عليه وسلم بيت المقدس وأسري به، أسري بموسى حتى رآه في السماء السادسة ].

رآه يدعو هذا تأويل، وحمل للصلاة على المعنى اللغوي، والصلاة إذا أطلقها الشارع فالمراد بها الصلاة الشرعية، وأما الصلاة فمعناها في اللغة الدعاء، فهو تأويل بغير دليل، وظاهر الحديث أنه رآه يصلي الصلاة المعروفة، لكن الروح أخذت شكل الجسد، أما تأويل ابن حبان بأنه يدعو فهذا خلاف الظاهر.

قال: [ وجرى بينه وبينه من الكلام ما تقدم ذكرنا له، وكذلك رؤيته سائر الأنبياء الذين في خبر مالك بن صعصعة ].

كأنه يرى أنهم بعثوا بأجسامهم، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنهم بأرواحهم وأن الروح أخذت شكل الجسد إلا عيسى فإنه بروحه وجسده؛ لأنه لم يمت.

قال:[ فأما قوله صلى الله عليه وسلم في خبر مالك بن صعصعة (بينما أنا في الحطيم إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه)، فكان ذلك له فضيلة فضل بها على غيره، وأنه من معجزات النبوة، إذ البشر إذا شق عن موضع القلب منهم ثم استخرج القلب فإنهم يموتون ].

وهذا صحيح، وهو من علامات ومن دلائل نبوته، وهو دليل على أن الله على كل شيء قدير، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، وهو الذي خلق الإنسان وأوجده، فهو قادر على أن يحييه، وأن يكون شق صدره وإخراج قلبه لا يؤثر عليه.

قال: [وقوله: (ثم حشي) يريد: أن الله جل وعلا حشا قلبه اليقين والمعرفة الذي كان استقراره في طست الذهب فنقل إلى قلبه، ثم أتي بدابة يقال لها: البراق فحمل عليه من الحطيم أو الحجر وهما جميعاً في المسجد الحرام، فانطلق به جبريل حتى أتى به على قبر موسى على حسب ما وصفناه ].

الحجر والحطيم يسمى حجر؛ لأنه متحجر، ويسمى: حطيم؛ لأنه حطم من الكعبة وأخرج منها.

قال:[ فانطلق ثم دخل مسجد بيت المقدس فخرق جبريل الصخرة بأصبعه، وشد بها البراق، ثم صعد به إلى السماء ].

أما ما يقال من أن إسماعيل هو من حطم الحطيم فلا نعرف لهذا أصلاً؛ لأن إبراهيم وإسماعيل لما بنيا الكعبة لم يكن فيها حجر، وكان بناء الكعبة كاملاً، لكن قريشاً لما أرادت بناء الكعبة كاملاً، من جديد، وجمعوا أموالاً لبنائها، وقالوا: لا نريد أن نجمع إلا مالاً حلالاً، لم يجدوا مالاً حلالاً يكفي، فالمال الحرام كان موجوداً، لكنهم عجزوا أن يجدوا مالاً حلالاً يكفيهم لبناء الكعبة كاملة، فأخذوا الحطيم، وحطموا من الكعبة الحجر؛ لأن ما عندهم من مال لا يفي بالبناء؛ لذا أخرجوا الحجر وحطموه من الكعبة، فكيف ينسب إلى إسماعيل؟ وهم إنما بنوها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينها خمسة وثلاثون عاماً، وأما حين بنى البيت إبراهيم وإسماعيل فلم يكن هناك حجر في ذلك الوقت.

ومن صلى في الحجر فكأنما صلى في الكعبة، والمعروف عند العلماء أن الفريضة لا تصح داخل الكعبة؛ لأنه لم يستقبل جميع جهاتها، وكذلك فوق الكعبة لا تصح الفريضة، وإنما تصح النافلة عندهم، ولو قيل بالجواز لكان له وجه، لكن الجمهور يقولون: لا تصح لأنه لم يستقبل الكعبة، وإنما يستقبل هواء الكعبة؛ لأن هناك ستة أذرع ونصف تقريباً كلها من الحجر، والحجر تابع للكعبة.

وإذا صلى النافلة يكون مستقبلاً هواء الكعبة، وإن لم يكن جدار؛ لأن الجدار زائد عن حد الكعبة على قواعد إبراهيم؛ ولهذا لما هدمت قريش الكعبة وأرادوا بناءها، ووصلوا إلى حجارة خضر فيها القواعد، ويقال: أنهم لما حركوا بعض القواعد زلزلت مكة فتركوا الأساس، وكان الحجر داخل الكعبة على ما هي عليه، والكعبة لها أركان أربعة؛ ولهذا لما هدمها ابن الزبير وأدخل الحجر صار ابن الزبير يستلم الأركان الأربعة كلها؛ لأنها صارت على قواعد إبراهيم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يستلم إلا الركنان اليمانيان لأنهما على قواعد إبراهيم ، أما ركن الشام والعراق فليسا على قواعد إبراهيم؛ فلهذا لم يستلمهما.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر شد البراق بالصخرة في خبر بريدة ورؤيته موسى صلى الله عليه وسلم يصلي في قبره ليسا جميعاً في خبر مالك بن صعصعة : (فلما صعد به إلى السماء الدنيا استفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه) ليسرى به إلى السماء لا أنهم لم يعلموا برسالته إلى ذلك الوقت؛ لأن الإسراء كان بعد نزول الوحي بسبع سنين، فلما فتح له فرأى آدم على حسب ما وصفناه قبل، وكذلك رؤيته في السماء الثانية يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، وفي السماء الثالثة يوسف بن يعقوب، وفي السماء الرابعة إدريس، ثم في السماء الخامسة هارون، ثم في السماء السادسة موسى ].

قوله: بعد نزول الوحي بسبع سنين، هذا زمن وقوع الإسراء على أحد الأقوال، وقيل: قبل الهجرة بسنة، فليس متفقاً عليه، وقد يكون له وجه، وقد تأول المؤلف (قد أرسل إليه) أي: ليسرى به، وليس المراد أنهم لم يعلموا رسالته. يقول المؤلف: أن المراد وقد أرسل إليه لأجل أن يسرى به.

قال:[ ثم في السماء السابعة إبراهيم؛ إذ جائز أن الله جل وعلا أحياهم؛ لأن يراهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة؛ فيكون ذلك آية معجزة يستدل بها على نبوته على حسب ما أصلناه قبل ].

هذا ما ذهب إليه المؤلف أن الله أحياهم، يعني: بأرواحهم وأجسادهم، لكن شيخ الإسلام رحمه الله قرر في مجموعة الفتاوي: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم بأرواحهم، وأن الروح أخذت شكل الجسد.

قال:[ ثم رفع إلى سدرة المنتهى فرآه على الحالة التي وصف، ثم فرض عليه خمسون صلاة، وهذا أمر ابتلاء أراد الله جل وعلا ابتلاء صفيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث فرض عليه خمسين صلاة، إذ كان في علم الله السابق أنه لا يفرض على أمته إلا خمس صلوات فقط، فأمره بخمسين صلاة أمر ابتلاء، وهذا كما نقول: إن الله جل وعلا قد يأمر بالأمر يريد أن يأتي المأمور به إلى أمره من غير أن يريد وجود كونه، كما أمر الله جل وعلا خليله إبراهيم بذبج ابنه، أمره بهذا الأمر أراد به الانتهاء إلى أمره دون وجود كونه ].

وفيه جواز النسخ قبل التمكن من الفعل، فالله تعالى أمر بخمسين صلاة ثم نسخها قبل أن يتمكن العباد منها.

قال:[ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ [الصافات:103]، فداه بالذبح العظيم، إذ لو أراد الله جل وعلا كون ما أمر لوجد ابنه مذبوحاً، فكذلك فرض الصلاة خمسين أراد بها الانتهاء إلى أمره دون وجود كونه، فلما رجع إلى موسى وأخبره أنه أمر بخمسين صلاة كل يوم، ألهم الله موسى أن يسأل محمداً صلى الله عليهما بسؤال ربه التخفيف لأمته، فجعل جل وعلا قول موسى عليه السلام له سبباً لبيان الوجود لصحة ما قلنا ].

وهو فضل من الله وإلى الله، هو الذي ألهم موسى، وهو الذي أيضاً حرك قلب نبيه صلى الله عليه وسلم لقبول قوله.

قال:[ إن الفرض من الله على عباده أراد إتيانه خمساً لا خمسين، فرجع إلى الله جل وعلا فسأله فوضع عنه عشراً، وهذا أيضاً أمر ابتلاء أريد به الانتهاء إليه دون وجود كونه، ثم جعل موسى عليه السلام إياه سبباً لنفاذ قضاء الله جل وعلا في سابق علمه، أن الصلاة تفرض على هذه الأمة خمساً لا خمسين حتى رجع في التخفيف إلى خمس صلوات، ثم ألهم الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم حينئذ حتى قال لموسى: (قد سألت ربي حتى استحييت لكني أرضى وأسلم، فلما جاوز ناداه مناد: أمضيت فريضتي -أراد بها الخمس صلوات- وخففت عن عبادي) يريد: عن عبادي من أمر الابتلاء الذي أمرتهم به من خمسين صلاة التي ذكرناها.

وجملة هذه الأشياء في الإسراء رآها صلى الله عليه وسلم بجسمه عياناً دون أن يكون ذلك رؤيا أو تصويراً صور له ].

يعني: أنه شاهده بعينه، وليست رؤيا في النوم، ولا تمثيل أو تصوير، بل رآها بعينه حقيقة، وقد أسري بروحه وجسده، قال الله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1]، والعبد يشمل الروح والجسد، خلافاً لمن قال: إن الإسراء كان بروحه فقط، وهو ما روي عن أبي إسحاق وعائشة ، وفيه رد على من قال إن الإسراء كان مناماً أو مراراً، والصواب أنه مرة واحدة بروحه وجسده، يقظة لا مناماً.

قال:[ إذ لو كان ليلة الإسراء وما رأى فيها نوماً دون اليقظة لاستحال ذلك؛ لأن البشر قد يرون في المنام السماوات والملائكة والأنبياء والجنة والنار وما أشبه هذه الأشياء ].

ولا يستغرب، ولو كان الإسراء مناماً لما كذبته قريش؛ لأنهم لا يكذبون بالرؤيا.

قال:[ فلو كان رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم ما وصف في ليلة الإسراء في النوم دون اليقظة لكانت هذه حالة يستوي فيها معه البشر، إذ هم يرون في مناماتهم مثلها، واستحال فضله، ولم تكن تلك حالة معجزة يفضل بها على غيره ].

ضد قول من أبطل هذه الأخبار، وأنكر قدرة الله جل وعلا، وإمضاء حكمه لما يحب كما يحب جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه ]. قصده من هذا الرد على من قال: إن الإسراء كان مناماً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم موسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم حيث رآهم ليلة أسري به

أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليلة أسري بي لقيت موسى رجل الرأس، كأنه من رجال شنوءة، ولقيت عيسى فإذا رجل أحمر كأنه خرج من ديماس - يعني من حمام - ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به، فأتيت بإناءين: أحدهما خمر والآخر لبن، فقيل لي: خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فقيل لي: هديت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك) ].

وهذه الهيئة التي رآهم النبي صلى الله عليه وسلم عليها هي هيئة أرواحهم قد أخذت شكل الأجساد فقد رأى موسى على هيئة رجل طوال كأنه من رجال شنوءة، يعني: من بلاد غامد، ورأى إبراهيم وقال: فأنا أشبهكم به عليه الصلاة والسلام، وأما عيسى فإنه رآه لأنه رفع بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، ولم يتوفاه الله بعد وسينزل في آخر الزمان ويحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يتوفاه الله، الموتة التي كتبها الله عليه، وأما موسى وإبراهيم فإنه رأى أرواحهما؛ لأنهما ماتا ودفنا عليهما الصلاة والسلام، والروح تأخذ شكل الجسد.

كما صرح بذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله وغيره.

قال رحمه الله تعالى:[ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم: (فقيل هديت الفطرة) أراد به: أن جبريل قال له ذلك:

أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا كثير بن عبيد المذحجي حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما، ثم أخذ اللبن فقال له جبريل عليه السلام: هديت الفطرة، ولو أخذت الخمر غوت أمتك) ].

قال: إسناده صحيح.

أخرجه البخاري في باب الأشربة، باب قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90] والبيهقي في السنن عن أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة ، والنسائي في الأشربة باب منزلة الخمر، والبيهقي في دلائل النبوة ].

وفيه أن اللبن دليل على الفطرة، والفطرة الإسلام، وفيه دليل على أن الإسلام دين الفطرة، ومن ولد على الفطرة وترك ونفسه من غير مؤثرات خارجية إلى الخير ولا إلى الشر فإنه يميل إلى الخير؛ ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ اللبن، فقيل له: (هديت إلى الفطرة).

قال رحمه الله تعالى: [ ذكر وصف الخطباء الذين يتكلون على القول دون العمل حيث رآهم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به.

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا هشام الدستوائي حدثنا المغيرة ختن مالك بن دينار عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيت ليلة أسري بي رجالاً تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون).

قال الشيخ: روى هذا الخبر أبو عتاب الدلال عن هشام عن المغيرة عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس ووهم فيه؛ لأن يزيد بن زريع أتقن من مائتين من مثل أبي عتاب وذويه ].

وهذا فيه الوعيد الشديد على من كان يقول الخير ويأمر به ولا يفعله، وقوله: (تقرض شفاههم بمقاريض من نار) هذا وعيد شديد يدل على أن هذا من الكبائر، والله تعالى نهى من يقول ولا يفعل قال الله تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، أنكر على اليهود كونهم يأمرون الناس بالخير وينسون أنفسهم، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:2-3].

وقال سبحانه عن نبيه شعيب: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ [هود:88]، وجاء في الحديث: (أنه يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون له: ما لك يا فلان؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فيقول: بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر وآتيه)، وهذا يدل على الوعيد الشديد، وأن من يأمر بالخير وينسى نفسه ويخالف قوله فعله فإن عليه هذا الوعيد الشديد، وقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [1] 2777 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [1] 2508 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [4] 2491 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [2] 1890 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [2] 1728 استماع
شرح صحيح ابن حبان المقدمة 1567 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الوحي 1449 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [3] 1381 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [3] 949 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [5] 715 استماع