شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [3]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الحكم فيمن دعا إلى هدى أو ضلالة فاتبع عليه.

قال أخبرنا أبو يعلى حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) ].

هذا حديث صحيح، وفيه فضل من دعا إلى الخير، وأن من دعا إلى الخير فله مثل أجور أتباعه، وفيه إثم من دعا إلى ضلالة: (فإن عليه أوزار من تبعه)، نسأل الله السلامة والعافية، كما قال الله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل:25].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر البيان بأن على العالم ألا يقنط عباد الله عن رحمة الله.

سمعت أبا خليفة يقول: سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول: سمعت الربيع بن مسلم يقول: سمعت محمداً يقول: سمعت أبا هريرة يقول: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه وهم يضحكون، فقال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، فأتاه جبريل فقال: إن الله يقول لك: لم تقنط عبادي؟ قال: فرجع إليهم، فقال: سددوا، وقاربوا، وأبشروا) ].

قال في تخريجه: إسناده صحيح على شرط مسلم ، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد.

قال الله في الآية الكريمة: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، وقال: إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]، لا ينبغي للإنسان أن يقنط أو ييئس، بل هذا كبيرة من الكبائر، والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله مقدمة إلى الكفر.

وقوله: [ (ولو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً) ].

اليائس المتشائم مسيء للظن بالله عز وجل، يرى أنه هالك، وفي ضمن ذلك إنكاره للتوبة ويرى أنه هالك، وأن التوبة لا تفيد.

قوله: (لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً) في البخاري في الأيمان والنذور.

قال أبو حاتم رضي الله عنه: (سددوا) يريد به: كونوا مسددين، والتسديد: لزوم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، وقوله: (وقاربوا) يريد به: لا تحملوا على الأنفس من التشديد ما لا تطيقون، (وأبشروا) فإن لكم الجنة إذا لزمتم طريقتي في التسديد، وقاربتم في الأعمال ].

(سددوا) يعني: حاولوا أن تصلوا إلى الصواب والسداد، فإن لم تقدروا فقاربوا السداد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر إباحة تأليف العالم كتب الله جل وعلا.

أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الأعلى حدثنا وهب بن جرير حدثني أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع) ].

كان الأفضل أن يقول: كتاب الله.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الحث على تعليم كتاب الله، وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام.

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن موسى بن علي بن رباح قال: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق، فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين يأخذهما في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ قالوا: كلنا يا رسول الله يحب ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من عدادهن من الإبل) ].

هذا أخرجه مسلم في صحيحه، وبطحان واد في المدينة (أيحب أحدكم أن يغدو إلى بطحان فيحصل على ناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم)، وفي مسلم : (قالوا: كلنا يحب ذلك، فقال: والذي نفسي بيده! لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، ومن أعدادهن).

قال في تخريجه: أخرجه مسلم وأبو داود .

[ قال أبو حاتم: هذا الخبر أُضمر فيه كلمة، وهي: لو تصدق بها، يريد بقوله: (فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين وثلاث) لو تصدق بها؛ لأن فضل تعلم آيتين من كتاب الله أكبر من فضل ناقتين وثلاث وعدادهن من الإبل لو تصدق بها؛ إذ محال أن يشبه من تعلم آيتين من كتاب الله في الأجر بمن نال بعض حطام الدنيا، وصح بما وصفت صحة ما ذكرت ].

هذا فيه نظر، وهو خلاف ظاهر الحديث؛ لأنه لو تصدق بهن صار من أعمال الآخرة، وقد قال فيه: (بغير إثم أو قطيعة رحم) يعني: حصل عليها وتملكه في الدنيا؛ لأن هذا يرغب الله فيه، مثل أن تقول: لأن تغدو إلى المسجد فتعلم آيتين خير لك من أن تحصل على سيارتين، وثلاث خير من ثلاث ومن أعدادهن.

والحافظ رحمه الله له تأويلات، لكن هذه في الفروع وستأتي تأويلات في الاعتقاد.

قوله: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)..

يعني: خير لك من أن تتصدق بها من جنسه، خير لك من أن تحصل على الإبل التي هي الحمر التي هي أنفس أموال العرب.

وقوله: [ ذكر الحث على تعليم كتاب الله وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام ].

يعني: لو لم يتعلم تعلماً كاملاً، ولو كان يحفظ بعض الآيات.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الفضل بن حباب الجمحي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، وعليكم بالزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو فرقان من طير تحاجان عن أصحابهما، وعليكم بسورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) ].

البطلة هم السحرة: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً يوم القيامة لأصحابه) هذا أخرجه مسلم في صحيحه، قال في تخريجه: حديث صحيح رجاله ثقات رجال مسلم ، ويحيى بن أبي كثير وإن رواه بالعنعنة توبع عليه، وأخرجه الطبراني وذكره، وأخرجه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل قراءة القرآن.

قال ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه: [ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعلم كتاب الله جل وعلا، واتباع ما فيه عند وقوع الفتن خاصة.

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الصامت عن حذيفة قال: (قلت: يا رسول الله! هل بعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره؟ قال: يا حذيفة ! عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيراً لك) ].

حديث حذيفة هذا غير الحديث الطويل الذي رواه البخاري .

قال في التخريج: إسناده صحيح على شرط الشيخين، سوى عبد الله بن الصامت فإنه من رجال مسلم ، وأخرجه أحمد عن عبد الصمد عن حماد عن علي بن زيد اليشكري عن حذيفة ، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف، وأخرجه مطولاً أحمد وأبو داود في الفتن، وأخرجه النسائي في فضائل القرآن.

قوله: (قلت: يا رسول الله! هل بعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره؟ قال: يا حذيفة ! عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيراً لك).

فيه تعلم الكتاب عند الفتن، والرجوع إلى كتاب الله والعمل بكتاب الله عند الفتن.

وقوله في الترجمة: [ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعلم كتاب الله جل وعلا، واتباع ما فيه عند وقوع الفتن خاصة ].

يعني: كتاب الله هو المخرج من الفتن، والعلم يضيء للإنسان الطريق، وماذا يعمل إذا حضرت الفتن وهو لا يشعر، ومن ذلك أنه إذا كثرت الفتن، وخاف الإنسان على نفسه في آخر الزمان، ونزع الخير من المدن؛ فإنه يذهب إلى الصحراء يتعبد الله، ويفر بدينه من الفتن، أما إذا كانت المدن فيها خير وفيها صلوات ومساجد، وهناك من يقبل النصيحة فلا يخرج إلى الصحراء.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر بيان بأن من خير الناس من تعلم القرآن وعلمه.

أخبرنا الفضل بن حباب الجمحي حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني أخبرنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ].

هذا رواه البخاري في الصحيح، وفيه: أن أهل القرآن هم خير الناس سواء الذين يعلمون القرآن أو يتعلمون.

والمراد: أن من تعلمه وعمل بما فيه هم خير الناس، فالأفضلية إنما تحصل بالعلم والعمل، أما من تعلم ولم يعمل بما فيه أو علمه وهو لا يعمل بما فيه فهذا ليس من خير الناس؛ لأنه ما عمل بكتاب الله وقد قامت عليه الحجة، فهو من شر الناس، فيكون من المغضوب عليهم الذي يعلمون ولا يعملون، نسأل الله العافية.

فالمراد المتعلمون والمعلمون الذين يعملون بالقرآن، وهم أهل الله وخاصته، وفي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بالقرآن وأهله الذي كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران يحاجان عن صاحبهما يوم القيامة)، فلابد من العمل.

[ قال أبو عبد الرحمن : هذا الذي أقعدني هذا المقعد ].

هو أبو عبد الرحمن السلمي ، وقد جلس للقرآن أربعين سنة لما بلغه هذا الحديث، وصار يعلم القرآن أربعين سنة!

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الأمر باقتناء القرآن مع تعليمه:

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن حباب عن موسى بن علية قال: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن واقتنوه فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من المخاض في العقل) ].

من المخاض يعني الإبل.

يقال: موسى بن علية ويقال: موسى بن علي أظنه تابعياً.

قال: [ (تعلموا القرآن واقتنوه، فوالذي نفسي بيده! لهو أشد تفصياً من المخاض في العقل) وفي الحديث الآخر: (تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً أو تفصياً من الإبل في عقلها).

قال في التخريج: إسناده صحيح على شرط مسلم ، وهو في المصنف لـابن أبي شيبة، وأخرجه أحمد والدارمي والنسائي .

لا شك أن الإنسان عندما يقتني المصحف يحصل على خير عظيم، واقتناؤه وسيلة للقراءة والحفظ والاستفادة والتدبر.

وحديث: (تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) رواه مسلم بهذا اللفظ.

وفي الباب عن ابن مسعود سيذكره المؤلف، وقال: أخرجه مسلم .

و موسى بن علية بضم أوله.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الزجر عن ألا يستغني المرء بما أوتي من كتاب الله عز وجلا.

أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن نهيك عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) ].

اختلف في معنى (يتغن بالقرآن) قيل: يحسن صوته، وقيل: يستغني به.

ففي الترجمة: [ ذكر الزجر عن ألا يستغني المرء بما أوتي من كتاب الله جل وعلا ].

ومتن الحديث: [ (ليس منا من لم يتغن بالقرآن).

قال الشارح: تفسير التغني الوارد في الحديث بمعنى الاستغناء ذهب إليه سفيان بن عيينة كما نقل عنه ذلك البخاري عقب الحديث في فضائل القرآن، والجمهور أن معنى (يتغنى به): يجهر به ويحسن صوته به.

[ قال أبو حاتم: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا) في هذا الخبر يريد به: ليس مثلنا في استعمال هذا الفعل ].

هذا تأويل، وينبغي ألا يفسر هكذا، فهذا من باب الوعيد، وهذا التحذير لا يفسر ويترك على الزجر.

قال: [ لأننا نفعله، فمن فعل ذلك فليس مثلنا ].

كل هذا تأويل، ويقول مثل هذا النووي.

قال الشارح: [ قال الحافظ : وذكر الطبري عن الشافعي أنه سئل عن تأويل ابن عيينة التغني بالاستغناء فلم يرتضه، وقال: لو أراد الاستغناء لقال: لم يستغن، وإنما أراد تحسين الصوت، وقال الحافظ : ويؤيده رواية عبد الرزاق عن معمر : (ما أذن لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به) ].

هذا التأويل مشهور عن سفيان بن عيينة قال: (يتغنى) أي يستغني به، ولو كان معناه يستغني لقال: ليس منا من لم يستغن، والأقرب الذي ذهب إليه الجمهور بأن معنى: (يتغنى) يعني: يحسن صوته، ولهذا قال في اللفظ الآخر: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به)، وفي اللفظ الآخر: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)، والجمهور على أن معنى يتغنى، يعني: يحسن الصوت، وأما سفيان بن عيينة فيفسره بـ: يستغني به، وهذا قول فيه بُعد يخرج من اللفظ، والأقرب قول الجمهور: يحسن صوته.

وذكر الشارح الأقوال نقلاً من الفتح فقال: [ اختلف في معنى قوله: (يتغنى) على أربعة أقوال: أحدها تحسين الصوت، والثاني: الاستغناء، والثالث: التحزن قاله الشافعي ، والرابع: التشاغل به، تقول العرب: تغنى بالمكان أقام به ].

والمشهور القول الأول.

قال المصنف رحمه الله: [ ذكر وصف من أعطي القرآن والإيمان، أو أعطي أحدهما دون الآخر.

أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت عوفاً يقول: سمعت قسامة -هو ابن زهير - يحدث عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل من أعطي القرآن والإيمان كمثل أترجة طيب الطعم طيب الريح، ومثل من لم يعط القرآن ولم يعط الإيمان كمثل الحنظلة مرة الطعم لا ريح لها، ومثل من أعطي الإيمان ولم يعط القرآن كمثل التمرة طيبة الطعم ولا ريح لها، ومثل من أعطي القرآن ولم يعط الإيمان كمثل الريحانة مرة الطعم طيبة الريح) ].

هذا رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه ترتيب غير الترتيب بهذا اللفظ: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر)، المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب. هذا القرآن، وطعمها طيب: هذا الإيمان، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها؛ لأنه ليس معه قرآن، وطعمها حلو. هذا الإيمان، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب؛ لأن معه القرآن، وطعمها مر؛ لأن معه النفاق والكفر والعياذ بالله، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها؛ لأنه ليس معه قرآن، وطعمها مر؛ لأن معه النفاق والعياذ بالله.

قال ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه: [ ذكر نفي الضلال عن الآخذ بالقرآن.

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد بن جعفر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أبشروا وأبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً) ].

وهذا حق بلا شك، فإن من تمسك بالقرآن فإنه لا يضل، وأما من أعرض عن كتاب الله وسنة رسوله فهو الضال: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:123-124].

والمراد أيضاً السنة؛ لأن السنة موضحة للقرآن وشارحة له، وهي وحي ثان.

قال في التخريج: إسناده حسن على شرط مسلم ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.

ويستدل على هذا بالآية الكريمة، أن من اتبع القرآن فلن يضل ولا يشقى.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [1] 2781 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [1] 2512 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [4] 2498 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [2] 1893 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب العلم [2] 1732 استماع
شرح صحيح ابن حبان المقدمة 1570 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الوحي 1453 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإسراء 1296 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [3] 950 استماع
شرح صحيح ابن حبان كتاب الإيمان [5] 719 استماع