أهوال القبر


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة في الله! أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يبقي فينا ولا معنا شقياً ولا محروماً، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، نجد ثوابه إن شاء الله يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل.

قبل أن أبدأ في موضوع الدرس أحب أن أشير بالمناسبة إلى شيء اعتاد الناس أن يفعلوه في مثل هذه الأيام على اعتبار أنه دين وليس بدين.

كلكم يعلم أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم دين يدين المسلم به لله عز وجل، وأنه قربة من أعظم القرب، وأن بغضه أو كراهيته أو بغض شيء مما جاء به صلوات الله وسلامه عليه، كفر بدين الله مخرج لصاحبه من الملة، فقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته نواقض الإسلام، أن من ضمن النواقض: بغض الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغض شيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، حتى ولو عمل بهذا الأمر ولكنه من قرارة نفسه يبغضه أو يكرهه، فإنه يكفر ولو عمل به؛ لأن الله عز وجل يقول: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] وقال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].

محبة النبي صلى الله عليه وسلم قربة وطاعة ومن أعظم الطاعات، بأبي وأمي هو صلى الله عليه وسلم معلم البشرية، ومنقذ الإنسانية، والذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وهدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، فصلوات الله وسلامه عليه، صلاة دائمة متتابعة ما تتابع الليل والنهار.

البدعة تنافي محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام

اعتاد الناس أن يقيموا احتفالات يسمونها حفل المولد، وحفل المولد جاء من عادة نصرانية الغرض منها التذكير بحالة المحتفل به؛ لأن الإنسان ينسى في زحمة الأعمال، وكثافة الأشغال من لا يذكره باستمرار، حتى إنك الآن ربما تنسى أباك الذي مات منذ سنوات ولا تذكره إلا إذا ذكرك شيء به، فلا تتذكره باستمرار، بخلاف إذا مات في الأسبوع الأول أو الشهر الأول تتذكره في كل حين، وترى آثاره في كل وقت، لكن بعد مضي سنة أو سنتين أو ثلاث ينسى الإنسان.

وما سمي الإنسان إلا لنسيه     ولا القلب إلا أنه يتقلب

فهم شرعوا لأنفسهم حفلاً يقيمونه، يحتفلون فيه في كل عام بمولد هذا الإنسان الذي يريدون أن يذكروه، ثم صيروا ذلك شعيرة من شعائرهم، يحتفلون فيها حتى بمولد نبيهم عيسى عليه وعلى نبينا وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسلام.

وجاء المقلدون والرعاع من هذه الأمة يريدون أن يحتفلوا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وما علموا أن ذكراه صلى الله عليه وسلم حية في كل وقت وحين، فنحن لا ننساه، ننسى أنفسنا وآباءنا وأمهاتنا وأزواجنا وأولادنا، بل ننسى ذواتنا ولا ننساه صلوات الله وسلامه عليه، كيف ننساه ونحن نسمع ذكره يعلو على كل مأذنة في كل يوم خمس مرات؟ فما من أذان يرفع إلا وفيه أشهد أن محمداً رسول الله، كيف تنساه الأمة وهي مطلوب منها وهي تصلي في كل يوم خمس صلوات، ولا تقبل صلاتها إلا بالصلاة عليه في تشهدها الأوسط والأخير، فأنت تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، اللهم صلِّ على محمد.

هل يمكن أن تنسى هذا الإنسان الذي تذكره في كل وقت وحين؟

تذكره وأنت تدخل البيت، فتتذكر أن هناك هدياً وسنة لا بد أن تقولها، ثم وأنت تأكل الطعام، ولما تشبع من الطعام، ثم وأنت تنام، وعندما تستيقظ، وتذكره وأنت ترى القمر، وتسمع هبوب الرياح، وترى المطر ينزل، وتذكره وأنت تأكل من باكورة الثمار، تذكره في كل شيء؛ لأن معالمه وبصماته صلوات الله وسلامه عليه مرسومة في كل هديك، وسلوكك وتصرفاتك، فهل نحتاج بعد هذا إلى أن نحتفل بذكراه مرة في العام ثم ننساه؟!!

محبة أهل البدع للرسول محبة زائفة

إن من يحتفلون بمولده صلوات الله وسلامه عليه هم أهل البدعة والخرافة والتضليل، يحتفلون ويقيمون السرادقات، ويضيئون الأنوار، ويأكلون الحلوى، وينشدون الأشعار والمديح والتغني فيه، ثم يخرجون وينسونه إلى أن يأتي مثل هذا اليوم من السنة المقبلة، لا يحيون سنته، ولا يرومون طريقته، ولا يتبعون هديه، وإذا جاء الاحتفال احتفلوا به، وإذا أنكر عليهم وقيل لهم: هذه بدعة، قالوا: نحن نحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأنتم تكرهونه ولا تحبونه ولذا لا تحتفلون بمولده، أما نحن فنحبه. نقول لهم: خسئتم والله، بل أنتم أعداؤه، أنتم لا تحبونه؛ لأن من كان يحبه فليسر في هديه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ [آل عمران:31] فماذا؟ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ [آل عمران:31] نحن نحبه أشد حباً: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ [البقرة:165] ومن محبة الله محبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: -الأولى- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) ويقول عليه الصلاة والسلام يوماً لصحابته: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله والناس أجمعين) فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعرف وزن الكلمة وقيمتها، ليس إنساناً مغالطاً، أو يقول الكلام على عواهنه، قال: (والله يا رسول الله! إنك أحب إليَّ من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين إلا من نفسي) لا يعرف الكذب، ولا التملق، قال: (لا يا عمر -حتى الآن ما آمنت- حتى أكون أحب إليك من نفسك) فلما وازن وقارن بين ما يمكن أن يربحه إذا أحبه أكثر من نفسه وهي الجنة، وبين ما يمكن أن يخسره إذا لم يحبه أكثر من نفسه فقال: (والله لأنت أحب إلي يا رسول الله! من نفسي وأهلي ومالي والناس أجمعين، فقال عليه الصلاة والسلام: الآن يا عمر، الآن يا عمر) اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهؤلاء المبتدعة يبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، ويوردون ديناً على الناس وليس بدين، وقد ذكر علماء الإسلام أن عملهم هذا محرم، ولا يجوز إقراره، ويجب إنكاره، ولا يجوز السكوت عليه، بل ينبغي من درس التوحيد، وعرف هدي السلف، ثم ذهب إلى أي بلاد من هذه البلاد، وعلم بأنه يقام مثل هذا الاحتفال في هذه البلاد بأن ينصحهم ويعظهم؛ لأننا نعرف ونسمع أن هناك من خفافيش الظلام من لا يستطيعون أن يظهروا في الضوء، فهم يعيشون في الظلام ببدعتهم.

سألني شخص هذا اليوم، قال لي: متى يوافق اليوم الثاني عشر بالضبط؟ قلت: لماذا؟ قال: أريد أن أصوم هذا اليوم، قلت: ولم؟ قال: لأنه مولد النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: هل أمرك أن تصومه؟ قال: لا. قلت: هل صامه خلفاؤه الراشدون؟ قال: لا. قلت: هل صامه سلف هذه الأمة؟ قال: لا. قلت: من أمرك؟ قال: الناس عندنا يصومون هذا اليوم في باكستان ، قلت: سبحان الله! تأخذ دينك من الناس، هذا دين لا يؤخذ إلا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا تصم هذا اليوم، وإن صمته على أنه قربة فأنت آثم ولست بمأجور؛ لأنك تبتدع بدعة أعظم في الدين من ثواب هذا اليوم الذي تريد أن تتقرب به وليس بقربة.

اعتاد الناس أن يقيموا احتفالات يسمونها حفل المولد، وحفل المولد جاء من عادة نصرانية الغرض منها التذكير بحالة المحتفل به؛ لأن الإنسان ينسى في زحمة الأعمال، وكثافة الأشغال من لا يذكره باستمرار، حتى إنك الآن ربما تنسى أباك الذي مات منذ سنوات ولا تذكره إلا إذا ذكرك شيء به، فلا تتذكره باستمرار، بخلاف إذا مات في الأسبوع الأول أو الشهر الأول تتذكره في كل حين، وترى آثاره في كل وقت، لكن بعد مضي سنة أو سنتين أو ثلاث ينسى الإنسان.

وما سمي الإنسان إلا لنسيه     ولا القلب إلا أنه يتقلب

فهم شرعوا لأنفسهم حفلاً يقيمونه، يحتفلون فيه في كل عام بمولد هذا الإنسان الذي يريدون أن يذكروه، ثم صيروا ذلك شعيرة من شعائرهم، يحتفلون فيها حتى بمولد نبيهم عيسى عليه وعلى نبينا وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسلام.

وجاء المقلدون والرعاع من هذه الأمة يريدون أن يحتفلوا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وما علموا أن ذكراه صلى الله عليه وسلم حية في كل وقت وحين، فنحن لا ننساه، ننسى أنفسنا وآباءنا وأمهاتنا وأزواجنا وأولادنا، بل ننسى ذواتنا ولا ننساه صلوات الله وسلامه عليه، كيف ننساه ونحن نسمع ذكره يعلو على كل مأذنة في كل يوم خمس مرات؟ فما من أذان يرفع إلا وفيه أشهد أن محمداً رسول الله، كيف تنساه الأمة وهي مطلوب منها وهي تصلي في كل يوم خمس صلوات، ولا تقبل صلاتها إلا بالصلاة عليه في تشهدها الأوسط والأخير، فأنت تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، اللهم صلِّ على محمد.

هل يمكن أن تنسى هذا الإنسان الذي تذكره في كل وقت وحين؟

تذكره وأنت تدخل البيت، فتتذكر أن هناك هدياً وسنة لا بد أن تقولها، ثم وأنت تأكل الطعام، ولما تشبع من الطعام، ثم وأنت تنام، وعندما تستيقظ، وتذكره وأنت ترى القمر، وتسمع هبوب الرياح، وترى المطر ينزل، وتذكره وأنت تأكل من باكورة الثمار، تذكره في كل شيء؛ لأن معالمه وبصماته صلوات الله وسلامه عليه مرسومة في كل هديك، وسلوكك وتصرفاتك، فهل نحتاج بعد هذا إلى أن نحتفل بذكراه مرة في العام ثم ننساه؟!!

إن من يحتفلون بمولده صلوات الله وسلامه عليه هم أهل البدعة والخرافة والتضليل، يحتفلون ويقيمون السرادقات، ويضيئون الأنوار، ويأكلون الحلوى، وينشدون الأشعار والمديح والتغني فيه، ثم يخرجون وينسونه إلى أن يأتي مثل هذا اليوم من السنة المقبلة، لا يحيون سنته، ولا يرومون طريقته، ولا يتبعون هديه، وإذا جاء الاحتفال احتفلوا به، وإذا أنكر عليهم وقيل لهم: هذه بدعة، قالوا: نحن نحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأنتم تكرهونه ولا تحبونه ولذا لا تحتفلون بمولده، أما نحن فنحبه. نقول لهم: خسئتم والله، بل أنتم أعداؤه، أنتم لا تحبونه؛ لأن من كان يحبه فليسر في هديه: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ [آل عمران:31] فماذا؟ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ [آل عمران:31] نحن نحبه أشد حباً: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ [البقرة:165] ومن محبة الله محبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: -الأولى- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) ويقول عليه الصلاة والسلام يوماً لصحابته: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله والناس أجمعين) فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعرف وزن الكلمة وقيمتها، ليس إنساناً مغالطاً، أو يقول الكلام على عواهنه، قال: (والله يا رسول الله! إنك أحب إليَّ من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين إلا من نفسي) لا يعرف الكذب، ولا التملق، قال: (لا يا عمر -حتى الآن ما آمنت- حتى أكون أحب إليك من نفسك) فلما وازن وقارن بين ما يمكن أن يربحه إذا أحبه أكثر من نفسه وهي الجنة، وبين ما يمكن أن يخسره إذا لم يحبه أكثر من نفسه فقال: (والله لأنت أحب إلي يا رسول الله! من نفسي وأهلي ومالي والناس أجمعين، فقال عليه الصلاة والسلام: الآن يا عمر، الآن يا عمر) اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهؤلاء المبتدعة يبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، ويوردون ديناً على الناس وليس بدين، وقد ذكر علماء الإسلام أن عملهم هذا محرم، ولا يجوز إقراره، ويجب إنكاره، ولا يجوز السكوت عليه، بل ينبغي من درس التوحيد، وعرف هدي السلف، ثم ذهب إلى أي بلاد من هذه البلاد، وعلم بأنه يقام مثل هذا الاحتفال في هذه البلاد بأن ينصحهم ويعظهم؛ لأننا نعرف ونسمع أن هناك من خفافيش الظلام من لا يستطيعون أن يظهروا في الضوء، فهم يعيشون في الظلام ببدعتهم.

سألني شخص هذا اليوم، قال لي: متى يوافق اليوم الثاني عشر بالضبط؟ قلت: لماذا؟ قال: أريد أن أصوم هذا اليوم، قلت: ولم؟ قال: لأنه مولد النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: هل أمرك أن تصومه؟ قال: لا. قلت: هل صامه خلفاؤه الراشدون؟ قال: لا. قلت: هل صامه سلف هذه الأمة؟ قال: لا. قلت: من أمرك؟ قال: الناس عندنا يصومون هذا اليوم في باكستان ، قلت: سبحان الله! تأخذ دينك من الناس، هذا دين لا يؤخذ إلا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا تصم هذا اليوم، وإن صمته على أنه قربة فأنت آثم ولست بمأجور؛ لأنك تبتدع بدعة أعظم في الدين من ثواب هذا اليوم الذي تريد أن تتقرب به وليس بقربة.

يقول علماء الإسلام: إن هذا العمل محرم لأدلة شرعية كثيرة، منها ثمانية أدلة:

المولد لم يفعله النبي لنفسه ولا صحابته من بعده

الدليل الأول: أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولو كان هدى لكان أول من يفعله هو، فيحتفل بمولده هو صلى الله عليه وسلم، فإنه يعرف فضائل الأعمال، ولو كان خيراً لسبق إليه، وأيضاً لم يحتفل بذلك خلفاؤه الراشدون وأصحابه البررة، فهم كانوا أحب الناس إليه، وهو أحب الناس إليهم، وحينما افتقدوه في أول يوم، يقول أحد الصحابة: [والله ما عدنا من المقبرة إلى البيوت إلا وقد تغير كل شيء في حياتنا، حتى الشمس والليل والنهار] أنكروا كل شيء بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم ما ابتدعوا في الدين، وجاءوا يوم ميلاده وقالوا: نحيي ذكراه، فهو حي في كل وقت وحين، وأيضاً لم يفعله سلف هذه الأمة في القرون المفضلة، التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) هذه الثلاثة القرون هي النماذج الحية للإسلام وللتطبيق السلفي لدين الله، فلما لم يفعله الرسول، ولم يفعله خلفاؤه، ولا الصحابة، ولا التابعون، ولا السلف الصالح ، دل هذا على أنه ليس بدين، وأن من أتى به فهو مردود على وجهه، لا نقبله منه.

المولد فيه دعوى أن الدين لم يكتمل

الدليل الثاني: أن الله عز وجل أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع آية، يقول الله فيها: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] فلا يجوز أن نكذب الله وأن نقول: الدين ما كمل إلى الآن، نحن نريد أن نضيف فيه إضافات؛ لأننا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحتفل بهذا اليوم، ونتهم الرب عز وجل وتعالى في ذلك أنه ما أكمل لنا الدين ونحن نكمله، هذا لا يجوز، وفيه ردٌ لهذه الآية، ومن رد حرفاً أو آية من كلام الله فقد كفر، وقوله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وقد علم في الدين أنه لم يأمر به صلى الله عليه وسلم ولم يفعله.

مخالفة المولد للسنة

الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي قال: (عليكم بسنتي -أي: هديي وطريقتي- وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) والنواجذ هي: الأسنان الواقعة في طرف الأضراس مما يلي الجسم، والنواجذ لا تستعملها أنت إلا في الأشياء الصعبة، إذا كان معك عظم تريد أن تكسره فتضعه بين هذه النواجذ، فالنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (عضوا عليها -أي: هذه السنة- بالنواجذ) كناية عن التمسك بالسنة بأقصى قوة، وبأعظم إمكانية وهي النواجذ، وفي هذا استعارة لطيفة من بلاغته صلوات الله وسلامه عليه، ثم قال: (فإنه من يعش منكم فسيرى بعدي اختلافاً كثيراً) يخاطب الصحابة أن من يعيش بعده منهم فسيرى اختلافاً، فكيف بمن بعدهم؟

كيف وأنتم في كل يوم تضيعون سنناً وتحدثون بدعاً؟! وهذه من البدع التي أحدثها أعداء الله، اقتبسوها من النصارى وسموها ديناً، ووصفوا من لا يفعلها، والذي يذب عن هديه، ودينه، يسمونه (وهابي) يقولون: أنت لا تحب الرسول صلى الله عليه وسلم، سبحان الله! كيف انقلبت المفاهيم وانعكست الموازين، وأصبح أتباعه هم أعداؤه، وأصبح المبتدعة هم أحبابه، يقولون: نحن أحبابه، وقد خسئوا فهو منهم براء، صلوات الله وسلامه عليه. (إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، ثم قال: وإياكم -تحذير- ومحدثات الأمور) أي: في الدين، ليس المحدثات في الأمور العادية وعادات الناس، يجب أن يفهم الناس ما معنى المحدثة، المحدثة في الأمر أي: في أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، أما في عادات البشر فليس عليه حرج، كونك تركب سيارة، أو تأخذ ثلاجة، أو تلبس ثياباً، أو تفرش بيتك، هذه كلها لم تكن موجودة وهي مما أباحه الله عز وجل.

إنما الشيء المرسوم، والمحدد بإطار معين، والمحاط بسور الاتباع هو دين الله، وما أمر به الله أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وقد سمعت شخصاً من المبتدعة المفتونين يتكلم ويكتب ويقول: إن البدعة منها ما هي بدعة حسنة، ومنها ما هي بدعة محرمة وغير ذلك، فقسم البدعة إلى خمسة أقسام على أقسام الحكم التكليفي.

الحكم التكليفي كما تعرفون في الأصول أقسامه خمسة، فقال: بدعة محرمة، وبدعة مكروهه، وبدعة واجبة، وبدعة مستحبة، وبدعة مباحة.

الله أكبر! ما هذا الفقه؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) كل ضلالة في جهنم.

فهذا الحديث يبين لنا أنه لا ينبغي لأحد أن يستن إلا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وبهدي خلفائه الراشدين، وألا يعمل أمراً أو يضيف ديناً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد خلفائه الراشدين، فالدين ما شرع الله وما سن رسوله صلى الله عليه وسلم.

المولد بدعة محدثة في الدين

الدليل الرابع: روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد) أي: باطل مردود، مضروب به في وجهه، لا نقبل الدين بالآراء، نحن لسنا عبيداً إلا لله، ونحن أتباع لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم، لسنا إمعات، لا لعالم ولا لولي ولا لصالح، إن جاءنا العالم يقول قولاً: قلنا هات الدليل، وإذا كان معك دليل سمعنا وأطعنا، وإن لم يوجد معك دليل فلا سمع ولا طاعة، لا نقبل ديناً بالآراء والاستحسانات، فمن أحدث في دين الله ما ليس منه فهو رد، مردود باطل مضروب به في وجهه، لو جاء رجل الآن عندكم، قال: أنتم تصلون المغرب الآن ثلاث ركعات، وتصلون العشاء أربع ركعات، يأتي المغرب وأنتم ما زلتم نشيطين في أول الليل ويأتي العشاء والواحد مرهق ومسترخ يريد أن ينام، لماذا لا نجعل المغرب أربعاً والعشاء نجعلها ثلاثاً، من أجل أن العقل يحكم بهذا، وبعد ذلك في الصباح لماذا لا نجعل صلاة الفجر -ونحن نشيطون وقائمون من النوم وليس فينا تعب- نجعل صلاة الفجر أربعاً، والظهر التي هي في وسط الدوام والشخص يريد أن يجلس نجعلها اثنتين، ما رأيكم بهذا الرأي؟ نقول له: لا. الدين ما شرع الله لا ما شرعت أنت، رأيك اجعله لك؛ لأن الله أعلم وأحكم تبارك وتعالى، (فمن أحدث في ديننا) وهذا إحداث في الدين.

قد يقول قائل: إن هذه الاحتفالات من الأمور العادية، نقول لا. ليست من الأمور العادية؛ إنها من الأمور الشرعية الدينية؛ لأن كل ما كان له علاقة بالكتاب، أو بالسنة، أو برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو دين، فكونه يحتفل به على أنه قربة، وأن هذا يقرب إلى الله؛ لأن هذا رسول الله، والاحتفال به شيء عظيم، فقد جعله من الدين، وليس عليه دليل، فهو مردود.

الإجماع منعقد على أن العبادات توقيفية

الدليل الخامس: أن أهل العلم أجمعهم -بدون خلاف- قالوا: إن العبادات الأصل فيها التوقيف، يعني: ليس للإنسان رأي في أن يأتي بشيء من عند نفسه، لا بد أن تقف فيها على دليل، ولا مجال للاستحسان والرأي، فإن الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، ولا مجال لإدخال العقل في قضية العبادات، فإنها كلها توقيفية ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21].

متابعة النبي صلى الله عليه وسلم علامة محبة الله

الدليل السادس: أن دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم لتبرير هذا العمل دعوى باطلة ومردودة؛ لأن محبته صلى الله عليه وسلم تظهر جلية في متابعته لا في الابتداع عليه، ومخالفة أمره، محبة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسير على منهجه، وقد امتحن الله الأمة بهذه الآية كما يقول ابن عباس، قال: [امتحن الله العباد بهذه الآية، قال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] فعلق محبته للعباد على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم].

إقامة المولد تشبه باليهود والنصارى

الدليل السابع: أن في ذلك تشبهاً باليهود والنصارى، فهم يحتفلون بعيد الميلاد في كل حياتهم، حتى مواليدهم الصغار، إذا ولد له ولد مثلاً في يوم (8/ ربيع الأول) بعد سنة كاملة يقيم حفلاً، وبعض الإمعات والجهلة من المسلمين الذي يظنون أنهم متطورون -وهم في الحقيقة متثورون- إذا جاء له ولد وبعد سنة قال: اليوم عندنا وليمة، ماذا عندك؟ قال: نطفئ الشمعة الأولى من عمر فلان المديد.

اليهود والنصارى يعتقدون أنك إذا ما احتفلت بعيد ميلاد ولدك هذا فإنه قد يموت، فأنت كل سنة يمر عليك تقيم له حفلاً، وتدعو الناس، وتطفئ شمعة وتشعل شمعة جديدة، وإطفاء الشمعات وإشعالها هذا ليس منك، والأعمار بيد الله، والله تبارك وتعالى هو الذي يقضي بالليل والنهار على عباده، ولا راد لأمره تبارك وتعالى، ولا معقب لحكمه، وهذه بدعة نصرانية مردودة.

فلا ينبغي للمسلم أن يكون ذيلاً لهم، وإذا علم أن هذه الوليمة أو هذا العشاء بمناسبة مرور ثلاث أو خمس أو ست سنوات على زواج فلان، أو على ميلاد فلان، يرفضه ويقول: لا أحضر إلى بدعة ليس عليها دليل من النبي صلى الله عليه وسلم.

والتشبه باليهود والنصارى محرم بدليل الحديث الذي رواه الإمام الترمذي في السنن وهو صحيح، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإنه ليس منا من تشبه بغيرنا) وفي حديث آخر، قال عليه الصلاة والسلام: (من تشبه بقوم فهو منهم) والتشبه أن تعمل أعمالهم.

لا يا أخي كن إنساناً استقلالياً، لا تكن تبعياً، كن إنساناً بارزاً لك قدوة وأسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].

منكرات الموالد والشرك الحاصل فيها

الدليل الثامن: يقع في تلك الاحتفالات من المنكرات والعظائم ما لا يعلمه إلا الله، وأعظم ما يقع فيها الشرك بالله، فإنهم في تلك الاحتفالات يتصورون أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر، وبينما هم في المديح، والأدعية، والثناء، وهز الرءوس والتطريب يقولون: اسكتوا! وتقدم الحلاوة والذبائح والأكلات والبسطات، وبعد ذلك يقولون: جاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقومون قياماً، ويرخون رءوسهم، وينعقون ويبدءون في تقديم الدعاء، يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: يا مفرج الكروب، يا قاضي الحاجات، يا شافي الأمراض.

الله أكبر! لا إله إلا الله! يشرك برب الأرض والسماوات، وهذا هو الذي نزل من أجله الكتاب، وشرع من أجله الجهاد، وبعثت من أجله الرسل؛ أن يدعى الله وحده، والله يقول: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجن:18].

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول للصحابي الذي قال له: (ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً؟! قل ما شاء الله وحده) (ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي ولكن يقول: فتاي وفتاتي) والله يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65] هذا الرسول وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ * وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر:65-67] سبحانه وتعالى عما يشركون علواً كبيراً، فيدعون الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهؤلاء نقول لهم بمنطق العقل: إذا كان في أكثر بقاع العالم هذه الاحتفالات، وكلهم يزعم أن الرسول جاء، فكيف انقسم عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ودخل كل حفل من احتفالاتهم؟!! كيف قام ووصل إلى كل هؤلاء، وخرج من عند هؤلاء في خلال ساعة، أو في يوم، أو في ليلة واحدة؟!!

أهذا كلام يعقل؟ سبحان الله! رسول الله صلى الله عليه وسلم ميت صلوات الله وسلامه عليه، كما قال الله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] وقال: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:34-35] هو ميت ولكنه حي، كأكمل حياة الشهداء، حياة برزخية، ليست حياة مثل حياتنا، حياة بزرخية كأكمل حياة الشهداء صلوات الله وسلامه عليه، وهو لا يخرج من قبره ولا يعلم ما يحدث في أمته من بعده، ولهذا يوم القيامة يوم تذاد مجموعة من الأمة عن الحوض فيقول: (أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، لا زالوا يرجعون عن دينهم القهقرى، فأقول: بعداً بعداً، وسحقاً سحقاً) وأقول كما يقول العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:117] إلى آخر الآيات.

فهذه المنكرات يحصل فيها الشرك بالله، بالإضافة إلى الإسراف، والتبذير في إقامة الولائم، ونصب السرادقات، وإضاءة الأضواء، وإهلاك الأموال في هذا الأمر الذي لم يأذن به الله، ولم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يسعنا -أيها الإخوة- إلا ما وسع السلف [ومن كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تأمن فتنته].

ونقول للناس الذين يبتدعون هذا: لو كان خيراً لسبقنا إليه صحابة رسول الله وسلف هذه الأمة، وما لم يسبقونا إليه فليس بدين، وما لم يكن في عهدهم دين فلن يكون في عهدنا دين، فقد ضيع هؤلاء أكثر دين الله، ثم يحدثون فيه ما ليس من دين الله، فنريد -أيها الإخوة- أن نعرف هذا الأمر على حقيقته، وأن نعرف أدلة رده حتى إذا ما ناقشنا مبتدع، أو جاء ليضللنا ضال؛ لأن كثيراً من المسلمين -فقهنا الله وإياهم بالدين- بحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وبفطرتهم السليمة، إذا جاءهم مبتدع وسوغ لهم هذا الأمر، ربما ينطلي عليهم، وربما بدافع الحب للنبي صلى الله عليه وسلم يصنعون هذا الأمر وهم لا يشعرون، فنريد أن يعي إخواننا، وهم بدورهم ينقلون هذا إلى كل من يسمعون أنه يحدث مثل هذه البدعة، ويقولون له: هذا ليس بدين، بل هي بدعة، والبدعة طريق الشرك.

فأَقَلّ بدعة كما يقول شيخ الإسلام ابن القيم: أعظم عند الله من أعظم كبيرة من كبائر الذنوب، يعني: البدعة الصغيرة أعظم من كبيرة الخمر والزنا، لماذا؟ قالوا: لأن صاحب الخمر والزنا يرجو أن يتوب، لكن صاحب البدعة يحسب أنه على هدى، ولا يفكر أن يتوب أبداً؛ لأنه يدعو إلى بدعته، والعياذ بالله!

هذا -أيها الإخوة- ما أردت أن أذكره لكم كبداية في هذه الجلسة.

الدليل الأول: أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولو كان هدى لكان أول من يفعله هو، فيحتفل بمولده هو صلى الله عليه وسلم، فإنه يعرف فضائل الأعمال، ولو كان خيراً لسبق إليه، وأيضاً لم يحتفل بذلك خلفاؤه الراشدون وأصحابه البررة، فهم كانوا أحب الناس إليه، وهو أحب الناس إليهم، وحينما افتقدوه في أول يوم، يقول أحد الصحابة: [والله ما عدنا من المقبرة إلى البيوت إلا وقد تغير كل شيء في حياتنا، حتى الشمس والليل والنهار] أنكروا كل شيء بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم ما ابتدعوا في الدين، وجاءوا يوم ميلاده وقالوا: نحيي ذكراه، فهو حي في كل وقت وحين، وأيضاً لم يفعله سلف هذه الأمة في القرون المفضلة، التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) هذه الثلاثة القرون هي النماذج الحية للإسلام وللتطبيق السلفي لدين الله، فلما لم يفعله الرسول، ولم يفعله خلفاؤه، ولا الصحابة، ولا التابعون، ولا السلف الصالح ، دل هذا على أنه ليس بدين، وأن من أتى به فهو مردود على وجهه، لا نقبله منه.

الدليل الثاني: أن الله عز وجل أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع آية، يقول الله فيها: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] فلا يجوز أن نكذب الله وأن نقول: الدين ما كمل إلى الآن، نحن نريد أن نضيف فيه إضافات؛ لأننا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحتفل بهذا اليوم، ونتهم الرب عز وجل وتعالى في ذلك أنه ما أكمل لنا الدين ونحن نكمله، هذا لا يجوز، وفيه ردٌ لهذه الآية، ومن رد حرفاً أو آية من كلام الله فقد كفر، وقوله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وقد علم في الدين أنه لم يأمر به صلى الله عليه وسلم ولم يفعله.


استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2930 استماع
كيف تنال محبة الله؟ 2929 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2805 استماع
أمن وإيمان 2678 استماع
حال الناس في القبور 2676 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2605 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2572 استماع
النهر الجاري 2478 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2468 استماع
مرحباً شهر الصيام 2403 استماع