خطب ومحاضرات
المرأة والزواج
الحلقة مفرغة
أيها الإخوة المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله سبحانه وتعالى كما جمعنا في هذا المكان الطاهر، وفي هذه الليلة المباركة أن يجمعنا في جنات النعيم وآباءنا وأمهاتنا وأخواتنا وذرياتنا وأزواجنا وجميع المسلمين، إنه غفور رحيم، إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين.
الزواج آية من آيات الله، ونعمة من نعم الله، جعله الله آية في معرض الاستدلال على عظمته، فاستشهد الله عز وجل على أن من آياته خلق السماوات والأرض، واختلاف الألسن والألوان، ثم قال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] ونعمة من نعم الله سبحانه وتعالى إذ أن الإنسان لا يشعر بالسكن ولا بالاطمئنان ولا بالراحة إلا إذا حصل له هذا الأمر، ولهذا قال: لِتَسْكُنُوا [الروم:21] كأن الإنسان في قلق، وكأن الإنسان غير مرتاح، فإذا تزوج سكن لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] حث عليه الشرع، وأتى به لتحقيق هذا الأمر حتى تهدأ أرواحهم وتسكن قلوبهم.
قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق على صحته: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للطرف، وأحصن للفرج) هنا أغض من أفعل التفضيل، وأحصن أيضاً أفعل التفضيل، أعظم ما يمكن أن تغض به طرفك، وأن تحصن به فرجك هو الزواج: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) هكذا يقول معلم البشرية وطبيب الإنسانية صلوات الله وسلامه عليه، وهو يوجه الأمة إلى الدواء العملي الناجع، إذا لم يتمكن الإنسان من الزواج.
وذكره الله عز وجل في معرض الامتنان على الأنبياء والرسل، قال: وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أبرك هذه الأمة أكثرهم زواجاً، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الزواج، وكذلك هدي الأنبياء قبله، وهدي السلف من بعده، وبعض أهل العلم يوجبه على من يخشى على نفسه الفتنة، وبعضهم يجعله في مرتبة الاستحباب، ولم يرد أن أحداً رغب في تركه، أو حبذ التفرغ للدين والدعوة وتركه، فهو من الدين ومن الدعوة، بل إن أكثر ما يعينك على دينك، وعلى دعوتك إلى الله، وعلى الجهاد في سبيل الله الزوجة الصالحة؛ لأن فكرك ينحصر واهتماماتك كلها تتركز، وتبقى حاضر الذهن، حاضر الفكر، محصوراً في أعمال، لكن حينما لا تكون متزوجاً تتشتت بك الأفكار، وتذهب بك الهواجس، ويحصل للإنسان تعبٌ قد لا يتحقق معه نفعٌ في دينه ولا في دنياه.
وقد شرع الله عز وجل الزواج لحكم ولأهداف ولغايات نبيلة، تغيب عن أذهان كثيرٍ من الناس، بعض الناس بحكم جهله لا يفهم من مشروعية الزواج إلا الجنس فقط، وهذا ليس هدفاً وليس من أغراض الزواج الجنس؛ الجنس وسيلة حتى يحصل اللقاء بينهما في النقطة الشرعية التي أباحها الإسلام وهي الزواج، وإذا حصل اللقاء تحققت تلك المصالح وتلك الغايات وتلك الأهداف النبيلة.
المحافظة على النوع الإنساني
ومن هذه الحكم التي شرع الله عز وجل الزواج من أجلها: المحافظة على النوع الإنساني، فإن الله عز وجل خلق السماوات والأرض، واقتضت حكمته سبحانه أن يخلق هذا الإنسان من أجل أن يعبده في هذه الأرض، فهذه حكمة، ولو أن الله عز وجل لم يجعل عند الرجل رغبة في المرأة، ولم يجعل عند المرأة رغبة في الرجل لانقرض الجنس البشري، وخلت الحياة من الناس وما بقي فيها أحد، ولكن الله عز وجل ركب هذا الميل ليبقى سلالة البشر يتناسلون، ثم جعل لهذا الميل نتائج وآثاراً ومسئوليات.
وإذا تم اللقاء بين الرجل والأنثى في غير الزواج ضاعت تلك الآثار، ومن آثار اللقاء أن يحصل الولد وأن تحمل الأم، لكن إذا حملت الأم من غير زوج فمن يقوم برعاية هذا الولد؟ الذي زنا؟ لا. فإنه يتخلى لعدم ثقته أولاً بأن هذا الولد له؛ لأنه يعتقد أن هذه الزانية التي مكنته من نفسها ستمكن غيره، وبالتالي فليس على يقين أن الولد له.
ثانياً: حتى ولو كان على يقين أنه له فيعرف أنه جاء من طريق حرام، فيقول: لماذا آخذه وأربيه وهو حرام في حرام، هي التي تتحمل، فينسلخ منها ويتخلى عنها، وتبقى هي في الميدان لوحدها تعاني من آثار الحمل، وقد ترتكب جرائم في التخلص منه، إما عن طريق الإجهاض، أو عن طريق قتله بعد أن يأتي، أو عن طريق إلقائه أي: تضعه في طريق عام، أو عند حديقة، أو في مسجد، أو في صندوق النفايات كما سمعتم في العام الماضي يضعونه في صندوق النفايات، جريمة أعظم من جريمة الزنا، وقد تحمل الولد فتبقيه معها فتجد ألماً ومعاناةً وحسرة كلما نظرت إليه؛ لأنه يذكرها بجريمتها، وينشأ هذا الولد المسكين في معاناة وفي تعب، ليس له ذنب هو أصلاً، الذنب والمسئولية للزاني والزانية، أما هذا فلا يحمل مسئوليته؛ لأن الله عز وجل يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] هل له علاقة في الموضوع؟ لا. ولذا لا يؤاخذه الله عز وجل على مسألة مجيئه، يؤاخذه الله على سلوكه، إذا بلغ سن التكليف، فإذا التزم بدين الله، وتمسك بطاعة الله، كان من أهل الطاعة ومن أهل العمل الصالح.
وإذا بلغ سن التكليف وانحرف عن منهج الله آخذه الله على انحرافه هو، لكن غالب من ينشأ من هذه الطريق يكون مصيره الانحراف؛ نظراً لفقدان التربية، وانعدام الجو الإيماني الذي يعيش فيه؛ ولأنه يعيش بدون إشراف وبدون توجيه وبدون تربية، وربما تلقفته الأيدي القذرة الملوثة فطبعته على طبع سيئ، وأحياناً ينشأ نشأةً طيبة فيهديه الله سبحانه وتعالى ولا ذنب له في جريمة والديه، أو الزاني والزانية.
فبقاء النوع البشري هدف من أهداف الزواج؛ لأنه قد يأتي واحد ويقول: الجنس البشري يبقى عن طريق الزنا، يبقى لكن تبقى حياة فوضوية، ولهذا جميع الأمم وعبر مدار التاريخ تعارفوا على الزواج، حتى في الجاهلية كان يوجد زواج، والآن في الدول الكافرة يوجد زواج، تجد عند اليهود، وعند النصارى، وعند المجوس، وعند الهندوس، كل واحد يشعر بأن يكون له زوجة خاصة به لأنها فطرة؛ لكي يربي ولداً له.
الاستمتاع بالحياة عن طريق إنجاب الأولاد
فقال لي: يا شيخ سعيد! أنا أعرف هذا، يقول: أنا أعرف أن الله اختار لي إن شاء الله الخير، لكن أنت لا تحس بما أحس به.
قلت: وما الذي تحس به؟
قال: أحس بألم شديد من السكون الذي يسيطر على البيت، يقول: أدخل البيت وإذا به كأنه مقبرة، نحن الذين عندنا أولاد نحس بتعب من الغلبة التي نشعر بها في البيت، عندما يدخل الواحد منا ويبدأ هذا يصيح، وهذا ينط، وهذا يرجم، وهذا يفتح، يقول: اسكتوا اسكتوا، والرجل يشكو من الحرمان ومن السكون الذي يحول البيت عنده إلى مقبرة، أنت لا تعرف نعمة الأولاد إلا إذا فقدتهم، ولهذا جعلهم الله زينة، زينة للأب وزينة للأم.
قد لا تتوفر هذه الزينة في أي شيء، ولهذا الأوربيون لما افتقدوا هذه النعمة في الأولاد نظراً لتقطع العلاقات الاجتماعية اضطروا أن يحققوها عن طريق تربية الكلاب، فتجد الواحد منهم عنده كلب يأكل معه على السفرة، ويحتضنه، والمرأة تأخذ الكلب وتذهب به، وتداعبه، لماذا؟ (لأن الطيور على أشكالها تقع) ولأنهم ما وجدوا ما يلبي الاحتياج الفطري في نفوسهم وفي أولادهم الذين لا يضمنون أنهم أولادهم أصلاً، وبالتالي بحثوا عما يلبي لهم ذلك في الكلاب.
حماية المجتمع من التحلل والانسلاخ من القيم
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المالِ |
العرض غالٍ، وهو يمثل تاجاً على رأس المسلم، وهو تاج من زجاج يكسره أقل شيء، ولذا يود المسلم أن يدفن وأن يموت ولا يدور حول عرضه كلام، بل يود أن يبلغه أن ابنته أو أخته ماتت ولا يبلغه أن ابنته أو أخته انحرفت أو زنت -والعياذ بالله- فالمجتمع عن طريق الزواج يحصل له حماية، لماذا؟ لأن الغريزة الجنسية الفطرية في النفس تحققت بالطريق الصحيح وهو الحلال، لكن حينما نسد أبواب الحلال وهو الزواج فإنها تفتح أبواب الحرام قسراً؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يلغي سنة الله بقرار من عنده، ويقول: لا. يا بنت لا تتزوجي، وأنت يا ولد لا تتزوج، انتبهوا، لا يمكن هذا الكلام، لا سيما في هذا الزمان، زمن الفتن، وزمن الإثارة، فإن كل ما حول البنت أو الولد يعمل على إثارتها، وهي ليست بحاجة إلى إثارة، وهو ليس بحاجة إلى إثارة، الغرائز الموجودة تحتاج إلى تقييد وكبت وتضييق، حتى جاء الأمر بالصيام لمن لم يستطع الزواج، لماذا؟ لتضييق مجاري الشيطان الذي يجري مع حركة الدم في الجسم، فإذا جئت تشعلها وهي أيضاً مشتعلة بطبيعتها حصل الحريق في حياة الإنسان، فيحمى المجتمع بالزواج.
التعاون على تكوين الأسرة
لكن حينما تعرف أنه ولد شرعي، وذاك الأب يعرف أنه ولد شرعي، ويحقق لهم المطلب النفسي من حيث الزينة في الحياة ..، في العمل أنت متعب مرهق في غاية الإرهاق والإجهاد، فما إن تدخل البيت وتجد طفلاً من أطفالك يقبل عليك فتحمله وتضمه إلا وأذهب الله عنك ما تشعر به من التعب، هذه نعمة أم لا؟ نعمة من أجلِّ النعم.
تربية الأولاد
نفس العملية الجنسية فليست هدفاً في حد ذاته، ولكنها وسيلة تؤدي إلى الوصول إلى الغايات والأهداف التي شرعها الإسلام.
ومن هذه الحكم التي شرع الله عز وجل الزواج من أجلها: المحافظة على النوع الإنساني، فإن الله عز وجل خلق السماوات والأرض، واقتضت حكمته سبحانه أن يخلق هذا الإنسان من أجل أن يعبده في هذه الأرض، فهذه حكمة، ولو أن الله عز وجل لم يجعل عند الرجل رغبة في المرأة، ولم يجعل عند المرأة رغبة في الرجل لانقرض الجنس البشري، وخلت الحياة من الناس وما بقي فيها أحد، ولكن الله عز وجل ركب هذا الميل ليبقى سلالة البشر يتناسلون، ثم جعل لهذا الميل نتائج وآثاراً ومسئوليات.
وإذا تم اللقاء بين الرجل والأنثى في غير الزواج ضاعت تلك الآثار، ومن آثار اللقاء أن يحصل الولد وأن تحمل الأم، لكن إذا حملت الأم من غير زوج فمن يقوم برعاية هذا الولد؟ الذي زنا؟ لا. فإنه يتخلى لعدم ثقته أولاً بأن هذا الولد له؛ لأنه يعتقد أن هذه الزانية التي مكنته من نفسها ستمكن غيره، وبالتالي فليس على يقين أن الولد له.
ثانياً: حتى ولو كان على يقين أنه له فيعرف أنه جاء من طريق حرام، فيقول: لماذا آخذه وأربيه وهو حرام في حرام، هي التي تتحمل، فينسلخ منها ويتخلى عنها، وتبقى هي في الميدان لوحدها تعاني من آثار الحمل، وقد ترتكب جرائم في التخلص منه، إما عن طريق الإجهاض، أو عن طريق قتله بعد أن يأتي، أو عن طريق إلقائه أي: تضعه في طريق عام، أو عند حديقة، أو في مسجد، أو في صندوق النفايات كما سمعتم في العام الماضي يضعونه في صندوق النفايات، جريمة أعظم من جريمة الزنا، وقد تحمل الولد فتبقيه معها فتجد ألماً ومعاناةً وحسرة كلما نظرت إليه؛ لأنه يذكرها بجريمتها، وينشأ هذا الولد المسكين في معاناة وفي تعب، ليس له ذنب هو أصلاً، الذنب والمسئولية للزاني والزانية، أما هذا فلا يحمل مسئوليته؛ لأن الله عز وجل يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] هل له علاقة في الموضوع؟ لا. ولذا لا يؤاخذه الله عز وجل على مسألة مجيئه، يؤاخذه الله على سلوكه، إذا بلغ سن التكليف، فإذا التزم بدين الله، وتمسك بطاعة الله، كان من أهل الطاعة ومن أهل العمل الصالح.
وإذا بلغ سن التكليف وانحرف عن منهج الله آخذه الله على انحرافه هو، لكن غالب من ينشأ من هذه الطريق يكون مصيره الانحراف؛ نظراً لفقدان التربية، وانعدام الجو الإيماني الذي يعيش فيه؛ ولأنه يعيش بدون إشراف وبدون توجيه وبدون تربية، وربما تلقفته الأيدي القذرة الملوثة فطبعته على طبع سيئ، وأحياناً ينشأ نشأةً طيبة فيهديه الله سبحانه وتعالى ولا ذنب له في جريمة والديه، أو الزاني والزانية.
فبقاء النوع البشري هدف من أهداف الزواج؛ لأنه قد يأتي واحد ويقول: الجنس البشري يبقى عن طريق الزنا، يبقى لكن تبقى حياة فوضوية، ولهذا جميع الأمم وعبر مدار التاريخ تعارفوا على الزواج، حتى في الجاهلية كان يوجد زواج، والآن في الدول الكافرة يوجد زواج، تجد عند اليهود، وعند النصارى، وعند المجوس، وعند الهندوس، كل واحد يشعر بأن يكون له زوجة خاصة به لأنها فطرة؛ لكي يربي ولداً له.
من أهداف الزواج: الاستمتاع بالحياة عن طريق الأولاد، لأن الله يقول: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:46] فواحد عنده مال لكن ما عنده أولاد، عنده نصف الزينة، ولذا يشعر بالألم، ويشعر بالحرمان، ويتمنى أن يكون له ولد، وقد كنت أعظ أحد الإخوة الذين ابتلوا بعدم الولد، ليس عنده ذرية، فوجدته في حالة نفسية صعبة، وقلت له: يا أخي! لا تكره أمر الله سبحانه وتعالى، فربما يكون في ذلك خير، فإن الله سبحانه وتعالى أعلم بما يصلحك، يقول: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً [الشورى:49-50] لماذا؟ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:50] فما تدري ما هو الخير لك؟ يمكن لو عندك أولاد لكانت حالتك أسوأ.
فقال لي: يا شيخ سعيد! أنا أعرف هذا، يقول: أنا أعرف أن الله اختار لي إن شاء الله الخير، لكن أنت لا تحس بما أحس به.
قلت: وما الذي تحس به؟
قال: أحس بألم شديد من السكون الذي يسيطر على البيت، يقول: أدخل البيت وإذا به كأنه مقبرة، نحن الذين عندنا أولاد نحس بتعب من الغلبة التي نشعر بها في البيت، عندما يدخل الواحد منا ويبدأ هذا يصيح، وهذا ينط، وهذا يرجم، وهذا يفتح، يقول: اسكتوا اسكتوا، والرجل يشكو من الحرمان ومن السكون الذي يحول البيت عنده إلى مقبرة، أنت لا تعرف نعمة الأولاد إلا إذا فقدتهم، ولهذا جعلهم الله زينة، زينة للأب وزينة للأم.
قد لا تتوفر هذه الزينة في أي شيء، ولهذا الأوربيون لما افتقدوا هذه النعمة في الأولاد نظراً لتقطع العلاقات الاجتماعية اضطروا أن يحققوها عن طريق تربية الكلاب، فتجد الواحد منهم عنده كلب يأكل معه على السفرة، ويحتضنه، والمرأة تأخذ الكلب وتذهب به، وتداعبه، لماذا؟ (لأن الطيور على أشكالها تقع) ولأنهم ما وجدوا ما يلبي الاحتياج الفطري في نفوسهم وفي أولادهم الذين لا يضمنون أنهم أولادهم أصلاً، وبالتالي بحثوا عما يلبي لهم ذلك في الكلاب.
وأيضاً من أهداف الزواج في المجتمع المسلم: حماية المجتمع من التحلل والانسلاخ من القيم؛ فإن أغلى ما يملكه المسلم بعد عقيدته ودينه هو عرضه، والعرض غالٍ عند المسلم، يقول:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المالِ |
العرض غالٍ، وهو يمثل تاجاً على رأس المسلم، وهو تاج من زجاج يكسره أقل شيء، ولذا يود المسلم أن يدفن وأن يموت ولا يدور حول عرضه كلام، بل يود أن يبلغه أن ابنته أو أخته ماتت ولا يبلغه أن ابنته أو أخته انحرفت أو زنت -والعياذ بالله- فالمجتمع عن طريق الزواج يحصل له حماية، لماذا؟ لأن الغريزة الجنسية الفطرية في النفس تحققت بالطريق الصحيح وهو الحلال، لكن حينما نسد أبواب الحلال وهو الزواج فإنها تفتح أبواب الحرام قسراً؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يلغي سنة الله بقرار من عنده، ويقول: لا. يا بنت لا تتزوجي، وأنت يا ولد لا تتزوج، انتبهوا، لا يمكن هذا الكلام، لا سيما في هذا الزمان، زمن الفتن، وزمن الإثارة، فإن كل ما حول البنت أو الولد يعمل على إثارتها، وهي ليست بحاجة إلى إثارة، وهو ليس بحاجة إلى إثارة، الغرائز الموجودة تحتاج إلى تقييد وكبت وتضييق، حتى جاء الأمر بالصيام لمن لم يستطع الزواج، لماذا؟ لتضييق مجاري الشيطان الذي يجري مع حركة الدم في الجسم، فإذا جئت تشعلها وهي أيضاً مشتعلة بطبيعتها حصل الحريق في حياة الإنسان، فيحمى المجتمع بالزواج.
من أهدافه أيضاً: التعاون على تكوين الأسرة، فإن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، وهي مكونة من الأم والأب والأولاد، ولكن إذا لم يوجد زوج، وجاء للمرأة ولد من الحرام، فمن يقوم بهذا الدور في الأسرة؟ ليس هناك أحد، فهي تقول: لماذا أتحمل هذا ولا يوجد أحد، تضطر أن تتخلص منه أو تقتله كما سمعنا.
لكن حينما تعرف أنه ولد شرعي، وذاك الأب يعرف أنه ولد شرعي، ويحقق لهم المطلب النفسي من حيث الزينة في الحياة ..، في العمل أنت متعب مرهق في غاية الإرهاق والإجهاد، فما إن تدخل البيت وتجد طفلاً من أطفالك يقبل عليك فتحمله وتضمه إلا وأذهب الله عنك ما تشعر به من التعب، هذه نعمة أم لا؟ نعمة من أجلِّ النعم.
أيضاً من أهدافه: تربية الأولاد، فإن تربيتهم ينال عليها الإنسان ثواباً عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، كونك قمت بتوجيه هذا الولد: علمته الإسلام، وربيته على الإيمان، وأخذته إلى ساحل النجاة عن طريق الأخلاق الإسلامية، والمبادئ الإسلامية، والعقيدة الإسلامية، وعلمته كل شيء طيب، وحذرته من كل شيء سيئ، يأتي هذا الولد في ميزانك يوم القيامة، وتبعث يوم القيامة مبعث الأنبياء؛ لأن الله هدى على يديك ولدك، والله يقول: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] قال العلماء: الولد من سعي أبيه، وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث منها: ولد صالح) وليس كل ولد، فقد تترك أولاداً يدعون لك لكن ليسوا على صلاح، ما يقبل الله دعاءهم، لا بد أن يكون الولد صالحاً، إن الله لا يقبل شفاعة السيئ، بل ولد صالح يدعو لك ويكون لك أنت أثر في تربيته فيدعو لك وأنت في قبرك فتأتيك الحسنات، كل يوم في سجوده: رب ارحمهما كما ربياني صغيراً. اللهم اغفر لي ولوالدي؛ في كل صلاة، وقد أمر الله عز وجل بذلك قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] عندك: أصبحوا عندك، فأنت كنت عندهم عندما كنت صغيراً، واليوم كبروا وأصبحوا عندك وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24] ثم مهما عملت فلن تكافئهم فماذا تعمل؟ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24] وهذا لا يأتي إلا عن طريق الأولاد، من أين تأتيك حسنات إذا مت؟ قد لا يكون لك مال، وقد لا يكون عندك علم تخلفه، ولكن يكون عندك أولاد صالحون فيدعون لك بعد وفاتك، ويبقى الخير لا ينقطع يصلك على الدوام حتى إذا جاء لهم أولاد وقال: اللهم اغفر لنا ولآبائنا يأتيك وأنت جد، ويأتيك وأنت أبو الجد ...إلخ؛ لأنك أساس، وسبب في هذا الخير العظيم.
خطورة دينية
قالوا: لا نقدر على الجلوس.. نريد أن نخرج .. نحن رجال.
أنتم رجال ولكن اجلسوا في البيت، لا تخرجوا والخروج ليس حسناً، وقد يعرضكم للشر ويعرضكم للحوادث المرورية ويعرضكم لرفقة السوء، أخشى عليكم يا أولادي، هل شبعتم الآن؟ اجلسوا في البيت .. اقرءوا الكتب .. ناموا، يقول: فيجلسون بتعب، وبمعاناة، وأحياناً إذا شعروا أني رقدت خرجوا، يقول: فزوجت الأول والثاني منهم، يقول: ومنذ أن زوجتهم فإذا بهم يرقدون من العصر، ليس من المغرب، يصلي العصر ويدخل غرفته، ماذا بك يا ولد؟ قال: تعبان، وهو ليس تعبان، وبعد المغرب في الغرفة، نقول: يا ولد تعال اجلس معنا قال: لا. تعبان، بعد العشاء في الغرفة، فأقول: جالس هو وزوجته.
هذه نعمة من نعم الله، فهذا العزوف عن الزواج يؤدي إلى خطورة، خطورة أول شيء دينية في أن هذا الشاب الذي ما تزوج مهما كانت ديانته، ومهما كانت رصيده من التقوى إلا أنه يمكن أن يقع؛ نظراً لوجود الدافع القوي وهي الغريزة الجنسية، فما تستطيع أن تضمن إلا بالزواج، فإنه أغض للطرف، وأحصن للفرج.
وأيضاً مظاهر خلقية فإن الإنسان إذا تزوج هدأت نفسيته، وحسنت أخلاقه، وشعر بمسئوليته، وأدرك دوره في الحياة، كذلك البنت وحدها في البيت تحس؛ لكن عندما تذهب زوجة وتضع نفسها في موضع المسئولية، وتعرف دورها، فيحصل من شعورها بدورها استقامة الناس، واستقامة أخلاق الناس.
خطورة صحية
والهربز، والسيلان، والزهري، كل هذه الأمراض الخطيرة التي تأتي عن طريق انتشار الفواحش، وعدم وجود الزواج.
خطورة اجتماعية
هناك خطورة -أيها الإخوة- بالغة تحصل حينما يعزف الناس عن الزواج، خطورة دينية؛ لأن الإنسان سيبقى مثل البعير، والزوجة القيد له، إذا هاج البعير ماذا يعملون فيه؟ يقيدونه، هائج أو ليس بهائج فالقيد في رجله، كذلك الرجل مثل الجمل الهائج، إذا لم يقيد يهيج ويؤذي ويبطش، ويعتدي، ويفعل حركات، ولا يستطيع أحد أن يرده، لكن إذا وضعت القيد في رجله توقف، كذلك الزواج للرجل كالقيد للجمل، واحد من الإخوة يقول: عانى من أولاده وهم يرفضون المكث في البيت -وهم طيبون- لكن اجلس يا ولد.
قالوا: لا نقدر على الجلوس.. نريد أن نخرج .. نحن رجال.
أنتم رجال ولكن اجلسوا في البيت، لا تخرجوا والخروج ليس حسناً، وقد يعرضكم للشر ويعرضكم للحوادث المرورية ويعرضكم لرفقة السوء، أخشى عليكم يا أولادي، هل شبعتم الآن؟ اجلسوا في البيت .. اقرءوا الكتب .. ناموا، يقول: فيجلسون بتعب، وبمعاناة، وأحياناً إذا شعروا أني رقدت خرجوا، يقول: فزوجت الأول والثاني منهم، يقول: ومنذ أن زوجتهم فإذا بهم يرقدون من العصر، ليس من المغرب، يصلي العصر ويدخل غرفته، ماذا بك يا ولد؟ قال: تعبان، وهو ليس تعبان، وبعد المغرب في الغرفة، نقول: يا ولد تعال اجلس معنا قال: لا. تعبان، بعد العشاء في الغرفة، فأقول: جالس هو وزوجته.
هذه نعمة من نعم الله، فهذا العزوف عن الزواج يؤدي إلى خطورة، خطورة أول شيء دينية في أن هذا الشاب الذي ما تزوج مهما كانت ديانته، ومهما كانت رصيده من التقوى إلا أنه يمكن أن يقع؛ نظراً لوجود الدافع القوي وهي الغريزة الجنسية، فما تستطيع أن تضمن إلا بالزواج، فإنه أغض للطرف، وأحصن للفرج.
وأيضاً مظاهر خلقية فإن الإنسان إذا تزوج هدأت نفسيته، وحسنت أخلاقه، وشعر بمسئوليته، وأدرك دوره في الحياة، كذلك البنت وحدها في البيت تحس؛ لكن عندما تذهب زوجة وتضع نفسها في موضع المسئولية، وتعرف دورها، فيحصل من شعورها بدورها استقامة الناس، واستقامة أخلاق الناس.
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كيف تنال محبة الله؟ | 2927 استماع |
اتق المحارم تكن أعبد الناس | 2927 استماع |
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً | 2804 استماع |
أمن وإيمان | 2676 استماع |
حال الناس في القبور | 2675 استماع |
توجيهات للمرأة المسلمة | 2603 استماع |
فرصة الرجوع إلى الله | 2571 استماع |
النهر الجاري | 2476 استماع |
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله | 2466 استماع |
مرحباً شهر الصيام | 2401 استماع |