خطب ومحاضرات
فيم يفكر المسلم؟
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وبعد:
أيها الأحبة في الله: الفكر والنظر والتأمل والاعتبار هو الخطوة الأولى التي تسبق قيام الإنسان بأي عمل في هذه الحياة، وعلى ضوء سلامة الفكر تتحدد سلامة الخطوات التي يخطوها الإنسان في هذه الدنيا، وهو شيء أمرنا الله عز وجل به، أمرنا بالنظر فقال الله عز وجل: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [ق:6-8] .. إلى آخر الآيات، وأمرنا بالتفكير، فيقول عز وجل: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2] وفكر المسلم فكر نير لا يسير ولا يتجه إلا في الاتجاه الصحيح، يفكر في شيء مهم: كيف ينجو من عذاب الله؟ كيف يفوز بجنة رب العالمين؟ كيف يدخل الجنة؟ كيف ينجو من النار؟ يفكر في كل خطوة يخطوها، يفكر في كل نظرة ينظرها، يفكر في كل كلمة يتلفظ بها، يفكر في كل تصرف يتصرف به، وأثره عليه؛ أثره عليه في هذه الدار، وأثره عليه عند الموت، وأثره عليه في القبر، وأثره عليه في أرض الحشر، وأثره عليه في الجنة أو النار، هذا الفكر فكر نير، فكر رباني، وهو يأتي نتيجة فهم الإنسان لحقيقة الحياة، من فهم الحياة فهماً حقيقياً منبعثاً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تفكيره سليماً، أما من فهم الحياة فهماً مغلوطاً، فهماً بهيمياً، فهم منها ما تفهمه الحيوانات والبهائم والأنعام، فحصر اهتماماته وتفكيره في شهواته، كيف يأكل؟ كيف يشبع؟ كيف ينكح؟ كيف يلبس؟ كيف ينام؟ كيف يسكن؟ كيف يتوظف؟ كيف يركب؟ هذه مُتع، هذه أفكار بهيمية لا تعدو هذه الحياة.
أما المؤمن المسلم فإنه يفكر تفكيراً يختلف عن هذا.
أجل فيم يفكر المسلم؟
يفكر أيها الإخوة -كما يقول الشيخ ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه البديع: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي - ويقول قبله: إن على المسلم إذا أراد النجاة أن يحفظ أربعة أشياء:
أولاً: الفكر أي: الأفكار.
ثانياً: النظر.
ثالثاً: اللفظ.
رابعاً: الخُطا.
فإن هذه هي المسارات التي يسلك بها الإنسان طريقه إما إلى الجنة وإما إلى النار، فمن حفظ أفكاره فلم يفكر إلا في خير، وحفظ نظراته فلم ينظر إلا في حلال، وحفظ ألفاظه فلم يلفظ إلا في حلال، وحفظ خطواته فلم تحمله خطواته إلا فيما يرضي الله، فهذا اكتب له السعادة وادع له بالجنة بإذن الله.
أما من ضيع أفكاره يهيم بها في كل واد، وضيع نظراته ينظر بها إلى كل جميل ولو كان حراماً، وضيع ألفاظه يخوض بها في كل ميدان، وضيع خطواته يخطو بها إلى كل مكان، هذا ضائع ضال، وسوف يعض على يديه يوم القيامة ويقول: يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً [الفرقان:1-2].
فيا أخي: من الآن حدد خطواتك ونظراتك وألفاظك، وحدد فكرك واهتماماتك.
ثم يقول: إن فكر المسلم لا يعدو خمسة أشياء سوف نتحدث عنها إن شاء الله بشيء من الاقتضاب والاقتصار؛ لأن كل عنصر يحتاج إلى محاضرة:
- الفكر الأول: التفكر في كلام الله، في القرآن الكريم، الكلام العظيم الذي هو هداية ونور، يقول الله فيه: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى:52-53].
تفكير المسلم يحتل جانباً كبيراً منه القرآن الكريم، ولهذا الصحابة لما نزل عليهم القرآن أطار النوم من أعينهم، لم يعد إلا التفكر في الآخرة..التفكر في الجنة..التفكر في النار، التفكر في الوعد، التفكر في الوعيد، التفكر في الخبر، التفكر في الحكم، كلٌ مع القرآن، ولهذا لم يَبْقَ في حياة المسلم فراغ لغير القرآن، يقول أحد السلف: آيات القرآن أطرن النوم من عيني.
ولكن ما مجال الفكر في القرآن؟ كثير من الناس يريد أن يعتبر ويتدبر القرآن لكنه لا يدري ما المجالات والطرق والمسارات التي توصله إلى الفكر القرآني، الله عز وجل دعانا إلى التفكر، يقول الله عز وجل: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].
ويقول عز وجل: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر:21].
ويقول عز وجل : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].
ويقول عز وجل: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].هذا هو السبب على القلوب الآن أقفال، ما يدخل الفكر القرآني في القلوب، أقفال ماذا؟ أقفال الدنيا، أقفال الشهوات، أقفال الشبهات، أقفال الغفلة، أقفال نسيان الآخرة.
أما إذا انفتح القلب والله ما يسأم من كلام الله، يقول ابن القيم : والله لو صحت منا القلوب ما شبعت من كلام الرحمن.
مسارات ومجالات التدبر لكتاب الله عز وجل كثيرة:
المجال الأول: التفكير في دلالة القرآن على صدق الرسالة
إذاً كلام النبي صلى الله عليه وسلم -الحديث النبوي- لفظه من الرسول ومعناه من الله؛ لأن الرسول لا ينطق عن الهوى، لا ينطق إلا بوحي من الله عز وجل، لكن كلامه الذي ينطقه هو بوحي من الله عز وجل معنىً، ولفظه من الرسول يسمى حديثاً، بينما كلامه الذي ينطقه عن الله تبارك وتعالى قرآناً هذا كلام الله.
استطاع الكذابون والوضاعون أن يضيفوا أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سمعتم بهذا؟ طلبة العلم يعرفون هذا الأمر، وكتب الموضوعات كثيرة، ما معنى موضوع؟ أي: كذاب عدو للإسلام والمسلمين يضع حديثاً ويقول: قاله الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وتَقَبَّله بعض الأمة وهو مكذوب وموضوع، إلى أن قيض للأمة ولدين الله عز وجل من يحفظه بتمحيص وتفريق وتنقية الباطل من الحق، حتى بقي دين الله محفوظاً، لكن يوجد أناس تقولوا وكذبوا، لكن لا يوجد شخص كذب على الله وأضاف حرفاً واحداً في القرآن الكريم.
حتى مسيلمة ، مسليمة من؟ من يعرف أباه؟ لا يوجد شخص في الدنيا إلا يعرف باسم أبيه إلا مسيلمة ، إذا قيل مسيلمة قالوا: الكذاب، وهو اسمه: مسيلمة بن حبيب الكذاب ، هذا ادعى النبوة لكن ما استطاع أن يضيف في القرآن، كتب للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإني قد أُشركت معك، فلك نصف الأرض ولي نصفها. يحسب أنها ذبيحة! يقسم الأرض! فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم جواباً، انظروا جواب النبوة! قال: (من محمد رسول الله، إلى
اليهود على باطل، النصارى على باطل، الملاحدة على باطل، الهندوس على باطل، البوذيون على باطل، كل هؤلاء إلى النار، من الذي على الحق؟ المسلم، وما نقول هذا من عاطفة أو من حماس أو من اندفاع أو من تعصب؛ لأننا مسلمون، لا. نقوله من منطق الحق عندنا وثيقة، ما هي وثيقتنا في هذا الكلام؟ القرآن الكريم.
هل يمكن أن يكون هذا القرآن كلام بشر؟ لو كان كلام بشر لكان بإمكان البشر أن يأتي بمثل هذا الكلام، لكن لما عجز البشر أن يأتوا بمثل هذا الكلام يقول الله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] لماذا؟ لأنه كلام الله، ولا يمكن أن يأتي البشر بكلام الخالق، خالق البشر تبارك وتعالى، فأنت حينما تقرأ القرآن وتتدبر، وتمر عليك آيات ومعجزات، يزداد قلبك إيماناً، وهذا مجال عظيم، يثبت فيه قلبك على الإيمان والدين.
المجال الثاني: مجال النظر في أوامر الله
هذه الصلاة يقول الله عز وجل فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] الصلاة هذه لها مصلحة عظيمة، لماذا ؟ لأنك تستحي أن ترى منكراً وستصلي بعد قليل أو كنت تصلي قبل قليل، هذه زاد وقوت لك، كأنها تمدك بطاقة من أجل أن تصارع الحياة وعندك إيمان تتزود به في كل يوم خمس مرات.
ويقول الله في الزكاة: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ [التوبة:103] هل تدري أنك إذا دفعت الزكاة أنك تطهرت وزكوت؟ وما معنى تطهرت؟ أي: انتصرت، كنت متنجساً بنجاسات المادة التي يمكن أن تجذبك وتجعلك أرضياً، لا. زكيت نفسك وطهرتها ارتفعت بها، علوت على المادة، انتصرت على النفس، أخرجت المال، وهو تحت قدمك، وصرت أنت سيد المال، لكن لما تبخل أنت على المال ولم تخرج زكاته تصير أنت عبد المال وعبد الدنيا.
الصوم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
الحج، يقول عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
هذه الأحكام الشرعية التي أمر الله عز وجل بها، والأوامر كلها مصالح للعباد، أمر الله ببر الوالدين، بصلة الأرحام، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لماذا؟ لمصلحة العباد، فما من جزئية من أوامر الله إلا وفيها مصلحة، هذا مجال ثانٍ.
المجال الثالث: النظر والتأمل في المحرمات التي حرمها الله في كتابه
فحفظ الدين بقتل المرتد: (من بدل دينه فاقتلوه) حفظ الله العقل بتحريم الخمور، وحفظ الله المال بقطع يد السارق، وحفظ الله الأنفس بقتل القاتل، حفظ الله الأعراض برجم الزاني أو جلده إن كان بكراً، كل هذه أوامر الله، لولا تقييم الشرائع والشريعة الإسلامية لهذه الأحكام لضاعت أديان العباد وأموالهم وأعراضهم، وضاعت أنفس العباد وعقولهم، وإذا ضاعت هذه الكليات هل يبقى حياة؟
تصبح الحياة حياة بهائم، شريعة الغاب، فما من شيء أَمر الله به أو نهى الله عنه إلا وفيه مصلحة، يعرفها الإنسان وقد لا يعرفها، لكن بالتدبر والتأمل، لما تسمع قول الله تبارك وتعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] أمر من الله أنك تغض بصرك وتحفظ فرجك، يقول الله بعد ذلك: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30].
ذلك أفضل لك، والله! ما يعرف هذه الآية إلا من طبقها، أهل الإيمان لما طبقوها عاشوا في راحة وسعادة، تجد المؤمن كلما رأى منظراً صرف عينه إن كان حراماً، لكن الذي ما عنده إيمان كلما رأى امرأة أطال نظره إليها، الله يقول: غضوا وهو يقول: لا. وبعد ذلك ماذا يحصل بعد هذا؟ يرجع إلى البيت مريضاً، فهو قد رأى منظراً، ثم منظراً ثانياً، وآخر أحسن، وكم سوف تنظر، وكم تقدر عليه؟ حتى لو أردت أن تتزوج لا يحل لك إلا أربع في الشرع، لكن إذا نظرت إلى أربعمائة في الشارع تقدر تتزوج بهن كلهن؟ ما تستطيع، أجل، ما هناك حل إلا أن تغض بصرك، قال الله: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30].
أفضل وأريح لقلبك، وأتقى لربك، وأهنأ لنفسك أنك تغض بصرك من أجل أنك لا ترى إلا زوجتك، لكن لما تنظر إلى فلانة.. وفلانة.. وعلانة ، تنظر إلى أشكال غريبة يزينها الشيطان، وترجع إلى البيت مريضاً، بعض الشباب -وقد ذكرت هذا الكلام- يخرج من بيته وما في قلبه مشكلة، ويرجع وهو مطعون القلب، يقول له أبوه: تعشَ يا ولد قال: ما أريد العشاء، ماذا فيك؟ قال: آه! الزفرة تقض صدره، لماذا؟ ماذا حصل؟ حريق في الصدر، من أين هذا الحريق؟ من نظرة واحدة فقط:
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر |
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل |
لكن غض بصرك يسترح قلبك، يقول المثل: (نافذة يأتيك منها ريح أغلقها واستريح ). لكن تفتح عينك على الناس تفتح عينك على العذاب وعلى النار -والعياذ بالله- هذا المجال الثالث من مجالات النظر وهو أن تعرف أن في كل نهي وفي كل شيء حرمه الله مصلحة لك أيها الإنسان ليس قيداً، بعض الناس يقول: هذه قيود، هذه حدود من شخصيتي، هذا كبت، لا. هذه مصلحة لك، لولا القيود لكنت متفلتاً، تقيد الآن من أجل أن تنفلت عند الموت وتدخل الجنة، ترى كل شيء، وتنظر إلى وجه الله في الدار الآخرة، تنظر إلى الحور العين، تنظر إلى وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم، تنظر إلى وجوه الأنبياء كلهم، تنظر إلى وجوه الصحابة كلهم، لكن تفتح عيونك الآن في وجوه الزانيات المومسات يقفل الله عز وجل بصرك عن نظرك إليه يوم القيامة: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15].
لا ترى الله يوم القيامة، من يرى البعيدُ والعياذ بالله؟ يرى فرعون وهامان وقارون وإبليس في النار، فيكمل معهم والعياذ بالله، هذا مجال ثالث.
المجال الرابع: التفكر في قصص القرآن والأمثال
وتفكر في أمثال القرآن الكريم: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر:21] يضرب الله لك مثل القرآن الكريم، يقول: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ [الحشر:21].
لو خاطب الله بالقرآن الجبال الصم الرواسي لرأيتها خاشعة متصدعة، وقلبك أقسى من الجبل ما يخشع لكلام الله! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ [يونس:67] سبحان الله! عبرة لكن من يعتبر؟ صاحب القلب السليم الأمثال هذه مجال نظره.
المجال الخامس: التفكر فيما أعده الله للمؤمنين
هذا الملك العظيم يدلك على عظمة الثمن، ليس برخيص: (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة) عندما تعرف أنك لك اثنتين وسبعين حورية في الجنة، الواحدة منهن -من نساء الجنة- لو أشرفت على الأرض لطمس نورها ضوء الشمس والقمر، ولو أنها في المشرق ورجل مزكوم في المغرب لشم رائحتها، تخرق أنفه على بُعد المشرق والمغرب: (نصيفها -أي: شيلتها على رأسها- خير من الدنيا وما عليها) اثنتين وسبعين حورية تريدهن مجاناً؟! الآن امرأة واحدة ما لقيتها إلا بعد قَلْعِ ضرسك، لكن هذه حورية، كبدها مرآتك، وكبدك مرآتها، عليها سبعين حلة، ترى مخ ساقها من وراء الحلل، تريدها مجاناً؟!! بعض الناس يريدها وهو ينام عن صلاة الفجر، ويريدها وهو يغني، ويريدها وهو يدخن، يقال له: اترك الدخان، قال: والله يا شيخ أريد أن أتركه لكن ما استطعت، اجلس يا عبد السيجارة على ما أنت عليه! لا حول ولا قوة إلا بالله!
فعندما تعرف ما أعد الله لأهل الإيمان في الجنة تقول: والله هذه السلعة غالية، والله تحتاج إلى تعب، ولقد قال عليه الصلاة والسلام: (ألا هل من مشمر للجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وقصر مشيد، وريحانة تهتز، قال الصحابة: نحن المشمرون يا رسول الله! قال: قولوا: إن شاء الله).
وشمروا رضي الله عنهم وصدقوا: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب:23].
المجال السادس: التفكر فيما أعده الله للكافرين
النار وما أعد الله فيها من السلاسل والأغلال والأنكال، ومن الحميم والزقوم واليحموم، ومن العذاب الذي لا يتصوره العقل ولا يخطر في بال الإنسان، تعرف أن المعصية عليها أثر كبير في النار فتوقف، الله لا يتوعد بهذا الوعيد الشديد إلا لعظمة الكفر، ولعظمة المعاصي؛ لأن الله لا يُعصى، إذا كان الله عز وجل أخرج إبليس قال الله للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس: قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [الحجر:34].
وأخرج أبوينا من الجنة بذنب واحد، قال الله لآدم: كل من الجنة إلا هذه الشجرة، جاء إبليس قال: كل منها، فلما أكل منها، قال تعالى: اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً [طه:123] وأنت ما زلت في الخلاء وتريد أن تدخل الجنة وعندك مليون ذنب، كيف المسألة؟! ما هي سهلة يا إخواني! نسأل الله يتغمدنا برحمته.
والله صعبة جداً جداً، ولكن نحن نتكل على عفو الله ورحمته، ونتوب دائماً، ونرجع ونصحح الوضع مع الله تبارك وتعالى، فهذه مجالات التفكير في كتاب الله باختصار، أعيدها مرة ثانية:
أولاً: مجال النظر في كونه دليلاً من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: مجال النظر في كون أحكامه التي أمر الله بها ذات مصالح عظيمة على الأمة.
ثالثا: مجال النظر في كون الحرام والمحرمات التي حرمها الله في تحريمها مصالح للمسلمين.
رابعاً: مجال النظر في الأمثال وفي قصص القرآن وفيما أعد الله لأهل الجنة في الجنة -أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها- وفيما أعد الله لأهل النار من العذاب -أسأل الله أن يحرم أجسادنا ورقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا عليها- إنه على كل شيء قدير.
أما المجال الثاني من مجالات التفكير:
أن تتفكر أيها المسلم في مخلوقات الله عز وجل، فيما بث الله عز وجل من الآيات الدالة على عظمته في السموات وفي الأرض، وهذا العنصر يتكلم فيه بشيء من التفصيل والدقة أخي فضيلة الشيخ: ناصر بن مسفر الزهراني شاعر الدعوة وخطيب جامع الحارثي في مكة المكرمة ، والمحاضر بجامعة أم القرى، فليتفضل حفظه الله، وأرجو منه ألا يطيل، ويختصر من أجل أن يبقى لي بعض الوقت.
أول مسار: أن تتفكر في كون هذا القرآن دليلاً واضحاً وبرهاناً ساطعاً على أن هذا هو محمد بن عبد الله رسول من عند الله، الله جعل القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم معجزة ودلالة وبرهاناً على أنه نبي، وما من نبي يبعث إلا ويؤيد بمعجزات، وكانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة هي القرآن الكريم، يقول الله فيها: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت:51] أي: ما كفاهم دليل على نبوته إنزال القرآن الكريم؟! هذا الكتاب الكريم معجز في كل شيء: معجز في بلاغته..معجز في فصاحته..معجز في بيانه..معجز في تشريعاته..معجز في أحكامه..معجز في الاقتصاد..معجز في السياسة..معجز في الاجتماع..معجز في الحدود..معجز في الأخلاق..معجز في الآداب وفي كل شيء، تلبس الإعجاز في كل كلمة من القرآن الكريم، وهل يمكن أن يأتي بهذا القرآن بشر؟! لا والله، والله ما فيه حرف إلا من الله تبارك وتعالى، ولهذا تكفل الله بحفظه وقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] وهاهو محفوظ بأمر الله منذ نزل إلى أن تقوم القيامة، ما يزاد فيه حرف، ولا ينقص منه حرف، لماذا ؟ لأنه كلام الله.
إذاً كلام النبي صلى الله عليه وسلم -الحديث النبوي- لفظه من الرسول ومعناه من الله؛ لأن الرسول لا ينطق عن الهوى، لا ينطق إلا بوحي من الله عز وجل، لكن كلامه الذي ينطقه هو بوحي من الله عز وجل معنىً، ولفظه من الرسول يسمى حديثاً، بينما كلامه الذي ينطقه عن الله تبارك وتعالى قرآناً هذا كلام الله.
استطاع الكذابون والوضاعون أن يضيفوا أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سمعتم بهذا؟ طلبة العلم يعرفون هذا الأمر، وكتب الموضوعات كثيرة، ما معنى موضوع؟ أي: كذاب عدو للإسلام والمسلمين يضع حديثاً ويقول: قاله الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وتَقَبَّله بعض الأمة وهو مكذوب وموضوع، إلى أن قيض للأمة ولدين الله عز وجل من يحفظه بتمحيص وتفريق وتنقية الباطل من الحق، حتى بقي دين الله محفوظاً، لكن يوجد أناس تقولوا وكذبوا، لكن لا يوجد شخص كذب على الله وأضاف حرفاً واحداً في القرآن الكريم.
حتى مسيلمة ، مسليمة من؟ من يعرف أباه؟ لا يوجد شخص في الدنيا إلا يعرف باسم أبيه إلا مسيلمة ، إذا قيل مسيلمة قالوا: الكذاب، وهو اسمه: مسيلمة بن حبيب الكذاب ، هذا ادعى النبوة لكن ما استطاع أن يضيف في القرآن، كتب للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإني قد أُشركت معك، فلك نصف الأرض ولي نصفها. يحسب أنها ذبيحة! يقسم الأرض! فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم جواباً، انظروا جواب النبوة! قال: (من محمد رسول الله، إلى
اليهود على باطل، النصارى على باطل، الملاحدة على باطل، الهندوس على باطل، البوذيون على باطل، كل هؤلاء إلى النار، من الذي على الحق؟ المسلم، وما نقول هذا من عاطفة أو من حماس أو من اندفاع أو من تعصب؛ لأننا مسلمون، لا. نقوله من منطق الحق عندنا وثيقة، ما هي وثيقتنا في هذا الكلام؟ القرآن الكريم.
هل يمكن أن يكون هذا القرآن كلام بشر؟ لو كان كلام بشر لكان بإمكان البشر أن يأتي بمثل هذا الكلام، لكن لما عجز البشر أن يأتوا بمثل هذا الكلام يقول الله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] لماذا؟ لأنه كلام الله، ولا يمكن أن يأتي البشر بكلام الخالق، خالق البشر تبارك وتعالى، فأنت حينما تقرأ القرآن وتتدبر، وتمر عليك آيات ومعجزات، يزداد قلبك إيماناً، وهذا مجال عظيم، يثبت فيه قلبك على الإيمان والدين.
المجال الثاني من مجالات التأمل والتدبر للقرآن الكريم: مجال النظر في أوامر الله وما جرت عليه من صلاح، كل الأوامر، أمر الله عز وجل بالتوحيد والعقيدة، أمر الله بالصلاة، أمر الله بالزكاة، أمر الله بالحج، أمر الله بالصوم، أمر الله ببر الوالدين، أمر الله بصلة الأرحام، أمر الله بالدعوة إليه، أمر الله بالجهاد، كل أوامر الله ما إن تعمل الفكر فيها وتفكر إلا وتجد أن في مشروعيتها وفي أمر الله بها خيراً عظيماً لهذه الأمة.
هذه الصلاة يقول الله عز وجل فيها: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] الصلاة هذه لها مصلحة عظيمة، لماذا ؟ لأنك تستحي أن ترى منكراً وستصلي بعد قليل أو كنت تصلي قبل قليل، هذه زاد وقوت لك، كأنها تمدك بطاقة من أجل أن تصارع الحياة وعندك إيمان تتزود به في كل يوم خمس مرات.
ويقول الله في الزكاة: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ [التوبة:103] هل تدري أنك إذا دفعت الزكاة أنك تطهرت وزكوت؟ وما معنى تطهرت؟ أي: انتصرت، كنت متنجساً بنجاسات المادة التي يمكن أن تجذبك وتجعلك أرضياً، لا. زكيت نفسك وطهرتها ارتفعت بها، علوت على المادة، انتصرت على النفس، أخرجت المال، وهو تحت قدمك، وصرت أنت سيد المال، لكن لما تبخل أنت على المال ولم تخرج زكاته تصير أنت عبد المال وعبد الدنيا.
الصوم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).
الحج، يقول عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
هذه الأحكام الشرعية التي أمر الله عز وجل بها، والأوامر كلها مصالح للعباد، أمر الله ببر الوالدين، بصلة الأرحام، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لماذا؟ لمصلحة العباد، فما من جزئية من أوامر الله إلا وفيها مصلحة، هذا مجال ثانٍ.
المجال الثالث من مجال التأمل: هو مجال النظر والتأمل في المحرمات التي حرمها الله، ما من محرم حرمه الله إلا وفي تحريمه مصلحة، جاءت الشرائع كلها وفي نهايتها الشرع الإسلامي بحفظ الكليات الخمس لصالح العباد: الدين.. العقل.. المال.. النفس.. العرض.
فحفظ الدين بقتل المرتد: (من بدل دينه فاقتلوه) حفظ الله العقل بتحريم الخمور، وحفظ الله المال بقطع يد السارق، وحفظ الله الأنفس بقتل القاتل، حفظ الله الأعراض برجم الزاني أو جلده إن كان بكراً، كل هذه أوامر الله، لولا تقييم الشرائع والشريعة الإسلامية لهذه الأحكام لضاعت أديان العباد وأموالهم وأعراضهم، وضاعت أنفس العباد وعقولهم، وإذا ضاعت هذه الكليات هل يبقى حياة؟
تصبح الحياة حياة بهائم، شريعة الغاب، فما من شيء أَمر الله به أو نهى الله عنه إلا وفيه مصلحة، يعرفها الإنسان وقد لا يعرفها، لكن بالتدبر والتأمل، لما تسمع قول الله تبارك وتعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] أمر من الله أنك تغض بصرك وتحفظ فرجك، يقول الله بعد ذلك: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30].
ذلك أفضل لك، والله! ما يعرف هذه الآية إلا من طبقها، أهل الإيمان لما طبقوها عاشوا في راحة وسعادة، تجد المؤمن كلما رأى منظراً صرف عينه إن كان حراماً، لكن الذي ما عنده إيمان كلما رأى امرأة أطال نظره إليها، الله يقول: غضوا وهو يقول: لا. وبعد ذلك ماذا يحصل بعد هذا؟ يرجع إلى البيت مريضاً، فهو قد رأى منظراً، ثم منظراً ثانياً، وآخر أحسن، وكم سوف تنظر، وكم تقدر عليه؟ حتى لو أردت أن تتزوج لا يحل لك إلا أربع في الشرع، لكن إذا نظرت إلى أربعمائة في الشارع تقدر تتزوج بهن كلهن؟ ما تستطيع، أجل، ما هناك حل إلا أن تغض بصرك، قال الله: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30].
أفضل وأريح لقلبك، وأتقى لربك، وأهنأ لنفسك أنك تغض بصرك من أجل أنك لا ترى إلا زوجتك، لكن لما تنظر إلى فلانة.. وفلانة.. وعلانة ، تنظر إلى أشكال غريبة يزينها الشيطان، وترجع إلى البيت مريضاً، بعض الشباب -وقد ذكرت هذا الكلام- يخرج من بيته وما في قلبه مشكلة، ويرجع وهو مطعون القلب، يقول له أبوه: تعشَ يا ولد قال: ما أريد العشاء، ماذا فيك؟ قال: آه! الزفرة تقض صدره، لماذا؟ ماذا حصل؟ حريق في الصدر، من أين هذا الحريق؟ من نظرة واحدة فقط:
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر |
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل |
لكن غض بصرك يسترح قلبك، يقول المثل: (نافذة يأتيك منها ريح أغلقها واستريح ). لكن تفتح عينك على الناس تفتح عينك على العذاب وعلى النار -والعياذ بالله- هذا المجال الثالث من مجالات النظر وهو أن تعرف أن في كل نهي وفي كل شيء حرمه الله مصلحة لك أيها الإنسان ليس قيداً، بعض الناس يقول: هذه قيود، هذه حدود من شخصيتي، هذا كبت، لا. هذه مصلحة لك، لولا القيود لكنت متفلتاً، تقيد الآن من أجل أن تنفلت عند الموت وتدخل الجنة، ترى كل شيء، وتنظر إلى وجه الله في الدار الآخرة، تنظر إلى الحور العين، تنظر إلى وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم، تنظر إلى وجوه الأنبياء كلهم، تنظر إلى وجوه الصحابة كلهم، لكن تفتح عيونك الآن في وجوه الزانيات المومسات يقفل الله عز وجل بصرك عن نظرك إليه يوم القيامة: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15].
لا ترى الله يوم القيامة، من يرى البعيدُ والعياذ بالله؟ يرى فرعون وهامان وقارون وإبليس في النار، فيكمل معهم والعياذ بالله، هذا مجال ثالث.
المجال الرابع: أن تتفكر في قصص القرآن، الله قص في القرآن علينا قصصاً، هذه القصص الهدف منها العبرة، يقول الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى [يوسف:111] ليس حديثاً يفترى، وليس أساطير ولا روايات، ولا مسرحيات تكتب، هذه قصص حق: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ [يوسف:3] فإذا مر عليك قصص القرآن قف عنده وتأمل وانظر وتدبر، انظر قصة يوسف وما بها من عبر، انظر قصة إبراهيم وما فيها من عبر، انظر قصة نوح وما فيها من العبر، كلما وجدت قصة خذ منها عبرة، وتصور أنك تستفيد من هذه القصص.
وتفكر في أمثال القرآن الكريم: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر:21] يضرب الله لك مثل القرآن الكريم، يقول: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ [الحشر:21].
لو خاطب الله بالقرآن الجبال الصم الرواسي لرأيتها خاشعة متصدعة، وقلبك أقسى من الجبل ما يخشع لكلام الله! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ [يونس:67] سبحان الله! عبرة لكن من يعتبر؟ صاحب القلب السليم الأمثال هذه مجال نظره.
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
اتق المحارم تكن أعبد الناس | 2930 استماع |
كيف تنال محبة الله؟ | 2929 استماع |
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً | 2805 استماع |
أمن وإيمان | 2678 استماع |
حال الناس في القبور | 2676 استماع |
توجيهات للمرأة المسلمة | 2605 استماع |
فرصة الرجوع إلى الله | 2572 استماع |
النهر الجاري | 2478 استماع |
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله | 2468 استماع |
مرحباً شهر الصيام | 2403 استماع |