حديث مع بعض طلبة العلم


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

بمناسبة وجود الشيخ سلمان العودة في هذه المدينة أردنا أن نجمع الشباب من أجل أن نستفيد من علمه في بعض الأمور التي نحن بحاجة إليها، وكنا عادة نقرأ في مثل هذا اليوم في كتاب جامع الترمذي وفي زاد المعاد لـابن القيم، وكنا نتمنى أن يحضر الشيخ درسنا وأن يعلق على بعض الأمور، ولكن لما كانت الحاجة إلى غير هذا أمَسّ، طلبنا من الشيخ أن يتحدث في بعض الأمور التي تهم طالب العلم، في طلب العلم وما المقصود من طلب العلم وما الغاية وما الثمرة؟

شرع الله لا يدرك بالعقول

أيها الإخوة: تعلمون أن شرع الله عز وجل لا يدرك بالعقول، ولذلك لم يَكِل الله الناس إلى أنفسهم في معرفة دينه وشرعه، بل أرسل إليهم الرسل وأنـزل عليهم الكتب، حتى لا يكون على الله حجة بعد الرسل، وجاءت رسل الله تعالى بدينه وشرعه، فعلم بها أنه ليست كل أمور الدين والشرع تدرك بالعقل؛ بل إن أمور الدين مبناها في الأصل على اتباع ما أنـزل إلينا من عند الله تعالى، وهناك مسائل كثيرة في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العبادة وغيرها، لا تخضع للقياس؛ ولذلك نحن نجد أن الله تبارك وتعالى يفرق في خصال الكفارة، أحياناً تجد أن الكفارة يكون فيها اليوم مقابلاً بإطعام ثلاثة مساكين، وأحياناً يكون مقابلاً بإطعام مسكين، وأحياناً يكون بغير ذلك.

فمثلاً: في كفارة الظهار صيام اليوم الواحد مقابل لإطعام مسكين واحد؛ لأنها إطعام ستين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين -أي: ستين يوماً- لكن في كفارة اليمين مثلاً تجد أن من خصالها إطعام عشرة مساكين، كما في الآية، وفي آخرها: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [البقرة:196] فكان صيام اليوم يقابل إطعام ثلاثة مساكين وثلث، وفي كفارة من حلق رأسه في الحج وهو محرم كما في حديث كعب بن عجرة: {أنه أمره صلى الله عليه وسلم بإطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام} فكان صيام اليوم مقابلاً لإطعام مسكينين، فعلم بذلك من هذا المثال أن هذه الأمور لا تخضع للقياس، وإنما تدرك بالوحي والشرع.

من يحفظ شرع الله

هذا الوحي والشرع المنـزل من عند الله تعالى يحتاج إلى من يقوم بحفظه، ولا شك أن الله تعالى تكفل بحفظه كما في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] والذكر هو القرآن، لكن حفظ القرآن يتضمن حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السنة كما هو معلوم مبينة وموضحة وشارحة للقرآن، ولا يمكن أن يستغنى عنها بالقرآن بحال من الأحوال، فعلم أن حفظ القرآن يتضمن أيضاً حفظ السنة، وكيف حفظ الله تعالى على هذه الأمة دينها قرآناً وسنة؟

إنما حفظه بأن سخر من علماء هذه الأمة ورجالها من يجتهدون، ويبذلون ثمرة أوقاتهم وخلاصة أعمارهم في تتبع العلم وحفظه واستظهاره ونشره بالكلام والتصنيف والدعوة وغير ذلك.

أيها الإخوة: تعلمون أن شرع الله عز وجل لا يدرك بالعقول، ولذلك لم يَكِل الله الناس إلى أنفسهم في معرفة دينه وشرعه، بل أرسل إليهم الرسل وأنـزل عليهم الكتب، حتى لا يكون على الله حجة بعد الرسل، وجاءت رسل الله تعالى بدينه وشرعه، فعلم بها أنه ليست كل أمور الدين والشرع تدرك بالعقل؛ بل إن أمور الدين مبناها في الأصل على اتباع ما أنـزل إلينا من عند الله تعالى، وهناك مسائل كثيرة في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العبادة وغيرها، لا تخضع للقياس؛ ولذلك نحن نجد أن الله تبارك وتعالى يفرق في خصال الكفارة، أحياناً تجد أن الكفارة يكون فيها اليوم مقابلاً بإطعام ثلاثة مساكين، وأحياناً يكون مقابلاً بإطعام مسكين، وأحياناً يكون بغير ذلك.

فمثلاً: في كفارة الظهار صيام اليوم الواحد مقابل لإطعام مسكين واحد؛ لأنها إطعام ستين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين -أي: ستين يوماً- لكن في كفارة اليمين مثلاً تجد أن من خصالها إطعام عشرة مساكين، كما في الآية، وفي آخرها: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [البقرة:196] فكان صيام اليوم يقابل إطعام ثلاثة مساكين وثلث، وفي كفارة من حلق رأسه في الحج وهو محرم كما في حديث كعب بن عجرة: {أنه أمره صلى الله عليه وسلم بإطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام} فكان صيام اليوم مقابلاً لإطعام مسكينين، فعلم بذلك من هذا المثال أن هذه الأمور لا تخضع للقياس، وإنما تدرك بالوحي والشرع.

هذا الوحي والشرع المنـزل من عند الله تعالى يحتاج إلى من يقوم بحفظه، ولا شك أن الله تعالى تكفل بحفظه كما في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] والذكر هو القرآن، لكن حفظ القرآن يتضمن حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السنة كما هو معلوم مبينة وموضحة وشارحة للقرآن، ولا يمكن أن يستغنى عنها بالقرآن بحال من الأحوال، فعلم أن حفظ القرآن يتضمن أيضاً حفظ السنة، وكيف حفظ الله تعالى على هذه الأمة دينها قرآناً وسنة؟

إنما حفظه بأن سخر من علماء هذه الأمة ورجالها من يجتهدون، ويبذلون ثمرة أوقاتهم وخلاصة أعمارهم في تتبع العلم وحفظه واستظهاره ونشره بالكلام والتصنيف والدعوة وغير ذلك.

ولهذا تجد تاريخ هذه الأمة يحفل بأولئك العلماء الذين ضربوا الأمثلة الرائعة في الذود عن السنة والاجتهاد في تحصيلها، وعلى رأس هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذين كانوا يجتهدون في حفظ حديثه عليه الصلاة والسلام.

أبو هريرة رضي الله عنه

كان أبو هريرة -مثلاً- يتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في مجالسه وذهابه وإيابه، ويحفظ كل ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: ابسط رداءك فبسطه، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بألا ينسى شيئاً حفظه، فما نسي شيئاً حفظه بعد، وكان حافظ الإسلام.

عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

ومثله عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه حيث كان كما في الحديث الصحيح يكتب كل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال له بعض القوم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {اكتب فوالله ما خرج منه إلا حق} يعني فمه الطاهر صلى الله عليه وسلم، فكان يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ثمرة هذه الكتابة وجود صحيفة تسمى الصادقة عند عبد الله بن عمرو بن العاص، كان يقول في بعض أقواله: لولا هذه الصحيفة وأشياء أخرى لكان يفرح بالموت، وقد نقلت هذه الصحيفة عنه رضي الله عنه.

بل إن الواحد من الصحابة كان يسمع بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان، فيذهب حتى يحصل عليه.

ابن عباس رضي الله عنه

وقد ذكر الإمام أحمد وغيره وكذلك قصة ابن عباس مع الأنصاري، كان ابن عباس يسمع بالحديث أو العلم عند أحد الأنصار وهو شاب، فيذهب إليه في الظهيرة، فيجده نائماً، فيتوسد رداءه عند بابه ينتظر خروجه، فتأتي الريح وتسفي عليه وهو صابر على ذلك، فإذا حانت صلاة العصر خرج الأنصاري للصلاة، فوجد ابن عباس متوسداً رداءه عند عتبة بابه، فيقول له: ابن عباس؟!

فيقول: نعم، فقال: ما الذي جاء بك يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

لو أرسلت إليّ فأتيتك! فيقول ابن عباس: كلا! العلم أحق أن يؤتى إليه، حديث بلغني عنك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحببت أن أسمعه، فيسمع منه الحديث.

جابر بن عبد الله

ومثله جابر بن عبد الله يرحل أميالاً طويلة إلى عبد الله بن أنيس طلباً لتحصيل حديث في المظالم والقصاص يوم القيامة، بل إن من الصحابة من يسافر إلى الشام أو إلى مصر أو إلى العراق في طلب حديث، فإذا وصل إلى صاحب الحديث حدثه به وهو على راحلته لم ينـزل، ثم بعد أن يسمع الحديث ينصرف على راحلته دون أن تقع قدمه على هذا البلد الذي جاء إليه، كل هدفه أن يسمع الحديث هذا ثم ينصرف.

البخاري رحمه الله

ومن بعدهم توفر علماء أفذاذ جهابذة لتدوين السنة وحفظها، ويكفيك أن تعرف جهود الأئمة الستة في حفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

إن الإمام البخاري رحمه الله قضى عمره كله في هذا السبيل، شغل وقته وذهنه فيه.

حتى إنك إذا جئت إلى أحدهم في مجال العلوم الشرعية والتحصيل وجدته يملك حافظة فذة، فإذا أتيته في أمور الدنيا وجدت كأنه لا يفقه شيئاً.

البخاري رحمه الله لما صنف كتاب التاريخ الكبير في هذا الكتاب، الذي هو تراجم الآلاف من أسماء الرجال، تجده مع ذلك يقول: قَلَّ اسم في التاريخ الكبير إلا وله عندي قصة، لكني تركتها خشية الإطالة! وهذا يدل على سعة علمه بالرجال والحديث وغيره.

وفي مقابل ذلك يقول رحمه الله: إن بعض قريباته كن يبعثن إليه بـبخارى بالسلام، فأراد يوماً ليكتب رسالة ليقرئهن السلام، فعزبت عنه أسماؤهن حتى لا يذكر منها شيئاً، لأنه قد استفرغ جهده وهمه في الحديث النبوي، ولذلك لم يعبأ بما سوى ذلك، وصار عنده عدم اكتراث لها، فغفل عنها وصار ينساها بسهولة، فيما يتعلق بالأمور الدنيوية التي لا يحتاج إليها في أمور العلم.

وبذلك علم كيف حفظ الله دينه بواسطة من سخر من العلماء والرجال الأفذاذ من يتوفرون على حفظ السنة.

كان أبو هريرة -مثلاً- يتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في مجالسه وذهابه وإيابه، ويحفظ كل ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: ابسط رداءك فبسطه، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بألا ينسى شيئاً حفظه، فما نسي شيئاً حفظه بعد، وكان حافظ الإسلام.

ومثله عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه حيث كان كما في الحديث الصحيح يكتب كل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال له بعض القوم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {اكتب فوالله ما خرج منه إلا حق} يعني فمه الطاهر صلى الله عليه وسلم، فكان يكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ثمرة هذه الكتابة وجود صحيفة تسمى الصادقة عند عبد الله بن عمرو بن العاص، كان يقول في بعض أقواله: لولا هذه الصحيفة وأشياء أخرى لكان يفرح بالموت، وقد نقلت هذه الصحيفة عنه رضي الله عنه.

بل إن الواحد من الصحابة كان يسمع بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان، فيذهب حتى يحصل عليه.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع