خطب ومحاضرات
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [23]
الحلقة مفرغة
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ والمقصود هنا أن كثيراً من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يتكلم به من يسلك مسلكهم ويريد مرادهم لا مراد الله ورسوله ].
هذا أيضاً يعتبر من مناهج المبتدعة عموماً، وهو أنهم يضعون لأنفسهم مصطلحات ويفسرون نصوص الشرع على هذه المصطلحات، أو يأخذون المصطلحات الشرعية ويفسرونها على ضوء أصولهم لا على ضوء دلالاتها الشرعية ولا اللغوية.
وذلك أنه ما من فرقة من الفرق إلا وتسلك هذا المسلك، وهم بين مقل ومكثر، فالباطنية يفسرون غالب نصوص الشرع بتفسيرات لا تقتضيها الأصول الشرعية ولا اللغة، ولا العرف والعادة، ولا العقول السليمة، يفسرون بالتفسير الرمزي الباطني والإشاري وقلب المفاهيم قلباً كاملاً لا يقتضيه أي مفهوم لغوي ولا شرعي.
وما من فرقة إلا وتستعمل بعض المصطلحات استعمالاً خاطئاً فتأخذ الألفاظ الشرعية وتفسرها على مصطلحاتها الخاصة، وقد أراد الشيخ بهذا أن يثبت أنهم استعملوا الشفاعة والاستشفاع والتوسل على غير معناه اللغوي الصحيح السليم، وعلى غير معناه الشرعي المعروف والمعهود عند الصحابة وأئمة السلف.
فقصد الشيخ هنا، أنهم تلاعبوا بالألفاظ ووضعوا لهم فيها مصطلحات خاصة فحكموا على النصوص من خلال هذه المصطلحات.
قال رحمه الله تعالى: [ كما يوجد في كلام صاحب الكتب المضنون بها وغيره ].
المقصود بالكتب المضنون بها كتب علم الكلام وكتب المتصوفة وكتب الفلاسفة، وسماها المضنون بها أخذاً من عنوان كتاب للغزالي سماه: المضنون به على غير أهله، ادعى الغزالي أن علم الكلام وعلم التصوف علم الحقيقة والشريعة وما يتفرع عنه ومصطلحات الفلاسفة؛ أنها علوم راقية على مستويات عالية لا يدركها العوام، والعوام هم الأنبياء وأتباع الأنبياء ولذلك يقول: ينبغي لكتب الكلام ألا تبتذل فيقرؤها العوام من غير أهل الكلام، ولا تدرس عند الحشوية فإنهم لا يدركونها.
وكذلك بقية علوم أهل البدع أغلبها من الكتب المضنون بها على غير أهلها.
نماذج من التلاعب بالألفاظ عند أهل البدع
وهذا القدر مشترك عند جميع الفرق، أعني إعطاء المصطلحات الشرعية معاني بدعية، فالباطنية عندهم ظاهر وباطن، فهم يرون أن الباطن هو الحق المقصود، وأن الظاهر شكليات تصلح لعوام الناس الذين هم أهل ضلال عندهم، وأهل التصوف يقسمون المعاني الشرعية إلى حقيقة وشريعة، فالشريعة هي الأحكام الظاهرة، وتفسير النصوص بمقتضى اللغة ومقتضى التفسير المعلوم عند بقية العقلاء، والحقيقة هي تفسير النصوص بمعاني لا يدركها إلا أهل الاختصاص -ضلال الصوفية-!
وكذلك الفلاسفة وغيرهم كل منهم عنده قدر، نأتي إلى أهل البدع العملية في العبادات كبدع الموالد وغيرها، فهؤلاء عندهم قدر من هذه المعاني، فهم عندما يعبدون المخلوقات من دون الله سواء كانت بشراً أو غير بشر، أو عندما يتوسلون ويتبركون بالأشياء؛ فعندهم شعور أن لها أرواحاً ونفوساً، وأن هذه الأرواح والنفوس تمدهم بالبركة، ولذلك تجد الواحد منهم إذا كان عند قبر صالح يقول: المدد يا فلان، اعتقاداً منه أن للأرواح فيضاً يسعفه.
ونحن نقول: الأرواح لها معان لكنها معان غيبية ليس لها علاقة بتصريف الكون أو التأثير في مصالح العباد أو مقاديرهم، وإلا فلاشك أن الأرواح عالم آخر، فالأحلام والرؤى، وما ورد في الشرع مما يقع للأموات في قبورهم، وما يقع بين الأموات والأحياء من أمور روحية في الأحلام وغيره كل هذا معلوم، لكن ينبغي ألا يتعدى ما ثبت في الشرع، هذا من ناحية.
والناحية الأخرى: ينبغي ألا يصل وجود شهادة الأرواح وتنقلها إلى حد أن يعتقد الإنسان أن لهذه الأرواح تأثيراً في مقاليد وشئون الأحياء من دون الله عز وجل.
فأقول: إن اعتقاد أن الألفاظ الشرعية لها معان غامضة، وأن هذه المعاني تتعلق بها القلوب أو الأحوال أو مقاليد البشر؛ هذا قدر مشترك تجده عند المبتدع الساذج الذي يتبرك ويتوسل، وعند المبتدع المركب الذي يشرك بالله عز وجل مثل الفلاسفة وغلاة الصوفية وغيرهم كلهم عندهم قدر مشترك في اعتقاد أن هناك تأثيراً للمخلوقات من دون الله عز وجل بعضها في بعض، وهذا التأثير هو سبب نزعة التعلق بالقبور والمشاهد والآثار، فمن مقل ومكثر، وهذه النزعة أول ما جاءتنا من العجم؛ لأنها موجودة في الديانات السابقة التي يعيشها العجم وهي جزء من كيانهم، إلا من طهر الله قلبه ونفسه بالدين الحق.
ولو تأملتم لوجدتم أن من أساسيات أهل البدع وتصوراتهم الضرورية اعتقاد أن ما يتمسحون به ويتوسلون ويتبركون له تأثير يفيض عليهم، ويعبرون عن هذا بتعبيرات كثيرة تختلف بحسب مشاربهم ومداركهم ومستوياتهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والمقصود هنا ذكر من يقع ذلك منه من غير تدبر منه للغة الرسول صلى الله عليه وسلم كلفظ القديم، فإنه في لغة الرسول صلى الله عليه وسلم التي جاء بها القرآن خلاف الحديث، وإن كان مسبوقاً بغيره، كقوله تعالى: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، وقال تعالى عن إخوة يوسف: قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [يوسف:95].
وقوله تعالى: قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ [الشعراء:75-76].
وهو عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل أو عما لم يسبقه وجود غيره إن لم يكن مسبوقاً بعدم نفسه، ويجعلونه -إذا أريد به هذا- من باب المجاز، ولفظ المحدث في لغة القرآن مقابل للفظ القديم في القرآن ].
هذا في الحقيقة من المناهج الباطلة عند أهل الكلام، أنهم يسلكون في تبيين الحقائق أوعر المسالك، والشيخ نقل أن القديم عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل أو عما لم يسبقه ذو جود غيره، ويقصدون الذي ليس قبله شيء، ولو قالوها لأراحونا وأراحوا أنفسهم، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم اسم الله الأول الذي ليس قبله شيء؛ لكنهم يبحثون عن أعسر معنى وأبعد أسلوب يوصلك إلى ما يريدون؛ لأنك تستبعد أن يكون قصدهم هو هذا المعنى البسيط، وهذا في عموم عبارات المتكلمين، وقد قرأت كتاباً يعتبر على درجة المتكلمين دون الفلاسفة، وهو كتاب التوحيد لـأبي منصور الماتريدي ، فإذا هو عسر جداً جداً، فقد كتبه بأسلوب ملتو بحيث تقرأ صفحة أو صفحات وتفاجأ بأنه يريد حقيقة بسيطة جداً، مثل قوله عز وجل: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10]، فتجد أنه قد بحث عن أوحش العبارات وأبعدها وأصعب الأساليب حتى يصل إلى هذه النتيجة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ مثل ما ذكره في اللوح المحفوظ حيث جعله النفس الفلكية، ولفظ القلم حيث جعله العقل الأول، ولفظ الملكوت والجبروت والملك حيث جعل ذلك عبارة عن النفس والعقل، ولفظ الشفاعة حيث جعل ذلك فيضاً يفيض من الشفيع على المستشفع وإن كان الشفيع قد لا يدري، وسلك في هذه الأمور ونحوها مسالك ابن سيناء كما قد بسط في موضع آخر ].
وهذا القدر مشترك عند جميع الفرق، أعني إعطاء المصطلحات الشرعية معاني بدعية، فالباطنية عندهم ظاهر وباطن، فهم يرون أن الباطن هو الحق المقصود، وأن الظاهر شكليات تصلح لعوام الناس الذين هم أهل ضلال عندهم، وأهل التصوف يقسمون المعاني الشرعية إلى حقيقة وشريعة، فالشريعة هي الأحكام الظاهرة، وتفسير النصوص بمقتضى اللغة ومقتضى التفسير المعلوم عند بقية العقلاء، والحقيقة هي تفسير النصوص بمعاني لا يدركها إلا أهل الاختصاص -ضلال الصوفية-!
وكذلك الفلاسفة وغيرهم كل منهم عنده قدر، نأتي إلى أهل البدع العملية في العبادات كبدع الموالد وغيرها، فهؤلاء عندهم قدر من هذه المعاني، فهم عندما يعبدون المخلوقات من دون الله سواء كانت بشراً أو غير بشر، أو عندما يتوسلون ويتبركون بالأشياء؛ فعندهم شعور أن لها أرواحاً ونفوساً، وأن هذه الأرواح والنفوس تمدهم بالبركة، ولذلك تجد الواحد منهم إذا كان عند قبر صالح يقول: المدد يا فلان، اعتقاداً منه أن للأرواح فيضاً يسعفه.
ونحن نقول: الأرواح لها معان لكنها معان غيبية ليس لها علاقة بتصريف الكون أو التأثير في مصالح العباد أو مقاديرهم، وإلا فلاشك أن الأرواح عالم آخر، فالأحلام والرؤى، وما ورد في الشرع مما يقع للأموات في قبورهم، وما يقع بين الأموات والأحياء من أمور روحية في الأحلام وغيره كل هذا معلوم، لكن ينبغي ألا يتعدى ما ثبت في الشرع، هذا من ناحية.
والناحية الأخرى: ينبغي ألا يصل وجود شهادة الأرواح وتنقلها إلى حد أن يعتقد الإنسان أن لهذه الأرواح تأثيراً في مقاليد وشئون الأحياء من دون الله عز وجل.
فأقول: إن اعتقاد أن الألفاظ الشرعية لها معان غامضة، وأن هذه المعاني تتعلق بها القلوب أو الأحوال أو مقاليد البشر؛ هذا قدر مشترك تجده عند المبتدع الساذج الذي يتبرك ويتوسل، وعند المبتدع المركب الذي يشرك بالله عز وجل مثل الفلاسفة وغلاة الصوفية وغيرهم كلهم عندهم قدر مشترك في اعتقاد أن هناك تأثيراً للمخلوقات من دون الله عز وجل بعضها في بعض، وهذا التأثير هو سبب نزعة التعلق بالقبور والمشاهد والآثار، فمن مقل ومكثر، وهذه النزعة أول ما جاءتنا من العجم؛ لأنها موجودة في الديانات السابقة التي يعيشها العجم وهي جزء من كيانهم، إلا من طهر الله قلبه ونفسه بالدين الحق.
ولو تأملتم لوجدتم أن من أساسيات أهل البدع وتصوراتهم الضرورية اعتقاد أن ما يتمسحون به ويتوسلون ويتبركون له تأثير يفيض عليهم، ويعبرون عن هذا بتعبيرات كثيرة تختلف بحسب مشاربهم ومداركهم ومستوياتهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والمقصود هنا ذكر من يقع ذلك منه من غير تدبر منه للغة الرسول صلى الله عليه وسلم كلفظ القديم، فإنه في لغة الرسول صلى الله عليه وسلم التي جاء بها القرآن خلاف الحديث، وإن كان مسبوقاً بغيره، كقوله تعالى: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، وقال تعالى عن إخوة يوسف: قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [يوسف:95].
وقوله تعالى: قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ [الشعراء:75-76].
وهو عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل أو عما لم يسبقه وجود غيره إن لم يكن مسبوقاً بعدم نفسه، ويجعلونه -إذا أريد به هذا- من باب المجاز، ولفظ المحدث في لغة القرآن مقابل للفظ القديم في القرآن ].
هذا في الحقيقة من المناهج الباطلة عند أهل الكلام، أنهم يسلكون في تبيين الحقائق أوعر المسالك، والشيخ نقل أن القديم عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل أو عما لم يسبقه ذو جود غيره، ويقصدون الذي ليس قبله شيء، ولو قالوها لأراحونا وأراحوا أنفسهم، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم اسم الله الأول الذي ليس قبله شيء؛ لكنهم يبحثون عن أعسر معنى وأبعد أسلوب يوصلك إلى ما يريدون؛ لأنك تستبعد أن يكون قصدهم هو هذا المعنى البسيط، وهذا في عموم عبارات المتكلمين، وقد قرأت كتاباً يعتبر على درجة المتكلمين دون الفلاسفة، وهو كتاب التوحيد لـأبي منصور الماتريدي ، فإذا هو عسر جداً جداً، فقد كتبه بأسلوب ملتو بحيث تقرأ صفحة أو صفحات وتفاجأ بأنه يريد حقيقة بسيطة جداً، مثل قوله عز وجل: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10]، فتجد أنه قد بحث عن أوحش العبارات وأبعدها وأصعب الأساليب حتى يصل إلى هذه النتيجة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكذلك لفظ (الكلمة) في القرآن والحديث وسائر لغات العرب إنما يراد به الجملة التامة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم).
وقوله: (إن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة
ولا يوجد لفظ الكلام في لغة العرب إلا بهذا المعنى ].
يقصد الشيخ أن الكلمة في أصل إطلاقها عند العرب وعند السلف الأوائل وكما أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، أنها ما نسميه نحن الجملة المفيدة لمعنى تام، أما الكلمة المجردة مثل الاسم المجرد أو الفعل المجرد والحرف فلا يسمى كلمة إلا في اصطلاح النحاة، ولذلك ينبغي أن نفرق بين اصطلاح الشرع الأصلي وبين الاصطلاح الذي يتعارف عليه أهل العلوم، وكذلك ينبغي أن يتفطن طلاب العلم للتفريق بين عبارتين: بين عبارة (في الاصطلاح) إذا قصد بها اصطلاح أهل الاختصاص وبين عبارة (في الاصطلاح) إذا قصد بها الاصطلاح الشرعي، ولذلك الأولى أن تقيد المعاني الشرعية بكلمة (الاصطلاح الشرعي)؛ لأن هناك مصطلحات اصطلح عليها بعض أهل العلوم الجزئية لا تتوافق مع المصطلحات الشرعية وبناء على ذلك فهم الناس خطاب الشرع على غير وجهه بسبب استعمالهم للمصطلح الخاص لعلم من العلوم، وهذا مما ينبغي أن يعنى به طلاب العلم من الباحثين في هذا العصر الآن؛ لأن وسائل البحث قد توفرت، فينبغي أن تحرر مثل هذه الأمور وتنقح المصطلحات الشرعية وتعزل عنها المصطلحات الخاصة وتبين الفروق؛ لأنه إن بنى على استعمال هذه المصطلحات في فهم نصوص الكتاب والسنة انبنى عليها مفاهيم خطيرة خاصة عند البعيدين عن التخصص الشرعي، مثل بعض اللغويين والأدباء والأصوليين ونحوهم الذين يتعمقون في جانب معين ويبعدون عن المعاني الشرعية، فيستعملون مصطلحاتهم يطبقونها على المعاني الشرعية فيقع منهم خلط وخبط.
ونجد مثل ذلك في تعبيرات كثير من المحدثين الذين تطفلوا على العلوم الشرعية وهم غير مؤهلين، قد يكون بعضهم طبيباً أو مهندساً فتجده يستعمل مصطلحات فنه في التعبير عن الأمور الشرعية، فوقع الناس في حرج وإشكالات؛ لأنه جرهم إلى مفاهيم ومصطلحات معينة لا تنطبق على المفاهيم الشرعية ولا على المصطلحات الشرعية، وربما يكون الأدب هو أخطر ما حدث في ذلك كما حدث من سيد قطب رحمه الله في استعماله كثيراً من المصطلحات الشرعية بتعبير أدبي ميع المعاني الشرعية تمييعاً شديداً خطيراً، أوقع الناس في خلط واختلاف في معاني كلماته هو، واتهمه بعض الناس بالزندقة والإلحاد.
فيجب أن نتنبه ونأخذ درساً مما حدث ويحدث، وننقح هذه الأمور ونبينها، ونضع للناس مناهج بينة واضحة ونضرب الأمثلة لذلك.
فالشاهد كما سيذكر الشيخ أن استعمال المصطلحات على غير وجهها الشرعي من أسباب وقوع الناس في التوسل البدعي، وهذا ما أراده الشيخ، لكنه يستطرد أحياناً حتى يبعد ذهن القارئ عن الأصل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والنحاة اصطلحوا على أن يسموا الاسم وحده والفعل والحرف كلمة، ثم يقول بعضهم: وقد يراد بالكلمة الكلام، فيظن من اعتاد هذا أن هذا هو لغة العرب.
وكذلك لفظ (ذوي الأرحام) في الكتاب والسنة يراد به الأقارب من جهة الأبوين، فيدخل فيهم العصبة وذوو الفروض، وإن شمل ذلك من لا يرث بفرض ولا تعصيب، ثم صار ذلك في اصطلاح الفقهاء اسماً لهؤلاء دون غيرهم، فيظن من لا يعرف إلا ذلك أن هذا هو المراد بهذا اللفظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة، ونظائر هذا كثيرة.
ولفظ التوسل والاستشفاع ونحوهما دخل فيها من تغيير لغة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أوجب غلط من غلط عليهم في دينهم ولغتهم.
والعلم يحتاج إلى نقل مصدق ونظر محقوق ].
لعل الأقرب: (ونظر محقق) ومع ذلك فـ(محقوق) تؤدي المعنى ولو من بعيد.
دخول الخطأ في فهم معنى التوسل
وأما التوسل بدعائه وشفاعته كما يسأله الناس يوم القيامة أن يشفع لهم، وكما كان الصحابة يتوسلون بشفاعته في الاستسقاء وغيره، مثل توسل الأعمى بدعائه حتى رد الله عليه بصره بدعائه وشفاعته، فهذا نوع ثالث من باب قبول الله دعاءه وشفاعته لكرامته عليه، فمن شفع له الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له فهو بخلاف من لم يدع له ولم يشفع له.
ولكن بعض الناس ظن أن توسل الصحابة به كان بمعنى أنهم يقسمون به ويسألون به، فظن هذا مشروعاً مطلقاً لكل أحد في حياته ومماته، وظنوا أن هذا مشروع في حق الأنبياء والملائكة، بل وفي الصالحين وفيمن يظن فيهم الصلاح، وإن لم يكن صالحاً في نفس الأمر ].
هذه فائدة مهمة جداً، وهي زبدة لكل ما مر وما يلحق، وهي أنه ليس هناك دليل على ما يفعلون من التوسل البدعي، والعبادات توقيفية وهذه أمور عبادة يتوجه بها الإنسان إلى الله عز وجل ويدين بها.
فأعظم دليل وأقوى حجة في منع التوسل البدعي والاستشفاع البدعي هو أنه ليس على ما يفعلون ويقولون أي دليل، والشيخ تحدى الناس في وقته أن يأتوا بشيء من ذلك ولم يأتوا ولا يزال التحدي قائماً.
قال رحمه الله تعالى: [ وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها في الأحاديث، لا في الصحيحين ولا كتب السنن ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد وغيره، وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيراً من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون بخلاف من قد يغلط في الحديث ولا يتعمد الكذب، فإن هؤلاء توجد الرواية عنهم في السنن ومسند الإمام أحمد ونحوه، بخلاف من يتعمد الكذب فإن أحمد لم يرو في مسنده عن أحد من هؤلاء ].
استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [9] | 3406 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [1] | 2847 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [10] | 2815 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [16] | 2787 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [31] | 2751 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [8] | 2657 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [35] | 2591 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [29] | 2547 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [26] | 2521 استماع |
شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [36] | 2457 استماع |