شرح العقيدة الطحاوية [102]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قوله: (ونؤمن بأشراط الساعة: من خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها).

عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال: اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) وروي: (راية) بالراء والغين، وهما بمعنى. رواه البخاري وأبو داود وابن ماجه والطبراني.

وعن حذيفة بن أسيد قال: (اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، فقال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك: نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم) رواه مسلم .

وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله لا يخفى عليكم، وإن الله ليس بأعور -وأشار بيده إلى عينه- وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا وأنذر قومه الأعور الدجال ، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، ومكتوب بين عينيه: ك. ف. ر) فسّره في رواية: (أي: كافر).

وروى البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة خيراً من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: واقرءوا إن شئتم: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء:159]).

وأحاديث الدجال ، وعيسى بن مريم عليه السلام ينزل من السماء ويقتله، ويخرج يأجوج ومأجوج في أيامه بعد قتله الدجال ، فيهلكهم الله أجمعين في ليلة واحدة، ببركة دعائه عليهم، ويضيق هذا المختصر عن بسطها.

وأما خروج الدابة، وطلوع الشمس من المغرب، فقال تعالى: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ [النمل:82].

وقال تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام:158].

وروى البخاري عند تفسير الآية عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا رآها الناس آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل).

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً) أي: أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، كل ذلك أمور مألوفة؛ لأنهم بشر، مشاهدة مثلهم مألوفة، وأما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف، ثم مخاطبتها الناس ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية، وقد أفرد الناس أحاديث أشراط الساعة في مصنفات مشهورة، يضيق عن بسطها هذا المختصر ].

المقصود بأشراط الساعة

يحسن الحديث عن بعض النقاط حول أشراط الساعة.

من ذلك أولاً: المقصود بالأشراط.

الأشراط لغة: العلامات والمقدمات، والأشراط جمع شرط، وهي الأحداث التي تكون علامة على الساعة وتتقدمها، وتكون مؤذنة بقيامها.

أما المقصود بأشراط الساعة شرعاً: فهي العلامات والمقدمات التي تحدث بين يدي الساعة، سواء كانت من الخوارق، أو كانت من غير الخوارق، مما جاء ذكره في كتاب الله عز وجل، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

صلة موضوع أشراط الساعة بالعقيدة

إن أشراط الساعة تدخل في الأخبار التي جاءت عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وتدخل في الغيبيات التي يجب أن يؤمن بها كل مسلم، والتي تميز المؤمنين عن غيرهم، فهي داخلة في أمور الإيمان بالغيب، ويدخل ذلك في الركن الخامس من أركان الإيمان: وهو الإيمان باليوم الآخر.

وأشراط الساعة لا شك أنها من الأمور الغيبية، ولا يعرفها الناس على سبيل التحقيق، إلا إذا حدثت ورأوها أو أدركوها، لكن قبل ذلك لا بد من التسليم بكل ما صح فيها في كتاب الله أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون تحكم أو تفسير بلا دليل؛ لأن كثيراً من الذين تناولوا موضوع أشراط الساعة أحياناً يفسرونها بغرائب التفسير، وإذا كان هذا التفسير لا يوافق الحقيقة، وهو على سبيل الجزم، يكون من القول على الله بغير علم، وأحياناً يقترن بتفسير بعض المعاني قرائن، فتكون من الأمور المحتملة، يقال: ربما يكون هذا الشرط المقصود به كذا والله أعلم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (في آخر الزمان يكلم الرجل سوطه) قد يقصد به هذه الأجهزة التي أصبحت الآن مع الشُرَطِ ورجال الأمن.. وغيرهم، فهذه الأجهزة هي أشبه بالسوط، فأجهزة الاتصال يكون فيها الكلام، وقد يقال مثلاً: في أن الرجل في آخر الزمان يكلمه فخذه أو يكلم فخذه، قد يقصد بذلك أجهزة الجوال.. ونحوه؛ لأن الجوال إذا وضع في الجيب يكون موازياً للفخذ كثيراً، ومع ذلك كل هذا ظن لا نجزم به.

وهكذا فالاحتمالات ترد إذا كانت قريبة، أما إذا كانت بعيدة فيكون الكلام فيها إثماً، وإذا جزم الإنسان بتفسير هذه العلامات دون دليل يكون ذلك من باب القول على الله بغير علم، فليحذر المسلم من أن يتكلم ما لم تكن هناك قرينة، وبشرط ألا يجزم.

وعلى هذا فإن من أنكر أشراط الساعة، أو شيئاً منها مما ثبت في الكتاب والسنة يكون واقعاً في الكفر.

يحسن الحديث عن بعض النقاط حول أشراط الساعة.

من ذلك أولاً: المقصود بالأشراط.

الأشراط لغة: العلامات والمقدمات، والأشراط جمع شرط، وهي الأحداث التي تكون علامة على الساعة وتتقدمها، وتكون مؤذنة بقيامها.

أما المقصود بأشراط الساعة شرعاً: فهي العلامات والمقدمات التي تحدث بين يدي الساعة، سواء كانت من الخوارق، أو كانت من غير الخوارق، مما جاء ذكره في كتاب الله عز وجل، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن أشراط الساعة تدخل في الأخبار التي جاءت عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وتدخل في الغيبيات التي يجب أن يؤمن بها كل مسلم، والتي تميز المؤمنين عن غيرهم، فهي داخلة في أمور الإيمان بالغيب، ويدخل ذلك في الركن الخامس من أركان الإيمان: وهو الإيمان باليوم الآخر.

وأشراط الساعة لا شك أنها من الأمور الغيبية، ولا يعرفها الناس على سبيل التحقيق، إلا إذا حدثت ورأوها أو أدركوها، لكن قبل ذلك لا بد من التسليم بكل ما صح فيها في كتاب الله أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون تحكم أو تفسير بلا دليل؛ لأن كثيراً من الذين تناولوا موضوع أشراط الساعة أحياناً يفسرونها بغرائب التفسير، وإذا كان هذا التفسير لا يوافق الحقيقة، وهو على سبيل الجزم، يكون من القول على الله بغير علم، وأحياناً يقترن بتفسير بعض المعاني قرائن، فتكون من الأمور المحتملة، يقال: ربما يكون هذا الشرط المقصود به كذا والله أعلم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (في آخر الزمان يكلم الرجل سوطه) قد يقصد به هذه الأجهزة التي أصبحت الآن مع الشُرَطِ ورجال الأمن.. وغيرهم، فهذه الأجهزة هي أشبه بالسوط، فأجهزة الاتصال يكون فيها الكلام، وقد يقال مثلاً: في أن الرجل في آخر الزمان يكلمه فخذه أو يكلم فخذه، قد يقصد بذلك أجهزة الجوال.. ونحوه؛ لأن الجوال إذا وضع في الجيب يكون موازياً للفخذ كثيراً، ومع ذلك كل هذا ظن لا نجزم به.

وهكذا فالاحتمالات ترد إذا كانت قريبة، أما إذا كانت بعيدة فيكون الكلام فيها إثماً، وإذا جزم الإنسان بتفسير هذه العلامات دون دليل يكون ذلك من باب القول على الله بغير علم، فليحذر المسلم من أن يتكلم ما لم تكن هناك قرينة، وبشرط ألا يجزم.

وعلى هذا فإن من أنكر أشراط الساعة، أو شيئاً منها مما ثبت في الكتاب والسنة يكون واقعاً في الكفر.