شرح زاد المستقنع باب بيع الأصول والثمار [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب بيع الأصول والثمار]:

الأصول: جمع أصل، والأصل ما انبنى عليه غيره، كأساس الدار يسمى أصلاً؛ لأن الدار تبنى عليه.

والثمار جمع ثمرة، وثمرة الشيء: نتاجه، وما يكون منه.

فقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب بيع الأصول والثمار]؛ لأن مما جرت به العادة أن البائع إذا باع شيئاً، أو اشترى شيئاً، فتارةً يقصد عين الشيء، وتارةً يكون مقصوده الشيء ونتاجه الموجود، ومن هنا قد يقع الخلاف بين البائع والمشتري، كرجل باع بستاناً وفيه ثمرة، فاشتراه المشتري بمائة ألف، ثم قال له البائع: بعتك البستان، ولم أبعك الثمرة، فالثمرة لي. وقال المشتري: بل اشتريت الأصل والثمرة؛ فالثمرة لي. فإنهما يختصمان فيرد السؤال: هل الفرع يتبع الأصل، أو لا يتبعه؟

ومن هنا بينت الشريعة مسائل الفروع والثمار، ففي أحوال يحكم بكونها للبائع، وفي أحوال يحكم بكونها للمشتري، والأصل في هذا الباب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين، أنه قال : (من باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع، ومن باع عبداً وله مال فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع) ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأصل والنتاج الظاهر الذي لا يُسْتَصحَب مع العين، ومن هنا لا بد من بحث مسألة الفروع، ومسألة ما يتبع الشيء، وما لا يتبعه.

ومن سعة الفقه الإسلامي أنه بيَّن مسائل التوابع في البيع، وفصل الفقهاء رحمهم الله تعالى هذه المسائل، وبيَّنوا ما يتبع المبيع، وما لا يتبعه، سواء كان المبيع من العقارات أم كان من المنقولات، فإنك قد تشتري داراً، فإذا تم البيع بينك وبين البائع فهناك أشياء من حق البائع أن يأخذها من الدار، وهناك أشياء ليس من حقه أن يأخذها، ومن هنا فصل العلماء ما الذي يتبع البيع، وما الذي لا يتبعه؟

فلربما لو ابتعت داراً، وجاء البائع وقال لك: أريد أن آخذ متاعي الذي في الدار، فإن من حقه أن يأخذ متاعاً معيناً وضع العلماء رحمهم الله تعالى له الضوابط، وكذلك لو باع منقولاً كالسيارة مثلاً، فتارة يكون من حقه أن يأخذ المتاع الموجود، كالفرش غير الملتصق بالسيارة، وهو الفرش الخاص به، وهكذا ما يكون من المتاع المتعلق به، كأن يضع أشرطة له يستمعها، فإن الأشرطة ليست تابعة للرقبة؛ لأنه باعك السيارة، ولم يبعك ما فيها من الأشرطة، وهكذا لو كان له في داخلها لباس، أو حوائج تختص به، فإنك لا تقول: قد اشتريت منك السيارة بما فيها؛ لأن البيع وقع على السيارة، فيتبع البيع ما قد انصب العقد عليه، وما لم ينصب العقد عليه فإنه لا يتبع والعكس، فلو أنه باعك السيارة، ثم أراد أن يأخذ عدتها اللازمة الموجودة فيها، كالآلات الموجودة لاستصلاح السيارة ونحوها، فإنه يقال له: ليس من حقك إلا الأدوات الخاصة التي تستصلح بها السيارة من أجهزة وعدد لا تكون موجودة في الأصل في السيارة، وإنما اشتراها لنفسه، فإن من حقه أن يأخذها.

أما الآلات التي توجد في طبيعة السيارة، كالآلة التي ترفعها عند استصلاح ما يكون فيها من عطل، فإنه ليس من حقه أن يأخذها؛ لأنها موجودة في المبيع أصلاً، وتابعة له من أجل الارتفاق.

لكن لو أنه اشترى آلات معينة، وأجهزة معينة، لاستصلاح السيارة عند العطل زائدةً عن المعروف والمألوف الذي يتبع عين السيارة، فإن من حقه أن يأخذها عند البيع.

إذاً هذه المسألة مسألة مهمة يُحتاج فيها لعلمك، فتعلم ما الذي لك وما الذي عليك بائعاً ومشترياً، وللناس أيضاً، فإنهم يختلفون ويختصمون ويحتكمون إلى العلماء، للفصل بينهم، فيدعي البائع أنه باع الرقبة ولم يبع ما فيها، والمشتري يدعي أنه اشترى الرقبة وما فيها، فتارة يكون البائع ظالماً، وتارة يكون المشتري ظالماً، ومن هنا وجب أن يعرف الحد الفاصل بين ملك البائع وملك المشتري، وهذا هو الذي يجعله العلماء في باب بيع الأصول والثمار.

علاقة باب بيع الأصول والثمار بباب الربا

لعل سائلاً يسأل: ما علاقة هذا الباب بباب الربا؟

والجواب: الربا فيه زيادة ظلم؛ لأنه إذا باع الدينار بالدينارين، فقد ظلم صاحب الدينارين، فأخذ زائداً عن حقه؛ لأن الذي من حقه الدينار، فإذا أخذ الزائد فهو الربا الذي حرم الله تعالى، فإذا باع الأصل والثمر وجب عليه أن يعرف ما الذي له، حتى لا يأخذ الزائد المحرم، فاتفق هذا الباب وتناسب أن يذكر بعد باب الربا؛ لأنه إذا بُيِّنَ ما الذي يتبع المبيع، وما الذي لا يتبعه، أمكن أن ينصف الناس بعضهم بعضاً بحكم الله عز وجل، وبما استخرجه العلماء من مقاصد الشريعة وأدلتها وقواعدها العامة، مما يدل على الحقوق في البيع والشراء، وهذا ما قصد المصنف بيانه في هذا الموضع. كأنه يقول رحمه الله: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل والأحكام المتعلقة ببيع الأصول والثمار.

لعل سائلاً يسأل: ما علاقة هذا الباب بباب الربا؟

والجواب: الربا فيه زيادة ظلم؛ لأنه إذا باع الدينار بالدينارين، فقد ظلم صاحب الدينارين، فأخذ زائداً عن حقه؛ لأن الذي من حقه الدينار، فإذا أخذ الزائد فهو الربا الذي حرم الله تعالى، فإذا باع الأصل والثمر وجب عليه أن يعرف ما الذي له، حتى لا يأخذ الزائد المحرم، فاتفق هذا الباب وتناسب أن يذكر بعد باب الربا؛ لأنه إذا بُيِّنَ ما الذي يتبع المبيع، وما الذي لا يتبعه، أمكن أن ينصف الناس بعضهم بعضاً بحكم الله عز وجل، وبما استخرجه العلماء من مقاصد الشريعة وأدلتها وقواعدها العامة، مما يدل على الحقوق في البيع والشراء، وهذا ما قصد المصنف بيانه في هذا الموضع. كأنه يقول رحمه الله: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل والأحكام المتعلقة ببيع الأصول والثمار.

ما يتبع الدور والبنيان عند بيعها

قال رحمه الله تعالى: [إذا باع داراً شمل أرضها]:

أي: إذا قال له: بعتك هذا البيت، أو هذه العمارة، أو هذه الغرفة، فإن البيع قد انصب على رقبة الدار، فذات الدار مملوكة بالبيع، ثم يشمل ذلك أصل الدار، وهي الأرض التي بنيت عليها، ويشمل سقفها وهواءها، أما ملكيتك لأرض الدار وما سفل منها فلظاهر قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من ظلم قيد شبرٍ من الأرض طُوِّقَه يوم القيامة من سبع أرضين)، فجعل الظلم في أخذ الأعلى ظلماً في أخذ الأسفل، وجعل الأسفل تابعاً للأعلى، ومن هنا قال جماهير العلماء: من ملك داراً ملك أسفلها، وعليه قالوا: إنه لو كانت له دار، فأراد أحدٌ أن يستحدث من تحتها معبراً لم يكن من حقه حتى يستأذنه؛ لأنه ملكٌ له، ومن حقه أن يأذن له، ومن حقه أن يمتنع، لما يرى من رفقه أو ضرره.

فمن ملك داراً ملك أرضها، فالدار التي بيعت، والصيغة التي وقعت بين البائع والمشتري على هذا المكان المعين ملكه بالعقد فإن قال له: بعتك هذه الدار وعيّنها، وكان طول الدار عشرين متراً أو ذراعاً، وعرضها عشرة، فإن هذه الدار بهذا الطول المتفق عليه ملك للمشتري إذا أوجب البيع، وتمت الصفقة بينهم، وحينئذ يملك الدار، ويملك أسفلها، فإذا باع داراً، شمل أرضها وما سفل منها.

ومن هنا خَرَّجَ بعض العلماء مسألة: أنه لو كان معتكفاً في مسجد فنزل في أسفله لم يبطل اعتكافه؛ لأنه لم يخرج عن المسجد، وجعلوا حرمة الأسفل والأعلى بمنزلة.

ومن هنا -أيضاً- خرج بعض العلماء المسألة المعروفة: وهي عدم جواز بناء المسجد فوق المتاجر؛ لأن الأرض إذا كانت موقوفة ومسبلة للمسجد، كانت غير مملوكة، وغير مستصلحة للمعاوضات بالبيع والشراء، وليست محلاًّ للبيع والشراء؛ لأن حرمة الأعلى والأسفل واحدة.

ومن هنا أيضاً: إذا قلنا ملك الأسفل والأعلى، صح أن يملك أعلاها، فإذا صعد إلى أعلى المسجد لم يكن اعتكافه باطلاً، ولو حلف أنه لا يخرج من المسجد، فصعد إلى سطحه فإنه غير خارج؛ لأنه ما زال في حدود المسجد.

وعليه كأنه لما قال له: بعتك هذه الدار، فإن هذا هو حد الدار، وحد البناء الذي وقع عليه العقد.

وقول العلماء: من ملك داراً ملك أرضها، من باب بيان الاستحقاق، فحقك بهذا العقد الدار وأرضها وأساسها وأسفلها ملك لك.

قال رحمه الله تعالى: [شمل أرضها وبناءها]

قوله: [وبناءها]، أي: البناء الذي عليها، فلو كانت الأرض فيها غرفٌ، فإنك تملك هذه الغرف، ولو كانت عليها عمارة ملكتها، أو كان عليها أي بناء، كرجل باع قطعة في مخطط عليها سور، فإن هذا السور ملك لك إذا اشتريته، فلو أنه باعك هذه الأرض في المخطط بضابطها وعينها، وأخذتها وضبطتها، وعلمت أن هذه الأرض الفلانية ذات الرقم الفلاني ملك لك فأعطيته مئة ألف وهي قيمة الأرض واتفقتما، وإذا بالأرض عليها سور، فجاء لكي يخلع السور الموجودة فيها، فإنك تقول له: ليس من حقك؛ لأنني أملك الأرض وبناءها، فليس من حقك أن تخلع هذا السور، أو تهدم هذا السور؛ لأنه صار إلى ملكي، ولا يستطيع أحد أن يحدث شيئاً في هذه السور، أو ينتفع بهذا السور إلا بأذني، ولذلك قال المصنف: [شمل أرضها وبناءها].

وهكذا بناء الدار، أي: البناء الموجود في الدار؛ فإنه يشمله البيع.

وهنا مسألة عصرية -ونحن نحب دائماً أن نربط الموضوع بالوقائع الموجودة الآن- وهي أنه في بعض الأحيان يبيع الشخص داراً وهو لا يملك الأرض، وذلك في البيوت الجاهزة، والبيوت المتنقلة، فإذا قال له: عندي غرفة متنقلة، فإن هذا لا يستلزم أنه يبيعه الغرفة بما هي عليه من الأرض، فلو اتفقا على غرفة متنقلة -مثلاً- بطول معين وعرض معين من نوع معين، فاشتراها، ثم قال له: خذ غرفتك قال: لا، من ملك أرضاً ملك بناءها وأرضها، وهذه الأرض في حكم الدار، فأملك الأرض التي تحتها، نقول: لا، ليس لك هذا؛ لأنه باعك إياها على وصف التنقل، فأنت تملكها متنقلة، ولا تملكها ثابتة على الأرض.

قال رحمه الله تعالى: [وسقفها]:

سقف الدار كذلك، فإن السقف يملك، وعلى هذا قالوا: إنه إذا طاف في السطح الأعلى من المسجد، كان كمن طاف في أسفله؛ لأن الله تعالى يقول : وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ [الحج:26]، وجماهير العلماء على أن الطواف لا يصح خارج البيت، فإذا طاف في داخل البيت صح طوافه.

ولو صعد إلى الدور الثاني، أو صعد إلى الدور الثالث، قالوا: يصح طوافه؛ لأنه طاف في داخل البيت، ولم يخرج عن حرم البيت، ولو كان معتكفا وصعد من داخل المسجد إلى أعلى المسجد في الدور الأول والثاني فإنه لا يبطل اعتكافه؛ لأنه ما زال في حرم المسجد.

فمعنى قوله: [وسقفها] أن السقف تابع للأسفل، وفرِّع على هذا مسألة السعي بين الصفا والمروة في الدور الثاني، فإنه مفرَّع على مسألة من ملك أرضاً ملك سماءها وبناءها.

قال رحمه الله تعالى: [والباب الملصوق]:

بعد أن بيّن لنا رحمه الله تعالى أنه يملك الأرض، ويملك البناء، يأتي السؤال الآن عن الأشياء الموجودة في جدران الأرض، كرجل باعك غرفة، وهذه الغرفة بطول معين، وعرض معين، وسمك معين، فاتفقتما، وتم البيع، ثم لما تم البيع ودفعت المال، جاء يريد أن يأخذ الباب والنافذة، ويقول: أنا بعتك الغرفة للجرم والذات، وما بعتك نوافذها، وأبوابها، ويقول: ما بعت لك إلا عين الرقبة، فهل من حقه أن يقول ذلك؟ نقول: لا، بل فيه تفصيل:

فما كان من الأبواب مُسَمَّراً، في نفس الغرفة، فإنه يملك وينصب البيع عليه، وما كان منها منفصلاً، ولم يسمر، فإنه ليس من الرقبة، ولا يعتبر تابعاً للرقبة، وعلى هذا ليس من حقه أن يخلع الباب المسمر، ولا النافذة المسمرة، وعليه تكون تابعة للأصل وتابعة للدار.

لكن لو كان الباب مخلوعاً، كما لو باعه الغرفة ونظر إليها وبابها مخلوع، فمعناه أنه اشترى حاضراً ناظراً بهذه الصفة، وحينئذ يتم البيع على أنها غرفة بدون باب.

ولو كان عنده غرفة لها باب، وفي هذه الغرفة ثلاثة أبواب وضعها البائع في الغرفة، أي: استخدم الغرفة كمخزن، فجاء المشتري وقال: أنا أملك الغرفة والأبواب الموجودة، نقول: لا، فالأبواب فيها تفصيل، فما كان منها مسمراً يملك ويتبع العقد، وما كان منها غير مسمر فإنه لا يتبع العقد.

قال رحمه الله تعالى: [والسلم والرف المسمرين]:

السلم هو الذي يصعد عليه، وأما الرف فهو مثل الذي يوضع في دورات المياه، على المغاسل لتوضع عليه أشياء، ففي القديم كانوا يجعلونها في الغرف لأجل أن توضع عليها الأشياء، أو تكون في الصالات فإن المسمر منها في الغرفة لا يخرج، وليس من حقه أن يأخذه، لكن لو كان الرف مخلوعاً وموضوعاً في مخزن البيت، أو موضوعا في غرفة من غرف البيت كمخزن، فمن حقه عند البيع أن يأخذه؛ لأنه غير مسمر، وقد اشترى العين بصفاتها الموجودة، وحينئذ يجب عليه أن يترك المسمر، وأن يأخذ غير المسمر.

والسلم ينقسم إلى قسمين -خاصة في القديم-: قسم من السلالم ثابت، كأن يبيعه داراً لها دوران، الدور الأرضي، والأول الذي فوق الأرضي، فالذي فوق الأرضي يحتاج إلى الصعود إليه بسلم، وهذا السلم ثابت موجود في نفس الدار، وهو -طبعاً- مسمر، ومحفور ومرتكز، فإنه إذا باعه يتبع المبيع، فلو جاء لكي يخلعه، نقول له: ليس من حقك خلعه، هذا مسمر وتابع للرقبة، وتابع للمبيع، وهناك قسم من السلام ليس بمسمر، مثل السلم الذي تضعه في المكتبة من أجل أن ترقاه من أجل أن تجد كتاباً في الأعلى، أو سلم تستصلح به -مثلاً- مصابيح الكهرباء ونحو ذلك، أو تتناول به الأشياء العالية، وهذا النوع من السلالم غير مسمر، فهذا من حقه إذا باعك الدار أن يستخرجه ويأخذه معه، فهو غير مسمر، ولا يتبع الرقبة، ولا يكون البيع منصباً عليه مع ذاته.

وبناء على ذلك يفصل في السلالم، فما كان منها مسمراً فإنه يتبع العين والرقبة، ولا يجوز فكه، ولا يجوز أن يأخذه البائع معه، وإنما يبقى مع المبيع ويتبعه، وما كان منها منفكاً ومتنقلاً غير مسمر، فمن حقه أن يأخذه معه.

هذا بالنسبة للسلالم، فما الحكم في المصاعد؟ كما لو باعه عمارة فيها مصعد كهربائي، واشتراها منه بنصف مليون مثلاً، ثم فوجئ بالبائع يريد أن يأخذ المصعد معه، فقال له: بعتني العمارة والمصعد تابع للعمارة، قال: لا، أنا بعتك العمارة، وما بعتك المصعد، فننظر: إن كان المصعد مسمرا، بمعنى أنه في نفس العمارة ويعمل فحينئذ يصبح تابعاً للعمارة، حتى ولو كان عاطلا،ً ما دام أنه مهيأ للعمل، ومثبت في العمارة، فإنه تابع للرقبة، فيكون الخطأ من البائع، فإذا أراد أن يستثني فليقل: أبيعك العمارة إلا المصعد، إذا أراد أن لا يبيع المصعد، فإذا لم يستثنِ ودخل المشتري ورأى المصعد، ورأى العمارة بمصعدها فكأنه يقول له: أبيعك العمارة بمصعدها، وعلى هذا تكون المصاعد في حكم السلالم المسمّرة، ونحوها.

لكن لو أنه باعه عمارةً وفي حوشها مصعد معطل، أو جاهز للعمل لكنه غير مركب، فهل يكون المصعد تابعاً للعمارة؟

نقول: لا؛ لأنه غير مسمر، وغير موجود في العمارة، والبيع وقع على العمارة، وهذا ليس متصلاً بها ولا في حكم المتصل بها.

قال رحمه الله تعالى: [والخابية المدفونة]:

أي: وكذلك الخابية المدفونة تتبعها، ويشترط الدفن؛ لأنه كالتسمير في الأرفف.

ما لا يتبع الدور عند بيعها

قال رحمه الله تعالى: [دون ما هو مودع فيها من كنزٍ وحجر]

قوله رحمه الله تعالى: [دون] استثناء، أي: لا يشمل البيع ما كان مودعاً في المبيع، أي: محفوظاً فيه، فإذا كانت لك عمارة فيها غرفة لك أشبه بالمخزن، فما وضع في هذه الغرفة مما هو من حوائجك الخاصة والأشياء التي لمصالحك تريد أن ترتفق بها، فإنها ملك لك، إذا كنت البائع، وليس من حقه أن يقول: اشتريت العمارة كلها بما فيها.

فما أودع في المبيع، فليس بتابع للمبيع، وإنما يكون البيع على ظاهره، والمودع يكون ملكاً لصاحبه الذي أودعه دون المودع فيها.

والودع: أصله الترك، ومنه قوله تعالى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ [الضحى:3] أي ما تركك، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات -يعني تركهم صلاة الجمعة- أو ليختمنّ الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين)، نسأل الله السلامة والعافية، فالودع الترك، وسميت الوديعة وديعة؛ لأن صاحبها يتركها عند من استودعه إياها.

و[مِنْ] في قوله: [دون ما هو مودع فيها من كنز وحجر] بيانية، كقوله تعالى : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البينة:1]، فـ(من) هنا بيانية.

وقوله: [دون ما هو مودع فيها من كنز]، أي: من أمثلة ما يودع فيها الكنز، كمثل رجل أخذ دنانير ذهب -وفي القديم كان الناس يخافون على أموالهم، وليس هناك أماكن يحفظون فيها الأموال- فربما وضع الذهب في صرة أو نحوها وحفر لها في الدار، ثم دفنها، كأنه يكتنزها لنفسه للحاجة، فهذا كنزٌ أو في حكم الكنز.

كذلك في زماننا اختلفت الصورة، فلو أن رجلاً عنده خزنة، وفي هذه الخزنة -مثلاً- مائة ألف، أو فيها حلي، أو فيها ذهب، أو فيها جواهر، فهو يضع في هذه الخزنة أموالاً، فباع العمارة ثم جاء إلى الخزانة يريد أن يفتحها، فقال له المشتري: لا، هذه العمارة بعتني إياها بما فيها، فالكنز لي. فليس من حقه، فالبائع يقول: بعتك العمارة ولم أبعك كنوزها؛ لأن هذا الكنز ملك لي، فهذا معنى قوله: [من كنز]، أي: ما كان مكتنزاً في العمارة، محفوظاً ومودعا فيها، فإنه ملك لبائعها، ليس من حق المشتري أن يطالبه به.

قال رحمه الله تعالى: [ومنفصل منها كحبلٍ ودلوٍ]:

أي: كحبل الدلو، فقد كانوا في القديم يحفرون الآبار في البيوت حتى يستقون منها ويرتفقون بها، فالحبل يحتاجه من أجل أن يستقي الماء، وربما كان الحبل موجوداً في المخزن، فالحبل إذا كان موجوداً في الدار، للاستسقاء بالدلو، فهذا لا يعتبر تابعاً للبيع، وإنما باعه البئر، والبئر تابعة للرقبة، وهذا الحبل ليس بمسمر ولا بمتصل، وهكذا الدلو الذي يغرف به لا يعتبر تابعاً للمبيع.

قال رحمه الله تعالى: [وبكرة]:

وهكذا البكرة التي يجري عليها الحبل.

قال رحمه الله تعالى: [وقفل]:

القفل: واحد الأقفال، وكانوا في القديم يضعون الأقفال على الأبواب، يقفلون بها، فالباب له قفل يضعه البائع على داره، ثم لما باع الدار جاء وأخذ أقفالها، فهل من حقه ذلك؟ نقول: نعم؛ لأن القفل ليس متصلاً بالمبيع، فمن حقه أن يأخذ الأقفال، لكن في زماننا هذا تستخدم الأقفال المتصلة، فإذا كانت الأقفال متصلة فليس من حقه أن يأخذها، لكن الأقفال المنفصلة، ونحوها الضباب التي تعلق تعتبر ملكاً للبائع إلا أن يشترطها المبتاع، وهكذا السلاسل التي توضع على الأبواب تسفل بها لتقفل، فإنها تعتبر تابعة للبيع، فالمشتري إذا اشترى يشتري القفل الذي يناسبه، وهو يملك المتصل دون المنفصل، وهذا هو ضابطها كما قال رحمه الله: [دون ما هو مودع فيها... ومنفصل منها..].

قال رحمه الله: [وفرش].

إذا باع عمارة أو غرفة فمن حقه أن يأخذ جميع الفرش الموجودة فيها، وحينئذ يقوم المشتري بفرشها من جديد، أو الاستغناء عن فرشها إذا كان يريدها لغير الجلوس، فالمهم أن الفراش يكون ملكاً للبائع، فإن الفراش ليس متصلاً بالرقبة، ولا يأخذ حكم المتصل، لكن في بعض الأحيان إذا كان الشيء المبيع مهيأً لكي ينتفع به المنتفع، كأن يبيعه شيئاً يقُصد به نفعٌ معين ولهذا المبيع تهيئة خاصة تتعلق به، مثل ما يوجد في المحلات الآن كما لو باعه -مثلاً- مطبخا، أو باعه على أنه مطبخ، فإن جميع ما يتعلق بهذا المطبخ من عُدَدِه وآلاته ووسائله إذا كان مهيأ مجهزاً بذلك يكون تابعاً للمبيع.

لكن إذا باعه العمارة السكنية، أو باعه الغرفة، فإن هذا كله لا يعتبر فيه الفراش تابعاً، ويعتبر منفصلا عن المبيع فمن حقه أن يخلع الفراش ويقوم المشتري بفرشها بما يشاء.

قال رحمه الله تعالى: [ومفتاح]:

أي: والمفاتيح كذلك، وهذا في الأقفال، فإذا كان القفل ملكاً للبائع فمعنى ذلك أن المفتاح سيكون ملكاً للبائع، لكن الكوالين الموجودة الآن، تعطى بالمفاتيح للمشتري؛ لأنها متصلة بالمبيع، وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله كائنٌ في المبيعات القديمة، لكن نمثل بأشياء موجودة اليوم، فمثلاً: في زماننا لو باع سيارة،، وكانت رقبتها ليس فيها أشياء تخص المشتري فلا إشكال، فحينئذ يتبع السيارة ما هو فيها من آلاتها وعددها المعروفة بالعرف، لكن لو أنه -طالب أي البائع- بشيء موجود فيها بالعرف، كأن يكون باعه سيارة فأراد أن يستخرج مسجلها مثلاً، أو المكيف الموجود فيها، فهل من حقه ذلك؟

الجواب: ليس من حقه ذلك؛ لأنه متصلٌ بالمبيع ومسمرٌ في المبيع، ووقع البيع أثناء العقد على هذا الشيء بعينه، فإن أراد أن يستثني فعليه أن ينص على ذلك ويقول: دون مسجلها أو: أبيعك هذه السيارة وأشترط أن آخذ مسجلها، أو مكيفها، أو راديها، أو نحو ذلك من الأشياء الموجودة فيها مما هو متصل بها.

كذلك أيضاً لو باع داراً وقام على أجهزتها الكهربائية واستخرجها وخلعها، وقال: هذه الدار المسلمة هي التي بعتك إياها، أما بالنسبة لما فيها من الأدوات الكهربائية فأنا ما بعتك إياها، فهل من حقه أن يستخرج هذه الأجهزة الكهربائية أو لا؟ فيه تفصيل:

فما كان منها متصلاً مثل المصابيح الكهربائية، فهذه تبقى، وليس من حقه أن يستخرجها، أما ما كان منفصلاً، كالثلاجات والغسالات، فهذه تعتبر منفصلة، وفي حكم المنفصل، فمن حقه أن يأخذها؛ لأن ليست تابعة للرقبة.

فلو باعه داراً فيها تلفون، فهل من حقه أن يأخذ التلفون معه؟ أو يترك له خط التلفون؟

نقول: إن التلفون ملكٌ لصاحبه؛ لأن التلفون في الأصل صفة كمال في المبيع، ولذلك الدور منها ما هو موجود فيها، ومنها ما هو غير موجود، لكن الكهرباء موجودة في المبيعات، وحينئذ نقول: هذا التلفون من حقه أن يستخرجه، لكن لو اشترط المشتري، وقال: أشتري الدار بما فيها من التلفونات، كان من حقه ذلك.

وبناء على ذلك، يُفرق بين ما يكون متصلاً، خاصة بالعرف، وبين ما يكون منفصلاً عن الدار، فيتبع المتصل ولا يتبع المنفصل، وكذلك أيضاً من الفراش، فما يوجد من فرش الدار الموجود في عصرنا، فيحكم بكونه ملكاً للبائع، كما قرر العلماء رحمهم الله تعالى أن فرش الدار يكون ملكاً للبائع، ولا يحكم بكونه تابعاً للرقبة.

قال رحمه الله تعالى: [إذا باع داراً شمل أرضها]:

أي: إذا قال له: بعتك هذا البيت، أو هذه العمارة، أو هذه الغرفة، فإن البيع قد انصب على رقبة الدار، فذات الدار مملوكة بالبيع، ثم يشمل ذلك أصل الدار، وهي الأرض التي بنيت عليها، ويشمل سقفها وهواءها، أما ملكيتك لأرض الدار وما سفل منها فلظاهر قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من ظلم قيد شبرٍ من الأرض طُوِّقَه يوم القيامة من سبع أرضين)، فجعل الظلم في أخذ الأعلى ظلماً في أخذ الأسفل، وجعل الأسفل تابعاً للأعلى، ومن هنا قال جماهير العلماء: من ملك داراً ملك أسفلها، وعليه قالوا: إنه لو كانت له دار، فأراد أحدٌ أن يستحدث من تحتها معبراً لم يكن من حقه حتى يستأذنه؛ لأنه ملكٌ له، ومن حقه أن يأذن له، ومن حقه أن يمتنع، لما يرى من رفقه أو ضرره.

فمن ملك داراً ملك أرضها، فالدار التي بيعت، والصيغة التي وقعت بين البائع والمشتري على هذا المكان المعين ملكه بالعقد فإن قال له: بعتك هذه الدار وعيّنها، وكان طول الدار عشرين متراً أو ذراعاً، وعرضها عشرة، فإن هذه الدار بهذا الطول المتفق عليه ملك للمشتري إذا أوجب البيع، وتمت الصفقة بينهم، وحينئذ يملك الدار، ويملك أسفلها، فإذا باع داراً، شمل أرضها وما سفل منها.

ومن هنا خَرَّجَ بعض العلماء مسألة: أنه لو كان معتكفاً في مسجد فنزل في أسفله لم يبطل اعتكافه؛ لأنه لم يخرج عن المسجد، وجعلوا حرمة الأسفل والأعلى بمنزلة.

ومن هنا -أيضاً- خرج بعض العلماء المسألة المعروفة: وهي عدم جواز بناء المسجد فوق المتاجر؛ لأن الأرض إذا كانت موقوفة ومسبلة للمسجد، كانت غير مملوكة، وغير مستصلحة للمعاوضات بالبيع والشراء، وليست محلاًّ للبيع والشراء؛ لأن حرمة الأعلى والأسفل واحدة.

ومن هنا أيضاً: إذا قلنا ملك الأسفل والأعلى، صح أن يملك أعلاها، فإذا صعد إلى أعلى المسجد لم يكن اعتكافه باطلاً، ولو حلف أنه لا يخرج من المسجد، فصعد إلى سطحه فإنه غير خارج؛ لأنه ما زال في حدود المسجد.

وعليه كأنه لما قال له: بعتك هذه الدار، فإن هذا هو حد الدار، وحد البناء الذي وقع عليه العقد.

وقول العلماء: من ملك داراً ملك أرضها، من باب بيان الاستحقاق، فحقك بهذا العقد الدار وأرضها وأساسها وأسفلها ملك لك.

قال رحمه الله تعالى: [شمل أرضها وبناءها]

قوله: [وبناءها]، أي: البناء الذي عليها، فلو كانت الأرض فيها غرفٌ، فإنك تملك هذه الغرف، ولو كانت عليها عمارة ملكتها، أو كان عليها أي بناء، كرجل باع قطعة في مخطط عليها سور، فإن هذا السور ملك لك إذا اشتريته، فلو أنه باعك هذه الأرض في المخطط بضابطها وعينها، وأخذتها وضبطتها، وعلمت أن هذه الأرض الفلانية ذات الرقم الفلاني ملك لك فأعطيته مئة ألف وهي قيمة الأرض واتفقتما، وإذا بالأرض عليها سور، فجاء لكي يخلع السور الموجودة فيها، فإنك تقول له: ليس من حقك؛ لأنني أملك الأرض وبناءها، فليس من حقك أن تخلع هذا السور، أو تهدم هذا السور؛ لأنه صار إلى ملكي، ولا يستطيع أحد أن يحدث شيئاً في هذه السور، أو ينتفع بهذا السور إلا بأذني، ولذلك قال المصنف: [شمل أرضها وبناءها].

وهكذا بناء الدار، أي: البناء الموجود في الدار؛ فإنه يشمله البيع.

وهنا مسألة عصرية -ونحن نحب دائماً أن نربط الموضوع بالوقائع الموجودة الآن- وهي أنه في بعض الأحيان يبيع الشخص داراً وهو لا يملك الأرض، وذلك في البيوت الجاهزة، والبيوت المتنقلة، فإذا قال له: عندي غرفة متنقلة، فإن هذا لا يستلزم أنه يبيعه الغرفة بما هي عليه من الأرض، فلو اتفقا على غرفة متنقلة -مثلاً- بطول معين وعرض معين من نوع معين، فاشتراها، ثم قال له: خذ غرفتك قال: لا، من ملك أرضاً ملك بناءها وأرضها، وهذه الأرض في حكم الدار، فأملك الأرض التي تحتها، نقول: لا، ليس لك هذا؛ لأنه باعك إياها على وصف التنقل، فأنت تملكها متنقلة، ولا تملكها ثابتة على الأرض.

قال رحمه الله تعالى: [وسقفها]:

سقف الدار كذلك، فإن السقف يملك، وعلى هذا قالوا: إنه إذا طاف في السطح الأعلى من المسجد، كان كمن طاف في أسفله؛ لأن الله تعالى يقول : وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ [الحج:26]، وجماهير العلماء على أن الطواف لا يصح خارج البيت، فإذا طاف في داخل البيت صح طوافه.

ولو صعد إلى الدور الثاني، أو صعد إلى الدور الثالث، قالوا: يصح طوافه؛ لأنه طاف في داخل البيت، ولم يخرج عن حرم البيت، ولو كان معتكفا وصعد من داخل المسجد إلى أعلى المسجد في الدور الأول والثاني فإنه لا يبطل اعتكافه؛ لأنه ما زال في حرم المسجد.

فمعنى قوله: [وسقفها] أن السقف تابع للأسفل، وفرِّع على هذا مسألة السعي بين الصفا والمروة في الدور الثاني، فإنه مفرَّع على مسألة من ملك أرضاً ملك سماءها وبناءها.

قال رحمه الله تعالى: [والباب الملصوق]:

بعد أن بيّن لنا رحمه الله تعالى أنه يملك الأرض، ويملك البناء، يأتي السؤال الآن عن الأشياء الموجودة في جدران الأرض، كرجل باعك غرفة، وهذه الغرفة بطول معين، وعرض معين، وسمك معين، فاتفقتما، وتم البيع، ثم لما تم البيع ودفعت المال، جاء يريد أن يأخذ الباب والنافذة، ويقول: أنا بعتك الغرفة للجرم والذات، وما بعتك نوافذها، وأبوابها، ويقول: ما بعت لك إلا عين الرقبة، فهل من حقه أن يقول ذلك؟ نقول: لا، بل فيه تفصيل:

فما كان من الأبواب مُسَمَّراً، في نفس الغرفة، فإنه يملك وينصب البيع عليه، وما كان منها منفصلاً، ولم يسمر، فإنه ليس من الرقبة، ولا يعتبر تابعاً للرقبة، وعلى هذا ليس من حقه أن يخلع الباب المسمر، ولا النافذة المسمرة، وعليه تكون تابعة للأصل وتابعة للدار.

لكن لو كان الباب مخلوعاً، كما لو باعه الغرفة ونظر إليها وبابها مخلوع، فمعناه أنه اشترى حاضراً ناظراً بهذه الصفة، وحينئذ يتم البيع على أنها غرفة بدون باب.

ولو كان عنده غرفة لها باب، وفي هذه الغرفة ثلاثة أبواب وضعها البائع في الغرفة، أي: استخدم الغرفة كمخزن، فجاء المشتري وقال: أنا أملك الغرفة والأبواب الموجودة، نقول: لا، فالأبواب فيها تفصيل، فما كان منها مسمراً يملك ويتبع العقد، وما كان منها غير مسمر فإنه لا يتبع العقد.

قال رحمه الله تعالى: [والسلم والرف المسمرين]:

السلم هو الذي يصعد عليه، وأما الرف فهو مثل الذي يوضع في دورات المياه، على المغاسل لتوضع عليه أشياء، ففي القديم كانوا يجعلونها في الغرف لأجل أن توضع عليها الأشياء، أو تكون في الصالات فإن المسمر منها في الغرفة لا يخرج، وليس من حقه أن يأخذه، لكن لو كان الرف مخلوعاً وموضوعاً في مخزن البيت، أو موضوعا في غرفة من غرف البيت كمخزن، فمن حقه عند البيع أن يأخذه؛ لأنه غير مسمر، وقد اشترى العين بصفاتها الموجودة، وحينئذ يجب عليه أن يترك المسمر، وأن يأخذ غير المسمر.

والسلم ينقسم إلى قسمين -خاصة في القديم-: قسم من السلالم ثابت، كأن يبيعه داراً لها دوران، الدور الأرضي، والأول الذي فوق الأرضي، فالذي فوق الأرضي يحتاج إلى الصعود إليه بسلم، وهذا السلم ثابت موجود في نفس الدار، وهو -طبعاً- مسمر، ومحفور ومرتكز، فإنه إذا باعه يتبع المبيع، فلو جاء لكي يخلعه، نقول له: ليس من حقك خلعه، هذا مسمر وتابع للرقبة، وتابع للمبيع، وهناك قسم من السلام ليس بمسمر، مثل السلم الذي تضعه في المكتبة من أجل أن ترقاه من أجل أن تجد كتاباً في الأعلى، أو سلم تستصلح به -مثلاً- مصابيح الكهرباء ونحو ذلك، أو تتناول به الأشياء العالية، وهذا النوع من السلالم غير مسمر، فهذا من حقه إذا باعك الدار أن يستخرجه ويأخذه معه، فهو غير مسمر، ولا يتبع الرقبة، ولا يكون البيع منصباً عليه مع ذاته.

وبناء على ذلك يفصل في السلالم، فما كان منها مسمراً فإنه يتبع العين والرقبة، ولا يجوز فكه، ولا يجوز أن يأخذه البائع معه، وإنما يبقى مع المبيع ويتبعه، وما كان منها منفكاً ومتنقلاً غير مسمر، فمن حقه أن يأخذه معه.

هذا بالنسبة للسلالم، فما الحكم في المصاعد؟ كما لو باعه عمارة فيها مصعد كهربائي، واشتراها منه بنصف مليون مثلاً، ثم فوجئ بالبائع يريد أن يأخذ المصعد معه، فقال له: بعتني العمارة والمصعد تابع للعمارة، قال: لا، أنا بعتك العمارة، وما بعتك المصعد، فننظر: إن كان المصعد مسمرا، بمعنى أنه في نفس العمارة ويعمل فحينئذ يصبح تابعاً للعمارة، حتى ولو كان عاطلا،ً ما دام أنه مهيأ للعمل، ومثبت في العمارة، فإنه تابع للرقبة، فيكون الخطأ من البائع، فإذا أراد أن يستثني فليقل: أبيعك العمارة إلا المصعد، إذا أراد أن لا يبيع المصعد، فإذا لم يستثنِ ودخل المشتري ورأى المصعد، ورأى العمارة بمصعدها فكأنه يقول له: أبيعك العمارة بمصعدها، وعلى هذا تكون المصاعد في حكم السلالم المسمّرة، ونحوها.

لكن لو أنه باعه عمارةً وفي حوشها مصعد معطل، أو جاهز للعمل لكنه غير مركب، فهل يكون المصعد تابعاً للعمارة؟

نقول: لا؛ لأنه غير مسمر، وغير موجود في العمارة، والبيع وقع على العمارة، وهذا ليس متصلاً بها ولا في حكم المتصل بها.

قال رحمه الله تعالى: [والخابية المدفونة]:

أي: وكذلك الخابية المدفونة تتبعها، ويشترط الدفن؛ لأنه كالتسمير في الأرفف.

قال رحمه الله تعالى: [دون ما هو مودع فيها من كنزٍ وحجر]

قوله رحمه الله تعالى: [دون] استثناء، أي: لا يشمل البيع ما كان مودعاً في المبيع، أي: محفوظاً فيه، فإذا كانت لك عمارة فيها غرفة لك أشبه بالمخزن، فما وضع في هذه الغرفة مما هو من حوائجك الخاصة والأشياء التي لمصالحك تريد أن ترتفق بها، فإنها ملك لك، إذا كنت البائع، وليس من حقه أن يقول: اشتريت العمارة كلها بما فيها.

فما أودع في المبيع، فليس بتابع للمبيع، وإنما يكون البيع على ظاهره، والمودع يكون ملكاً لصاحبه الذي أودعه دون المودع فيها.

والودع: أصله الترك، ومنه قوله تعالى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ [الضحى:3] أي ما تركك، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات -يعني تركهم صلاة الجمعة- أو ليختمنّ الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين)، نسأل الله السلامة والعافية، فالودع الترك، وسميت الوديعة وديعة؛ لأن صاحبها يتركها عند من استودعه إياها.

و[مِنْ] في قوله: [دون ما هو مودع فيها من كنز وحجر] بيانية، كقوله تعالى : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البينة:1]، فـ(من) هنا بيانية.

وقوله: [دون ما هو مودع فيها من كنز]، أي: من أمثلة ما يودع فيها الكنز، كمثل رجل أخذ دنانير ذهب -وفي القديم كان الناس يخافون على أموالهم، وليس هناك أماكن يحفظون فيها الأموال- فربما وضع الذهب في صرة أو نحوها وحفر لها في الدار، ثم دفنها، كأنه يكتنزها لنفسه للحاجة، فهذا كنزٌ أو في حكم الكنز.

كذلك في زماننا اختلفت الصورة، فلو أن رجلاً عنده خزنة، وفي هذه الخزنة -مثلاً- مائة ألف، أو فيها حلي، أو فيها ذهب، أو فيها جواهر، فهو يضع في هذه الخزنة أموالاً، فباع العمارة ثم جاء إلى الخزانة يريد أن يفتحها، فقال له المشتري: لا، هذه العمارة بعتني إياها بما فيها، فالكنز لي. فليس من حقه، فالبائع يقول: بعتك العمارة ولم أبعك كنوزها؛ لأن هذا الكنز ملك لي، فهذا معنى قوله: [من كنز]، أي: ما كان مكتنزاً في العمارة، محفوظاً ومودعا فيها، فإنه ملك لبائعها، ليس من حق المشتري أن يطالبه به.

قال رحمه الله تعالى: [ومنفصل منها كحبلٍ ودلوٍ]:

أي: كحبل الدلو، فقد كانوا في القديم يحفرون الآبار في البيوت حتى يستقون منها ويرتفقون بها، فالحبل يحتاجه من أجل أن يستقي الماء، وربما كان الحبل موجوداً في المخزن، فالحبل إذا كان موجوداً في الدار، للاستسقاء بالدلو، فهذا لا يعتبر تابعاً للبيع، وإنما باعه البئر، والبئر تابعة للرقبة، وهذا الحبل ليس بمسمر ولا بمتصل، وهكذا الدلو الذي يغرف به لا يعتبر تابعاً للمبيع.

قال رحمه الله تعالى: [وبكرة]:

وهكذا البكرة التي يجري عليها الحبل.

قال رحمه الله تعالى: [وقفل]:

القفل: واحد الأقفال، وكانوا في القديم يضعون الأقفال على الأبواب، يقفلون بها، فالباب له قفل يضعه البائع على داره، ثم لما باع الدار جاء وأخذ أقفالها، فهل من حقه ذلك؟ نقول: نعم؛ لأن القفل ليس متصلاً بالمبيع، فمن حقه أن يأخذ الأقفال، لكن في زماننا هذا تستخدم الأقفال المتصلة، فإذا كانت الأقفال متصلة فليس من حقه أن يأخذها، لكن الأقفال المنفصلة، ونحوها الضباب التي تعلق تعتبر ملكاً للبائع إلا أن يشترطها المبتاع، وهكذا السلاسل التي توضع على الأبواب تسفل بها لتقفل، فإنها تعتبر تابعة للبيع، فالمشتري إذا اشترى يشتري القفل الذي يناسبه، وهو يملك المتصل دون المنفصل، وهذا هو ضابطها كما قال رحمه الله: [دون ما هو مودع فيها... ومنفصل منها..].

قال رحمه الله: [وفرش].

إذا باع عمارة أو غرفة فمن حقه أن يأخذ جميع الفرش الموجودة فيها، وحينئذ يقوم المشتري بفرشها من جديد، أو الاستغناء عن فرشها إذا كان يريدها لغير الجلوس، فالمهم أن الفراش يكون ملكاً للبائع، فإن الفراش ليس متصلاً بالرقبة، ولا يأخذ حكم المتصل، لكن في بعض الأحيان إذا كان الشيء المبيع مهيأً لكي ينتفع به المنتفع، كأن يبيعه شيئاً يقُصد به نفعٌ معين ولهذا المبيع تهيئة خاصة تتعلق به، مثل ما يوجد في المحلات الآن كما لو باعه -مثلاً- مطبخا، أو باعه على أنه مطبخ، فإن جميع ما يتعلق بهذا المطبخ من عُدَدِه وآلاته ووسائله إذا كان مهيأ مجهزاً بذلك يكون تابعاً للمبيع.

لكن إذا باعه العمارة السكنية، أو باعه الغرفة، فإن هذا كله لا يعتبر فيه الفراش تابعاً، ويعتبر منفصلا عن المبيع فمن حقه أن يخلع الفراش ويقوم المشتري بفرشها بما يشاء.

قال رحمه الله تعالى: [ومفتاح]:

أي: والمفاتيح كذلك، وهذا في الأقفال، فإذا كان القفل ملكاً للبائع فمعنى ذلك أن المفتاح سيكون ملكاً للبائع، لكن الكوالين الموجودة الآن، تعطى بالمفاتيح للمشتري؛ لأنها متصلة بالمبيع، وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله كائنٌ في المبيعات القديمة، لكن نمثل بأشياء موجودة اليوم، فمثلاً: في زماننا لو باع سيارة،، وكانت رقبتها ليس فيها أشياء تخص المشتري فلا إشكال، فحينئذ يتبع السيارة ما هو فيها من آلاتها وعددها المعروفة بالعرف، لكن لو أنه -طالب أي البائع- بشيء موجود فيها بالعرف، كأن يكون باعه سيارة فأراد أن يستخرج مسجلها مثلاً، أو المكيف الموجود فيها، فهل من حقه ذلك؟

الجواب: ليس من حقه ذلك؛ لأنه متصلٌ بالمبيع ومسمرٌ في المبيع، ووقع البيع أثناء العقد على هذا الشيء بعينه، فإن أراد أن يستثني فعليه أن ينص على ذلك ويقول: دون مسجلها أو: أبيعك هذه السيارة وأشترط أن آخذ مسجلها، أو مكيفها، أو راديها، أو نحو ذلك من الأشياء الموجودة فيها مما هو متصل بها.

كذلك أيضاً لو باع داراً وقام على أجهزتها الكهربائية واستخرجها وخلعها، وقال: هذه الدار المسلمة هي التي بعتك إياها، أما بالنسبة لما فيها من الأدوات الكهربائية فأنا ما بعتك إياها، فهل من حقه أن يستخرج هذه الأجهزة الكهربائية أو لا؟ فيه تفصيل:

فما كان منها متصلاً مثل المصابيح الكهربائية، فهذه تبقى، وليس من حقه أن يستخرجها، أما ما كان منفصلاً، كالثلاجات والغسالات، فهذه تعتبر منفصلة، وفي حكم المنفصل، فمن حقه أن يأخذها؛ لأن ليست تابعة للرقبة.

فلو باعه داراً فيها تلفون، فهل من حقه أن يأخذ التلفون معه؟ أو يترك له خط التلفون؟

نقول: إن التلفون ملكٌ لصاحبه؛ لأن التلفون في الأصل صفة كمال في المبيع، ولذلك الدور منها ما هو موجود فيها، ومنها ما هو غير موجود، لكن الكهرباء موجودة في المبيعات، وحينئذ نقول: هذا التلفون من حقه أن يستخرجه، لكن لو اشترط المشتري، وقال: أشتري الدار بما فيها من التلفونات، كان من حقه ذلك.

وبناء على ذلك، يُفرق بين ما يكون متصلاً، خاصة بالعرف، وبين ما يكون منفصلاً عن الدار، فيتبع المتصل ولا يتبع المنفصل، وكذلك أيضاً من الفراش، فما يوجد من فرش الدار الموجود في عصرنا، فيحكم بكونه ملكاً للبائع، كما قرر العلماء رحمهم الله تعالى أن فرش الدار يكون ملكاً للبائع، ولا يحكم بكونه تابعاً للرقبة.

بيع الأرض مطلقاً يشمل الغرس والبناء

قال رحمه الله تعالى: [وإن باع أرضاً ولو لم يقل بحقوقها شمل غرسها وبناءها]:

لو أن رجلاً قال لك: أبيعك مزرعةً طولها كذا، وعرضها كذا، في مكان كذا، فإنه حينئذ أوجب الصفق على هذا المبيع الموصوف في الذمة، أو المعين، كأن يقول: مزرعتي هذه، والمزرعة فيها زرع، فلما أوجب البيع وتمت الصفقة، قال لك: بعتك الأرض، فأنت تأخذ المزرعة، أي: الأرض الصالحة للزراعة، فمن حقي أن أخلع النخل، وأُخرج النخل، ومن حقي أن أخرج الزروع إلا أن تعوضني عنها، فيقال: من باع أرضاً شمل غرسها وزرعها، وليس من حق البائع أن يأخذ ذلك، إلا إذا اشترط على المشتري، فقال له: أبيعك هذه المزرعة على أن آخذ جميع ما فيها، فحينئذ لا إشكال، إما أن يخلع النخل أو يتراضى مع البائع على حسب ما يتفقا.

حكم الزرع الموجود في الأرض المبيعة

قال رحمه الله تعالى: [وإن كان فيها زرع كبُر وشعير، فلبائع مبقي]:

الحبوب إذا زرعها البائع فإن هذه الحبوب لا تبقى ولا تستديم، ولا تعتبر تابعةً للمبيع، وتكون للبائع، لكن يستبقيها إلى الحصاد، فيكون من حقه إذا باع الأرض أن يبقيها، ويطالب المشتري ببقائها وسقيها حتى يحصدها، فإن هذا الزرع مبقيٌ للبائع إلى الحصاد، فإذا جاء الحصاد وجب عليه أن يحصد، وتكون مئونة الحصاد، وكلفة الحصاد على المشتري، ثم بعد ذلك تبقى الأرض والرقبة للبائع.

ثانياً: ما كان نتاجه مراراً:

قال رحمه الله تعالى: [وإن كان يجز أو يلقط مراراً، فحقوله للمشتري، والجزة واللقطة الظاهرتان عند البيع للبائع]:

الآن بيّن لنا أن الذي يبتاع الرقبة يملكها وما فيها مما هو متصلٌ بها، والزرع في الأصل متصلٌ بالأرض، وكان ينبغي أن يكون تابعاً للبيع، لكن العلماء رحمهم الله فصلوا في هذا؛ لأن السنة نبهت على ملكية البائع لزرعه إذا كان له ثمرة في ذلك الزرع، فتخرج في ملكه ولا تخرج في ملك المشتري.

والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (من باع نخلاً قد أبرت)، فالأصل النخل، وقوله صلى الله عليه وسلم: (قد أبرت)، أي: الثمرة، فإذا أبرت النخلة فمعناه أن الثمرة حدثت في ملكي أنا البائع، فليس من حق المشتري أن يطالبني بها، إلا إذا اشترط، فإذا أبرت النخلة فمعناه أن هذه الثمرة التي أبرت حدثت في ملكي وضماني، فأنا أستحقها ويتم البيع على الأصل دون الثمرة.

وبناءً على هذا تكون لي الثمرة في تلك السنة، لكن في السنة القادمة إذا أطلعَ النخلُ تكون الثمرة للمشتري؛ لأنها وقعت في ملك المشتري، أكد هذا النبي صلى الله عليه وسلم بالمفهوم، فلما قال بمنطوق النص، : (من باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للبائع)، فهمنا أن من باع نخلاً لم تؤبر فثمرتها للمشتري.

وعلى هذا كأن الثمرة إن وقعت في ملك البائع فللبائع، وإن وقعت في ملك المشتري فللمشتري.

وبناء عليه يُفَصَّل في الثمار، فلو أنه باعه نخلاً قد أبرت، وقلنا: إنها تابعةٌ للبائع، فإن الموجود عندنا أصل وثمرة، فالذي دلت عليه السنة أن المشتري يملك الثمرة لذلك العام وحده، ففرع عليهما ما كان يُجز ويُلقط مراراً، فما يجز مراراً مثل الكرّاث، ومثل البرسيم، فالبرسيم إذا جززته نبت مرة ثانية، والكرّاث إذا جززته نبت مرة ثانية، أو يلقط كالعنب فإنه يؤخذ ويلقط، والرطب والبلح ونحو ذلك، هذا كله يلقط، وقد يلقط ويتجدد، وقد يلقط على بطن ظاهر وبطن متخلف، كالقثاء، والباذنجان، ونحو ذلك.

إذاً لا بد من التفصيل في هذه الأنواع كلها، فما كان له جزة واحدة كالحبوب، فإنه إذا باع أرضاً فيها زرع، كالحب، فإنه يكون قد حدث في ملك البائع، فليس من حق المشتري أن يطالبه بهذا الزرع الموجود، ويجزه البائع عند حصاده، ويكون ملكاً له، إلا إذا اشترط المشتري، وقال: أشترط أن آخذ الأرض بهذا الزرع الموجود فيها فهي ملكٌ له.

الحالة الثانية: أن يكون مما يجز، ولاحظ أن الأول يجز فلا يعود، فجزَّته واحدة، أما الذي يجز ويعود، إن كان يجز مرة بعد مرة، كالبرسيم ، فإنه ربما يبقى في الأرض خمس سنوات، وربما إلى عشر سنوات، على حسب أنواعه، وحسب جودة الأرض، فإذا كان هذا البرسيم يجز مرة بعد مرة فباعه والبرسيم فيه جزة ظاهرة فإنها قد حدثت في ملك البائع، فنقول: أصل البرسيم للمشتري والجزة الظاهرة للبائع، ولكن الأصل للمشتري، فإذا جز البائع الجزة الظاهرة أصبح الكل ملكاً للمشتري.

قال رحمه الله تعالى: [وإن اشترط المشتري ذلك صح]:

أي: إن اشترط المشتري ذلك، فقال: الجزة الظاهرة لي، أو قال فيما يلقط: هذا الملتقط لي، أو قال في ثمرة البستان هذا لي، فإنه يكون له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من باع نخلاً قد أبرت، فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع)، أي: أنها ملك للمبتاع إن اشترطها.