أسئلة وفتاوى- 3


الحلقة مفرغة

السؤال: يا شيخ! أنا أحبك في الله وأنت لا تعرفني، فهل نكون ممن يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله؟

الجواب: اللذان ذكر الرسول عنهما أنهما تعارفا، تعاونا، تصافيا، تصادقا، تحابا، وأصبح كل يعرف صاحبه ويحبه؛ لأنه يعيش معه، فحبك في الله علامة إيمانك وأنك -والله- لمؤمن صادق الإيمان؛ إذ لا يحب في الله إلا مؤمن.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه )، فليخبره، ويرد عليه صاحبه بقوله: أحبك الله الذي أحببتني من أجله.

فالحب العام هذا عقيدة المؤمنين والمؤمنات، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، وهذا الولاء وهذه الولاية تدور على شيئين: الحب والنصرة، الولاء بين المؤمنين والمؤمنات معناه: أن يحب بعضهم بعضاً وأن ينصر بعضهم بعضاً، فمن كان لا يحب المؤمن فما هو بولي له، ومن كان يحبه ويخذله ولا ينصره فما هو بولي له.

هذه الكلمة أيها الإخوة الكرام أود أن تعودوا بها نوراً في صدوركم، فكثير من الناس يتخبطون في معنى الولاء والبراء.

اسمعوا الله تعالى يقول في سورة التوبة المدنية التي ما فيها نسخ، يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، فما معنى: بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]؟ كيف نفسر هذا؟ نفسره بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه وبما جاء مفرقاً في كتاب ربه، أن هذا الولاء معناه: الحب، المؤمن يحب المؤمن، والمؤمنة تحب المؤمنة والمؤمن، فالذي يبغض المؤمنين والله ما هو منهم، بل هو منافق، والذي يخذل المؤمنين وهو قادر على نصرتهم ما هو بمؤمن، فلا بد من شيئين: الحب والنصرة، أخوك يمسك به السبع وأنت تحبه والعصا في يدك وهو يستغيث بك فما تنقذه؟! أين الولاء؟ أخوك يعبث الشيطان به أمامك يقوده إلى المزناة والمخمرة وأنت تحبه وتقول: أخي، ولا تستطيع أن تقول: يا عبد الله! تعال. لا تمش إلى هذا المكان الباطل. وتتركه للشياطين؟ فأين الولاء؟ هل أدركتم معنى الولاء؟

الولاء: الحب والنصرة، من أحبك وخذلك فما والاك، من نصرك وهو يكرهك فما والاك، فلا بد من أن يحب المؤمن المؤمن، وأن ينصره في حدود قدرته وما يستطيع.

السؤال: شربت الماء في رمضان مع أذان الفجر أو بعد الأذان، فماذا أصنع؟

الجواب: عندنا في الحرمين الشريفين الأذان يؤذن بالدقيقة، بل باللحظة، لا يقول مؤذننا: الله أكبر إلا بعد أن يطلع الفجر، بخلاف القرى والمدن الأخرى فممكن أن المؤذن ما عنده ضبط، قد يؤذن قبل الوقت بخمس دقائق، أو بعد الوقت بعشر دقائق، أما هنا فإذا قال المؤذن: الله أكبر وفي يدك اللقمة فضعها على الطبق، الملعقة مملوءة فردها إلى الأرض، انتهى الوقت وجاء الإمساك، الإناء أمامك، الكأس، الفنجان، القدح، رفعته بين يديك فقال: الله أكبر فضعه. وإذا أخذت تجرع جرعة بعد أخرى وقال: الله أكبر فقل له: قل: الله أكبر مليون مرة، فلن نضع الإناء حتى نكمل، هذه مظاهر الرحمة المحمدية، صعب أن تقطع الشرب، فالطعام سهل ويمكن قطعه، لكن الشارب إذا دخل في حلقه واتصل الماء فإنك لا تستطيع قطعه، ومن أراد أن يطاع فليؤمر بما يستطاع، أما أن تأمر بشيء ما يطاق فلن تطاع أبداً، بل تعصى، فالرسول الحكيم يعرف حاجة الإنسان إلى الماء، ورمضان يأتي في الصيف أحياناً، ففي كل ثلاث وثلاثين سنة يتبدل، فكيف والمؤمن بدأ يشرب والظمأ يقتله وتقول له: اترك؟! لا يستطيع، فلهذا إذا أخذت تشرب وأذن المؤذن فأكمل شربك واحمد الله عز وجل وصل على النبي.

أما إذا كان المؤذن يؤذن وأنت تأتي إلى العين تشرب فهذا عبث، وهذا صيامه باطل وعليه القضاء والتوبة، ما هناك كفارة، لكن القضاء وأن يستغفر الله عز وجل.

السؤال: خرج من أنفه دم بدون سبب، رعف رعافاً عادياً، فهل يفسد صومه؟

الجواب: لا. لو احتجم ما يفسد صومه، لو أخذ دمه بإبرة لا يفسد الصوم، وإنما الاحتجام وسحب الدم ينظر فيه إلى جسم الإنسان، فإذا كان يتأثر فلا يؤخذ منه، وإذا كان لا يتأثر وكمية الدم قليلة فلا بأس.

السؤال: ما حكم استعمال الصائم الإبرة التي تضرب في العرق؟

الجواب: إذا كانت الإبرة للغذاء تحمل فيتامينات، أي: مغذيات من أجل إنعاش جسم هذا المريض؛ فإنه يستعمل الإبرة ويقضي؛ إذ هو مفطر، وإذا كانت الإبرة ليست للتغذية بل لزيادة الطاقة أو علاج المرض أو دفع الجراثيم؛ فلا بأس، لا تفسد الصيام، ولو استعملها المؤمن بالليل لكان خيراً له إذا كان يملك ذلك.

السؤال: هل لبس الذهب للطفل الصغير جائز؟

الجواب: لا إثم على الطفل؛ لأنه غير مكلف، لكن من الخير أن يربيه أبواه على الفحولة والرجولة لا على الأنوثة والتخنث، فالبنت نعم ألبسوها الذهب وهي طفلة: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، هذا في النساء، أما طفلك الذكر تعمل له خاتم ذهب وسوار ذهب كأنه بنت فهذا عيب، وما عليه إثم، لكن أمه وأبوه لا ينبغي لهم هذا.

السؤال: ما حكم التلبية والدعاء بصوت واحد خلف الذي يدعو بنا؟

الجواب: إذا كان العوام لا يحفظون التلبية فليلب بهم رجل حافظ وهم يعيدونها؛ إذ لا بد من النطق بها، هذا يوجد مع عوام لا يحفظون التلبية في سيارة مع حجاج أو عمار، يلقنهم واحد التلبية وهم يعيدونها بصوت منخفض؛ لا بأس، أما الدعاء فعليهم أن يقولوا: آمين، هو يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وهم يقولون: آمين فقط، لا يعيدون الكلمات، هو يقول: اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا وهم يقولون: آمين.. آمين.. آمين، أما أن يعيدوا الكلمات فلا، فهذا مظهر باطل وما فيه فائدة، بدليل أن الإمام يخطب مليون سامع كلهم يقولون: آمين، وقد كان موسى عليه السلام يدعو وهارون يقول: آمين، وذلك في قول الله: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس:89].

والطواف كغيره، فإذا كان يطوف بك شخص فهو يدعو وأنت قل: آمين، ولا تعد الكلمات.

السؤال: أخي يشتغل على سيارة، لكن لا يوفر طعامه وطعام أهله، وله زوجة وأولاد، فهل نعطيه من الزكاة؟

الجواب: نعم أعطه، ما دامت حصيلته لا تسد حاجته فلا بأس.

السؤال: بعض الناس يدفنون سرة المولود حين يولد في المدرسة أو في المعهد؛ رجاء أن يصبح عالماً، فما حكم ذلك؟

الجواب: هذه بدعة شيطانية، الشيطان هو الذي أوحى بها، هؤلاء محرومون من سؤال الله والضراعة بين يديه، لو كانوا يسألون الله لأغناهم عن هذا، كيف يصير عالماً بدفن السرة؟ تنجس المعهد وتقول: ليصبح عالماً؟ والمسجد أيضاً، قالوا: يدفنونها في المسجد؛ ليصبح عابداً! هذا من وحي إبليس لعنة الله عليه، وهذا من الجهل، حرام على مؤمن أن يفعل هذا الفعل بدون أن يسأل: آلله أمر أم لم يأمر؟ الرسول سن أم لم يسن، نفعل بأهوائنا وعقولنا حتى نصبح كاليهود والنصارى لا نعبد الله بشيء.

السؤال: إذا سافرت فهل أفطر أم أصوم؟

الجواب: الذين يقولون: إذا سافرتم فأفطروا، وإن صمتم فإنكم عصاة فسقة، هذا القول باطل باطل باطل، وموجود وله كتب، الذي يقول: إذا صام المسافر فهو آثم وعاص، وصيامه باطل، هذا القول مردود على صاحبه، عالم من علماء المسلمين زلت قدمه فوقع في هذه الفتنة.

فأقول: إذا كنت تحتاج إلى الفطر ليساعدك على أعمالك، على مشيك، على طلبك حاجتك فأفطر خير لك واقض، وإذا كنت لا تحتاج إلى الإفطار لأن أعمالك هينة، عملك قليل، ما تتكلف أي شيء فصم فالصوم أفضل.

وشيء آخر ما تحفظونه إن كنتم تريدون العلم، وهو أن الصحابة أخبروا عن أنفسهم قالوا: ( كنا مع رسول الله منا الصائم ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم )، هذا هو الدين الحق.

السؤال: كيف نزور النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي آداب الزيارة النبوية؟

الجواب: أولاً: يا بني! حين تكون قادماً من بلادك الرياض أو جدة أو القاهرة أو واشنطن أو باريس فانو زيارة المسجد النبوي للصلاة فيه؛ إذ السفر البعيد لا يشد له رحل إلا إلى المساجد الثلاثة، فلا تقل: أنا ذاهب لأزور النبي صلى الله عليه وسلم؛ ما كلفك الله ولا رسول الله، ما قال الرسول: زرني بخمسة آلاف فرنك فرنسي أو عشرة آلاف من أجل أن تسلم علي، والله ما قال ولا كلف مؤمناً بهذا، ولكن زيارة المسجد لعلة وحكمة عظيمة، قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا )، فلا بد من نية صادقة أنك تريد أن تصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حين تصل إلى المدينة النبوية تتوضأ وتأتي إلى المسجد النبوي فتصلي فيه ركعتين فتتم الزيارة، إذا وجدت الصلاة قائمة فادخل معهم وبعد ذلك صل الركعتين، فتكون تمت زيارة المسجد النبوي وبؤت بالأجر وعدت بالمثوبة.

أحب شيء عندنا أن نقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغلى شيء وأنفسه، فتأتي في هدوء، وإن كنا الآن لا نستطيع أن نتلذذ بالوقوف على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأننا عوام وجهال نتزاحم، حالة ما هي بمرضية أبداً؛ والسبب الجهل، لو كنا مستقيمين عالمين فسنأتي أفواجاً ألف واحد، ونمر ونقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر الصديق ، السلام عليك يا عمر الفاروق ، ونحن ماشون كالسيل، لكن هذا واقف، وهذا ينظر، وهذا في يده كتاب! عبث هذا، لو كان رسول الله بين أيدينا جالساً فكيف سنفعل؟ كيف سنسلم عليه؟ أتسلم عليه بالكتاب؟ أنرفع أيدينا ندعو؟ ما كان يجلس لأصحابه يسلمون عليه، وهل كان يأتي الصحابي فيقول: السلام عليك يا رسول الله ويأخذ يدعو؟ والله ما كان، أسأنا الأدب مع نبينا ولا عجب؛ لأننا ما عرفناه، ومن علمنا؟

إذاً: فأنت تأتي في أدب واحترام، وحين تصل عند المواجهة الشريفة تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك وذريتك أجمعين، وتمشي خطوة: السلام عليك أبا بكر الصديق ، وإن قلت: صفي رسول الله وثانيه في الغار فلا بأس، شهادة حق، ثم تمشي خطوة وتقول: السلام عليك عمر الفاروق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة الإسلام خيراً، وتمشي، لا تضع يديك على صدرك، ولا تطل الوقوف، كأنما الرسول في الروضة والمؤمنون يسلمون عليه، يسلم المرء ويمشي، هذه هي الزيارة المشروعة، أما الزحام كما تشاهد فكل هذا ناتج عن جهل الناس.

وأقول: الحمد لله أن الله عز وجل فتح علينا فتحاً عجيباً، فما هناك حاجة إلى أن تأتوا من بلادكم لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وكل الأحاديث الواردة في زيارة القبر كحديث: ( من حج ولم يزرني فقد جفاني )، كلها أحاديث موضوعة.

فحين تكون في طرابلس أو بنغازي فإنك حين تصلي وتجلس للتشهد ماذا تقول؟ تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، هذه تحية الله، ثم تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، والله! إنه ليسمعها كما تسمعها، تنقل بالأثير، فخالق الأثير يوصلها، فلهذا كلما نصلي صلاة فنحن مع رسول الله باللاسلكي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه هذه تعجبوا، وبعدما مات الرسول اختلفوا، قالوا: كيف نقول: السلام عليك أيها النبي وهو غائب، لم لا نقول: السلام على النبي، هذا هو المعقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته؟ فقال الفحول: اسكتوا، ما هو بشأنكم، علمنا هذا لنحفظه ونقوله. لأنه ما جاء وقت الأثير وصعود القمر والكلام مع الإنس والجن كما هو الحال اليوم، بل آمنوا فقط وما عرفوا السر، فقال قائل: هكذا نقول.

أما الآن فوالله! إنا لنسلم عليه وهو يسمع كأنه بين أيدينا، وإن قلت: مستحيل، قلنا: كيف يكون المرء في أمريكا وتتكلم معه؟ فإذا قلت لك: هذا باطل وكذب تقول: اسكت فأنت رجعي؛ هذا أخي يكلمني من نيويورك!

إذاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، هو أمامك سواء كنت في لندن أو كنت في نيويورك أو في المدينة، هذا السر الذي لأجله ما أمر أمته أن تأتيه من أبعاد لتسلم عليه، لا يوجد حديث صحيح أن الرسول دعا مؤمناً أو مؤمنة من الشرق أو الغرب ليأتي فيسلم عليه، إنه أستاذ الحكمة ومعلمها، كيف تكون أنت معه تسلم عليه في كل صلاة ويقول لك: تعال سلم على قبري؟

ولكن حين تكون من أهل المدينة أو تنزل بالمدينة فشوقك، حبك، قلبك، كل ما في نفسك أن ترى قبر نبيك، وإلا فما أنت بمؤمن، أما قضية السلام فنحن مع الرسول في كل صلاة نصليها، ما أقول: إن الرسول معنا، لا تنقلوا عني هذا الباطل، أنا أقول: الوسائط التي تنقل الأنباء من العالم الشرق والغرب هي التي جعلها الله لنا، فنسلم على الرسول فيبلغه ويسمعه، وإلا لما قلنا: السلام عليك أيها النبي، سنقول: السلام على النبي، لأنه غائب، لكنه حاضر يسمع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) هذا إخبار بالواقع، وأنت أيضاً أبوك وأمك في المقبرة تسلم عليهما فيبلغهما السلام، اتصال كامل بين السماء والأرض، فتلذذوا بالسلام على نبيكم.

ومن عجائب الرؤى أني كنت أتألم حين لا نستطيع أن نسلم على الرسول من الزحام وفي النفس شوق، وفي ليلة من الليالي رأيت الحجرة في بيتي، في دارنا، فهذا زادني فهماً لهذا الشوق وأنت مع الرسول في كل صلاة.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
أسئلة وفتاوى- 6 2928 استماع
أسئلة وفتاوى- 5 2890 استماع
أسئلة وفتاوى- 4 2694 استماع
أسئلة وفتاوى- 1 2280 استماع
أسئلة وفتاوى- 7 2007 استماع
أسئلة وفتاوى- 2 1798 استماع