خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/142"> الشيخ ابو بكر الجزائري . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/142?sub=118"> تفسير سور الأحقاف و محمد و الفتح والحجرات و ق
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
تفسير سورة الفتح (5)
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
وها نحن مع سورة الفتح المدنية، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوة هذه الآيات منها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا * وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا * وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا [الفتح:18-24].
خبر بيعة الرضوان
علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع ألف وأربعمائة رجل من المدينة بعدما استنفر من يخرج معه، فما خرج إلا هذا العدد، خرج لماذا؟ لأداء عمرة في السنة السادسة من بعد وقعة الخندق.
فلما نزل بالحديبية راسل المشركين في مكة، فبعث خراش بن أمية الخزاعي وأركبه بعيره المسمى ثعلب، وذهب إلى مكة ليخبر أبا سفيان ورجال مكة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء للعمرة لا للقتال ولا للحرب، فما كان من المشركين إلا أن عقروا بعير الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتل الرجل إلا أن الله نجاه بواسطة الأحابيش -جماعات من كل قبيلة- دفعوا عنه السوء حتى عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لما عاد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث رسولاً آخر إلى قريش، فعرض على عمر فاعتذر عمر وقال: ما عندي من يحميني في مكة من بني عدي، ولكن أرى عثمان أولى بهذا، وبالفعل خرج عثمان بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم سفيراً إلى قريش بمكة، لما وصل قريباً من مكة وجده أحد الرجال فاعتنقه ورحب به، وأركبه دابته فجعله أمامه احتفالاً به، ونزل وذهب إلى أبي سفيان ورجال مكة، فقالوا له: طف بالبيت يا عثمان ، فقال: لا أفعل هذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتألموا لذلك وحبسوه كذا يوماً، فلما حُبس عن رسول الله أُشيع أنهم قتلوا عثمان.
هنا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاله إلى البيعة على قتال المشركين، وبالفعل قاموا تحت تلك الشجرة الواسعة الكبيرة وبايعوه على القتال، ولم يتخلف إلا الجد بن قيس منافق كبير، كان مختبئاً مستتراً بناقته، ما بايع ولا حضر البيعة؛ لأنه من أهل جهنم، منافق مات على نفاقه.
إذاً: فتمت البيعة كما أخبر تعالى، فرضي الله عنهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:18] الصادقين في إيمانهم الكمل في إيمانهم من أبي بكر وغيره إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18]، في الوقت الذي كانوا يبايعونك على قتال المشركين، والبيعة معروفة تحت الشجرة.
سبب قطع عمر شجرة بيعة الرضوان
وفي هذه الأيام قام عالمان من الكويت ينددان بالحكومة السعودية وعلمائها لم لا تبقي الآثار للرسول وأصحابه، وهو جهل مركب، والله! لقد عُبدت أشجار بالآلاف، عبدت قباب بالآلاف، عبدت قبور، عبدت آثار، هذه آثار سيدي فلان، فمن الحكمة والعلم والمعرفة ألا نبقي شيئاً يفتن الناس عن ربهم ويصرف قلوبهم عن مولاهم، ويأخذون يعبدون غير الله.
هذه سنة عمر رضي الله عنه، لما بلغه أو شاهد المارين ينزلون تحتها ويدعون أمر بقطعها فقطعت إلى الآن، وهي في الحديبية قريبة من مكة.
معنى قوله تعالى: (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً)
وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18] وقد علمنا أنه فتح خيبر، أعظم فتح، فغنائم خيبر لا حد لها، فتح سيأتي بعد سنتين وهو فتح مكة؛ لأن هذه الأحداث تمت في السنة السادسة في شهر ذي الحجة، ثم دخل محرم وفي آخره خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر في السنة السابعة.
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح:18-19].
علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع ألف وأربعمائة رجل من المدينة بعدما استنفر من يخرج معه، فما خرج إلا هذا العدد، خرج لماذا؟ لأداء عمرة في السنة السادسة من بعد وقعة الخندق.
فلما نزل بالحديبية راسل المشركين في مكة، فبعث خراش بن أمية الخزاعي وأركبه بعيره المسمى ثعلب، وذهب إلى مكة ليخبر أبا سفيان ورجال مكة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء للعمرة لا للقتال ولا للحرب، فما كان من المشركين إلا أن عقروا بعير الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتل الرجل إلا أن الله نجاه بواسطة الأحابيش -جماعات من كل قبيلة- دفعوا عنه السوء حتى عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لما عاد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث رسولاً آخر إلى قريش، فعرض على عمر فاعتذر عمر وقال: ما عندي من يحميني في مكة من بني عدي، ولكن أرى عثمان أولى بهذا، وبالفعل خرج عثمان بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم سفيراً إلى قريش بمكة، لما وصل قريباً من مكة وجده أحد الرجال فاعتنقه ورحب به، وأركبه دابته فجعله أمامه احتفالاً به، ونزل وذهب إلى أبي سفيان ورجال مكة، فقالوا له: طف بالبيت يا عثمان ، فقال: لا أفعل هذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتألموا لذلك وحبسوه كذا يوماً، فلما حُبس عن رسول الله أُشيع أنهم قتلوا عثمان.
هنا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاله إلى البيعة على قتال المشركين، وبالفعل قاموا تحت تلك الشجرة الواسعة الكبيرة وبايعوه على القتال، ولم يتخلف إلا الجد بن قيس منافق كبير، كان مختبئاً مستتراً بناقته، ما بايع ولا حضر البيعة؛ لأنه من أهل جهنم، منافق مات على نفاقه.
إذاً: فتمت البيعة كما أخبر تعالى، فرضي الله عنهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:18] الصادقين في إيمانهم الكمل في إيمانهم من أبي بكر وغيره إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18]، في الوقت الذي كانوا يبايعونك على قتال المشركين، والبيعة معروفة تحت الشجرة.
وهنا لطيفة: هذه الشجرة من شجر السمر، وعمر رضي الله عنه لما تولى الخلافة بلغه أن بعض الناس يجلسون تحتها، ويأتون للتبرك بها، فأمر عمر بقطعها فاجتثت من أصولها، لم هذا يا عمر ؟ حتى لا تعبد مع الله، فهناك أجيال آتية يعمها الجهل والضلال، لو بقيت تلك الشجرة لبيعت الورقة بدينار، وهذه سنة عمر قام بها عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود تغمده الله برحمته، فكل الآثار التي حفظت وحميت من أجل أن تُعبد من دون الله في ديار الحجاز بالمملكة أزالها.
وفي هذه الأيام قام عالمان من الكويت ينددان بالحكومة السعودية وعلمائها لم لا تبقي الآثار للرسول وأصحابه، وهو جهل مركب، والله! لقد عُبدت أشجار بالآلاف، عبدت قباب بالآلاف، عبدت قبور، عبدت آثار، هذه آثار سيدي فلان، فمن الحكمة والعلم والمعرفة ألا نبقي شيئاً يفتن الناس عن ربهم ويصرف قلوبهم عن مولاهم، ويأخذون يعبدون غير الله.
هذه سنة عمر رضي الله عنه، لما بلغه أو شاهد المارين ينزلون تحتها ويدعون أمر بقطعها فقطعت إلى الآن، وهي في الحديبية قريبة من مكة.
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:18] من الإيمان واليقين والصدق فيما عاهدوا رسول الله عليه، ألا وهو قتال المشركين حتى الاستشهاد أو الانتصار، إذاً: فكافأهم الله فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ [الفتح:18] ذهب الروع والخوف والارتعاد، بل ثبتوا وأصبحوا شجعاناً وأبطالاً لو هاجموا المشركين لقتلوهم.
وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18] وقد علمنا أنه فتح خيبر، أعظم فتح، فغنائم خيبر لا حد لها، فتح سيأتي بعد سنتين وهو فتح مكة؛ لأن هذه الأحداث تمت في السنة السادسة في شهر ذي الحجة، ثم دخل محرم وفي آخره خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر في السنة السابعة.
ثم قال تعالى: وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح:19] هذه وعدهم بها مغانم الفرس والروم، كمغانم خيبر وغيرها.
وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا [الفتح:19] أي: لا يمنع عما يريده، ولا يذله ويقهره غيره أبداً، فهو على كل شيء قدير، حَكِيمًا [الفتح:19] في منعه وعطائه ونصره وخذلانه لعباده.
ثم قال تعالى: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا [الفتح:20] هكذا يخاطب الله تعالى أبا بكر والصحابة رضوان الله عليهم، وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ [الفتح:20] أية غنيمة عجلها؟ غنيمة خيبر.
وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ [الفتح:20]، لاحظوا أنه لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة برجاله قالت قبائل من الأعراب: الرسول لن يعود، سوف يقتله المشركون! لكن هنا في هذه الآية اتصل أولئك الأعراب ببعض اليهود، فقالوا: الفرصة متاحة، تعالوا ننقض على أسر أصحاب رسول الله! واليهود في خيبر، فالمسافة ما هي ببعيدة، مائة وسبعون كيلو.
فهناك مؤامرة تمت بين أولئك الأعراب وبعض اليهود الذين سمح لهم بالبقاء في المدينة بمعاهدة، اتصلوا بيهود خيبر وقالوا: تعالوا نستأصل آثار الصحابة، ما نبقي امرأة ولا ولداً.
فقال تعالى: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ [الفتح:20]، ما استطاعوا أن يفعلوا شيئاً، صرفهم الله حتى عاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزاهم.
وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ [الفتح:20] وهي آية من آيات الله الدالة على علم الله، على قدرة الله، على رحمة الله بأوليائه، على نصرة الله لأوليائه، آية من الآيات.
وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [الفتح:20] ألا وهو الإسلام، فتعيشون عليه حتى تنتهوا إلى دار السلام الجنة دار الأبرار، هذه الأولى.
قال تعالى: وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا [الفتح:21] الأولى غنائم خيبر وتحطيم اليهود والقضاء عليهم في خيبر حتى أصبحوا خدماً فقط ليس لهم نخل ولا صناعة.
وَأُخْرَى [الفتح:21] وهي غنائم أخرى، غنائم فارس والروم، لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا [الفتح:21] ما تستطيعون، ولكن الله قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا [الفتح:21] وتركها لـعمر رضي الله عنه ورجال الإسلام، فما كان إلا أن غزا عمر فارس والروم، وغنم غنائم لا حد لها، أشار إليها تعالى بقوله: وَأُخْرَى [الفتح:21] أي: وغنائم أخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا [الفتح:21] أنتم الآن عاجزون، قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الفتح:21]، كيف بتلك الأمة تهددها مجموعة في المدينة، تغزو فارس والروم وهما دولتان عظيمتان وتغنم منهما، لولا أن الله على كل شيء قدير، وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ [الفتح:21] يريده قَدِيرًا [الفتح:21] لا يعجزه شيء أبداً.
وهناك لطيفة لا ننساها في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:18] فقد عرفنا أنهم ألف وأربعمائة واستثنينا ذلك المنافق، فهل يرضى الله تعالى عنهم اليوم ويكفرون غداً؟ لهذا فإن من يكفر أبا بكر وأصحاب رسول الله كفر، كذّب الله عز وجل ونسبه إلى الجهل وعدم العلم، أيرضى عنهم اليوم ولا يدري أنهم غداً سيكفرون ويسخط عليهم؟ حاشاه تعالى، معاذ الله أن يجهل هذا الجهل، فما دام قد أعلن عن رضاه عنهم فوالله! لن يموتوا إلا مسلمين ربانيين أولياء؛ ليتم رضوان الله عليهم.
فالذين يكفرون أصحاب رسول الله كذبوا الله ونسبوه إلى الجهل، فكيف يرضى اليوم عنهم وغداً يكفرون به؟
ثم قال تعالى: وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [الفتح:22]، لو قاتلكم مشركو مكة من قريش فلن ينتصروا عليكم أبداً، ولولوا الأدبار هاربين، لم؟ لأن الله تعالى معكم وليس معهم أحد، فهذه عدة ربانية، فلو حصل قتال بينكم وبين المشركين من مكة فوالله! لانتصرتم عليهم، لكن ما خرجتم من المدينة لقتالهم، خرجتم للعمرة.
وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ [الفتح:22] يعني: رجعوا إلى الوراء، هذا معنى: ولى الدبر.
لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا [الفتح:22] يتولاهم وينصرهم وَلا نَصِيرًا [الفتح:22] يشد عضدهم ويقويهم أبداً، هذه بشرى تزف إلى تلك الجماعة المكونة من ألف وأربعمائة، ونحن يكفينا أننا نحبهم ونترضى عنهم، لكن ويل للذين يلعنونهم ويكفرونهم.