تفسير سورة الحجرات (4)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فها نحن مع خاتمة سورة الحجرات المدنية، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحجرات:14-18].

ذكر من نزل فيهم قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ...)

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14] من هؤلاء الأعراب؟

قالت العلماء: إنهم من بني أسد، أجدبت بلادهم وأصيبوا بقحط فحملوا نساءهم وأطفالهم وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة طامعين في المعونة، وادعوا أنهم مؤمنون وما آمنوا.

أعراب من بني أسد أجدبت بلادهم، وبلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يطعم ويعطي ويسد حاجة المحتاج، فجاءوا بنسائهم وأطفالهم وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: آمنا بك، هكذا يقول تعالى عنهم: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14]، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [الحجرات:14]، قل لهم يا رسولنا: لم تؤمنوا، ما آمنوا، والله يعلم ما في صدورهم، ما هي إلا الحاجة فقط، فجاءوا يدعون أنهم مؤمنون.

قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] لأنهم قالوا: ما جئنا لنقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، ولكن جئنا للإيمان، فقال لهم: قولوا: أسلمنا، انقدنا وأطعنا، أما الإيمان الذي هو استقراره في النفس، في القلب، والتصديق بالله رباً لا رب غيره وإلهاً لا إله سواه، وأن محمداً عبد الله ورسول الله، وأن البعث حق والدار الآخرة حق؛ فهذا ما وصلتم إليه، ولا يوجد في قلوبكم، فقولوا: أسلمنا، أطعنا وانقدنا وها نحن بين يديك، مرنا نفعل ونترك.

وهنا لطيفة علمية: كل مؤمن صادق الإيمان فهو مسلم، لكن ما كل مسلم بمؤمن، قد يكون مسلماً غير مؤمن كهؤلاء العرب، لماذا؟

المنافق يصلي، ويدفع الزكاة، ويخرج للجهاد وهو ما يؤمن بالله ولا بالبعث الآخر ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهو مسلم غير مؤمن، وكل مسلم إسلاماً حقيقياً هو مؤمن؛ لأن الإسلام هو إسلام القلوب والوجوه لله عز وجل، إسلام قلبك ووجهك لله، آمنت وأطعت فأنت مؤمن.

وهكذا يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14] ولا يعني بالأعراب أعراب العرب كلهم، فبنو فلان وفلان أسلموا وهم مسلمون، لكن المراد الأعراب من بني أسد.

قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] لا بأس، إذا قلتم: أسلمنا صدقتم؛ لأنكم انقدتم وأطعتم وجئتم من دياركم إلينا.

معنى قوله تعالى: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)

وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] ليس معنى هذا: ولم يدخل الإيمان في قلوبكم، وإنما: ولم يدخل الإيمان في قلوبكم وسيدخل، وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] فـ(لما) هذه تشير إلى أن ما نفي سوف يثبت، أنتم الآن غير مؤمنين، ما دخل الإيمان في قلوبكم وسيدخل في قلوبكم، وبالفعل آمنوا وأسلموا.

وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] فالإيمان محله القلب ما هو في اللسان ولا اليد ولا الرجل، فالمنافق يصلي ويصوم ويطعم، ولكن قلبه فارغ ما صدق بوجود الله أو ألوهيته وربوبيته، ولا صدق بنبوة رسول الله ولا بالبعث الآخر، فما هو بمؤمن، بل مسلم.

معنى قوله تعالى: (وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم)

ثم قال تعالى لهم: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحجرات:14] وإن تطيعوا الله فيما يأمركم به وفيما ينهاكم عنه، وتطيعوا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم فيما يأمركم به وفيما ينهاكم عنه، فتفعلوا المأمور، وتتركوا المنهي؛ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا [الحجرات:14] لا ينقصكم من أعمالكم شيئاً، مع علمنا ما بقلوبكم مما أتيتم له، ولكن ستؤمنون، فأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وسيوفيكم الله أجر أعمالكم ولا ينقصكم من عملكم شيئاً أبداً، وهذه بشرى لهم أيضاً.

ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:14] هذه بشرى زفت إليهم أيضاً، فأعلمهم أن الله غفور لعباده التائبين، رحيم بهم، وباب الله مفتوح.

فالله غفور لكل من يتوب إليه، مهما كانت ذنوبه، مهما كثرت وعظمت يغفرها الله لقدرته على ذلك، ما هو بعاجز عن أن يغفر ذنباً من الذنوب، كل الذنوب بيده يغفرها، رحيم بكل المؤمنين والمستقيمين في الدنيا والآخرة، هذه صفاته التي تتجلى في رحمته بين عباده.

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14] من هؤلاء الأعراب؟

قالت العلماء: إنهم من بني أسد، أجدبت بلادهم وأصيبوا بقحط فحملوا نساءهم وأطفالهم وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة طامعين في المعونة، وادعوا أنهم مؤمنون وما آمنوا.

أعراب من بني أسد أجدبت بلادهم، وبلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يطعم ويعطي ويسد حاجة المحتاج، فجاءوا بنسائهم وأطفالهم وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: آمنا بك، هكذا يقول تعالى عنهم: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14]، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [الحجرات:14]، قل لهم يا رسولنا: لم تؤمنوا، ما آمنوا، والله يعلم ما في صدورهم، ما هي إلا الحاجة فقط، فجاءوا يدعون أنهم مؤمنون.

قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] لأنهم قالوا: ما جئنا لنقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، ولكن جئنا للإيمان، فقال لهم: قولوا: أسلمنا، انقدنا وأطعنا، أما الإيمان الذي هو استقراره في النفس، في القلب، والتصديق بالله رباً لا رب غيره وإلهاً لا إله سواه، وأن محمداً عبد الله ورسول الله، وأن البعث حق والدار الآخرة حق؛ فهذا ما وصلتم إليه، ولا يوجد في قلوبكم، فقولوا: أسلمنا، أطعنا وانقدنا وها نحن بين يديك، مرنا نفعل ونترك.

وهنا لطيفة علمية: كل مؤمن صادق الإيمان فهو مسلم، لكن ما كل مسلم بمؤمن، قد يكون مسلماً غير مؤمن كهؤلاء العرب، لماذا؟

المنافق يصلي، ويدفع الزكاة، ويخرج للجهاد وهو ما يؤمن بالله ولا بالبعث الآخر ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهو مسلم غير مؤمن، وكل مسلم إسلاماً حقيقياً هو مؤمن؛ لأن الإسلام هو إسلام القلوب والوجوه لله عز وجل، إسلام قلبك ووجهك لله، آمنت وأطعت فأنت مؤمن.

وهكذا يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [الحجرات:14] ولا يعني بالأعراب أعراب العرب كلهم، فبنو فلان وفلان أسلموا وهم مسلمون، لكن المراد الأعراب من بني أسد.

قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] لا بأس، إذا قلتم: أسلمنا صدقتم؛ لأنكم انقدتم وأطعتم وجئتم من دياركم إلينا.

وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] ليس معنى هذا: ولم يدخل الإيمان في قلوبكم، وإنما: ولم يدخل الإيمان في قلوبكم وسيدخل، وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] فـ(لما) هذه تشير إلى أن ما نفي سوف يثبت، أنتم الآن غير مؤمنين، ما دخل الإيمان في قلوبكم وسيدخل في قلوبكم، وبالفعل آمنوا وأسلموا.

وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14] فالإيمان محله القلب ما هو في اللسان ولا اليد ولا الرجل، فالمنافق يصلي ويصوم ويطعم، ولكن قلبه فارغ ما صدق بوجود الله أو ألوهيته وربوبيته، ولا صدق بنبوة رسول الله ولا بالبعث الآخر، فما هو بمؤمن، بل مسلم.

ثم قال تعالى لهم: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحجرات:14] وإن تطيعوا الله فيما يأمركم به وفيما ينهاكم عنه، وتطيعوا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم فيما يأمركم به وفيما ينهاكم عنه، فتفعلوا المأمور، وتتركوا المنهي؛ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا [الحجرات:14] لا ينقصكم من أعمالكم شيئاً، مع علمنا ما بقلوبكم مما أتيتم له، ولكن ستؤمنون، فأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وسيوفيكم الله أجر أعمالكم ولا ينقصكم من عملكم شيئاً أبداً، وهذه بشرى لهم أيضاً.

ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:14] هذه بشرى زفت إليهم أيضاً، فأعلمهم أن الله غفور لعباده التائبين، رحيم بهم، وباب الله مفتوح.

فالله غفور لكل من يتوب إليه، مهما كانت ذنوبه، مهما كثرت وعظمت يغفرها الله لقدرته على ذلك، ما هو بعاجز عن أن يغفر ذنباً من الذنوب، كل الذنوب بيده يغفرها، رحيم بكل المؤمنين والمستقيمين في الدنيا والآخرة، هذه صفاته التي تتجلى في رحمته بين عباده.

ثم قال تعالى لهم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الحجرات:15] بصدق وحق، لا بالادعاء والنطق، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الحجرات:15] الكمّل في إيمانهم، الصادقون فيه من هم؟

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:15] أولاً، آمنوا بأن لا إله إلا الله، وآمنوا بأن محمداً رسول الله، وقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله، قالوها بألسنتهم وهي موجودة في قلوبهم.

ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات:15] ما شكوا بعد ذلك، أما من قال: أعلم أنه لا إله إلا الله، أعلم أن محمداً رسول الله لعام أو ساعات، ثم شك فقال: كيف يكون الله الإله الأوحد؟ كيف يكون محمد رسول الله؟ إذا حصل شك بطل الإيمان، لا إيمان مع الشك: ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات:15]، فمن ارتاب وشك فيما كان يعتقده هبط، ما أصبح مؤمناً أبداً.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الحجرات:15] بصدق وحق الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات:15] هذا أولاً.

وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الحجرات:15] وجاهدوا أيضاً أنفسهم فحملوها على طاعة الله وطاعة رسوله بفعل المحاب وترك المكاره، وجاهدوا مع رسوله المشركين والكافرين، ودفعوا الأموال في ذلك، هؤلاء المؤمنون بحق.

الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الحجرات:15] لا في سبيل عنصرية ولا قومية ولا عربية ولا دينار ولا درهم، في سبيل الله، من أجل الحصول على رضا الله عز وجل.

أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15] هذا الطابع الأخير، فأولئك المذكورون هم الصادقون في دعوى إيمانهم، إذا قالوا: آمنا فكما قالوا.

هكذا يقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15] في دعواهم الإيمان، وحقاً إنهم مؤمنون، فاللهم اجعلنا منهم.

هكذا علمهم ليعرفوا الإيمان كيف هو، لا دعوى.

ثم قال تعالى: قُلْ [الحجرات:16] يا رسولنا لهم: أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ [الحجرات:16]؛ لأنهم يباهون ويصرخون: نحن مؤمنون، آمنا، يقولون ذلك بالادعاء، فقل لهم: أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في قلوبكم وهو خالقها؟

قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحجرات:16]، فتأدبوا، كانوا غلاظاً في أقوالهم وكلامهم، كأنهم يمنون على الله وعلى رسوله بالإيمان، فيقول لهم: الله عليم بما في قلوبكم.

أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [الحجرات:16] فالسانح في الهواء كالسابح في الماء كالسائح في الغبراء، الكل معلوم لله عز وجل.

ثم قال تعالى عنهم: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا [الحجرات:17] يمنون عليك يا رسولنا، يمن عليك هؤلاء الأعراب من بني أسد أنهم أسلموا، قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ [الحجرات:17] أرادوا أن يتعنتروا ويتفوقوا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أسلمنا لأجلك ولكذا وكذا! والسورة هذه كلها آداب وأخلاق.

فقال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17] لا تمنوا علي أنكم أسلمتم، الله هو الذي يمن عليكم أن هداكم وآمنتم وأسلمتم، وهذا تأديب عجيب، فسبحان الله! فالذين ما يجتمعون على كتاب الله طول حياتهم أموات غير أحياء، ما يشعرون بالحياة أبداً.

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا [الحجرات:17] يا رسولنا، قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17] في دعواكم الإيمان.