تفسير سورة النور (2)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

ها نحن مع هذه الآيات المباركة التي تدارسناها أمس، ولم نبين فيها ما ينبغي بيانه، ولم نعرف منها ما ينبغي معرفته، فنعيدها الليلة، ونضيف إليها آيات اللعان.

أعوذ بالله من الشيطان: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ [النور:1-10].

حد الزنا

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! علمنا من قول ربنا تعالى: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا [النور:1] أنها تضمنت أحكاماً شرعية مفروض العمل بها، فهيا بنا إلى هذه الأحكام:

أولاً: الزاني غير المحصن وغير الثيب إذا زنى يجلد مائة جلدة، ويغرب عاماً، والزانية غير المحصنة وغير الثيب إذا زنت تجلد مائة جلدة، ولا تغرب؛ لأن التغريب قد يضر بها. وهذا في الأحرار.

وأما العبيد فإذا زنى العبد فيجلد خمسين جلدة على نصف ما يجلده الحر.

والمحصن -بمعنى: المتزوج- الذي عرف الزواج، وسواء تزوج وطلق أو أبقى زوجته، وكذلك المرأة إذا تزوجت وسواء طلقت أو مات زوجها أو بقيت معه، فمن عرف النكاح والوطء بالنكاح الشرعي يقال فيه: إنه يرجم بالحجارة حتى الموت إذا زنى، والآية التي تدل على هذا الحكم منسوخة التلاوة. فقد نزل في كتاب الله: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة؛ نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. ثم نسخ اللفظ وبقي الحكم. وهذا من عجائب القرآن، كما قال تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، أي: نؤخرها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106].

إذاً الزنا: هو أن يزني الرجل أو تزني المرأة، فإن كانا ثيبين -أي: سبق أن تزوجا، وعرفا الزواج- فالحكم عندما يثبت عليهم ذلك الإعدام بالرجم بالحجارة حتى الموت، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بـماعز ، وإن كانا محصنين ولم يتزوجا بعد ولم يعرفا النكاح وزنيا وثبت الزنا فالحكم أن يجلد الرجل مائة جلدة، ويغرب عاماً، وأما المرأة فلا تغرب؛ لأن تغريبها يضر بها، فلا يبعث بها من المدينة إلى الصين مثلاً، ولكن الرجل يقدر على أن يصبر على نفسه.

وقد بينت لكم سر هذا التغريب، وهو: حتى لا تذكر الفاحشة بين الناس؛ إذ لو جلد مائة جلدة وبقي يمشي فكل من يمر يقول: هذا هو الذي زنى، وهذا هو الذي رجم. وهذا تذكير بالفاحشة، والتذكير بها يوقع فيها، وهذه فطرة البشر، فلابد أن تمحى.

وإذا كان الزانيان ثيبين بأن سبق أن تزوجا وعرفا النكاح والوطء ثم زنيا فالحكم هو الرجم بالحجارة حتى الموت، وآية الرجم منسوخة، وقد أجمع على أنها من كتاب الله ثم نسخ تلاوتها، وهي: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة؛ نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فقد نسخ اللفظ وبقي الحكم، وهذا بلا خلاف بين الصحابة والتابعين والأئمة.

حكم القذف

ثانياً: حكم القذف، وهو الرمي، فأيما مؤمن يرمي مؤمناً بالفاحشة فإما أن يحضر أربعة شهود على ما ادعاه وقاله، وإما أن يجلد ثمانين جلدة، وتسقط عدالته في المجتمع، ولا تقبل له شهادة، إلا إذا تاب وصحت توبته، وعرف بين الناس أنه تائب. فالقذف هو أن يقذف، بمعنى: يرمي المؤمن أخاه أو أخته المؤمنة بكلمة زنت أو زانية أو لاط، فإما أن يأتي بأربعة شهداء على دعواه، وإما يكشف عن ظهره ليجلد ثمانين جلدة، كما قال تعالى: (( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ))[النور:4]. اللهم (( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[النور:5]. هذا حد القذف. يبقى إذا زنى العبد أو زنت الأمة، فالحكم الشرعي الذي طبق في الإسلام على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة هو أنه يجلد خمسين جلدة نصف العذاب. فالعبد والأمة إذا زنيا بدل أن يجلدا مائة جلدة عليهما نصف العذاب خمسين جلدة. وإذا قذف العبد فلا يجلد ثمانين جلدة ، بل النصف أربعين جلدة؛ لقول الله تعالى: (( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ))[النساء:25].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! علمنا من قول ربنا تعالى: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا [النور:1] أنها تضمنت أحكاماً شرعية مفروض العمل بها، فهيا بنا إلى هذه الأحكام:

أولاً: الزاني غير المحصن وغير الثيب إذا زنى يجلد مائة جلدة، ويغرب عاماً، والزانية غير المحصنة وغير الثيب إذا زنت تجلد مائة جلدة، ولا تغرب؛ لأن التغريب قد يضر بها. وهذا في الأحرار.

وأما العبيد فإذا زنى العبد فيجلد خمسين جلدة على نصف ما يجلده الحر.

والمحصن -بمعنى: المتزوج- الذي عرف الزواج، وسواء تزوج وطلق أو أبقى زوجته، وكذلك المرأة إذا تزوجت وسواء طلقت أو مات زوجها أو بقيت معه، فمن عرف النكاح والوطء بالنكاح الشرعي يقال فيه: إنه يرجم بالحجارة حتى الموت إذا زنى، والآية التي تدل على هذا الحكم منسوخة التلاوة. فقد نزل في كتاب الله: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة؛ نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. ثم نسخ اللفظ وبقي الحكم. وهذا من عجائب القرآن، كما قال تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، أي: نؤخرها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106].

إذاً الزنا: هو أن يزني الرجل أو تزني المرأة، فإن كانا ثيبين -أي: سبق أن تزوجا، وعرفا الزواج- فالحكم عندما يثبت عليهم ذلك الإعدام بالرجم بالحجارة حتى الموت، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بـماعز ، وإن كانا محصنين ولم يتزوجا بعد ولم يعرفا النكاح وزنيا وثبت الزنا فالحكم أن يجلد الرجل مائة جلدة، ويغرب عاماً، وأما المرأة فلا تغرب؛ لأن تغريبها يضر بها، فلا يبعث بها من المدينة إلى الصين مثلاً، ولكن الرجل يقدر على أن يصبر على نفسه.

وقد بينت لكم سر هذا التغريب، وهو: حتى لا تذكر الفاحشة بين الناس؛ إذ لو جلد مائة جلدة وبقي يمشي فكل من يمر يقول: هذا هو الذي زنى، وهذا هو الذي رجم. وهذا تذكير بالفاحشة، والتذكير بها يوقع فيها، وهذه فطرة البشر، فلابد أن تمحى.

وإذا كان الزانيان ثيبين بأن سبق أن تزوجا وعرفا النكاح والوطء ثم زنيا فالحكم هو الرجم بالحجارة حتى الموت، وآية الرجم منسوخة، وقد أجمع على أنها من كتاب الله ثم نسخ تلاوتها، وهي: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة؛ نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فقد نسخ اللفظ وبقي الحكم، وهذا بلا خلاف بين الصحابة والتابعين والأئمة.

ثانياً: حكم القذف، وهو الرمي، فأيما مؤمن يرمي مؤمناً بالفاحشة فإما أن يحضر أربعة شهود على ما ادعاه وقاله، وإما أن يجلد ثمانين جلدة، وتسقط عدالته في المجتمع، ولا تقبل له شهادة، إلا إذا تاب وصحت توبته، وعرف بين الناس أنه تائب. فالقذف هو أن يقذف، بمعنى: يرمي المؤمن أخاه أو أخته المؤمنة بكلمة زنت أو زانية أو لاط، فإما أن يأتي بأربعة شهداء على دعواه، وإما يكشف عن ظهره ليجلد ثمانين جلدة، كما قال تعالى: (( فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ))[النور:4]. اللهم (( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[النور:5]. هذا حد القذف. يبقى إذا زنى العبد أو زنت الأمة، فالحكم الشرعي الذي طبق في الإسلام على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة هو أنه يجلد خمسين جلدة نصف العذاب. فالعبد والأمة إذا زنيا بدل أن يجلدا مائة جلدة عليهما نصف العذاب خمسين جلدة. وإذا قذف العبد فلا يجلد ثمانين جلدة ، بل النصف أربعين جلدة؛ لقول الله تعالى: (( فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ))[النساء:25].

الحكم الأخير من هذه الأحكام الثلاثة: حكم اللعان، وهو قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور:6]، أي: أن يقول الرجل: امرأتي زنت، أو رأيتها تزني، أو يقول: الولد الذي في بطنها ليس لي، فهو هنا قد رماها، أو أن ترمي هي زوجها أيضاً، وتقول: زنى، فإما أن تشهد أربعة شهود أو تحد ثمانين جلدة أو تلاعن.

واللعان هو أن يقول الرجل للحاكم أو القاضي: إن امرأتي زنت، فيقول له القاضي: ائت بأربعة شهود، يشهدون أنهم شاهدوا الرجل على امرأتك يطؤها، وهذا كالمستحيل، فهو لن يقدر أن يأتي بأربعة شهود؛ إذ من الجائز أن يقع هذا في يوم من الأيام انتشر فيها العهر والفساد. إذاً: فعلى هذا الذي رمى زوجته بأنها زنت أو نفى أن يكون الحمل منه وهي حبلى أن يلاعنها. والملاعنة أن يقول: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن امرأتي زنت. وهذا يمين. فيقول: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن امرأتي زنت أربع مرات، ويقول في الخامسة: ولعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

وكذلك الرجل إذا رمى زوجته بالزنا وقذفها به ولم يمكنه أن يأتي بأربعة شهود فالحكم هو ما قال له الشارع: أشهد بالله أربع شهادات، والعن نفسك، وأنت بريء، فيقول: أشهد بالله أن امرأتي زنت، أو أن الولد الذي في بطنها ليس مني أربع مرات، ويقول في الخامسة: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

وأما المرأة فإن اعترفت وقالت: هو حق وصدق فترجم حتى تموت، وهو بريء، ولا شيء عليه، وإن أرادت الحياة أو أنها ما زنت وأن الحمل ليس من غير زوجها؛ لأنها ما زنت، والحمل من زوجها، وهو موسوس أو مصاب عندما اتهمها فهي بين أمرين: بين أن تقدم نفسها لإقامة الحد عليها بالرجم حتى الموت، وبين أن تحلف أربعة أقسام، وتشهد أربع شهادات قائلة: أشهد بالله أن هذا الولد ولدي وأبوه فلان، أو أشهد الله أني ما زنيت أربع شهادات، والخامسة تقول: إن غضب الله عليها إن كان زوجها من الصادقين في ما اتهمها به ونسبه إليها، وفي نفيه الحمل الذي في بطنها، أو من دعواه أنه رآها تزني.

وبعد ذلك يفرق بينهما القاضي تفرقة أبدية، فلا تحل له بعد، ولا يحل لها أبداً، واسمعوا الآية الكريمة: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور:6]، أي: زوجاتهم وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ [النور:6]. وليس عنده من يشهد إلا نفسه شاهدة فقط فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ [النور:6]. فيقول: أشهد بالله أنها زنت، أو أن هذا الولد ليس مني، أربع شهادات بالله إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [النور:6] في ما ادعاه وقاله لزوجته. وَالْخَامِسَةُ [النور:7] من الشهادات أو الإيمان أَنَّ [النور:7]، أي: أن يقول: لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:7].

قال تعالى: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ [النور:8]، أي: ويدفع عنها العذاب أربع شهادات، وقولها في الخامسة: أن غضب الله عليها. وقوله: وَيَدْرَأُ [النور:8] بمعنى: يدفع عَنْهَا الْعَذَابَ [النور:8]، أي: عذاب الموت بالرجم، فيدفع أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ [النور:8]. فتقول: أشهد بالله أني ما زنيت، أو أشهد بالله أن هذا الولد ولد أبيه فلان، فتشهد أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ [النور:8]، أي: زوجها الذي رماها بالفاحشة لَمِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:8]. فتحلف أربع مرات وتقول: إن زوجي لمن الكاذبين فيما رماني به، وادعاه أني فعلته، إما من الزنا أو نفي الولد الذي في بطني. وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:9].

وهنا ما بقي إلا التفرقة الأبدية بينهما، فتأخذ ممتلكاتها ومتاعها وحقوقها إلى بيتها، ولا تحل له بعد أبداً، ولا يحل لها هو كذلك أبداً.

قال تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [النور:10] لنزل الخبر يقول: زنت أو لم تزن، وأطلع رسوله صلى الله عليه وسلم بما فعلوا، ولكن هذه الحادثة حدثت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهي موجودة في غير ذلك. وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ [النور:10] على عباده؛ لأنهم بهذه الحال يتوبون، فبدل ما يعدمون يتوبون ويرجعون إلى الله. وهو حَكِيمٌ [النور:10] في تشريعه لعباده.