تفسير سورة النور (15)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور:56-60].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]. هذا الأمر موجه -يرحمكم الله- والله إلينا، وإلى كل مؤمن ومؤمنة. وقد أمرنا في هذا الأمر بأن نقيم الصلاة، فنؤديها على الوجه المطلوب في أوقاتها المحددة لها، وأن نؤت الزكاة لأهلها، ولا نبخل بها، ونطيع الرسول في سننه، وما يطلب منا أن نفعله ونتركه، وذلك من أجل أن نرحم في الدنيا والآخرة.

ولو أقام امرؤ الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله لم يعذب في الدنيا والله، بل والله ليرحم في الدنيا، ومن باب أولى في الآخرة دار السعادة والشقاء.

قال تعالى: لا تَحْسَبَنَّ [النور:57] أيها السامع الكريم! ولا تحسبن يا رسولنا! الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ [النور:57] يغلبونه، بل والله متى شاء أن يبيدهم يبيدهم، ومتى شاء أن يسلط عليهم بلاء أنزله، وإن شاء أغرقهم في الأرض، أو نزل عليهم الصواعق من السماء، فلا تهتم لأمرهم؛ لأنهم لا قيمة لهم. ومعنى هذا: استقيموا على دين الله، واثبتوا عليه، ولا تبالوا بصياح الكفار وضجيجهم؛ فإنهم ليسوا بشيء. بل وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، أي: لكي ترحموا. لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ [النور:57]، أي: إنهم غير غالبين لله، ولا قاهرين له، ولا معجزين له، بل متى شاء أن ينزل بهم البلاء أنزله، ومتى شاء أن يسلط عليهم عدواً ولو منهم سلطه عليهم، ومع هذا مأواهم ومصيرهم النار، ولبئس المصير جهنم والعياذ بالله. فلا تبالون بالكافرين ولا بحالهم، فإنهم لا يعجزون الله، ومصيرهم مظلم جهنم يخلدون فيها.

هذا معنى قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النور:56]، أي: محمداً صلى الله عليه وسلم. لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، أي: لكي ترحموا. ومعنى قوله: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ [النور:57] أبداً. وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ [النور:57].

هنا نادانا الرب نداء آخر، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النور:58]! فلنقل: لبيك اللهم لبيك! وكل مؤمن داخل في هذا النداء، والمؤمنة كالمؤمن. وقد نادنا ليقول لنا: يجب أن يستأذنكم الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58]. فيجب أن يستأذنكم من يطلب الأذن عليكم وأنتم في بيوتكم في غرف النوم الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النور:58] من العبيد إماء ورجالاً؛ إذ هم أهل البيت، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم منكم كذلك، فيستأذنوكم في الدخول عليكم في ثلاث أوقات، أي: ثلاث مرات:

المرة الأولى: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [النور:58]، أي: في الليل. فإذا كنت نائماً مع زوجتك فلا يجوز أن يأتي العبد ويدخل عليك بدون إذن، ولا أن يأتي الطفل فوق الرابعة والخامسة ويدخل عليك بدون إذن. فهذا ما ينبغي. فلا يدخلون مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [النور:58]، أي: في الليل.

المرة الثانية: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]. فقد كانوا يشتغلون من صلاة الصبح إلى الساعة الحادية عشر أو غيرها، ثم يستريحون، وإذا استراح أحدهم نزع ثيابه وأغلق غرفته، فلا يسمح لعبده وأمته أو الطفل أن يدخل عليه؛ فقد يجده مكشوف العورة، ويحصل هذا.

المرة الثالثة: وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58]. إذا صلينا العشاء. وسبحان الله! فنحن نصلي العشاء، ونحيي الليل بالأغاني والمزامير، والأعراس والحفلات، وغير ذلك. وهذا لا يتفق معنا، بل يكون العَشاء مع المغرب، ثم إذا صلينا العِشاء ذهبنا إلى النوم والاستراحة؛ لأنا بذلنا جهداً طول النهار، وهذا وقت طلب الراحة.

فمن بعد صلاة العشاء إذا أغلقت بابك مع زوجتك أو حدك ونزعت ثيابك لتستريح فلا تسمح أبداً لخادمتك أو خادمك أو طفلك أن يدخل عليك إلا بإذن، ولما يستأذن تستر نفسك وتفتح الباب.

وهذه الآداب علمناها الله عز وجل. فهو أرحم بنا من أنفسنا، وأعلم بنا من أنفسنا. فهو يقول في هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]. والظهيرة قبل الظهر. وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ [النور:58]. والعورة تستر، ويستحيا من أن تكشف.

وهذه العورات الثلاث هي: النوم في الليل بعد العشاء، وقبل الفجر، وفي الظهيرة. فهي ثلاث عورات يجب أن لا تكشف لكم، كما قال تعالى: ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ [النور:58]، أي: ما في حرج بعد هذه الأوقات الثلاثة أن تدخل عليك الخادمة، أو يدخل الخادم، أو يدخل الطفل وهو ابن عشر سنوات .. خمس .. تسع .. سبع .. ثمان.

وقوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ [النور:58]، أي: إثم بَعْدَهُنَّ [النور:58]. فليس عليكم أنتم إثم ولا عليهم هم حرج بعد هذه الأوقات الثلاثة.

ثم قال تعالى: طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58]. فلا بد من أن يدخلوا عليكم؛ لأنهم يطوفون، ويدخلون ويخرجون عليكم، ويشتغلون يعملون. إذاً: لا بد وأن يفسح لهم المجال إلا في الأوقات الثلاثة.

وهذه الأوقات الثلاثة: قبل الفجر، وبعد العشاء، ووقت الظهيرة.

وقوله: بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58]، أي: طوافون بعضكم على بعض. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ [النور:58]، أي: هكذا كما بين لنا يبين الآيات الحاوية للشرائع، المبينة للأحكام والآداب والأخلاق في هذه الملة المحمدية. وَاللَّهُ عَلِيمٌ [النور:58] بخلقه حَكِيمٌ [النور:58] في شرعه وتدبيره. فسلموا له، ولو كان جاهلاً لم نقبل كلامه، ولو كان غير حكيم فإنه يخبط ويخلط، فكذلك نشك في أمره ونهيه، ولكنه ما دام عليماً وقد أحاط علمه بكل شيء وحكيماً فإنه لا يحدث شيئاً إلا لعلمه بعلة تقتضي ذلك الشيء.

قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ [النور:59]، وأصبحوا أبناء الخامسة عشر والسادسة عشر، أو احتلموا. وبلوغ الحلم يعرف بالشعر ينبت حول الفرج، يعرف بالمني، فإذا أمنى الشاب وخرج المني منه في الاحتلام دل ذلك على بلوغه بلغ سن الرشد، أو ببلوغ سن الخامسة عشر فما فوق، وإن كان المالكية يقولون: الثامنة عشر. ولكن بالمشاهدة يبلغ في الخامسة عشر، ويحتلم وينبت الشعر فيه.

والمرأة كالرجل، إلا أنها تزيد بالحيض، فإذا حاضت البنت فقد بلغت سن الرشد، فتكلف.

وقوله تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ [النور:59]، وأصبحوا يحتلمون إذاً فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59]. فلا يدخلون بيتاً إلا بإذن، فيقرعون الباب ويستأذنوا فإن قالوا لهم: ادخلوا دخلوا، وإن قالوا لهم: ارجعوا رجعوا، كما تقدم في الاستئذان العام.

فإذا بلغ الغلام سن الرشد أو احتلم وكذلك الفتاة فلا يدخلا إلا بإذن. وهذا هو الله عز وجل يقول: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ [النور:59]، جمع طفل. مِنْكُمُ الْحُلُمَ [النور:59]. ويدخل فيه الذكر والأنثى. فَلْيَسْتَأْذِنُوا [النور:59]، أي: يطلبوا الإذن منكم، كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59] من آبائهم وأجدادهم الذين كبروا، وأيام أن كانوا أطفالاً كانوا لا يستأذنون إلا في الأوقات الثلاثة. فهذه الأوقات الثلاثة لا بد فيها من الإذن، ودونها يدخل ويخرج ولا يستأذن ولا حرج؛ لأنه ما بلغ ولم يحتلم بعد.

ثم يقول تعالى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ [النور:59] كما بينها. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:59] بخلقه، يدبر ما يشاء، ويحكم ما يريد.

قال تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60]. القواعد: جمع قاعد لا قاعدة، والرجل قاعد، والمرأة قاعدة، فالقواعد هنا جمع قاعد، وليس قاعدة. ومعنى القاعد هنا: التي أصبحت لا تحيض ولا تلد، بأن تجاوزت الستين أو السبعين سنة. فقد قعدت عن الحيض والنفاس، وقد شاخت وعجزت.

فقوله: وَالْقَوَاعِدُ [النور:60] جمع قاعد مِنَ النِّسَاءِ [النور:60]، وهي التي قعدت عن شيئين: عن الحيض، فهي لا تحيض، فقد انتهى حيضها، وقعدت عن الولادة، ولم تعد تلد. وهذا لابد أن يكون على الأقل من فوق الخمسين .. الستين .. السبعين، أو أكثر من ذلك. فهؤلاء الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60]، أي: لا يحلمن أو يفكرن بالزواج أبداً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ [النور:60]، أي: حرج أو ضيق أو إثم، أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60]. فلها أن تضع ثيابها وتخرج، وليس المعنى أن تخرج عارية، بل معنى تضع ثيابها: تضع الخمار الذي كان يغطي رأسها ووجهها، تخرج كاشفة عن وجهها. هذا هو المعنى. فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ [النور:60]، أي: حرج أو إثم أو مسئولية، أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60]، ويخرجن ولا حرج إذا كانت عجوزاً بشرط لا بد منه، وهو قوله تعالى: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]. لا أن تخرج العجوز وتعمل الكحل في عينيها، ولا تحمر شفتيها، ولا تضع السخاب في عنقها، ولا الأسوار في يديها، وتقول: أمكم عجوز. فهذا لا يجوز أبداً ولا تخرج. وكلام الله عجب. فهو يقول: حال كونهن غير متبرجات بزينة، وأما أن تضع خمارها ثم تتزين وتخرج كاشفة عن رأسها ووجهها كذلك فهذه كأنها تغري الناس فالزنا، فلا تستعمل كحلاً ولا أحمر الشفتين، ولا ريحاً طيباً ولا سخاباً في عنقها، ولا قلادة ولا سواراً في يدها، فيجوز له الخروج بهذا الشرط. فتخرج كاشفة عن وجهها في السوق أو في الشوارع، أو في الطريق أو في المسجد؛ لكبر سنها؛ لأنها قعدت عن الحيض والنفاس، ولم تعد تحيض ولا تلد. وقد قال تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60] حال كونهن غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]. والزينة يرحمكم الله يعرفها النساء من الخاتم إلى السخاب .. إلى الحناء .. إلى غير ذلك.

وأخيراً: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]. فتبقى في حجابها حتى تموت، ولو بلغت المائة والعشرين أو المائة والثمانين. وقد رأينا هذا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت العجوز تبلغ مائة .. ستين .. تسعين ولا تخرج أبداً إلا متسترة؛ أخذاً بهذه الآية الكريمة؛ لأن الله اختار لها هذا، وأعلمها أنه خير لها، فقال: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ [النور:60] بأقوال عباده، عَلِيمٌ [النور:60] بأعمالهم وأفعالهم.

أعيد الآيات مرة ثانية، فتدبروا كتاب الله، قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]. هذا الأمر واضح الدلالة، وقد أمرنا فيه بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول فيما يأمرنا وينهانا؛ كي نرحم في الدنيا والآخرة. وهذا لا يحتاج إلى البيان أكثر من هذا، فلنتأمل كلام الله، فهو يقول هنا: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، أي: كي ترحموا. وإن خفتم اليهود والنصارى والمشركين حولكم فـ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ [النور:57]. فوالله ما هم بمعجزين لله، ولو شاء لدمرهم في ساعة واحدة، فلا تخافوهم ولا ترهبوهم، ولا تتركوا دين الله من أجلهم، أو خوفاً منهم.

الأوقات الثلاثة التي يستأذن فيها العبيد والأطفال

نادانا تعالى فله الحد والشكر، وقد نادنا بعنوان الإيمان، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ! فقل: مرحباً، وقل: لبيك اللهم لبيك! وانظر ما يريد منك، وقد قال: أريد منكم أن يستأذنكم الذين ملكت أيمانكم، فعلموهم ومروهم وبلغوهم أنه لا يجوز لهم الدخول عليكم في ثلاثة أوقات، فبلغوهم هذا، وعلموهم وألزموهم به.

فقد قال تعالى: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النور:58]. الآن ليس عندنا مملوك ولا مملوكة. والسبب: وقوف مسيرة الجهاد من أكثر من خمسمائة سنة أو سبعمائة سنة. وبعد أن وقف الجهاد فلن يأتي المماليك، فالمماليك لا يأتون إلا إذا غزونا دار كفر؛ لندخلهم في رحمة الله؛ ليسلموا فيكملوا ويسعدوا، فنأخذ الأسرى ليس لنذبحهم والعياذ بالله، بل نوزعهم على المجاهدين، فيأخذ كل من المجاهدين نصيبه، وعليهم أن يحسنوا إلى هؤلاء العبيد، ولا يكلفوهم ما لا يطيقون، ويطعموهم مما يطعمون كالأبناء، حتى يدخلوا في الإسلام.

والملاحدة والعلمانيون البلاشفة يستنكرون أن نملك الرقاب، ونستخدمهم، وهم الآن يملكوننا بدون سبب.

فالأسرى يرحمكم الله لا نحرقهم، ولا نقتلهم، فهذا لا يجوز، بل نوزعهم على المجاهدين، هذا واحد، وهذا اثنين بحسب عددهم. ثم أنت يا عبد الله! هذا أسير في ذمتك، فتطعمه مما تطعم، وتسقيه مما تستقي، وتفرش له ما تفرش لنفسك، ويخدمك فيما يستطيع، ولا تكلفه ما لا يطيق، حتى يتحرر، بأن تعتقه أنت في سبيل الله، أو يعمل ويجد ويشتري نفسه منك بمبلغ من المال.

هذا هو الاستملاك والتعبد في الإسلام، والآية نزلت في وقت كانوا يملكون فيه، ولهم فيه مملوكين. قال تعالى: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58]. والذين لم يبلغوا الحلم هم الأطفال من الرابعة إلى الثالثة عشر .. إلى الرابعة عشر. فهؤلاء يستأذنون ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58]. وهذه المرات الثلاث: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [النور:58]. هذه مرة. وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]. ونحن نضع ثيابنا من الظهيرة، فالواحد ينزع الغترة، وينزع المشلح، وينزع غير ذلك؛ ليستريح. وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58]. والعِشاء غير العَشاء. فالعِشاء: العتمة وصلاة العِشاء.

وفي هذا بيان أن من آدابنا وسلوكنا نحن المسلمين: أننا ما نسهر بعد صلاة العشاء، لا في مقهى ولا ملهى، ولا ملعب ولا عرس ولا باطل. فهذا ليس من شأننا أبداً؛ لأننا نقوم الليل، أو لأننا نقوم مع طلوع الفجر على الأقل. واليوم ينام المسلمون حتى الساعة الثامنة والسابعة، مع أن شأننا غير شأن الكفار، ونحن والله لا نتفق معهم إلا في القليل، فحالنا غير حالهم، فهم إلى جهنم، ونحن إلى دار السلام، وهم إلى الهون والدون، والبلاء والخبث والشر، ونحن إلى السعادة والطهر والصفاء.

ثم قال تعالى: ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ [النور:58]. فاستروها ولا تفضحوها، ولا تكشفوها لأولادكم ولا لخدمكم. لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ [النور:58]، أي: بعد العورات الثلاث لا حرج ولا تضييق ولا إثم، فيستأذن أو لا يستأذن، فله شأنه.

ثم بين العلة فقال: طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ [النور:58]، أي: يدخلون ويخرجون، ويأتون بالشيء ويخرجون به، فلا نمنعهم من الدخول إلا بالإذن وهم طوافون عليكم. بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58]، أي: وأنتم أيضاً تطوفون عليهم، وتدخلون وتخرجون عليهم.

ثم قال تعالى: كَذَلِكَ [النور:58] الذي سمعتموه من البيانات في العلم والحكمة يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:58]، أي: يبين لكم الآيات التي تحمل الهداية، وتبين الطريق وسلوك الطريق، وفيها بيان الحلال والحرام، والجائز والممنوع.

وجوب الاستئذان للبالغين عند الدخول

قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ [النور:59]. والأطفال جمع طفل. والطفل هو من ساعة وجوده من بطن أمه إلى أن يبلغ الخامسة عشر، أو إلى أن يحتلم. فـ إِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ [النور:59] فعليهم فَلْيَسْتَأْذِنُوا [النور:59] عند الدخول عليكم، كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59]، كما تقدم في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور:27]. فالأطفال إذا بلغوا الآن فيجب أن يكونوا مثلنا، فنحن لا ندخل بيتاً من بيوت إخواننا .. أقاربنا .. غيرهم من الناس إلا بعد الاستئذان ثلاث مرات، فإن أذنوا لنا دخلنا، وإن قالوا: ارجعوا رجعنا.

ثم قال تعالى: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ [النور:59]، أي: مثل هذا البيان يبين. وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:59]. فتقبل أحكامه وإرشاداته وتوجيهاته؛ لأنه ليس جاهلاً ولا أحمق، ولكنه حكيم يضع كل شيء في موضعه، فيجب أن نسلم له إذاً أمره الذي أمرنا به، أو النهي الذي نهانا عنه.

إباحة ترك الحجاب للنساء الكبيرات

قال تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ [النور:60]. وهذه اللطيفة في هذه الآية كررناها والحمد لله، ورددنا على الذين يقولون: لا بأس أن تكشف المرأة وجهها إذا غطت شعر رأسها، وغطت الخلخال. فقلنا لهم: إذاً: نحن الفحول السعوديون متحجبون؛ لأنه لا يظهر شيء من وجهي أنا أو من رأسي أو من عنقي، فأنا متحجب إذاً إذا كان هذا هو الحجاب. ولكن الحجاب هو: ستر وتغطية محاسن المرأة من النظر في عينيها وفي خديها، وشفتيها وعنقها وشعر رأسها. فلا يضللون ويغالطون.

وهذه الآية برهان ساطع. فهو يقول تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60] لكبر سنهن فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60]. وليس المراد من وضع الثياب أن تخرج عارية والعياذ بالله. فهذا لا يقوله أحد، بل المقصود بثيابها: الخمار الذي كانت تغطي به رأسها ووجهها، فتضعه وتخرج.

فالذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة مع الأجانب وتستر عنقها وجسمها نقول لهم: هذا ليس بحجاب، وإلا فالله تعالى يقول: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ [النور:60]. فإذا كان للنساء كشف الوجوه فليس لهذه الرخصة قيمة.

فقوله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ [النور:60]، أي: الكبيرات السن .. القاعدات عن الحيض والنفاس .. بنات السبعين والتسعين والثمانين ليس عليهن جناح أن يكشفن وجوههن، ويتلاقين مع الرجال؛ لكبر السن، ومع هذا فلابد من التحفظ؛ لقوله تعالى: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، أي: حال كونهن غير متبرجات بزينة أية زينة، لا خاتم في الأصبع، ولا سوار في اليد، ولا قلادة في العنق، ولا حناء في الأصابع، ولا كحل في العينين، ولا حمرة في الشفتين، بل غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]. والأخرى أفضل، وهي وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]. فيتركن الخروج نهائياً وكشف الوجه، فهذا خير لهن، والذي قال هذا هو الله مولاهن ومالكهن. ولو أجزنا كشف الوجوه للنساء ما بقي حجاب، وتصبح كل النساء يتحفظن ويشتغلن مع الرجال، ويبعن ويشترين، ويتحدثن معهم ويسافرن بدون حجاب، ويدخل الشخص ويخرج ولا حرج؛ إذ ليس هناك حجاب، مع أن الحجاب فرضه الله في كلامه وفي آياته وفي كتابه.

فهذه الآية عجب، وهي قوله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]. وقد قلت لكم: رأينا بالمدينة بنت المائة وعشرين .. المائة وثلاثين ما يرى منها شيء أبداً، بل هي ملفوفة في خمارها وفي ثيابها.

نادانا تعالى فله الحد والشكر، وقد نادنا بعنوان الإيمان، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ! فقل: مرحباً، وقل: لبيك اللهم لبيك! وانظر ما يريد منك، وقد قال: أريد منكم أن يستأذنكم الذين ملكت أيمانكم، فعلموهم ومروهم وبلغوهم أنه لا يجوز لهم الدخول عليكم في ثلاثة أوقات، فبلغوهم هذا، وعلموهم وألزموهم به.

فقد قال تعالى: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النور:58]. الآن ليس عندنا مملوك ولا مملوكة. والسبب: وقوف مسيرة الجهاد من أكثر من خمسمائة سنة أو سبعمائة سنة. وبعد أن وقف الجهاد فلن يأتي المماليك، فالمماليك لا يأتون إلا إذا غزونا دار كفر؛ لندخلهم في رحمة الله؛ ليسلموا فيكملوا ويسعدوا، فنأخذ الأسرى ليس لنذبحهم والعياذ بالله، بل نوزعهم على المجاهدين، فيأخذ كل من المجاهدين نصيبه، وعليهم أن يحسنوا إلى هؤلاء العبيد، ولا يكلفوهم ما لا يطيقون، ويطعموهم مما يطعمون كالأبناء، حتى يدخلوا في الإسلام.

والملاحدة والعلمانيون البلاشفة يستنكرون أن نملك الرقاب، ونستخدمهم، وهم الآن يملكوننا بدون سبب.

فالأسرى يرحمكم الله لا نحرقهم، ولا نقتلهم، فهذا لا يجوز، بل نوزعهم على المجاهدين، هذا واحد، وهذا اثنين بحسب عددهم. ثم أنت يا عبد الله! هذا أسير في ذمتك، فتطعمه مما تطعم، وتسقيه مما تستقي، وتفرش له ما تفرش لنفسك، ويخدمك فيما يستطيع، ولا تكلفه ما لا يطيق، حتى يتحرر، بأن تعتقه أنت في سبيل الله، أو يعمل ويجد ويشتري نفسه منك بمبلغ من المال.

هذا هو الاستملاك والتعبد في الإسلام، والآية نزلت في وقت كانوا يملكون فيه، ولهم فيه مملوكين. قال تعالى: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58]. والذين لم يبلغوا الحلم هم الأطفال من الرابعة إلى الثالثة عشر .. إلى الرابعة عشر. فهؤلاء يستأذنون ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58]. وهذه المرات الثلاث: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [النور:58]. هذه مرة. وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]. ونحن نضع ثيابنا من الظهيرة، فالواحد ينزع الغترة، وينزع المشلح، وينزع غير ذلك؛ ليستريح. وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58]. والعِشاء غير العَشاء. فالعِشاء: العتمة وصلاة العِشاء.

وفي هذا بيان أن من آدابنا وسلوكنا نحن المسلمين: أننا ما نسهر بعد صلاة العشاء، لا في مقهى ولا ملهى، ولا ملعب ولا عرس ولا باطل. فهذا ليس من شأننا أبداً؛ لأننا نقوم الليل، أو لأننا نقوم مع طلوع الفجر على الأقل. واليوم ينام المسلمون حتى الساعة الثامنة والسابعة، مع أن شأننا غير شأن الكفار، ونحن والله لا نتفق معهم إلا في القليل، فحالنا غير حالهم، فهم إلى جهنم، ونحن إلى دار السلام، وهم إلى الهون والدون، والبلاء والخبث والشر، ونحن إلى السعادة والطهر والصفاء.

ثم قال تعالى: ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ [النور:58]. فاستروها ولا تفضحوها، ولا تكشفوها لأولادكم ولا لخدمكم. لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ [النور:58]، أي: بعد العورات الثلاث لا حرج ولا تضييق ولا إثم، فيستأذن أو لا يستأذن، فله شأنه.

ثم بين العلة فقال: طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ [النور:58]، أي: يدخلون ويخرجون، ويأتون بالشيء ويخرجون به، فلا نمنعهم من الدخول إلا بالإذن وهم طوافون عليكم. بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58]، أي: وأنتم أيضاً تطوفون عليهم، وتدخلون وتخرجون عليهم.

ثم قال تعالى: كَذَلِكَ [النور:58] الذي سمعتموه من البيانات في العلم والحكمة يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:58]، أي: يبين لكم الآيات التي تحمل الهداية، وتبين الطريق وسلوك الطريق، وفيها بيان الحلال والحرام، والجائز والممنوع.