من للقدس والأقصى؟!
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
في الوقت الذي تتوجه فيه أنظار العالم صوب اتفاق دول (5+1) الخاص بالملف النووي الإيراني؛ يواجه المسجد الأقصى المبارك عودة الاقتحامات والحملات المتطرفة المكثفة من الجماعات الصهيونية، بتحديها للأُمتين -العربية والإسلامية- واستفزاز وجرح مشاعرهم الدينية بتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ وهذا يُنذر بكارثة جديدة ستحل على المنطقة برمتها. ففي كل يوم يستبيح حرمة المسجد الأقصى ويهين كرامته المستوطنون المتطرفون، وبالأمس كانت المجندات في جيش الاحتلال يطفن ويرقصن على مرأى ومسمع العرب ولا أحد يحرك ساكنًا.
إنه مشهد يثير الغضب والاستهجان واستفزاز للمشاعر؛ حين يُمنع الفلسطينيون من دخوله، ويسمح لمن ليس لهم فيه شيء بدخوله للعبث به.
وهذا المشهد هو واحد من مشاهد التهويد اليومية التي تشهدها مدينة القدس ؛ حيث يواجه المقدسيون حملة شرسة من الطرد والإبعاد والتهجير القسري والاستيلاء عنوة على ممتلكاتهم وبيوتهم وأراضيهم من قِبَل سلطات الاحتلال، كما يواجهون صعوبات في استصدار تراخيص البناء من لجان التنظيم لبلدية الاحتلال التي تضع أمامهم شروطًا تعجيزية، إلى جانب مطالبتهم بدفع ضرائب باهظة تُعرف باسم (أرنونا) وتُقَدَّر بآلاف الدولارات لاستصدار رخصة للبناء، ومن لا يستطع الدفع يُصادر منزله، ومن المؤكد أن نحو 80% من المقدسيين مدينون لها.
ويصرف الاحتلال نحو 30% منها على المستوطنات، وتجبي بلدية الاحتلال في القدس المحتلة (أرنونا) بعد أن أقرَّ برلمان الاحتلال (كنيست) زيادتها بنسبة 3.1% في هذا العام على المقدسيين، مقابل خدمات تُقدم للمستوطنين ولا تُقدم على الوجه المطلوب للمقدسيين.
وقامت سلطات الاحتلال بعمليات طرد وتشريد للمقدسيين، بعد أن سحبت الإقامة من نحو 15 ألف عائلة يبلغ تعداد أفرادها 50 ألف.
وعدَّلت أطماع الحركة الصهيونية الحدود المصطنعة لما أسمته -"القدس الكبرى" عاصمة للشعب اليهودي- لتقضم 10% من مساحة الضفة الغربية، ومن المتوقع أن يقطنها بحلول عام 2020م قرابة مليون يهودي؛ وفي المقابل تنتهج الداخلية الإسرائيلية جاهدة منذ احتلال شرقي القدس سياسة تفريغ المدينة من الفلسطينيين؛ ليقتصر الوجود الفلسطيني بها على 100 ألف نسمة أو أقل من ذلك، إن أمكن.
إن الهدف مما تقوم به سلطات الاحتلال وبلديتها في القدس من مضاعفة الضريبة الباهظة على المقدسيين، والاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم وبناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري؛ الضغط عليهم ليجبروا على الرحيل من المدينة، لتفريغها من الجنس العربي.
وهذا يترجم ما يقوم به المستوطنون المتطرفون من اعتداءات يومية على المسجد الأقصى والكنائس، وحفر الأنفاق، وسرقة المعالم الأثرية والتاريخية والحضارية تحت غطاء واضح من سلطات الاحتلال.
إن القدس ذاهبة إلى الأسرلة السريعة وقد تغيرت معالمها العربية والإسلامية، وحلت مكانها اليهودية.
فالمطلوب الآن من الجميع وقفة صادقة لنجدة القدس من التهويد؛ بأن يرتفع الصوت الفلسطيني والعربي والدولي عاليًا منددًا بالإجراءات الانفرادية الإسرائيلية في القدس، ومنع اليهود المتطرفين من الهجوم على المسجد الأقصى لتدنيسه وحرقه وهدمه بحجة إقامة الهيكل المزعوم.
وليس المقصود هنا أن الاحتجاجات الكلامية قد تكون كافية لوقف المخططات الإسرائيلية الاستيطانية في القدس؛ بل إن المجتمع الدولي يمتلك الوسائل الفاعلة والقادرة على وضع حد للممارسات التهويدية والاستيطانية الإسرائيلية في القدس.
----------------
بقلم: د.
أيمن ناهية.