موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (18)
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
موسوعة المتسابقين في السيرة (18) المغازي بين أُحُد والخندق
أهم أحداث غزوة بني المصطلق أو المريسيع
سبب الغزوة:
علم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن رئيسهم الحارث بن ضرار يحشد القبائلَ لمهاجمة المدينة، فأغار عليهم عند ماءٍ لهم يسمَّى المُرَيْسِيع.
ووقع بينهم اشتباك قُتل فيه عددٌ من الكفَّار، كما قُتل هشام بن صبابة خطأ، قتلَه أنصاري، وقد جاء أخو هشامٍ مقيسُ بن صبابة معلِنًا إسلامه ومطالبًا بديَةِ أخيه، فأُعطيَت له الدِّيَة، ثمَّ عدا على قاتل أخيه فقتلَه وارتدَّ إلى مكة مشركًا، وكان بعد ذلك من النفر الذين أهدَر النبيُّ دمَهم يومَ فتح مكة، وأمَر أن يُقتلوا ولو وُجِدوا متعلِّقين بأستار الكعبة.
وفي هذه الغزوة اختصم غلامٌ لعمر اسمه جهجاه، وآخَر أنصاري على ماء، فصاح غلامُ عمر: يا للمهاجرين! وصاح الأنصاريُّ: يا للأنصار! فهبَّ النبيُّ مسرعًا وقال: ((أبِدعوى الجاهليَّة وأنا بين أظهُركم؟! دعُوها؛ فإنَّها منتنة))، ولما بلغَت المقالة عبدَالله بن أبيٍّ غضِب وقال: أوَقَد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا، واللهِ ما نحن وهم إلَّا كما قال الأول: سَمِّن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، وسمع كلامَه زيدُ بن أرقم، فنقله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء ابنُ أبيٍّ إلى رسول الله، وحلف بالله ما قال، فقال أنصاريٌّ حضر المجلس: لعل الغلام وهِم في حديثه؛ فنزلَتْ سورة المنافقين مصدِّقة لزيد وفاضحة لابن أبيٍّ وجماعتِه من المنافقين، وفي هذه الغزوة أفاض الناس في الإفك، وكان الذي تولَّى كِبره عبدالله بن أبي، وتكلَّم فيه جماعة من الصحابة، منهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، ثمَّ نزل الوحي ببراءة أمِّ المؤمنين، وكان الذي رُمي معها صفوان بن المعطل، وقد أقام النبي حدَّ القذف على الذين خاضوا في الإفك، إلَّا ابنَ أبيٍّ؛ وكَلَه لعذاب ربِّه.
المغازي بعد الخندق
أهم أحداث غزوة بني قريظة
لما أرسل الله الرِّيحَ على الأحزاب وفرَّق شملَهم، دخل جبريل على النبيِّ في بيته وقال: ((يا محمد، أوَضَعتَ السِّلاح؟! فإنَّ الملائكة لم تضَع السلاحَ!))، وأمره بالمسير إلى قُريظة، فقال النبي: ((مَن كان يومن بالله واليوم الآخر، فلا يصلينَّ العصرَ إلَّا في بني قريظة))، وتوجَّه جبريل إلى بني قريظة ليُزلزل بهم، وقد رآه جماعةٌ من الصحابة في هيئة دحية بن خليفة الكلبي.
ولما اشتد الحصار على بني قريظة، جمعهم سيدهم كعب بن أسد، وقال: أمامكم ثلاثة خيارات؛ إما أن تقتلوا النساء والأطفال ويخرج كلٌّ منكم بسيفه إلى محمد وليس وراءه ما يهمُّه، فأبوا عن هذه وقالوا: لا نُقاتل يوم سبت، فقال: وإما أن تتبعوا محمدًا وقد علمتم أنه النبي الموصوف في التوراة، فأبوا عن هذه وقالوا: لا نترك شريعة موسى، فقال: إذًا، سأُرسل إلى محمد أن قريظة تستسلم، وكانوا قبل ذلك قد أرسلوا إلى النبي أن يُرسل إليهم أبا لبابة يستشيرونه، فأرسله إليهم، فلما أقبل أبو لبابة إلى اليهود سمع بكاء النساء والصبيان، وسألوه: أنَنزِلُ على حكم محمد؟! فأجاب: نعم، وأشار إلى حلقه: إنه الذبح، ثمَّ إن أبا لبابة ندم على ما فعل مِن إذاعة سرِّ رسول الله، فذهب وربط نفسه بأحد سواري المسجد، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله عليَّ، وفيه نزلت الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، ثم نزلت توبته: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102]، ولما نزَل اليهود على حكم النبي، جاء اليهود إلى النبي يَستشفِعون في قريظة كما شفع الخزرج مِن قبل في بني قينقاع، فقال النبي: ((أترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟))، قالوا: نعم، قال: ((فذلك لسعد بن معاذ))، فجيء بسعد بن معاذ راكبًا على حمار له، وحوله الأوس يقولون: أحسن في مواليك يا سعد، فقال سعد: لقد آنَ لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فقال له بعضهم: إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك يا سعد، فقال: وحكمي ماضٍ فيهم؟ قالوا: نعم، قال: وعلى المسلمين؟! قالوا: نعم، قال: وعلى من ها هنا؟ وأشار إلى رسول الله، فقال رسول الله: ((نعم))، فقال: إن حكمي أن تُقتَل المقاتِلة، وتُسبى الذرية، وتُقسَّم الأموال، فقال له النبي: ((لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات))، وبعده بأيام قليلة انفجر جرح سعد وتوفِّي، فقال النبي: ((اهتزَّ عرش الرحمن لموت سعد))، ولم ينج منهم إلا عمرو بن سعد؛ لم يُشاركهم غدرَهم.
أسئلة الحلقة:
1 - اذكر سبب غزوة المريسيع.
2 - اذكر سبب نزول سورة المنافقون.
3 - آيتان نزلتا في شأن أبي لبابة، ما هما؟
4 - بمَ حكم سعد في بني قُريظة؟ وماذا قال النبي في شأنه؟
5 - صحابي نزل جبريل على هيئته، من هو؟