تفسير سورة الأنبياء (1)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس إن شاء الله كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

وها نحن في ليلتنا هذه مع فاتحة سورة الأنبياء المكية، وهذه السورة يقول فيها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: الكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول، وهن تلادي، أي: أموالي القديمة التي أحتفظ بها؛ لأنه حفظها لما نزلت، واحتفظ بها، فكانت تدخر عنده.

وها نحن مع هذه الآيات من فاتحة السورة، فهيا بنا نصغي ونستمع إلى تلاوتها مجودة مرتلة من أحد الأبناء، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس وبما نسمع.

بسم الله الرحمن الرحيم: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ * مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ [الأنبياء:1-6].

وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الكهف ومريم وطه والأنبياء من العتاق الأول، وهن تلادي.

فالسورة -إذاً- مكية، وهي من أوائل ما نزل، فهي كغيرها مما ذكر ابن مسعود ، فقد ذكر طه ومريم والكهف.

والسور المكيات يعالجن العقيدة؛ لإيجادها وتصحيحها، ومن أعظم أركانها التوحيد بلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإثبات النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالبعث الآخر، وما يجري فيه من جزاء على العمل في هذه الدنيا.

اختلاف الأئمة الأربعة في عد آيات الفاتحة السبع

يقول ربنا عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم. وبسم الله الرحمن الرحيم تفتتح بها السور، ليس على سبيل الوجوب، ولكن على سبيل الأدب، اللهم إلا بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1-2]. والإمام الشافعي رحمه الله وتلامذته يرون أنها آية من سورة الفاتحة، وبنوا على هذا أن من لم يبسمل عند قراءة الفاتحة في صلاته فهي باطلة. فافقهوا هذا. فالإمام محمد بن إدريس الشافعي تلميذ مالك يرى أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من سورة الفاتحة. والإجماع على أن سورة الفاتحة سبع آيات، أي: أن بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] الآية الأولى. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] الثانية. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] الثالثة. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] الرابعة. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] الخامسة. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] السادسة. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] السابعة.

وخالفه في ذلك شيخه مالك وأحمد وأبو حنيفة ، وقالوا: ليست آية من الفاتحة، وإنما تفتح بها السورة كغيرها من السور. وعدوا آيات الفاتحة السبع هكذا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:2-7]. فـ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] الآية السادسة. و غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. الآية السابعة. فافهموا هذه القضية.

وعلى كل حال لا تقل: أنا شافعي ولا مالكي، ولكن بسمل، ولا تترك بسم الله الرحمن الرحيم.

ومما ينبغي أن يعلم أن سر هذا الخلاف هو: أن سورة الفاتحة نزلت مرتين من السماء، مرة ببسم الله الرحمن الرحيم، ومرة بدونها. وبمعرفة هذا ينتهي الخلاف. فمن بسمل على أنها نزلت معها، ومن لم يبسمل على أنها نزلت بدونها. ومن ثم لا خلاف، والأحوط كما قدمت لكم أن نبسمل، فنقول: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1-2] في السر والجهر والفريضة والنافلة على حد سواء.

تفسير قوله تعالى: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)

قال تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1]. وهذا الخبر أخبر به الله الذي يقيم الساعة متى شاء، فهو يخبر تعالى فيقول: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ [الأنبياء:1]. وذلك في يوم القيامة، في اليوم الذي نخلق فيه خلقاً جديداً، ونجمع في ساحة واحدة، ويجري الحساب، ويتم الجزاء إما بالنعيم المقيم في دار السلام الجنة دار الأبرار، وإما بالعذاب الأليم المهين في النار دار البوار، ولا واسطة هناك، بل إما سعداء وإما أشقياء، فهناك إما إلى عالم علوي، وهو الجنة، وإما إلى عالم سفلي، وهو النار.

وقال: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ [الأنبياء:1] أبيضهم وأسودهم .. عربهم وعجمهم، وإن كانت الآية نزلت في أهل مكة الكفار من قريش.

و اقْتَرَبَ [الأنبياء:1] بمعنى أخذ يقرب. ونحن والله لفي آخر أيام الدنيا، ومن يوم نزلت هذه الآية إلى اليوم ألف وأربعمائة وتسعة عشر عاماً، إذاً: فنحن نقترب، والساعة قد اقتربت.

ثم قال تعالى: وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1] مع الأسف. أي: والحال أنهم في غفلة معرضون عن ذكر الله، وعن الإيمان به وبلقائه، وعن الإيمان برسوله وما نزل عليه من آيات الله، ومعرضون عن توحيد الله وعبادته. وليس هذا أيضاً مقصوراً على قريش، بل العالم اليوم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب يصدق عليه هذا، ولا يستثنى إلا بعض المؤمنين، فالعالم اليوم في غفلة، وأهله مشغولون بالنكاح والطعام والشراب، والدنيا والصناعات، ومعرضون عن الله، فلا يسألون عنه، ولا عما يحب، ولا عما يكره، ولا إلى أين يصيرون أبداً. ولا يفكرون هذا التفكير.

وصدق الله العظيم، فقد اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ [الأنبياء:1]. والحال وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1]. فالنار تقترب منهم، وهم مشغولون بالطعام والشراب.

يقول ربنا عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم. وبسم الله الرحمن الرحيم تفتتح بها السور، ليس على سبيل الوجوب، ولكن على سبيل الأدب، اللهم إلا بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1-2]. والإمام الشافعي رحمه الله وتلامذته يرون أنها آية من سورة الفاتحة، وبنوا على هذا أن من لم يبسمل عند قراءة الفاتحة في صلاته فهي باطلة. فافقهوا هذا. فالإمام محمد بن إدريس الشافعي تلميذ مالك يرى أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من سورة الفاتحة. والإجماع على أن سورة الفاتحة سبع آيات، أي: أن بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] الآية الأولى. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] الثانية. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] الثالثة. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] الرابعة. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] الخامسة. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] السادسة. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] السابعة.

وخالفه في ذلك شيخه مالك وأحمد وأبو حنيفة ، وقالوا: ليست آية من الفاتحة، وإنما تفتح بها السورة كغيرها من السور. وعدوا آيات الفاتحة السبع هكذا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:2-7]. فـ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] الآية السادسة. و غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. الآية السابعة. فافهموا هذه القضية.

وعلى كل حال لا تقل: أنا شافعي ولا مالكي، ولكن بسمل، ولا تترك بسم الله الرحمن الرحيم.

ومما ينبغي أن يعلم أن سر هذا الخلاف هو: أن سورة الفاتحة نزلت مرتين من السماء، مرة ببسم الله الرحمن الرحيم، ومرة بدونها. وبمعرفة هذا ينتهي الخلاف. فمن بسمل على أنها نزلت معها، ومن لم يبسمل على أنها نزلت بدونها. ومن ثم لا خلاف، والأحوط كما قدمت لكم أن نبسمل، فنقول: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1-2] في السر والجهر والفريضة والنافلة على حد سواء.

قال تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1]. وهذا الخبر أخبر به الله الذي يقيم الساعة متى شاء، فهو يخبر تعالى فيقول: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ [الأنبياء:1]. وذلك في يوم القيامة، في اليوم الذي نخلق فيه خلقاً جديداً، ونجمع في ساحة واحدة، ويجري الحساب، ويتم الجزاء إما بالنعيم المقيم في دار السلام الجنة دار الأبرار، وإما بالعذاب الأليم المهين في النار دار البوار، ولا واسطة هناك، بل إما سعداء وإما أشقياء، فهناك إما إلى عالم علوي، وهو الجنة، وإما إلى عالم سفلي، وهو النار.

وقال: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ [الأنبياء:1] أبيضهم وأسودهم .. عربهم وعجمهم، وإن كانت الآية نزلت في أهل مكة الكفار من قريش.

و اقْتَرَبَ [الأنبياء:1] بمعنى أخذ يقرب. ونحن والله لفي آخر أيام الدنيا، ومن يوم نزلت هذه الآية إلى اليوم ألف وأربعمائة وتسعة عشر عاماً، إذاً: فنحن نقترب، والساعة قد اقتربت.

ثم قال تعالى: وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1] مع الأسف. أي: والحال أنهم في غفلة معرضون عن ذكر الله، وعن الإيمان به وبلقائه، وعن الإيمان برسوله وما نزل عليه من آيات الله، ومعرضون عن توحيد الله وعبادته. وليس هذا أيضاً مقصوراً على قريش، بل العالم اليوم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب يصدق عليه هذا، ولا يستثنى إلا بعض المؤمنين، فالعالم اليوم في غفلة، وأهله مشغولون بالنكاح والطعام والشراب، والدنيا والصناعات، ومعرضون عن الله، فلا يسألون عنه، ولا عما يحب، ولا عما يكره، ولا إلى أين يصيرون أبداً. ولا يفكرون هذا التفكير.

وصدق الله العظيم، فقد اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ [الأنبياء:1]. والحال وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء:1]. فالنار تقترب منهم، وهم مشغولون بالطعام والشراب.

قال تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأنبياء:2]. وهذا ينطبق على أهل مكة لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم آيات الله التي تنزل، فقد كانوا مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ [الأنبياء:2]، أي: من كتاب الله الذي هو من عند الله ومن كلام الله مُحْدَثٍ [الأنبياء:2] جديد، فقد كانت الآيات تنزل يوماً بعد يوم، وكل يوم وكل أسبوع، إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأنبياء:2].

والآن المشركون والكافرون واليهود والنصارى كلهم لا يسمعون ولا يعرفون، ولكن لو أسمعناهم فمن أراد الله سعادته في الدار الآخرة آمن وأسلم، ومن لم يرد الله له ذلك فإنه والله يعرض ويسخر ويستهزئ، ويخرج لسانه ويقول: هذه رجعية، وهذا كذا، كما يقولون.

فهم مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [الأنبياء:2] جديد طري إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأنبياء:2]. ويضحكون ويسخرون، ولا يبالون بما يحمل من الهدى، أو بما يبين من الضلال.

قال تعالى في الخبر الثاني: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3].

لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [الأنبياء:3]. قلوبهم مشغولة. وهذا يتناول حتى الكثير من المؤمنين، فالقلوب لاهية، فهذا مشغول بزراعته، وهذا بصناعته، وهذا بوظيفته، وهذا بزوجته وأولاده، وهذا بكذا، وهذا بكذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالقلوب لاهية، في حين إنه ينبغي أن يلهى القلب بما يحب الله تعالى ويريده، ويشتغل بذكر الله وطلب رضاه، ويشتغل بذكر الدار الآخرة وما أعد الله فيها، يشتغل بعمل الصالحات وكيف يعملها، وكيف يتوب بها ولا يشغل قلبه بالدنيا وما فيها من قاذورات وأوساخ. ولكنهم لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [الأنبياء:3].

نصح الكافرين بعضهم لبعض بعدم الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم

قال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3]. وهذا يتناول طغاة المشركين في مكة، وعلى رأسهم أبو جهل عمرو بن هشام ، وعقبة بن أبي معيط ، وغيرها.

وقوله: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [الأنبياء:3] أي: لما يتناجون ويتحدثون في ناديهم وفي فرشهم وفي مجالسهم يسرون النجوى، ويقولون في النجوى: هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الأنبياء:3]؟ أي: ما هذا إلا بشر مثلكم، فكيف يكون رسولاً، ويدعي النبوة والرسالة، ويأمر بطاعته وطاعة الله؟ فهو إنسان مثلكم. هكذا يقولون فيما بينهم.

وهؤلاء الذين قال الله عنهم: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [الأنبياء:3] هم الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3] بالشرك والكفر. وهذه النجوى هي قولهم: هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. فهذه نصائح يوجهها بعضهم لبعض.

فقوله: أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ [الأنبياء:3] يعني: أنه ساحر، وما يدعوا إليه ويقوله سحر. وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. فأنتم لستم عميان. هذه هي كلمات النادي التي يسرونها فيما بينهم؛ ليصرفوا قلوبهم وقلوب الناس عن لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والآن أهل الباطل في كل مكان لهم مجتمعات، ولهم أندية، ولهم سر ونجوى، ويقولون كما يقول الأولون، ولكن يعبرون بحسب الظروف والأحوال؛ إذ هذه طبيعة الإنسان قبل أن يستنير قلبه، وينشرح صدره، ويقبل على ربه يعبده. فهم كما قال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الأنبياء:3]؟ أي: إنسان فقط منكم، فلا تؤمنوا به. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. ولو كنتم عميان لعذرناكم. فلا تأتون السحر والسحرة، ولا تقولون بالسحر وأنتم تبصرون.

قال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3]. وهذا يتناول طغاة المشركين في مكة، وعلى رأسهم أبو جهل عمرو بن هشام ، وعقبة بن أبي معيط ، وغيرها.

وقوله: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [الأنبياء:3] أي: لما يتناجون ويتحدثون في ناديهم وفي فرشهم وفي مجالسهم يسرون النجوى، ويقولون في النجوى: هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الأنبياء:3]؟ أي: ما هذا إلا بشر مثلكم، فكيف يكون رسولاً، ويدعي النبوة والرسالة، ويأمر بطاعته وطاعة الله؟ فهو إنسان مثلكم. هكذا يقولون فيما بينهم.

وهؤلاء الذين قال الله عنهم: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [الأنبياء:3] هم الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3] بالشرك والكفر. وهذه النجوى هي قولهم: هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. فهذه نصائح يوجهها بعضهم لبعض.

فقوله: أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ [الأنبياء:3] يعني: أنه ساحر، وما يدعوا إليه ويقوله سحر. وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. فأنتم لستم عميان. هذه هي كلمات النادي التي يسرونها فيما بينهم؛ ليصرفوا قلوبهم وقلوب الناس عن لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والآن أهل الباطل في كل مكان لهم مجتمعات، ولهم أندية، ولهم سر ونجوى، ويقولون كما يقول الأولون، ولكن يعبرون بحسب الظروف والأحوال؛ إذ هذه طبيعة الإنسان قبل أن يستنير قلبه، وينشرح صدره، ويقبل على ربه يعبده. فهم كما قال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الأنبياء:3]؟ أي: إنسان فقط منكم، فلا تؤمنوا به. أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الأنبياء:3]. ولو كنتم عميان لعذرناكم. فلا تأتون السحر والسحرة، ولا تقولون بالسحر وأنتم تبصرون.

قال تعالى: قَالَ رَبِّي [الأنبياء:4]، أي: قل يا رسول الله! وقرأ الجمهور نافع ومن معه: قل ربي، أي: قل يا رسولنا!: ربي يعلم القول في السماء والأرض، وهو السميع العليم وقرأ حفص : قَالَ [الأنبياء:4]، أي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ [الأنبياء:4]. والرسول لما قال علمه الله، وأمره الله أن يقول.

فقوله: قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ [الأنبياء:4] أي: الكلمة والنطق فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأنبياء:4]. ويستمع لأقوال عباده، فهو العليم بأفعالهم.

ولم يكشف هذا السر إلا الله، وإلا فليس هناك من ذهب إلى النادي وأخبر الرسول بهذا، ولكن الله مطلع عليهم، فعرف ما يقولون في ناديهم، وما يدعون إليه من الباطل، فأخبرهم بأن ربه علمه.

ثم قال تعالى: وَهُوَ السَّمِيعُ [الأنبياء:4] أي: لأقوال عباده، الْعَلِيمُ [الأنبياء:4] بأعمالهم، خيراً كانت أو شراً. فسبحانه الذي لا إله إلا هو! فهو والله لسميع عليم، فهو سميع لأقوالنا، عليم بأفعالنا، فلا يمكن أن يخفى عنه شيء أبداً.


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة المؤمنون (7) 3891 استماع
تفسير سورة المؤمنون (10) 3742 استماع
تفسير سورة الحج (11) 3654 استماع
تفسير سورة النور (12) 3646 استماع
تفسير سورة الأنبياء (9) 3504 استماع
تفسير سورة الأنبياء (5) 3492 استماع
تفسير سورة الأنبياء (14) 3491 استماع
تفسير سورة الأنبياء (15) 3416 استماع
تفسير سورة المؤمنون (6) 3340 استماع
تفسير سورة الحج (17) 3192 استماع