فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 67

1 -إن قضية نسب ولد الزنا قد ورد فيها نص شرعي ولم تترك لاجتهادات البشر.

2 -إن الإسلام يجب ما قبله.

3 -إن عمر رضي الله عنه توفي قبل أبي سفيان رضي الله عنه، فلماذا لم يدّع أبو سفيان زياداً بعد وفاة عمر؟.

4 -إن في إسناد هذا الخبر محمد بن السائب الكلبي، وقد قال عنه ابن حجر: (متهم بالكذب ورمي بالرفض) التقريب (479) .

وأما اتهام معاوية رضي الله عنه باستلحاق نسب زياد فإني لم أقف على رواية صحيحة صريحة العبارة تؤكد ذلك، هذا فضلاً عن أن صحبة معاوية رضي الله عنه وعدالته ودينه وفقهه تمنعه من أن يرد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما وأن معاوية أحد رواة حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر) الفتح (12/ 39) .

وبعد أن اتضحت براءة معاوية رضي الله عنه من هذا البهتان فإن التهمة تتجه إلى زياد بن أبيه بأنه هو الذي ألحق نسبه بنسب أبي سفيان، وهذا ما ترجح لدي من خلال الرواية التي أخرجها مسلم في صحيحه من طريق أبي عثمان قال: لما ادعى زياد، لقيت أبا بكرة فقلت: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من ادعى أباً في الإسلام غير أبيه، يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) ، فقال أبو بكرة: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. صحيح مسلم بشرح النووي (2/ 51 - 52) والبخاري مع الفتح (12/ 54) .

قال النووي رحمه الله معلقاً على هذا الخبر:( .. فمعنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة، وذلك أن زياداً هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان، ويقال فيه: زياد بن أبيه، ويقال: زياد بن أمه، وهو أخو أبي بكرة لأمه .. فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة: ما هذا الذي صنعتم؟

وكان أبو بكرة رضي الله عنه ممن أنكر ذلك وهجر بسببه زياداً وحلف أن لا يكلمه أبداً، ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام، أو يكون مراده بقوله: ما هذا الذي صنعتم؟ أي ما هذا الذي جرى من أخيك ما أقبحه وأعظم عقوبته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على فاعله الجنة). شرح صحيح مسلم (2/ 52) .

وقال أيضاً: قوله: ادُّعِي) ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبني لما لم يسم فاعله، أي ادعاه معاوية، ووجد بخط الحافظ أبي عامر العبدري - وهو إمام من أعيان الحفاظ من فقهاء الظاهرية (ت 524 هـ) ، انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي (4/ 1272) - (ادَّعَى) بفتح الدال والعين، على أن زياداً هو الفاعل، وهذا له وجه من حيث إن معاوية ادعاه، وصدقه زياد فصار زياد مدعياً أنه ابن أبي سفيان، والله أعلم. شرح مسلم (2/ 52 - 53) .

وقد تبينت براءة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة فيما تقدم من القول، وبذلك ينتفي الوجه الذي ذهب إليه النووي في كلامه عن ضبط الحافظ أبي عامر العبدري لكلمة (ادَّعَى) .

ويزيد هذا الأمر تأكيداً ما أورده الحافظ أبو نعيم في ترجمة زياد بن أبيه حيث قال: (زياد بن سمية: ادَّعَى أبا سفيان فنسب إليه) معرفة الصحابة (3/ 1217) .

وبذلك يكون زياد هو المدعي، ولذلك هجره أخوه أبو بكرة رضي الله عنه. والله تعالى أعلم. مقتبس من كتاب: مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث (ص 372 - ... 379) .

وقد أجاب الإمام ابن العربي رحمه الله عن هذه الشبهة بجواب آخر له وجه من الصحة أيضاً، فقال فيما معناه: أما ادعاؤه زياداً فهو بخلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لعبد بن زمعة: (هو لك الولد للفراش وللعاهر الحجر) باعتبار أنه قضى بكونه للفراش وبإثبات النسب فباطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت النسب، لأن عبداً ادعى سببين، أحدهما: الأخوة، والثاني: ولادة الفراش، فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم هو أخوك، الولد للفراش لكان إثباتاً للحكم وذكراً للعلة، بيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها وأعرض عن النسب ولم يصرح به، وإنما هو في الصحيح في لفظ (هو أخوك) وفي آخر (هو لك) معناه أنت أعلم به بخلاف زياد، فإن الحارث بن كلدة الذي ولد زياد على فراشه، لم يدعيه لنفسه ولا كان ينسب إليه، فكل من ادعاه فهو له، إلا أن يعارضه من هو أولى به منه، فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز بل فعل فيه الحق على مذهب الإمام مالك. انظر تفصيل ذلك في كتاب العواصم من القواصم (ص 248 - 255) بتخريج محمود مهدي الاستانبولي و تعليق الشيخ محب الدين الخطيب وهو من منشورات مكتبة السنة بالقاهرة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام