قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تذكروا معاوية إلا بخير. البداية والنهاية لابن كثير (8/ 125) .
و ذكر الطبري في تاريخه (5/ 331) والبلاذري في أنساب الأشراف (4/ 147) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام، فرأى معاوية في موكب يتلقاه، فقال له عمر: يا معاوية، تروح في موكب وتغدو في مثله؛ وبلغني أنك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك! قال: يا أمير المؤمنين، إن العدو بها قريب منا، ولهم عيون وجواسيس، فاردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزاً؛ فقال له عمر: إن هذا لكيد رجل لبيب، أو خدعة رجل أريب، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين، مرني بما شئت أصر إليه؛ قال: ويحك! ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه إلا تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك!.
وعن علي رضي الله عنه أنه قال بعد رجوعه من صفين: أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية، فإنكم لو فقدتموها، رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل. ابن كثير في البداية (8/ 134) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة - من معاوية، فقيل: ولا أبوك؟ قال: أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه. الخلال في السنة (1/ 443) والذهبي في السير (3/ 152) وابن كثير في البداية (8/ 137) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب. رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح. وابن كثير في البداية (8/ 137) .
وفي صحيح البخاري برقم (3765) أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: لله در ابن هند - يعني معاوية رضي الله عنه - إنا كنا لَنَفْرَقه - من الفَرَق: وهو الخوف والفزع - وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه، فيتخادع لنا، والله لوددت أنا مُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر، وأشار إلى أبي قبيس. أورده ابن كثير في البداية (8/ 138) .
وأما ما يتشدق به البعض من نقلهم عن إسحاق بن راهوية أنه قال: (لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شيء) .
قلت: لهم الويل .. وبفيهم الحجر .. فهذا القول عن ابن راهوية باطل ولم يثبت عنه ..
فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3/ 132) والفوائد المجموعة للشوكاني (ص 407) عن الأصم - أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم - حدثنا أبي، سمعت ابن راهوية فذكره. و في الفوائد: سقطت (حدثنا أبي) ، و هي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهوية.
قلت: يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري - والد الأصم - مجهول الحال، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/ 286) فما زاد على قوله: قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية، روى عنه محمد بن مخلد.
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/ 453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، ولم أجده في الجرح والتعديل، ولا في الثقات لابن حبان. و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله. بتصرف من كتاب: لا دفاعاً عن الألباني لعمرو عبد المنعم (ص 181 - 182) .
وأما الشبهة الثانية وهي قول الإمام البخاري: بأنه لم يجد في فضائل معاوية شيء، فقد أجاب عنها ابن حجر رحمه الله بقوله: إن كان المراد أنه لم يصح منها شيء وفق شرطه - أي شرط البخاري - فأكثر الصحابة كذلك. انظر: تطهير الجنان عن التفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان (ص 11 - 12) .