""""صفحة رقم 288""""
ومما جاء غير مطابق في الظاهر وهو في المعنى مطابق قول الله تعالى ) قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ( - فإن هذا الكلام معناه هل أخبركم بما هو أفضل من متاع الدنيا فكأنه قيل نعم أخبرنا فقال الله تعالى - ) للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار( الآية
أي للذين اتقوا استقر استقر لهم عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار - الآية
فأعطى مضمون الكلام معنى الجواب على غير لفظه
وهذا التقرير على قول جماعة من المفسرين
وقال تعالى )مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار( الآية
فقوله مثل الجنة يقتضى المثل لا المملثل - كما قال تعالى )مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ( - ولأنه كلما كان المقصود الممثل جاء به بعينه
ويمكن أن يقال إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما ذكر الفرق أن فيها فرقة ناجية - كان الأولى السؤال عن أعمال الفرقة الناجية لا عن نفس الفرقة
لأن التعريف فيها من حيث هي لا فائدة فيه إلا من جهة أعمالها التي نجت بها
فالمقدم في الاعتبار هو العمل لا العامل فلو سألوا ما وصفها أو ما عملها أو ما اشبه ذلك لكان أشد مطابقة في اللفظ والمعنى فلما فهم عليه الصلاة والسلام منهم ما قصدوا أجابهم على ذلك
ونقول لما تركوا السؤال عما كان الأولى في حقهم أتى به جوابا عن سؤالهم حرصا منه عليه الصلاة والسلام على تعليمهم ما ينبغى لهم تعلمه والسؤال عنه