الصفحة 637 من 715

""""صفحة رقم 281""""

فالمعاصى كلها - غير البدع - يمكن فيها التوبة من أعلاها - وهي الكبائر - إلى أدناه - وهي اللمم - والبدع أخبرنا فيها إخبارين كلهما يفيد أن لا توبة منها

الإخبار الأول ما تقدم في ذم البدع من أن المبتدع لا توبة له من غير تخصيص والآخر ما نحن في تفسيره وهو تشبيه البدع بما لا نجح فيه من الأمراض كالكلب فأفاد أن لا نجح من ذنب البدع في الجملة من غير اقتضاء عموم بل اقتضى ان عدم التوبة مخصوص بمن تجارى به الهوى كما يتجارى الكلب بصاحبه وقد مر أن من أولئك من يتجارى به الهوى على ذلك الوجه وتبين الشاهد عليه ونشأ من ذلك معنى زائد هو من فوائد الحديث - وهي

المسألة الرابعة والعشرون

وهو أن من تلك الفرق من لا يشرب هوى البدعة ذلك الإشراب فإذا يمكن فيه التوبة وإذا أمكن في أهل الفرق أمكن فيمن خرج عنهم وهم أهل البدع الجزئية

فإما أن يرجح ما تقدم من الأخبار على هذا الحديث لأن هذه الرواية في إسنادها شىء وأعلى ما يجرى في الحسان وفي الأحاديث الأخر ما هو صحيح كقوله يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون كما لا يعود السهم على فوقه وما أشبه

وأما أن يجمع بينهما فتجعل النقل الأول عمدة في عموم قبول التوبة ويكون هذا الإخبار أمرا آخر زائدا على ذلك إذ لا يتنافيان بسبب أن من شأن البدع مصاحبة الهوى وغلبة الهوى للإنسان في الشىء المفعول أو المتروك له ابدا اثر فيه والبدع كلها تصاحب الهوى ولذلك سمى اصحابها أهل الأهواء

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام