""""صفحة رقم 176""""
والثاني من اسباب الخلاف اتباع الهوى
ولذلك سمى أهل البدع أهل الأهواء لانهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها حتى يصدروا عنها بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورا فيها من وراء ذلك وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح ومن مال إلى الفلاسفة و غيرهم ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم أو طلبا للرياسة فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم ويتأول عليهم فيما أرادوا - حسبما ذكره العلماء ونقله الثقاة من مصاحبى السلاطين
فالأولون ردوا كثيرا من الاحاديث الصحيحة بعقولهم وأساءوا الظن بما صح عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وحسنوا ظنهم بآرائهم الفاسدة حتى ردوا كثيرا من امور الآخرة وأحوالها من الصراط والميزان وحشر الأجساد والنعيم والعذاب الجسمى وأنكروا رؤية البارى واشباه ذلك بل صيروا العقل شارعا جاء الشرع أولا بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل إلى غير ذلك من الشناعات
والآخرون خرجوا عن الجادة إلى البنيات وإن كانت مخالفة لطلب الشريعة حرصا على ان يغلب عدوه أو يفيد وليه أو يجر إلى نفسه