""""صفحة رقم 67""""
وفي هذا الوجه قد يتعذر الخروج فإن المعصية فيما بين العبد وربه يرجو فيها من التوبة والغفران ما يتعذر عليه مع الدعاء إليها وقد مر في باب ذم البدع وباقي الكلام في المسألة سيأتى إن شاء الله
والشرط الثالث أن لا تفعل في المواضع التي هي مجتمعات الناس أو المواضع التي تقام فيها السنن وتظهر فيها اعلام الشريعة فأما إظهارها في المجتمعات ممن يقتدى به أو ممن به الظن فذلك من أضر الأشياء على سنة الإسلام فإنها لا تعدو امرين إما أن يقتدى بصاحبها فيها فإن العوام أتباع كل ناعق ولا سيما البدع التي وكل الشيطان بتحسينها للناس والتي للنفوس في تحسينها هوى وإذا اقتدى بصاحب البدعة الصغيرة كبرت بالنسبة إليه لأن كل من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها فعلى حسب كثرة الأتباع يعظم عليه الوزر
وهذا بعينه موجود في صغائر المعاصى فإن العالم مثلا إذا أظهر المعصية - وإن صغرت - سهل على الناس ارتكابها فإن الجاهل يقول لو كان هذا الفعل كما قال من أنه ذنب لم يرتكبه وإنما ارتكبه لامر علمه دوننا
فكذلك البدعة إذا أظهرها العالم المقتدى فيها لا محالة فإنها في مظنة التقرب في ظن الجاهل لأن العالم يفعلها على ذلك الوجه بل البدعة اشد في هذا المعنى إذ الذنب قد لا يتبع عليه بخلاف البدعة فلا يتحاشى أحد عن اتباعه إلا من كان عالما بأنها بدعة مذمومة ن فحينئذ يصير في درجة الذنب فإذا كانت كذلك صارت كبيرة بلا شك فإن كان داعيا إليها فهو أشد وإن كان الإظهار باعثا على الاتباع فبالدعاء يصير أدعى إليه