""""صفحة رقم 66""""
فكذلك البدعة من غير فرق إلا أن المعاصى من شأنها في الواقع أنها قد يصر عليها وقد لا يصر عليها وعلى ذلك ينبنى طرح الشهادة وسخطة الشاهد بها أو عدمه بخلاف البدعة فإن شأنها في المداومة والحرص على أن لا تزال من موضعها وان تقوم على تاركها القيامة وتنطلق عليه ألسنة الملامة ويرمى بالتسفيه والتجهيل وينبز بالتبديع والتضليل ضد ما كان عليه سلف هذه الأمة والمقتدى بهم من الأئمة والدليل على ذلك الاعتبار والنقل فإن أهل البدع كان من شأنهم القيام بالنكير على أهل السنة إن كان لهم عصبة أو لصقوا بسلطان تجرى أحكامه في الناس وتنفذ أوامره في الأقطار ومن طالع سير المتقدمين وجد من ذلك مالا يخفى
وأما النقل فما ذكره السلف من أن البدعة إذا أحدثت لا تزيد إلا مضيا وليست كذلك المعاصى فقد يتوب صاحبها وينيب إلى الله بل قد جاء ما يشد ذلك في حديث الفرق حيث جاء في بعض الروايات تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ومن هنا جزم السلف بأن المبتدع لا توبة له منها حسبما تقدم
والشرط الثاني أن لا يدعو إليها فإن البدعة قد تكون صغيرة بالإضافة ثم يدعو مبتدعها إلى القول بها والعمل على مقتضاها فيكون إثم ذلك كله عليه فإنه الذى أثارها وسبب كثرة وقوعها والعمل بها فإن الحديث الصحيح قد أثبت ان كل من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا والصغيرة والغسية مع الكبيرة إنما تفاوتها بحسب كثرة الإثم وقلته فربما تساوي الصغيرة - من هذا الوجه - الكبيرة أو تربى عليها
فمن حق المبتدع إذا ابتلى بالبدعة أن يقتصر على نفسه ولا يحمل مع وزره وزر غيره