الصفحة 202 من 715

""""صفحة رقم 217""""

والجواب أن نقول - أولا - كل ما عمل به المتصوفة المعتبرون في هذا الشأن لا يخلوا إما أن يكون مما ثبت له أصل في الشريعة أم لا فإن كان له أصل فهم خلقاء به كما أن السلف من الصحابة والتابعين خلقاء بذلك وإن لم يكن له أصل في الشريعة فلا عمل عليه لأن السنة حجة على جميع الأمة وليس عمل أحد من الأمة حجة على السنة لأن السنة معصومة عن الخطإ وصاحبها معصوم وسائر الأمة لم تثتب لهم عصمة إلا مع إجماعهم خاصة وإذا اجتمعوا تضمن إجماعهم دليلا شرعيا كما تقدم التنبيه عليه

فالصوفية كغيرهم ممن لم تثبت له العصمة فيجوز عليهم الخطأ والنسيان والمعصية كبيرتها وصغيرتها فأعمالهم لا تعدو الأمرين

ولذلك قال العلماء كل كلام مأخوذ أو متروك إلا ما كان من كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وقد قرر ذلك القشيري أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل يكون الولى معصوما حتى لا يصر على الذنوب قيل أما وجوبا كما يقال في الأنبياء فلا وأما أن يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب - وإن حصلت منهم آفات أو زلات - فلا يمتنع ذلك في وصفهم

قال لقد قيل للجنيد أيزنى العارف فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال وكان أمر الله قدرا مقدورا

فهذا كلام منصف فكما يجوز على غيرهم المعاصى فالابتداع وغيره كذلك يجوز عليهم فالواجب علينا أن نقف مع الاقتداء بمن يمتنع عليه الخطأ ونقف على الاقتداء بمن لا يمتنع عليه الخطأ إذا ظهر في الاقتداء به إشكال بل نعرض ما جاء عن الأئمة على الكتاب والسنة فما قبلاه قبلناه وما لم يقبلاه تركناه ولا علينا إذا قام لنا الدليل على اتباع الشرع ولم يقم لنا دليل على اتباع أقوال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام