وعن عائشة (ت - 58هـ) رضي الله عنها أنها قالت بعد روايتها حديث (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) قالت: (فلولا ذاك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً) [1] .
وعن أنس (ت - 93هـ) رضي الله عنه قال: (كنت أصلي قريباً من قبر، فرآني عمر بن الخطاب فقال: القبر القبر) [2] .
العاشر: أن من جاء بعد الجيل الأول من الأئمة، كان على ما كان عليه سلفهم من الاتباع والتأسي بحبيبهم، وقدوتهم محمد صلّى الله عليه وسلّم.
فقال محمد بن الحسن الشيباني [3] رحمه الله: (لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر، ونكره أن يجصص، أو يطين، أو يجعل عنده مسجداً، أو علماً، أو يكتب عليه) [4] .
وقال الإمام الشافعي (ت - 204هـ) رحمه الله: (وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى، أو يصلى عليه وهو غير مسوى، أو يصلى إليه) [5] .
وقال ابن عبد البر [6] رحمه الله: (يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء
(1) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه 3/255 كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومسلم في صحيحه 1/377 كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، وأحمد في مسنده 6/80 من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2) الأثر رواه البخاري تعليقاً 1/437، ووصله عبد الرزاق في مصنفه 1/404 كتاب الصلاة، باب الصلاة على القبور، وصحح إسناده الألباني في تحذير الساجد ص36.
(3) محمد بن الحسن بن فرقد، الشيباني بالولاء، أبو عبد الله، الفقيه، الصاحب الثاني لأبي حنيفة، سمع الحديث عن مالك والأوزاعي والثوري، ولي القضاء بعد أبي يوسف، ت سنة 189هـ.
انظر في ترجمته: أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص120 الجواهر المضية للقرشي 3/122، الفوائد البهية للكنوي ص163.
(4) الآثار ص84، وانظر: الفتاوى الهندية 1/166.
(5) الأم 1/246.
(6) ابن عبد البر: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، أبو عمر النمري القرطبي، الإمام العلامة، صاحب التصانيف السائرة كالتمهيد والاستذكار وغيرها، كان فقيهاً محدثاً، من أئمة المالكية، ت سنة 463هـ.
انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان 6/64، شجرة النور الزكية لمخلوف ص119.