فهرس الكتاب
الصفحة 272 من 645

وما كان مقهوراً مع غيره لم يكن موجوداً بنفسه، ولا مستغنياً بنفسه، ولا عزيزاً ولا مستقلاً بنفسه، وما كان كذلك لم يكن إلا مصنوعاً مربوباً فيكون محدثاً [1] .

وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله إجماع أهل الملل والأديان على أن كل ما سوى الله فهو مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن [2] .

وذكر أنه قد استقر في فطر الناس أن السماوات مخلوقة مفعولة، وقد أحدثها خالقها بعد أن لم تكن، ولم يخطر بالفطر السليمة أن السماوات والأرض قد خلقتا مع الله أزلاً [3] .

وأما المتكلمون فلهم طرق متعددة في إثبات حدوث العالم [4] . إلا أن أقواها عندهم هو دليل حدوث الأجسام، وهو ما سأذكره وأناقشه بشيء من الاختصار - بعد قليل -؛ ذلك أن الأدلة الأخرى قد زيفها أكثر متأخريهم وعقلائهم.

ومما له صلة بحدوث العالم عند المتكلمين مسألة (الجوهر الفرد) التي خاضوا فيها كثيراً في كتبهم المتقدمة، وفي دراساتهم المتأخرة؛ ذلك أن إثبات الجوهر الفرد مرتبط بالقول بتناهي الأجسام، فهو يؤيد قولهم بحدوث العالم حين يردون على الفلاسفة، إذ هذا المصطلح مقابل مصطلح الهيولي والصورة [5] عند الفلاسفة.

(1) انظر: الأدلة العقلية لأهل السنة. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 6/331، الصفدية له 1/74، 81، منهاج السنة النبوية 2/273.

(2) انظر: الصفدية لابن تيمية 1/10، 130.

(3) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 18/226.

(4) انظر: من كتب المتكلمين: الإنصاف للباقلاني ص27، نهاية الإقدام للشهرستاني ص11 - 53، التوحيد لأبي منصور الماتريدي ص12، الأربعين في أصول الدين للرازي 1/29، الإرشاد للجويني ص39 - 42، وانظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 2/344 إلى نهاية الجزء، 3/3 - 23، 448 - 449.

(5) الهيولى: كلمة يونانية الأصل، ويراد بها المادة الأولى، وهو كل ما يقبل الصورة، أي هو جوهر وجوده بالفعل إنما يحصل بقبول الصورة الجسمانية كقوة قابلة للصور، وليس لها وجود بالفعل بنفسها دون الصورة.

انظر: مقاصد الفلاسفة للغزالي 2/19، معيار العلم له ص287 - 288، المعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/536 - 537، المعجم الفلسفي لمجمع اللغة ص208، فكرة الجوهر للطف 143 - 181.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام