فهرس الكتاب
الصفحة 619 من 854

المعاش؛ حتى إن من كان عنده امرأتان كان ينزل عن إحداهما، ويزوجها واحدًا من المهاجرين". (1) "

هذا وحقيقة الإيثار التي اتصفوا بها:"تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية، رغبة في الحظوظ الدينية."

وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وغاية المحبة، والصبر على المشقة"."

ثم يختم حديثه ببيان أن هذا الوصف لا يخص الأنصار دون غيرهم من الصحابة، فقد روى عن ابن عمر أنه قال: (أهدى لرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رأس شاة، فقال: أخى فلانًا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعثه إليهم، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات ثم عادت إلى الأول؛ فنزلت هذه الآية) (2) .

وروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة، ثم قال للغلام: اذهب بها إلى عبيدة بن الجراح، ثم امكث عنده في البيت حتى ننظر وما يصنع بها فذهب بها الغلام إليه وقال له: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجاتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالى يا جارية، اذهبى بهذه السبعة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى فقدها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره ووجده قد ربط مثلها لمعاذ بن جبل، فقال: اذهب بها إليه، وامكث في البيت ساعة حتى ننظر ما يصنع فذهب بها إليه وقال له: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجاتك، فقال: رحمه الله ووصله، وقال يا جارية:

(1) أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس - رضي الله عنه - ما حكاه من قصة مقدم عبد الرحمن بن عوف الصحابى الجليل ومآخاة رسول الله له مع سعد بن الربيع وكيف أنه عرض عليه الاقتسام في أهله وماله ولكن عبد الرحمن - رضي الله عن الجميع - رفض ودعا له بالبركة ثم توجه إلى السوق ففتح الله عليه من خير الدنيا الكثير: كتاب البيوع - باب ما جاء في قول الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} ، رقم الحديث: 2049.

(2) أخرجه الحاكم في مستدركه: كتاب التفسير، باب تفسير سورة الحشر، وقال الحاكم: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه (2/ 484) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام