فهرس الكتاب
الصفحة 618 من 854

وذلك عند تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] ، يقول:"الجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: اعجبوا؛ أي تعجبوا من حال المهاجرين حيث تنزهوا عن الديار والأموال، وتركوا ذلك ابتغاء وجه الله تعالى، وعبر فيه بالخروج؛ لأن المال لما كان يستر صاحبه، كان كأنه ظرف له".

وهم في ذلك:"طالبين الرزق من الله لإعراضهم عن أملاكهم الدنيوية، ومرضاة الله تعالى في الآخرة".

والذي حملهم على ذلك ما وصفهم به المولى، حيث قال: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} "أي الخالصون في إيمانهم، حيث اختاروا الإسلام، وخرجوا عن الديار والأموال والعشائر، حتى روى أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله من دثار غيرها".

ويذكر ما ورد في شأن المهاجرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول: وفي الحديث:"أن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفًا" (1)

ثم يشرع في بيان ما للأنصار من منزلة علية في ضوء الآية الكريمة، يقول:"والذين تبوءوا الدار، أي؛ اتخذوها منزلًا بإسلامهم من قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، فعصموها، وحفظوها بالإسلام، فكأنهم استحدثوا بناءها، والمعنى: لزموا الدار والإيمان، أو شبه تمكنهم في الإيمان باتخاذهم منزلًا فيه، جمع بين الحقيقة والمجاز."

ولا يجدون في ذلك كله:"حسدًا ولا منًا ولا غيظًا ولا حزازة".

ومن جميل ما تصفوا به أنهم"يؤثرون على أنفسهم في كل شيء من أسباب"

(1) أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص: كتاب الزهد: (18/ 110) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام