هذا وتعد قضية التوسل بذاته الشريفة من أهم مباحث هذا الباب لوقوع الكثير في اللبس والخلط فالحديث الذي ذكره الصاوي مستدلًا به على مشروعية التوسل به - صلى الله عليه وسلم - ودعاء الله بمنزلته كان قى حياته، إذ من المسلم مشروعية التوسل به - عليه الصلاة والسلام -، فقد أثر عن الشيخ العز بن عبد السلام أنه علق على الحديث الذي أورده الصاوي بقوله:"فإن صح فينبغى أن يكون مخصوصًا به فإنه سيد ولد آدم" (1)
أما بعد مماته - عليه صلوات ربي - فلم يثبت عن أحد من الصحابة الكرام أنه قام بهذا الفعل بل صح الخبر عن عمر- رضى الله عنه - أنه دعا الناس في عهده حين أقحطوا إلى التوسل بالعباس فكان يقول: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) ، وكان يتم لهم ذلك بفضل الله كما في تمام الرواية: (قال: فيسقون) (2) .
وهذا الحديث فيه دلالة قطعية على توقف الصحابة الكرام - رضى الله عنهم - عن التوسل بالرسول بعد موته، كما هو ظاهر من كلام عمر - رضي الله عنه - وفيه أيضًا مشروعية التوسل بدعاء الصالحين عند اشتداد الكرب.
يقول الإمام الشوكاني بعد تفصيل القول في التفريق بين التوسل المشروع والتوسل المنهى عنه:"والحاصل أن طلب الحوائج من الأحياء جائز إذا كانوا يقدرون عليها، ومن ذلك الدعاء، فإنه يجوز استمداده من كل مسلم، بل يحسن ذلك. . ولكن ينبغى أن يعلم أن دعاء من يدعو له لا ينفع إلا بإذن الله وإرادته ومشيئته، كما ورد بذلك القرآن العظيم، فهذه تقييد للمطلق لا ينبغى عنه العدول بحال" (3) .
(1) غاية السول في خصائص الرسول، للإمام ابن الملقن: 297.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الاستسقاء باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، رقم الحديث: 1010.
(3) الرسائل السلفية: 170.