وهل هذا إلا أفسد مما يدعيه كثير من العامة, في القطب, والغوث, ونحو ذلك من أسماء يعظمون مسماها, ويدعون في مسماها ما هو أعظم من رتبة النبوة, من غير تعيين لشخص معين, يمكن أن ينتفع به الانتفاع المذكور في مسمى هذه الأسماء, وكما يدعى كثير منهم حياة الخضر, مع أنهم لم يستفيدوا بهذا الدعوى منفعة لا في دينهم ولا في دنياهم, وإنما غاية من يدعى ذلك أن يدعى جريان بعض ما يقدره الله على أيدي مثل هؤلاء, وهذا مع أنه لا حاجة لهم به فلا حاجة بهم إلى معرفته, ولم ينتفعوا بذلك لو كان حقا فكيف إذا كان ما يدعونه باطل, ومن هؤلاء من يتمثل له الجنى في صورة, ويقول: أنا الخضر, ويكون كاذبا, وكذلك الذين يذكرون رجال الغيب ورؤيتهم إنما رأوا الجن, وهم رجال غائبون, وقد يظنون أنهم إنس, وهذا قد بيناه في مواضع تطول حكايتها, مما تواتر عندنا, وهذا الذي تدعيه الرافضة إنما مفقود عندهم, وإما معدوم عند العقلاء, وعلى التقديرين فلا منفعة لأحد به, لا في دين, ولا في دنيا, فمن علق به دينه بالمجهولات التي لا يعلم ثبوتها كان ضالا في دينه, لأن ما علق به دينه لم يعلم صحته, ولم يحصل له به منفعة, فهل يفعل مثل هذا إلا جاهل, لكن الذين يعتقدون حياة الخضر لا يقولون: إنه يجب على الناس طاعته, مع أن الخضر كان حيا موجودا. اهـ