الصفحة 172 من 216

الأحاديث الواردة في إثبات

[أن ال] مهدي غير عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم -, [أما قبل نزوله فظاهر والله أعلم, و أما بعده] فعند التأمل لا ينافيها, بل يكون المراد من ذلك أن [يكون] المهدي حق المهدي هو عيسى [ابن مريم - صلى الله عليه وسلم -] , ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهديا أيضا.

257 -أورد القرطبي في «التذكرة» . (ص 610) : أن المهدي يخرج من الغرب الأقصى في قصة طويلة, ولا أصل لذلك (1) ».

(1) - الخبر المذكور غريب جدا ولفظه: روي من حديث معاوية بن أبى سفيان في حديث في طول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: (ستفتح بعدي جزيرة تسمى الأندلس, فتغلب عليهم أهل الكفر, فيأخذون من أموالهم واكثر بلدهم يسبون نسائهم وأولادهم, ويهتكون الأستار, ويخربون الديار, ويرجه أكثر البلاد فيافي وقفارا وتنجلي اكثر الناس عن ديارهم وأموالهم فيأخذون الجزيرة, ولا تبقى إلا اقلها, ويكون في المغرب الهرج والخوف, ويستولي عليهم الجوع والغلاء, وتكثر الفتنة, ويأكل الناس بعضهم بعضا, فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى, من أهل بنت فاطمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -,وهو المهدي القائم في آخر الزمان, وهو أول أشراط الساعة)

قال القرطبي: كل ما وقع في حديث معاوية هذا فقد شاهدنا بتلك البلاد وعاينا معظمه, إلا خروج المهدي. اهـ, قلت: ولم يذكر للحديث إسنادا حتى ينظر فيه, ولا من أخرجه من المحدثين, وقد قال الشيخ عبدالله الغماري في كتابه (المهدي المنتظر) (ص102) : ذكر القرطبي وابن العربي وجماعة أن المهدي يجيء من ناحية المغرب ويبايع بمكة, ولم نقف على ذلك في شيء من كتب الحديث, إلا أني وجدت في بعض الآثار أن أهل المغرب يبعثون له أربعة آلاف رجل يدعونه إليهم بعد مبايعته. اهـ والله اعلم

قلت: للحافظ السيوطي رحمه جواب عن سؤال ذكره في كتابه (الحاوي للفتاوي) (2\ 6) , وهو كالملخص لهذا الكتاب, فلذلك أحببت ذكره هنا حتى يكون كالخاتمة له, قال رحمه الله: مسألة: في مجيء المهدي من الغرب, هل ورد فيه أثر يعتمد عليه؟ , وهل للقول بأنه موجود الآن بالمغرب صحة أو لا؟ , وهل مجيئه قبل نزول عيسى عليه السلام؟ (ثم ذكر أسئلة أخرى تتعلق بنزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج)

الجواب على سبيل الاختصار: الأحاديث في المهدي مختلفة, وكذلك العلماء, ففي بعضها (لا مهدي إلا عيسى ابن مريم) 2,واكثر الأحاديث على انه غيره, وانه من أهل البيت, ثم في بعضها انه من ولد فاطمة, وفي بعضها انه من ولد العباس ووبعض العلماء حمله المهدي ثالث خلفاء بني العباس الذي تولى الخلافة في القران الثاني, والذي ترجح عندي من اكثر الأحاديث انه غيره, وأنه خليفة يقوم في آخر الزمان, وأنه من ولد فاطمة, وقد ثبت في أحاديث أنه بخرج من قبل المشرق, وانه يبايع له بمكة بين الركن والمقام, وانه يدخل بيت المقدس, وأنه يملأ الأرض عدل, وفي بعض الروايات بسند ضعيف أن الناس يقتتلون على الملك فينادي مناد من السماء: أميركم فلان فيبايعون له, ولم يقع شيء من ذلك إلى الآن, فبطل قول من قال: أنه موجود الآن بالمغرب, وفي الأحاديث أن عيسى عليه السلام ينزل في حياته فيسلم المهدي الأمر له وختم جوابه بقوله: هذا ما يتعلق بالأسئلة على وجه الاختصار, وسرد الأدلة في ذلك والأحاديث يحتمل كراريس كثيرة. اهـ

تعقب: قال السيوطي رحمه الله: الأحاديث في المهدي مختلفة, وكذلك العلماء, ففي بعضها: لا مهدي إلا عيسى ابن مريم كذا قال رحمه الله, والحق أنه لا اختلاف بين الأحاديث النبوية في ظهور المهدي, بل إنما هو حديث واحد ضعيف حكم عليه بعض العلماء بالوضع في مقابلة أحاديث كثيرة صحيحة وحسنة وأخرى ضعيفة, فأين الاختلاف المزعوم بين الأحاديث, وأما اختلاف العلماء فجمهورهم على ثبوت المهدي وخروجه في آخر الزمان, وإنما ذهبت شرذمة قليلة إلى إنكاره, أشهرهم المؤرخ (ابن خلدون) وقد تعقب كلامه كثير من العلماء بالرد, وللشيخ (أحمد بن الصديق الغماري) كتاب مفرد في تفنيد كلامه ونقضه, سماه (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) وهو مطبوع, ثم تبع (ابن خلدون) في إنكاره هذا خَلْف من أتباع المدرسة العقلية الذين ردوا عقائد كثيرة ثابتة في السنة النبوية لخلاف عقولهم الكاسدة وآرائهم الفاسدة, ولا عبرة بخلافهم مع صحة الأحاديث النبوية وتواترها بخروج (المهدي) , فإنه إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل, وقد نص على تواترها جمهرة من العلماء المحققين, كما في (نظم المتناثر) (ص144) وقد ذكرنا كلامه في المقدمة, والله أعلم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام