لم يُقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد أكمل الدين كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) } [1] ، فقد ترك لأمته إرثاً خالداً إلى يوم القيامة، لا ينقص، ولا ينضب، مهما نهلوا منه، حيث بين فيه سبحانه كل ما سيحتاج إليه عباده، مصداقاً لقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) } [2] ، وقال عنه عز وجل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [3] ؛ علاوةً على السنة النبوية المطهرة، التي يتجلى فيها قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [4] ، وهي إما موافقةٌ للقرآن الكريم، أو مبينةٌ له، أو مُشَرِّعةٌ لما سكت عنه.
ومن ثَمَّ، فما من نازلةٍ أو فتوى، إلا ويمكن ردها إلى هذين الأصلين، إما مباشرةً، أو عن طريق الاستنباط، بإعمال الأقيسة المرعية، والقواعد، والمقاصد الشرعية.
ولكي يجتهد المجتهد، أو يفتي المفتي، فلا بد له من شروطٍ، وآلاتٍ، أهمها اعتماده على الوحيين، وقدرته على الاستنباط منهما؛ وتعتبر آيات الأحكام من أهم وسائل الاجتهاد، والإفتاء، كيف لا، والقرآن الكريم دستور هذه الأمة؛ فما إِنْ تُعرض على المجتهد، أو المفتي نازلةٌ؛ إلا وتوجه ذهنه، وقلبه، إلى القران الكريم؛ يستنجد به للعثور على الدليل المناسب الذي يسعفه في الجواب عن السؤال، أو في تحرير المسألة.
نحن بصدد الكلام عن المستجدات الاقتصادية، ومرجعيتنا إسلاميةٌ؛ وعليه، فيُفترض تطبيق الشريعة الإسلامية، المستمدة من نصوص الوحيين، فهما المرجع في تحرير الأدلة الشرعية، وهما أدوات الاستنباطات الفقهية، ومكان المخارج الشرعية
(1) سورة المائدة، جزء من الآية:3.
(2) سورة النحل، جزء من الآية:89.
(3) سورة الأنعام، جزء من الآية:38.
(4) سورة النجم، الآيتان: 3 - 4.