فهرس الكتاب
الصفحة 93 من 111

قلت:

فالكلام الذي كانوا يخاطبون به، ألا وهو كلام الله تعالى في تقريعهم وتوبيخهم، وأن مصيرهم إلى حطام النار إن خالفوا أوامر الله تعالى، أنه سيصير حقيقة يوم القيامة ويؤول إلى ذلك، وهذا معنى التأويل في الآية، وهو إحدى معانيه عند أهل العلم.

الثاني: التأويل بمعنى التفسير ومنه قول الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- عندما يحكي تفسير الآية فيقول: (القول في تأويل هذه الآية كذا .. يعني في تفسيرها) ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس: (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل)

الثالث: أن المراد بلفظ التأويل -أيضاً- هو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى خلافه، لدليل أوجب هذا الصرف، وهذا المعنى للتأويل هو المراد في كتب العلماء، لا سيّما في كلام المتأخرين، حتى أن العلامة ابن الأثير -رحمه الله- لم يذكر غيره، فقد قال في كتابه (النهاية في غريب الحديث) ما نصه: (والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ) ا. هـ

قال مقيده: وهذا المعنى الأخير للتأويل، منه ولج أهل البدع إلى تحريف الشريعة حتى صار مفزعهم عند النزاع، وسبب ذلك أنهم عمدوا إلى أشياء سموها أدلة وقرائن للتأويل وهي ليست كذلك، كمن يجعل العقل دليلاً له في صرف آيات الأسماء والصفات عن ظاهرها، إلى غير ذلك من الأشياء، وقد نازعهم أهل السنة في ذلك وأبانوا ضلالهم في هذا الباب، وأطلقوا على مثل هذا التأويل اسم"التحريف"وهو الاسم الصحيح اللائق به؛ لأنه صرف للفظ عن ظاهره من غير قرينة صحيحة.

وقد أعذر أهل العلم من أهل السنة المتأولين من الفقهاء والعلماء والمقلدين، بأعذار كثيرة بحيث أخرجوهم من حلقة التأثيم والتفسيق فضلاً عن التكفير حتى أدخلوهم في بحبوحة العفو بل الأجر، وكذلك الحال مع أهل البدع والضلال، فإنهم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام