عندهم هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان فالواجب على المؤمن أن يحقق أصل الإيمان وهو هذه الثلاثة أشياء (النية، والقول، والعمل) فمن ترك واحداً منها بالكلية كان كافراً مرتداً ومن ها هنا كان العمل عندهم شرطاً في صحة الإيمان.
وأما الفرع فهو على العموم باقي أعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات، فمن ترك هذا الفرع فلم يعمل به على سبيل التقصير كان فاسقاً تارة وعاصياً تارة أخرى ولكنه لا يدخل في الكفر فالأعمال الصالحة بشكل عام شرط كمال في الإيمان عند أهل السنة، لكن أصلها شرط صحة في الإيمان.
فالتحقيق عند أهل السنة أن تارك الأصل وإن شئت قلت تارك جنس العمل يكون كافراً مرتداً لا حظ له في الإسلام لأنه ترك أصل العمل، ومن ترك أصل العمل كان تاركاً لأصل الإيمان لأن أصل الإيمان عند أهل السنة كما بينا سالفاً يتكون من ثلاثة أشياء اعتقاد وقول وعمل فمن ترك الاعتقاد وأظهر العمل كان منافقاً، ومن أظهر الاعتقاد وترك العمل كان زنديقاً وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة ومن ها هنا يظهر سر الفرق بين قول أهل السنة وقول الخوارج، فالخوارج لم تفرق بين أصل الإيمان وفرعه وإنما جعلت الجميع مسمى واحداً للإيمان ومن ها هنا نشأ عندهم تكفير الفاسق الملّي، أما أهل السنة فيفارقونهم في هذا الباب الذي هو حقيقة الإيمان إذ هو كما قلنا أصل وفرع فأصله القول والعمل وفرعه باقي الأعمال المكملة لأصله، فمن ترك الفرع لم يكن تاركاً للأصل، فإذا قلنا أن من عقيدة أهل السنة أن العمل شرط في صحة الإيمان دل ذلك على أنا نريد شرط صحة في أصله، وهذا أصل عظيم غلطت فيه الطوائف وتفرقت فيه شيعاً وأحزاباً وصارت كل واحدة منها تُكفر الأخرى وتضللها، ومن تدبر نصوص الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، بان له هذا المذهب الحق أعظم البيان، ولذلك فإن ما ينبه عليه هنا أن كل لفظة أو مقولة أو عبارة لم ترد في عرف الشرع أو السلف، واشتهرت في كلام المتأخرين فالواجب الاستفصال في ذلك وهذا كقولنا عن الأعمال هل هي شرط كمال في الإيمان أم شرط صحة؟