أن يكون رجل عرف التوحيد ودين الإسلام، وهو مع ذلك يعرف ما يقوم به هؤلاء القوم المسئول عنهم من وطئ الناس والأحداث، وزعمهم مع ذلك أنهم إله، وأنهم رب العالمين، ثم يمدحهم ويعتذر عنهم، بأن لهم سراً خفياً وباطناً حقاً فيستحيل أن يصدر ذلك إلا من زنديق، أو كافر جاهل ما عرف حقيقة دين الإسلام، فقول الشيخ تقي الدين: (والجاهل يعرف حقيقة الأمر فإن أصر على هذا الاعتقاد الباطل بعد قيام الحجة عليه وجب قتله) ليس في مكانه، وذلك أن الجهل بمثل ذلك لا يتصور أن يصدر من مسلم؛ لأنه مناقض للإسلام من كل وجه، فمن اعتذر عن مثل هؤلاء القوم فلا يكون مسلماً أصلاً لا سيما وأنه يعلم ما يقومون به، فإنه من أعظم أصول الإسلام بل لا يتم الإسلام إلا به بل هو أصل الإسلام تعظيم الرب -جل وعلا- وأنه منزه عن كل نقيصة، فله الكمال المطلق، فمن زعم من المسلمين أن الرب سبحانه وتعالى، أو اعتقد، أو تصور في حقيقة نفسه، أنه من الممكن أن تفعل الفاحشة بالله تعالى فقد نقض إسلامه وخلع ربقته من عنقه!، فكيف بمن يعتقد هذا في أقوام، بل يعتقد فيهم أنهم مسلمون، بل أعظم من ذلك فيزعم أن هؤلاء فيهم من الولاية والصلاح والتصوف ما ليس في غيرهم من أئمة الدين والهدى، فمن قال أن هذا من الممكن أن يصدر من مسلم وقد يعذر به بجهله فلا يتصور منه إلا أن يعذر اليهود والنصارى بذلك، وذلك أن المسلمين متفقون أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى كفرهم أقل من جنس كفر هؤلاء القوم المسئول عنهم، وهم مع ذلك كثير منهم إن لم يكن أكثرهم نقطع بأنهم جهال، ومع هذا فإنهم كفار باتفاق والله أعلم.
المانع الخامس: الإكراه:
والإكراه لغة: هو الإباء والمشقة تقول: قمتُ على كره: أي على مشقة.
واصطلاحاً: هو إلزام الغير بما لا يريده، كذا ذكر الحافظ في"الفتح"وعليه تدور تعاريف أهل العلم.
والكلام على مانع الإكراه قد بسط فيه أهل العلم الكلام، وأطالوا التفاريع فيه ونحن نوجز ذلك على شكل مسائل وهي كما يلي: