الصفحة 60 من 87

، وهذا هو التأويل الذي لا يعلمه إلاّ الله، ولولا هذا القدر المشترك من المعنى الذي يأخذه الذهن عند الإطلاق، ثم يقيد به عند الإختصاص بالخالق، ما يتميز به الخالق، مما لا نستطيع حده بحد، لما أمكن معرفة الله تعالى بوجه من الوجوه. (1) . [[ينظر مجموع ابن تيمية 3/ 10] ]

ويتوجه على هذه الجملة سؤال وفي الجواب عنه مزيد تفصيل وتوضيح، فيقال:

فإن قيل: وكيف يصحّ أن يقال: إن بين أسماء الله، وصفاته، وأسماء خلقه وصفاتهم، قدراً مشتركاً، ألا يوجب هذا التشبيه؟

فالجواب: أن التشبيه كلمة، قد صار فيها إجمال، بحسب استعمال المتكلمين في هذا الباب، فيجب أولاً معرفة المحذور من معناها شرعاً.

ذلك أن التشبيه جاء في السمع، بلفظ التمثيل في قوله تعالى {ليس كمثله شيء} الشورى (11) وهو أدلّ على المقصود، ومعنى الآية أن الله تعالى لا يماثله شيء فيما يختص به من صفات الكمال، أما أن تدل على أن ما يتصف الله به من الصفات لا يمكن أن يتصف غيره بجنسها، فليس فيها ولا دلّت عليه اللّغة، فقد نفى الله التماثل بين صنفين من بني آدم قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} فنفى الله التماثل للتفاوت في بعض الصفات مع اشتراكهم في أكثرها، ومثل هذا قوله تعالى {وما يستوي الأعمى والبصير} فاطر (19) ، وقوله {وما يستوي الأحياء والأموات} فاطر (22) ، وقوله {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} الحشر (20) (2) . [[ينظر الدرء 6/ 7، 7/ 113 ـ 114] ]

وإذا كانت الأدلة الشرعية لا تدل على أن التشابه من بعض الوجوه، يقتضي تماثلهما في جميع الأشياء، فليس في الآية أن وجود قدر مشترك بين الأسماء التي تطلق على الله وخلقه، يوجب التماثل المنفي بقوله (ليس كمثله شيء) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام