الصفحة 57 من 87

طائفتان فغلت طائفة ونقت جملة صفات الإثبات، ظنا أن المصير إلى إثباتها مفض إلى التشبيه وإلى ذلك صار من أثبت الصانع من الفلاسفة، وإليه ميل بعض الباطنية، فزعموا أن القديم لا يوصف بالوجود ولكن يقال أنه ليس بمعدوم، وكذلك لا يوصف بكونه حيا قادراً، بل يقال ليس بميت ولا عاجز ولا جاهل .. ) (1) . [[الشامل للجويني الكتاب الأول، الجزء الأول، 1/ 169، وتعليق رشاد سالم على درء التعارض 5/ 187] ]

وقال الشهرستاني رحمه الله عن الجهم بن صفوان: (وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم أشياء منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه، لأن ذلك يقتضي تشبيها) . (2) . [[الملل والنحل 1/ 86] ]

وذكر ابن تيمية رحمه الله أنه قرأ لأبي يعقوب السجستاني - أحد الباطنية - في كتاب الأقاليد الملكوتية أنه التزم أن الله يقال عنه (لا موجود ولا ليس بموجود، ولا معدوم ولا ليس بمعدوم) ، وذلك أنه ابتدأ أولاً بأن الله ليس بموجود فأورد على نفسه أن هذا تشبيه بالمعدومات، فقال (لا موجود ولا معدوم) ثم أورد على نفسه أن هاتين قضيتان مختلفتان بالسلب والإيجاب، ويلزم من صدق أحدهما كذب الأخرى فاضطر أن يقول جملته المتقدمة فرارا من التشبيه، ومع ذلك فقد أورد عليه ابن تيمية التشبيه بالممتنعات لأن هذه الجملة صفة الممتنع (3) ، [[الدرء 5/ 324] ]

فهذه هي الهوة السحيقة.

ورام قوم الخروج بأن قالوا إن هذه الألفاظ مقولة على الخالق والمخلوق بطريق الاشتراك اللفظي.

قال ابن تيمية (وقد رام طائفة من المتأخرين كالشهرستاني والآمدي والرازي - في بعض كتبه - ونحوهم، أن يجيبوا هؤلاء - أي أمثال هذا الضال المذكور آنفا - عن هذا بأن لفظ(الموجود) و (الحي) و (العليم) ، و (القدير) ، نحوها من الأسماء تقال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام