الألفاظ الموهمة للتشبيه، كالوجه واليد والمجيء والاستواء، انه هو إمرارها على ظاهرها، وعدم تأويلها، وأن معني قولهم امرارها على ظاهرها، ليس هو مماثلة المخلوقات، أنه قول متناقض.
وبيانه أنا لانفهم من هذه النصوص إلا ما هو من صفات المخلوقين، لانا لم نشهد غيرها، فإن قيل هي على ظاهرها، لزم التشبيه، وإن قيل ليس ظاهرها مماثلة المخلوقين لزم أنا لا نعلم معناها بل نفوض ـ أن لم نقل بالتأويل ـ ولا يصح أن نقول تجري على ظاهرها، فحكاية هذه الجملة عنهم مع إبطال التفويض تناقض . [[ممن أشار على دعوى تناقض من يقول (إن هذه النصوص معلومة المعنى وهي على ظاهرها) أبو المعالي في الإرشاد ص 60، وقال بعض المعاصرين: (فظاهر الاستواء، هو الجلوس والقول به قول بالجسمية، فإن قال ابن تيمية إنه اشتراك في الاسم لا في الحقيقة فليس إلا أن يفسره بالظاهر السابق فيلزم الجسمية، أو يفسره بغير المحسوس، وذلك تأويل) ص 70، ومع أنه ينازع في أن الاستواء هو الجلوس، غير أن الذي يلزم به في الرد عليه، أن يقال: البصر هو انعكاس صورة المرئيات في عضو، فإن قال إن الله تعالى يوصف بالبصر، فإن فسره بالظاهر يلزم الجسمية، وإن قال هو إدارك المبصرات فهو قول المعتزلة نفات الصفات] ]
وهذه الشبهة هي ـ وغيرها ـ أدت إلى أن قال أهل التأويل: إن نصوص الصفات أو بعضها ليست دالة على الصفات على الحقيقة، وإنما تطلق على سبيل المجاز، ولما وافقهم غيرهم على أن هذه النصوص ليس لها معني في الظاهر إلا مماثلة المخلوقين، وكانوا مع ذلك ممن يحرم التأويل، قالوا: لا ندري ما أريد بهذه النصوص، ولا نتكلم فيها فجعلوها بمنزله الكلام الأعجمي الذي لا يفهم.
وذلك أن هذه الألفاظ التي أطلقت على الخالق في الكتاب والسنة وهي ذلك تطلق على المخلوق، ولا يخلوا الأمر فيها: إما أن تكون حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر.