العرش)، (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ، (لما خلقت بيدي) .
وليس التأويل المذموم، هو أن يفسر أحد النصين، بظاهر الآخر، بما يدل على خلاف ظاهر النص المفسَّر، فإن هذا من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، وتفصيل الأدلة السمعية لبعضها، وتفسير القرآن بالقرآن محمود، وأما المذموم تفسيره بالرأي المجرد عن البرهان من السنة أو القرآن.
ومن هذا القبيل قوله تعالى (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) بأنه قريب بعلمه، لأن أدلة القرآن على أن الله على عرشه، وفوق كل شيء، كثيرة جداً، ومتنوعة، وهي من أحكم أنواع الأدلة فيه، هذا إن سلِّم أن الظاهر من هذا النص قربه بنفسه ـ سبحانه ـ وسيأتي تفصيل هذا.
ولكن هذا النوع نادر جداً ـ وهو أن يراد بالنص خلاف ظاهره ـ لاسيما في باب الصفات، وهو مع ذلك وجوده في الحديث أوضح، أما القرآن فلا يكاد يوجد، فإنه عند التحقيق يتبين أن أكثر ما أدعى فيه، أن النص مصروف عن ظاهرة بنص آخر، منتقض بأن الظاهر ليس هو المُدَّعي، بل هو ما دل عليه سياق الآية نفسها، ومعناه اللغوي الصحيح، وبذلك لا يحتاج إلى التأويل، بمعنى تفسير النص بخلاف ظاهره، لدلالة نص آخر على ذلك.
وربما ظن من لم يتحقق مذهب السلف في هذا الباب، أن السلف يجرون اللفظ على المعنى الفاسد الذي ادعى ظهوره، فأداه هذا إلى القول بوجوب التأويل، كما زعم من زعم، أن من قول السلف، أن الله أقرب بذاته إلى الإنسان من حبل وريده، وإليه من الحاضرين عند وفاته، لأنه جعل ظاهر قوله تعالى (ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون) ، هو أن الله أقرب إليه . [[تفسير المنار 2/ 168، حكاه عن بعضهم] ]
ولئلا يظن مثل هذا، فإنه ينبغي التنبيه على أسباب الخطأ في الاستدلال بالنصوص على الصفات، وجعل ما لا يدل عليه اللفظ، أو ما يدل عليه ظاهراً من المعاني