258 -ما أمرَ اللهُ به عبادَهْ ... ففيهِ ما لم يَجرِ في إرادَة
259 -لأنَّهُ قد أمرَ الخليلا ... في الوحيِ أن يذبحَ إسماعيلا
260 -ولم يُرِدهُ إذ أتاهُ منهُ ... وَحيًا لقد صدَّقتَ أمسكْ عنهُ
261 -فكلُّ ما يبدو من التأويلِ ... نُبطلُهُ في الحالِ بالدليلِ
262 -وهكذا أخبرَ عَن أبي لهَبْ ... عمّ النبيّ وابنِ عبدِ المطلبْ
263 -بأنَّه يموتُ وهو كافرُ ... ثُمّ سيصلى النَّارَ وهْوَ خاسرُ
264 -لم يُغنِ عنهُ مالُه وما كسبْ ... تبَّتْ يداهُ إذ عصى اللهَ وتَبْ
265 -وكُلّفَ الإيمانَ بالإجماعِ ... مِنْ غيرِ تأويلٍ ولا نِزاعِ
266 -وينتهي القولُ إلى تكليفِ ... مَا لا يُطاقُ فافهَمْنَ تعريفي
267 -وهكذا قد كُلّف السُّجودا ... إبليسُ حتما فعصى المعبُودا
268 -فكيفَ يأتي مارِدٌ سُلطانُ ... بضدّ ما يُريدُهُ الرحمنُ
269 -وقد ترى ذلكَ في العقولِ ... مُجوَّزًا في المثَلِ المنقولِ
270 -فنذكرُ الآنَ المثالَ لفظَا ... فاسمعْهُ نَقلاً واحكمْنَهُ لفظَا
271 -عبدٌ شكَى مولىً إلى السلطانِ ... ونسبَ المولى إلى العُدوانِ
272 -فاستُدعيَ المولَى فجاءَ ذَعِرَا ... أنَّبَهُ السلطانُ لمَّا حضَرا
273 -أرادَ أن يعرِفَ مَن قدْ أنَّبَهْ ... على تعدّيهِ عليهِ سَبَبَهْ
274 -وأنَّهُ يخالفُ الأوامِرا ... يُعَانِدُ المولى عنادًا ظاهرَا
275 -فقالَ للسلطانِ يا مولانا ... مَهلاً ترى عِصيانَهُ عِيانَا
276 -فاستحضرَ العبدَ إلى مجلسِهِ ... ولمْ يُفاجئْهُ بما في نفسِهِ
277 -وأمرَ العبدَ بما أرادا ... خِلافَهُ كي يُظهرَ العِنادَا
278 -ليعلمَ السلطانُ صدقَ عُذرِهِ ... ولم يرِدْ منهُ امتثالَ أمرِهِ
279 -فانظرْ مثالاً حسنًا عجيبَا ... نهايةً رتّبتُهُ ترتيبَا
280 -أعملتُ جَهدي غايةَ الإعمالِ ... إذ هُوَ منْ شواردِ الأمثالِ
281 -مثّلَهُ مَن أحكمَ العلوما ... وعرَفَ الخصوصَ والعُمومَا
282 -مُستشهدًا بشاهدِ العقولِ ... لينظُرَ الحكمةَ في المنقولِ