227 -وصانعُ العالمِ ذو كلامِ ... أوصلَ معناهُ إلى الأفهامِ
228 -كلامُهُ المنزَلُ من صفاتِهِ ... وهْوَ قديمٌ قائمٌ بذاتِهِ
229 -وهو إذا تقرؤُهُ بالأحرُفِ ... مِن بعدِ أن نكتُبَهُ في المصحفِ
230 -تحفظُهُ الصدورُ ذِكرًا كلُّهَا ... لكن على التحقيقِ لا يحُلُّها
231 -ويُمنعُ المحدِثُ أن يَمسَّهُ ... أو يُسبغَ الطُّهرَ الصَّحيحَ نفسَهُ
232 -وإنما نفعلُهُ إجلالا ... فاقنعْ بهذا وارفُضِ المُحالا
233 -وليسَت التّلاوةُ المتَلوّا ... زادَ ذَووا الحشوِ إذًا غُلُوّا
234 -فميّزِ المقروءَ والمكتوبا ... فاعتبرِ الحسابَ والمحسُوبا
235 -وقُل لمن قدْ كيَّفَ الكلامَا ... بالحَرفِ والصوتِ معًا سلامَا
236 -فإنَّهم قد كابروا العِيانا ... وخالفوا الدليلَ والبُرهانا
237 -إذ عَدَّدوا القديمَ في المصاحفِ ... وجعلوا حَديثها كالسَّالفِ
238 -وهُم إذًا مُذ شاهدوا الكتابَا ... قَد حَزَّبوا مَا كتَبوا أحزَابا
239 -واختَلفت أقلامُهُم في الخطِّ ... طرائقًا على اختلافِ الضَّبطِ
240 -وهكذا يأتي أناسٌ بعدَهُم ... ما كتبوا فهْو قديمٌ عندهُم
241 -فيا أولي التشبيهِ والتجسيمِ ... الحاءُ في الرحمنِ قبلَ الميمِ
242 -وهكذا المتلوُّ في كلامِكُم ... أيُّهُما القديمُ في اعتقادِكُم
243 -أضللتُمُ الجهَّالَ بالتمويهِ ... لما سلكتُم نهَجَ التَّشبيهِ
244 -فمَن يقُل بعضَ الذي حكَيتُه ... قطعًا على الوجهِ الذي رويتُهُ
245 -فذاكَ عَيْرٌ قالَ لفظًا عُوِّدَهْ ... أدّبْهُ بالضربِ وقصِّر مِقْوَدَهْ
246 -ويعسُرُ التأديبُ إذ قدْ ألِفَهْ ... اربطهُ في الشمسِ وقلّلْ علفَهْ
247 -أعرِضْ قِلىً عن هؤلاءِ الجهلةْ ... مَن يُضلِل اللهُ فلا هاديَ لهْ
248 -وكُفَّ ما استطعتَ عَن إفهامِهِم ... قد طبعَ اللهُ على أفهامهِم