فهرس الكتاب
الصفحة 95 من 284

وأما جواز تعريها عن الصور أو وجوب ذلك فهو المختلف فيه وما أوردتموه من المقدمات تحكمات فلم قلتم إنه إذا أمكن تعريها عن اتصال وانفصال معين أمكن تعريها عن كل اتصال وانفصال لأن الذي يتبدل ويتغير من الاتصال والانفصال عرض من باب الكم والاتصال الذي هو الأبعاد الثلاثة جوهر هو صورة جسمية فما هو عرض يجوز عليه التبدل وما هو جوهر لم يتبدل قط وليس العرض من قبيل الجوهر حتى يحكم عليه بحكم الثاني وكذلك كون الجسم في حيز مخصوص من قبيل الأعراض من باب الأين وكونه متحيزا صورة جسمية هو من قبيل الجواهر فلم يجز أن يقال إذا جاز عليه تبدل المكان المخصوص جاز عليه ألا يكون له حيز ومكان هذا جواب الحكيم للحكيم.

أما جواب المتكلم فيقول لم إذا جاز خلو الجوهر عن عرض جاز خلوه عن كل عرض؟.

قال لأن الجوهر هو القائم بذاته المستغني عن المحل فلو لم يجز خلوه عن الأعراض لبطل قيامه بذاته ولكان في وجوده محتاجا إلى العرض كما كان العرض في وجوده محتاجا إلى الجوهر وحينئذ يلتبس حد الجوهر بحد العرض ويختلط أحدهما بالآخر وذلك خروج عن المعقول.

فيقول المتكلم: الجوهر في قيامه بذاته يستغني عن محل يحل فيه بحيث يوصف المحل به، والعرض في احتياجه من حيث ذاته يحتاج إلى محل يحل فيه بحيث يوصف المحل به؛ لكن لا يجوز أن يخلو الجوهر عن كل الأعراض لا لأنه يحتاج إليها في قيامه بذاته جوهرا لكن في وجوده لا يتصور أن يكون خاليا عن كون في مكان مخصوص.

وقال أصحاب الصور: لو قدرنا الهيولى جوهرا قائما بذاته عريا عن الصور كلها حتى لا يكون له وضع وحيز وبعد واتصال ومقدار يقبل الانقسام ثم قدرناه حصل فيه المقدار مثلا فإما أن يصادفه المقدار دفعة أو على تدريج فإن صادفه دفعة حتى حصل ذا مقدار فيكون قد صادفه بحيث حتى انضاف إليه فيكون له حيث وحيز فيجب أن يكون ذا حيز أو لا حتى يصادفه حيث هو فيكون ذا صورة وإن صادفه على تدريج أو انبساط فكل ما من شأنه أن ينبسط فله جهات وكل ما له جهة فهو ذو وضع وعلى الوجهين جميعا لا يصادفه الاتصال والمقدار إلا أن يكون له حيث وحيز ووضع وقد فرض غير متحيز وذا وضع فهو خلف.

قال أصحاب الهيولى: كل حادث في زمان فيجب أن يسبقه إمكان الوجود وذلك الإمكان أن يكون في نفس المقدر وإما أن يكون في شي ء وبطل أن يكون في

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام