عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَسْتَقْبِلُوا الْجَلَبَ , وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ , وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ "
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْجَلَبَ , وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ , وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ , ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ الْخِيَارَ , إِذَا دَخَلَ السُّوقَ , وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا , لَأُجْبِرَ بَائِعُهُ وَمُشْتَرِيهِ عَلَى فَسْخِهِ , وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , الْإِبَاءُ عَنْ ذَلِكَ . فَلَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ لِلْبَيِّعِ , ثَبَتَ بِذَلِكَ صِحَّتُهُ , وَإِنْ كَانَ مَعَهُ تَلَقٍّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَنْتُمْ لَا تَجْعَلُونَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ الْمُتَلَقَّى , كَمَا جَعَلَهُ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . فَجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ , مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَتَوَاتَرَتْ عَنْهُ الْآثَارُ بِذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ , أَنَّهُمَا إِذَا تَفَرَّقَا , فَلَا خِيَارَ لَهُمَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَنْتَ قَدْ جَعَلْتَ لِمَنِ اشْتَرَى , مَا لَمْ يَرَ , خِيَارَ الرُّؤْيَةِ , حَتَّى يَرَاهُ فَيَرْضَاهُ , فِيمَا أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ خِيَارُ الْتَلَقِّي كَذَلِكَ أَيْضًا ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ , لَمْ نُوجِبْهُ قِيَاسًا , وَإِنَّمَا وَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَثْبَتُوهُ وَحَكَمُوا بِهِ , وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ , وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ . وَإِنَّمَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ , فَجَعَلْنَا ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا وَعَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَعْنِ ذَلِكَ , لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهُ , كَمَا عَلِمْنَا بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَجْوِيزِ السَّلَمِ , أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَهَلْ رَوَيْتُمْ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ شَيْئًا ؟ قِيلَ لَهُ : نَعَمْ ,