عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " رُبَّمَا فَتَلْتُ الْقَلَائِدَ , لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَلِّدُهُ , ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ , ثُمَّ يُقِيمُ , لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْأَسْوَدِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : رُبَّمَا فَتَلْتُ الْقَلَائِدَ , لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيُقَلِّدُهُ , ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِ , ثُمَّ يُقِيمُ , لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ , قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ , عَنْ مَنْصُورٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , عَنِ اللَّيْثِ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , حَدَّثَهُ , عَنْ عُرْوَةَ , وَعَمْرَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ , قَالَ : ثنا شُعَيْبٌ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَرَبِيعٌ الْجِيزِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ , قَالَ : ثنا أَفْلَحُ , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَزَادَ وَلَا نَعْلَمُ الْمُحْرِمَ يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ , عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ عَمْرَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِيهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَقَدْ تَوَاتَرَتْ هَذِهِ الْآثَارُ , عَنْ عَائِشَةَ بِمَا ذَكَرْنَا , بِمَا لَمْ يَتَوَاتَرْ عَنْ غَيْرِهَا , بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ . فَإِنْ كَانَ هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ صِحَّةِ الْأَسَانِيدِ , فَإِنَّ إِسْنَادَ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا , إِسْنَادٌ صَحِيحٌ , لَا تَنَازُعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ . وَلَيْسَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ , لِأَنَّ مَنْ رَوَاهُ , دُونَ مَنْ رَوَى حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ ظُهُورِ الشَّيْءِ , وَتَوَاتُرِ الرِّوَايَةِ بِهِ , فَإِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَيْضًا أَوْلَى , لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيهِ , وَمَعْدُومٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُونَ إِنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَى بَاعِثِ الْهَدْيِ بِتَقْلِيدِهِ إِيَّاهُ وَإِشْعَارِهِ , فَيَحِلُّ عَنْهُ إِذَا حَلَّ النَّاسُ بِغَيْرِ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ هُوَ , فَيَحِلُّ بِهِ . فَأَرَدْنَا أَنَّ نَنْظُرَ فِي الْإِحْرَامِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ , هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا ؟ فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ , فَقَدْ صَارَ مُحْرِمًا إِحْرَامًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ , وَرَأَيْنَاهُ غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ إِلَّا بِأَفْعَالٍ يَفْعَلُهَا , فَيَحِلُّ بِهَا مِنْهُ , وَلَا يَحِلُّ بِغَيْرِهَا . أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَاجًّا , فَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ , حَتَّى مَضَى وَقْتُهَا , أَنَّ الْحَجَّ قَدْ فَاتَهُ , وَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ , وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ . وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ , وَفَعَلَ جَمِيعَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ , غَيْرَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ , لَمْ يَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ أَبَدًا حَتَّى يَطُوفَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ . وَكَذَلِكَ الْعُمْرَةُ لَا يَحِلُّ مِنْهَا أَبَدًا إِلَّا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَالْحَلْقِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ . فَكَانَتْ هَذِهِ أَحْكَامَ الْإِحْرَامِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ , لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ مُرُورُ مُدَّةٍ , وَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ الْأَفْعَالُ . وَكَانَ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ , وَسَاقَ الْهَدْيَ وَهُوَ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ , فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى , لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ حَجِّهِ وَيَنْحَرَ الْهَدْيَ . فَكَانَتْ هَذِهِ حُرْمَةً زَائِدَةً بِسَبَبِ الْهَدْيِ , لِأَنَّهُ لَوْلَا الْهَدْيُ , لَكَانَ إِذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى , حَلَقَ وَحَلَّ لَهُ , فَإِنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ , ثُمَّ كَانَ إِحْلَالُهُ مِنْ تِلْكَ الْحُرْمَةِ أَيْضًا إِنَّمَا يَكُونُ بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ , لَا بِمُرُورِ وَقْتٍ . فَكَانَ هَذَا الْإِحْرَامُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمُرُورِ الْأَوْقَاتِ وَلَا بِأَفْعَالٍ غَيْرِهِ , وَلَكِنْ بِأَفْعَالٍ يَفْعَلُهَا هُوَ . وَكَأَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ , وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ , وَأَمَرَ أَنْ يُقَلَّدَ وَيُشْعَرَ , فَوَجَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ التَّجْرِيدُ , فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ , يَحِلُّ مِنْ تِلْكَ الْحُرْمَةِ , لَا بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ , وَلَكِنْ فِي وَقْتِ مَا يَحِلُّ النَّاسُ . فَخَالَفَ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَجِبْ ثُبُوتُهُ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَثْبُتُ الْأَشْيَاءُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا إِذَا أَشْبَهَتِ الْأَشْيَاءَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا . فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُشْبِهَةٍ لَهَا , لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا التَّوْقِيتُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ , فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِهَا لِذَلِكَ . فَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ , انْتَفَى الِاخْتِلَافُ , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا , صِحَّةُ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَفَسَادُ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى