عنوان الفتوى : من أحكام النذر
منذ 3 أعوام كنت قد قدمت على عمل جديد، ونذرت إن زاد راتبي في هذا العمل عن 5000 (خمسة آلاف) درهماً سأخرجه صدقة لمساعدة الشباب الفقراء على الزواج نظراً لتأخرى فى الزواج وقت النذر بسبب العائق المادى، واشترطت في النذر أن يكون بأكمله لغير أهلي على أساس أن نفقة أهلي واجبة علي، علماً بأنني ما زلت غير متزوج ولا خاطب حتى الآن وعمري 33 (ثلاثة وثلاثون) عاماً، والحمد لله وجدت راتبي 5500 درهماً، وأنا أخرج المبلغ مجمعاً كل سنة، وقد أخرجت حتى الآن نصف هذا النذر فقط رغم أني أملك إخراج المبلغ كاملاً، وسؤالي كالتالي: هل يجوز أن أنتظر إخراج بقية المبلغ بعد زواجى نظراً لأن ما أملكه قد لا يوفي زواجي إن اشترط علي أهل من سأتزوجها شقة غير التي أعددتها للزواج نظراً لكونها في مكان شعبي، هل الأولى أن أساعد إخوتي على الزواج من هذا النذر رغم أنني اشترطت فيه أن يكون بأكمله لغير أهلي، علماً بأن لي أخا مقبل على الزواج وعمره 29 (تسعة وعشرون) عاماً وأخا آخر عمره 20 (عشرون) عاماً، وكلاهما يحتاج لمساعدة في مصاريف الزواج، علماً بأن نيتي في النذر كانت أن يكون النذر لمن حالهم أفقر من حال إخوتي، وهل يجوز لي أخيرا الوفاء بالنذر لمساعدة والدي وزوجته (فهي التى ربتني منذ طفولتي وفضلها علي كبير بعد وفاة والدتي رحمها الله)، وإذا كانت أي من الحالات السابقة جائزة، فهل يعد علي النذر بمثابة دين علي أن أوفيه كاملاً فيما بعد إذا سمحت ظروفي المادية بحيث أحسب القيمة من بداية التحاقي للعمل حتى الوقت الذي تسمح فيه ظروفي بالإخراج أم أحسب القيمة منذ مقدرتي على الإخراج فقط، بغض النظر عن جواز أحد الحالات السابقة من عدمه، فكيف يكون النذر إذا راتبي فيما بعد، نفسي دائماً (وهي أمارة بالسوء أسأل الله أن يعيننى عليها) تحدثني بالفقر حتى لا أوفي بنذري، مما يجعلنى أفكر كثيراً في أمر هذا النذر، ولكني عازم إن شاء الله على مخالفتها، فهل ينقص ذلك من أجري، كما أنني لا أشعر بالسعادة والفرح عند الإخراج نظراً لنفسي الأمارة بالسوء، فهل ينقص ذلك أيضاً من أجري؟ وجزاكم الله خيراً.
خلاصة الفتوى:
النذر المعلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، لكن لا يجب الوفاء به على الفور إذا لم تكن صيغة النذر تقتضي ذلك ولم يكن لشخص معين، ولا يجزئ صرف النذر لمن نوى الناذر عدم صرفه لهم، ومجاهدة النفس والانتصار عليها للوفاء بالنذر فيها مزيد أجر ومثوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه كما سبق في الفتوى رقم: 17463.
وعليه فيجب عليك الوفاء بنذرك، وإذا كانت صيغته لا تقتضي الوفاء به على الفور فلا يلزمك تعجيل الوفاء وبالتالي فيجوز لك تقديم شؤون الزواج أو مساعدة والدك وزوجته، وراجع الفتوى رقم: 73108، والفتوى رقم: 21393.
ولا يجزئ صرف النذر لإخوتك أو غيرهم من الأهل الذين نويت عدم صرفه لهم، والنذر دين في ذمتك بداية من التحاقك بالعمل الذي زاد فيه راتبك على الخمسة آلاف وليس من الوقت الذي يتهياً لك فيه الوفاء بالنذر، وإذا نذرت الصدقة بالزيادة الحاصلة في الراتب مطلقاً فيلزمك التصدق بكل زيادة حصلت مهما كان حجمها وإن قصدت الزيادة على الراتب الأول فقط، فلا يلزمك غيرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 98903.
ومجاهدتك للنفس الأمارة بالسوء والانتصار عليها للوفاء بالنذر وغيره من الطاعات مما يزيد الأجر وليس مما ينقصه، كما أن عدم الارتياح عند إخراج النذر لغلبة النفس لا ينقص الأجر إن شاء الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 3293، والفتوى رقم: 56410.
والله أعلم.