أرشيف المقالات

أدب العالم وأثره في نفوس طلابه

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
أدب العالِم وأثره في نفوس طلابه
 
إن مما يسترعي انتباهَ كلِّ أحد، ويلفت نظر كل إنسان، ويستدعي العرفان لا النكران - الأدبَ الجمَّ الذي يتحلى به العالِمُ في ساحة الدرس، وقاعة البحث، وجلسات العلم؛ ذلك أن العلم شرف عظيم لا يدانيه إلا شرف الـمُلك والسلطان، والعلم الحق يُورِث الخشية، حتى قال القائل: إنما العلم الخشية، هكذا ينبغي أن يكون الأمر، لا أن يزهو الإنسانُ بعلمه، ويكون همُّه نصرةَ نفسه لا نصرة الحق.
 
ومن النماذج المعاصرة التي استرعى أدبُها انتباهَنا، ولفت تواضُعها نواظرنا، أستاذنا الدكتور محمد عطاء الله أحمد يوسف، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة طنطا، حَرَسَ الله مهجته، وأطال على الطاعة والإحسان مُدَّتَهُ.
 
يلفت نظرك بقوة روحه العلمية الوثَّابة، ونفسه الطيبة في حسن الاستماع لأسئلة طلابه، وجميل إصغائه لمداخلاتهم التي يحرص على أن يسهموا بها.
 
ويُؤثِّر في نفسك تأثيرًا إيجابيًّا عاليًا نصحُه طلابَه برفقٍ واضحٍ، ولطفٍ بيِّنٍ، دون استطالة عليهم، ومن غير عذْلٍ ولا جلْدٍ.
 
حين يتناول قضيةً أيَّ قضية، يظهر لك السواء النفسي والاعتدال المزاجي؛ حيث يُولي الإيجابيات والسلبيات عنايته، دون إفراط، ومن غير تفريط.
 
هذا، وقد كانت رسالة التخصص (الماجستير) لأستاذنا بعنوان: "تفسير السدى الكبير جمع وتوثيق ودراسة"، وقد طبعته دار الوفاء الطبعة الأولى عام 1414ه، 1993م، وتفسير السدي من أوائل الكتب المصنفة في التفسير بالمأثور، وعمل أستاذنا - كما هو واضحٌ - ليس تحقيقًا لنص مخطوط، بل هو جمع لأقواله من بطون كتب التفسير، مع دراسة تناولت شخصية السدي، ومنهجه، وقضايا تفسيره الكبرى، ولا سيما الإسرائيليات.
 
ورسالة العالميَّة (الدكتوراه) لأستاذنا كانت تحقيقًا لكتاب مخطوط، هو: "كتاب صلة الجمع وعائد التذييل لموصول كتابي الإعلام والتكميل لمحمد بن علي البلنسي الأندلسي المتوفى سنة 782ه تحقيق ودراسة"، وهذا الكتاب جمع فيه البلنسيُّ بين كتاب "التعريف والإعلام لِما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام" للإمام السُّهيلي، وهو من أشهر الكتب المؤلفة في فن مبهمات القرآن؛ لاشتماله على أبحاث مفيدة، ولمكانة السهيلي في علم العربية، وبين كتاب "التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام"، لابن عسكر المتوفى سنة 636ه، ولعل بيان قيمة كتاب البلنسي العلمية مما لا يتسع له المقام، وحسبنا هنا أن نورد كلمة لسان الدين الخطيب رحمه الله تعالى في حق البلنسي وكتابه: "واستدرك على السُّهيلي في أعلام القرآن كتابًا نبيلًا، رفعه على يدي للسَّلطان، وهو من ‌فضلاء ‌جنسه، أعانه الله وسدَّده".

شارك الخبر

المرئيات-١