أرشيف المقالات

مصر تمنع رواية جديدة قد تغضب الاسلاميين والمسيحيين معا

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
اكد قصي صالح الدرويش صاحب "درويش برس" للنشر القائمة في باريس قرار منع السلطات المصرية دخول نسخ رواية "هورجادة" (الغردقة) للسينمائي وكاتب السيناريو المصري رأفت الميهي التي وصلت الى القاهرة قبل اكثر من ثلاثة اسابيع "لاسباب لم تحدد"، مشيرا الى ان الرواية ارسلت لتوزع في المغرب والجزائر ولبنان. واعتبر الناشر، الذي يصدر مجلتين شهريتين من باريس، الامر بمثابة "ضربة قوية" وقال: "لا اعتقد ان نظام الرئيس حسني مبارك السياسي يريد ان تصل الامور الى هذه الدرجة.
أبلغونا قبل ثلاثة اسابيع ان النسخ (2500) يجب ان تسفر او تحرق ففوجئت كثيرا لان الساحة المصرية مهما كانت تظل ساحة كبيرة والكتب التي تصدر داخل مصر ليس عليها رقابة كما ان الكتب لا يمكن منعها عبر القوانين وما يحدث في مصر اليوم حالة عبثية ومقلقة". وقد اكد المشرف العام عل جهاز المطبوعات والصحافة الخارجية في مصر لطفي عبد القادر ان ادارته منعت الرواية من دخول مصر بطريقة غير مباشرة موضحا : "نحن لم نمنع الرواية ولكننا قمنا بردها الى مصدرها". واعاد المشرف العام سبب القرار الى ان "الرواية تحتوي على الكثير من العبارات والمشاهد الجنسية بما في ذلك وضع عدد من مثل هذه العبارات على صفحة الغلاف الاخيرة". وتابع :"ونحن لا نسمح للمطبوعات الصادرة في الخارج التي تحتوي عبارات وصور جنسية من الدخول الى الاسواق المحلية، وهذا الموقف يستند الى قانون المطبوعات الخارجية. واضاف عبد القادر الى الاسباب ايضا "مساس الرواية بالوحدة الوطنية المصرية من خلال تحول بطلة الرواية المسيحية الى الدين الاسلامي".
الى جانب اسباب اخرى. لكن الناشر رأى "ان التدابير التي اتخذت متعسفة وتكشف عن ضيق افق الاطراف الرقابية ، ولم تاخذ بعين الاعتبار أنها الرواية الأولى للميهي استاذ فن السيناريو الذي يشكل مدرسة كاملة في السينما المصرية .
نحن فوجئنا ان يحدث هذا في بلد فيه تقاليد الحرية والعراقة المدنية مثل مصر". وحرص الدرويش على الاشارة الى ان هذا الحدث المقلق يأتي في إطار شائعات عديدة حول تراجع عام على الساحة المصرية: " لقد قصوا اربع صفحات من عدد مجلتي الاخير سينما تحتوي صورا لبطلي فيلم «عازفةالبيانو» الذي حاز ثلاث جوائز في مهرجان كان، فيما وزعت المجلة في المغرب والجزائر والبحرين من دون اية مشكلة". وطالب الدرويش "ان يعاد النظر في الامر خاصة وان موضوع الرقابة لم يعد له اي مبرر ولم يعد له معناه القديم وتحول الى عملية بيروقراطية تنتمي الى زمن آخر" وقال لو اردت لنشرت الرواية على الانترنت. وتدور احداث رواية "هورجادة" في الغردقة حيث تنمو مجموعة من الشخصيات والعلاقات التي تبحث عن ارتباط بالوجود وبالمكان عبر ارتباطها بالآخر مهما كان دينه. وتحتوي الرواية على كم كبير من التساؤلات العميقة التي يطرحها الكاتب حول طبيعة الحب والعلاقات العاطفية وطبيعة المرأة. ويتمكن بطل الرواية وضابط الامن خالد من تحدي المجتمع الذي يعيش فيه وحيث يريد هو المسلم الاقتران بآمنة الشابة القبطية ، ويقرران الهجرة الى الخارج. ودافع الناشر عن الميهي بعد ما ورد في الصحافة المصرية بالقول "الميهي ليس رجلا مغمورا يبحث عن شهرة ويجب الا يتهمه احد بذلك ، انه في طليعة السينمائيين في مصر ورجل له التزاماته والرواية جاءت نتيجة معاناة فكرية عميقة كنت اتوقع ان تثير ضجة لا ان تمنع وكنا ننوي اعادة اصدارها في طبعة شعبية في مصر". كما دافع عن موقف الميهي الذي اعتبره شجاعا حين يجعل الاديان تتلاقى ، فهو في عمله يقول ان "الدين لا يحجب على العقول وطرحه مختلف كثيرا عن الفكرة العامة السائدة التي تقول بأن الانسان لا يجب ان يذهب الى ابعد من الحدود تماما كما في طرح مسلسل "اوان الورد" لان المرأة المسيحية التي اسلمت بعد ان احبت شابا مسلما تقول في المسلسل : لو عاد بي الزمن لما فعلت ذلك .
رواية الميهي فيها خرق لأنها مبنية على تساؤلات حقيقية وعلى رؤية فلسفية شاملة للكاتب وليس على موقف سياسي". من ناحيته قال رأفت الميهي خلال اتصال هاتفي انه كان يتوقع ان تثير روايته الكثير من المناقشات لكنه لم يكن يتصور انها ستمنع " لم اكن سعيدا بقرار المنع لاني اردت لروايتي ان تناقش على اساس فني وادبي، والمنع حرمني من تقدير الرواية ابداعيا". وعبر الميهي عن اعتقاده بان هناك نوعا من الحصار الذي يمارس حوله شخصيا "مطلوب اعادة النظر في كل اعمالي التي بيعت للتلفزيون وفيلمي الاخير "علشان ربنا يحبك" رفعت عليه قضية بسبب وجود كلمة ربنا في العنوان، مع ان هناك العديد من الافلام المصرية التي وردت فيها هذه الكلمة في العنوان". واوضح الميهي انه لم يقصد من روايته اي نوع من الاثارة او التصادم "فيها الكثير من الرومنطيقية وكتبتها بطريقة اواجه فيها البشر اكثر مما اواجه المجتمع .
كنت اتمنى ان تصل وارجو ممن سيتعرض لها ان يتطرق لمحتواها لا لكونها عملا ممنوعا". وتحدث السينمائي المصري عن الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها نتيجة ذلك فقال: "اجد في المسالة امرا يدعوني الى اعادة النظر في كل اسلوبي في الحياة هنا في مصر.
انا الآن في حالة التباس تامة وحين صدر القرار بقيت فترة طويلة لا اشير اليه للصحافة .
وانا الآن غير قادر على اتخاذ القرارات لكني اود ان استريح في مصر او في خارجها." وختم رأفت الميهي حديثه بالقول "احس باستمرار اني دون كيشوت اصارع طواحين الهواء ومهما كان الانسان يناضل في بناء استديوهات وعمل افلام فان الامر كله يتحول الى عبث غير معقول ويدفعني الى اعتزال الحياة" .

شارك الخبر

المرئيات-١